من المستحيل القضاء على الفساد ....

كلّما أنصت إلى إذاعة أو مشاهدة قناة تبثّ أصوات تروّج تحليلات حول الفساد وتناقش أسبابه ففي إحدى القنوات المصريّة سمعت وزيرا للأوقاف سابقا يجيب متسائلة من خلال الهاتف حين قالت له أمّ : كانت ابنتي تتحدّث عن حبّ الله لنا ..فأجابتها : إنّ الله أحبّنا فأعطانا ما نحن فيه ...وبعد أن مرّت قرب متشرّد ممتدّ على الرّصيف قالت البنت : ولم لم يعط لهذا المسكين ؟  ألا يحبّه مثلنا ؟!..وكانت إجابة وزير متديّن : نحن المسؤولون عن هذا الرّجل لم نخطّط فضيّعناه ...يا سلام جواب يصدر عن من يستخفّ بعقول المسلمين فهو يشبه من يضلّل الناس ويوهمهم بتفجير أنفسهم للدّخول إلى الجنّة لأنّ مفاتيحها عند زعماء الجهاد الباطل ...أعود للوزير أو لغيره ممّن يسهّلون القضاء على الفقر والأمّيّة والفساد بكلّ أنواعه : ( زنى...رشوة...سرقة...قتل...شذوذ ...إلخ ) فأقول لهم إنّ كلّ ما كتب في الكتب السّماويّة لا يزول إلّا بزوال الكون ...ذكرت المائة جلدة للزّناة وقطع اليد للّصوص ...وفرضت الزّكاة لذوي القربى  والصّدقات للفقراء والمحتاجين ...حرّمت الخمر والميسر والكذب والنّميمة والنّفاق ( أهله في الدّرك الأسفل من النّار ) والاحتكار وأكل السّحت والنّكاح المحرّم...وأنواع أخرى من الفساد والفسق ..هذا يدلّ على أنّ الموبقات والأعمال الخبيثة باقيّة بقاء الكتب السّماويّة وحتى المدنيّون يشيّدون محاكمهم ومراكز أمنهم ودركهم وسجونهم المتنوّعة كدليل على أن الدّولة مهما كانت قوّتها وديّانتها تعترف بدوام أغلاط البشر ونزواتهم المفرطة في المجون ...

كلّ هذه العيوب في بنى آدم حتّمت بعثة 314 نبيّا وإنزال الكتب والصّحف والوصايا العشر وأقوال أتباع الرّسل والأنبيّاء ...شرّ الدّنيا وشرّ النّاس لابدّ منهما لتسير الحياة على سكّة التّناقضات ...فالدّنيا ، يا من يجول ويصول في اتّهام النّاس بالتّخلّي عن الضّعفاء والتّغاضي عن الفساد ..ترتكب أخطاء لأنها تمنحنا من غيبها أضرارا كثيرة ..وبطبيعتها وخيراتها تلد النّساء بمساعدة الرّجال  : بلداء وحمقى ومعطوبين ومشلولين وعميان والبكم والصمّ ومشرّدين ويضاف إلى هؤلاء مدمنون ومتسوّلون ومنتوجات بشريّة من بقايا حروب وزلازل وفيضانات وحرائق وحوادث مختلفة الأشكال والنّتائج واقتصاد منهوب...الدّنيا مثقلة بالمنبوذين الذين ينتظرون الصّدقة والمساعدات لأنهم لا يجدون أمكنة تزوّدهم برمق العيش على الأقل ولا يناسبون الأعمال التي تحتاجها الدّولة ويحتاجها أرباب المعامل والمصانع والمؤسّسات المختلفة ...

التّاريخ يؤرّخنا ويفرض علينا عصورا وحقبا تتكوّن من طبقات مبنيّة على أساس ( الفوق والتحت ) منذ أن خلق آدم وتفّاحته حوّاء ...ولعب القدر دور الموجّه والفارض لطقوس الحياة فالتّاريخ والقدر ينفذان المكتوب ...فمن نلوم حين نرى المجتمعات بالدّيموقراطيّة المسجّلة على الأوراق والدّيّانات المنتجة للطّوائف والجماعات والدّساتير الخاصّة ذات البنود التّفضيليّة والأحكام المنطوقة بأوامر ودهون والسّيّاسة المفتولة العضلات ، متناقضة ومنفرطة منها الطّبقات الشّعبيّة ...لا يلام النّاس عن ما يجري بينهم مادامت الأرواح تهبط ببطاقة مسجّل عليها مستقبل يتماشى مع تاريخ يسيطر على البشر ضمن حقب يسيّرها قدر من سجّيل ..