صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد Empty في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد

مُساهمة من طرف منصور الأربعاء 9 يناير 2008 - 23:07





عبد الرحمان اليوسفي


الله أكبر ـ الله أكبر ـ الله أكبر أخي وعزيزي عبد الرحيم بترديدك هذه
الحقيقة الساطعة، وهذه الشهادة المؤمنة المخلصة، كنت تستهل دائما تأبين
إخواننا الأعزاء الذين سبقوك إلى جوار ربهم، تأكيدا لهويتنا الاسلامية
وتقبلا لقدره تعالى، فكما كنت تتجلد أمام كل مصاب وتحبس دمعك أمام اختفاء
خيرة إخواننا، جاعلا من ألمك وحزنك مصدر قوة وتصميم جديدين، فإنك تنتظر
منا اليوم أن نواجه هذه الفاجعة الكبرى بصبر فوق طاقتنا وأن نستلهم من هذه
المحنة الكبرى إرادة مضاعفة لانجاز ما سطرته لنا من أهداف سامية ومطالب
مشروعة• لكن يا أخي عبد الرحيم، رغم تواضعك وشهامتك، لابد أن تعلم أن
رحيلك عنا ليس فقط خسارة لا تعوض بالنسبة لحزبنا، ولكن المعارضة الوطنية
بكل فصائلها، ومخاطبيها في مؤسسات الدولة وجماهير المواطنين الشرفاء، كلهم
يشاطروننا هذا الاحساس الأليم، فدون أن أسرد القائمة، غير المحدودة
لنضالاتك ومنجزاتك وتضحياتك، فقد كنت بحق، ركنا رئيسيا في مجتمعنا، ومنبعا
للرأي والتوجيه في حياتنا السياسية ومنارا لاشعاع بلادنا قوميا ودوليا•
فكما أن تاريخ المغرب المعاصر سبق له أن سجل فترتين متميزتين في ميدان
التسيير الاقتصادي والاجتماعي، مغرب ماقبل 1960 ومغرب مابعد 1960 ،فلاشك
أن الاجيال القادمة ستلتمس الفرق بين ما قبل 8 يناير 1992 وما بعده، إذا
كانت بلادنا طيلة الثلاثين سنة المنصرمة رغم ما عرفته من مشاكل مزمنة
وأزمات حادة، لم تعصف بها كوراث قاتلة، فالفضل يرجع إلى حد كبير إلى رصانة
عبد الرحيم بوعبيد وتبصره واتزانه ورصيده المعنوي لدى اخوانه ولدى
المواطنين كافة، من سلوكاته التي كنا نهابها ونقدرها في اجتماعاتنا معك،
إنك كنت لا تحب الاطالة ولاترديد المسلمات، لذلك لن أحاول التذكير بمراحل
التزامك في معركة التحرير والوحدة ولا بمساهمتك في بناء مؤسسات دولتنا
المستقلة ولا دورك في اعتماد سياسة اقتصادية واجتماعية لصالح أسع
الجماهير، سأكتفي بالتشديد فقط على أن عطاءك كان يتميز ـ في جميع هذه
الميادين ـ بالواقعية والفعالية والعقلانية والمردودية الايجابية بعيدا عن
الخطابة والمجاملة واللامسؤولية• أما انجازك الكبير والفريد من نوعه في
العالم العربي والعالم الثالث فهو أنك رغم كل الصعاب الموضوعية والمحن
الكثيرة وانعدام الوسائل المناسبة، تمكنت، بالتعاون مع اخوانك الأوفياء من
تكوين حزب تقدمي مؤمن بالديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية،
مستندا إلى مركزية نقابية عتيدة، معبرة بحق عن الحاجيات المشروعة للطبقة
العاملة، حزب أغلبية من الشباب الطموح إلى التغيير• إن سر نجاحك في ترسيخ
حزب الصامدين في هذه البلاد هو أخلاقك العصامية، تجردك المثالي، ايمانك
العميق بالقيم الديمقراطية والانسانية، قدرتك على المقاومة والصمود، رصيدك
ومصداقيتك في الوطن وخارج الوطن• وإذا كنت اليوم ستفارقنا دون أن تجني
ثمار جهادك الاكبر، وتشاهد مع أبنائك البررة تحقيق الديمقراطية الحق على
ارض وطن وهبته كل شيء، فإنك فارقتنا وأنت واثق من أن ساعة قيام
الديمقراطية آتية لاريب فيها، لأنك حضرت لها شروط التحقيق طيلة الثلاثين
سنة المنصرمة، وذلك بتنمية الوعي الديمقراطي داخل الحزب ولدى عامة
المواطنين، كما أنك حرصت دائما على أن يستثمر المناضلون والمواطنون ما
سمحت به 17 سنة من الهامش الديمقراطي على علاته لتعميق وعيهم الديمقراطي
ولتدريبهم على ممارسة الوظيفة الديمقراطية ولو داخل مؤسسات مغشوشة، فلم
تخف في أي وقت من الاوقات أن طريق الديمقراطية طويل وعسير وأنه يتطلب
تنمية روح المواطنة• واليوم قد وصلت موجة الديمقراطية العارمة إلى شواطئ
أقطار المغرب العربي، يجد الشعب المغربي نفسه قادرا على استيعابها وجاهزا
لممارساتها ممارسة صحيحة ونموذجية قد يكون لها أبلغ الاثر على جيراننا
وأشقائنا• تلك هي النتيجة الكبرى والتاريخية التي أفرزتها مدرسة عبد
الرحيم بوعبيد، مدرسة الصمود الشجاع للدفاع عن القيم، مدرسة تكوين المواطن
الصالح المتفاني في خدمة الصالح العام من خلال مؤسسات دستورية حقيقية
وسليمة• قسما يا أخي عبد الرحيم، أننا لجهادك لمواصلون وبما ضحيت من أجله
لمتشبثون ولتراثك النضالي لحافظون• رحمك الله وأسكنك فسيح جناته مع
الشهداء والصديقين، وإنا لله وإنا إليه راجعون• الكلمة التأبينية التي
ألقاها الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي عند مواراة جثمان الفقيد العزيز
التراب
.

2008/8/1





الإتحاد الإشتراكي 2004
منصور
منصور
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 1943
العمر : 44
Localisation : loin du bled
تاريخ التسجيل : 07/05/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد Empty رد: في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد

مُساهمة من طرف منصور الأربعاء 9 يناير 2008 - 23:08


وصية الفقيد الكبير سي عبد الرحيم بوعبيد



كان آخر اجتماع حزبي يحضره الفقيد عبد الرحيم بوعبيد هو اجتماع اللجنة
المركزية، التي ألقى فيها وصيته لقيادة الحزب ومناضليه إخواني أخواتي إني
لجد معتز لما وجدته لديكم من تعاطف ومن تتبع لحالتي الصحية، وهذا من
العوامل التي تجعلني، شخصيا وبشريا وإنسانيا، أشعر بقوة معنويتي• أقول
بهذا الاعتزاز، الاعتزاز الذي يزيد من معنويتي لمقاومة الداء الذي أراد
الله أن أصاب به• لذلك، الإخوان الذين كانت لي الفرصة للقاء بهم أو
الإخوان الذين سألوا عني، وتعففوا في ما يرجع لزيارتي مباشرة، إليهم وإلى
جميع المناضلين في الاتحاد الاشتراكي، كانوا في القواعد أو كانوا في قيادة
الحزب، أقدم تشكراتي واعتزازي بهذا الالتفات الأخوي الذي يجعل أننا حزبا
ليس كالأحزاب، ولكنه حزب كعائلة واحدة، عائلة واحدة تمتد الى عائلات أخرى
تتجدد وتتوسع دائرتها• وأنا على يقين بأن المهام التي رسمناها لأنفسنا،
إما في الدفاع عن حوزة بلادنا أو في عمل الإصلاح الجذري، ما يحتاج إلى
الإصلاح الجذري وما يمكن إصلاحه جذريا في بلادنا، إن هذه المهام هي قدرنا
لتكون الديمقراطية ومبادئها دائما نصب أعين المناضلين صباح مساء، حتى تفرض
مبادىء الديمقراطية وحقوق الإنسان• أنتم تعلمون، وكلنا يجب أن نعلم، إن
الاضطلاع بهذه المهام يتطلب منا الصبر، لأن الأمر ليس سهلا، كما يتصور
البعض، بل يحتاج كفاحنا إلى مزيد من التبصر وبعد النظر، وإلى شعور دائم
بأن لنا في هذه البلاد رسالة نريد أن نؤديها على أحسن وجه وأن نمهد الطريق
للأجيال الصاعدة• إخواني، أخواتي: تعرفون جميعا أن الظروف الدولية
والعربية والاسلامية انقلبت رأسا على عقب، ولا تفيدنا الأخبار وحدها، فمن
السهل أن يقول البعض إن التاريخ قال كلمته وانتهى الأمر، ولكني أعتقد أن
التاريخ قال كلمته في مرحلة من المراحل، وسيظل يقول كلمته في مراحل
متوالية من الوجود البشري، ومهمتنا تقتضي منا الشعور بخطورة واجبنا نحو
هذا الشعب وبقداسة رسالتنا التاريخية التي لا تنحصر في المغرب وشعب
المغرب، الشعب الذي ما انفك يطور نظرته إلى الأشياء منذ حصولنا على
الاستقلال، وهذا التطور سيزيد في المستقبل، بل ان رسالتنا يمتد مداها إلى
كل المغرب العربي وكل الوطن العربي والعالم الاسلامي• فالمواجهات بدأت ولن
تتوقف وقد تبقى معطيات الصراع على ما كانت عليه وقد تكتسي أشكالا أخرى،
ويبقى المهم أن لنا رصيدا يؤهلنا إلى تجديد النظرة الى العالم المحيط بنا
ونظرتنا إلى علاقتنا مع العالم• لذلك أيها الإخوة، هذه المهمة الشريفة
التي أخذنا على عاتقنا إلا أن نقوم بها، خدمة للبلاد، خدمة للحقيقة، خدمة
للإنسانية والديمقراطية، خدمة للعدالة الاجتماعية، هذه المهمة التي
امتحننا جميعنا سواء في القواعد أو في القيادة من أجلها ، هذه المهمة
مازالت على عاتقنا ولابد لنا من أن نخوض المعركة ونخوض المعركة، معركة
المستقبل، يعني معركة الأمل في انتصار الشعب في النهاية• لذلك إخواني،
أخواتي، كنت معكم، أو قدرت الظروف ألا أكون معكم، فإننا نشعر جميعا
باطمئنان على أن ما أسديناه من أجل الوطن ليس هو الكمال، ولكن أن الذي
أسديناه خرج من صميم الفؤاد، طاهرا، نقيا، يريد خدمة الشعب والأمة
والمصلحة العامة• أريد أن تبقى هذه المهام دائما نصب أعيننا، ولنا في جدول
أعمال اليوم ما يكفي للعمل على السير في الطريق الذي رسمه إخوتنا في مسيرة
النضال التي لا تتوقف أبدا، وهذا هو قدرنا في هذا الحزب• ومرة أخرى
أشكركم، وأتمنى أن نبقى مدى الحياة على العهد، وسنبقى كذلك والسلام عليكم•

2008/8/1








الإتحاد الإشتراكي
منصور
منصور
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 1943
العمر : 44
Localisation : loin du bled
تاريخ التسجيل : 07/05/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد Empty رد: في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد

مُساهمة من طرف منصور الأربعاء 9 يناير 2008 - 23:10



بعد16سنة على رحيله الكبير •• ماذا كان عبد الرحيم بوعبيد سيفعل الآن
؟


عبد الحميد جماهري

بعد 16 سنة على رحيله، مازلنا نطرح السؤال: ما الذي كان عبد الرحيم بوعبيد
سيفعله؟ في كل مرحلة ، من تاريخ البلاد والاتحاد ، يعود السؤال جديدا،
مرجعيا ، و حادا ، وأحيانا استنكاريا : ماذا كان عبد الرحيم سيفعل لو أنه
واجه هذه القضية؟ بعد 16سنة ، يعود السؤال ليطرح نفسه من جديد، كمرجعية
وكعقل وطني اتحادي، في حده التقت القيم الانسانية والوطنية والاتحادية ••
بعد 16 سنة، يطل الوجه الذي نريد، ليذكرنا بما نريد دائما، والذي سبق له
أن كتبه وصية للتاريخ، ودرسا للجميع: هناك ما يفوق قدركم الشخصي، ، قدركم
الجماعي، وهناك ما يفوق قدركم الجماعي كاتحاديين، قدركم الوطني، كوطنيين
وأناس يضعون البلاد في قلوبهم وفي دموعهم وأحيانا يخبئونها رسائل مشفرة في
شاهدات شهدائهم• علمنا عبد الرحيم، أن بعض الطغيان والاستبداد وأبشعه هو
الذي يتم أحيانا في ظل القوانين وبالألوان التعددية، لكنه لم يساعدنا أبدا
على اليأس أو على وهم الزلازل•• وفي التاريخ الحديث، كم مرة عوقب
عبدالرحيم على عظمته البشرية والانسانية ، بالعزلة أو بالفرادة• حدث ذلك
في كل مراحل حياته الشخصية وفي كل مراحل بلاده• في زمن مفتوح على الشهيات
التملكية، منذ خروج الاستعمار الى بناء الاستقلال• علّمنا عبد الرحيم أن
العظمة عند المناضل، قد تكمن في ما لا يريد امتلاكه أكثر مما يمتلكه فعلا،
من سطوة أو مال أو مكاسب مادية• لهذا نسأل دوما : ماذا سيفعل عبد الرحيم،
الآن، لو بقي حيا ؟ وكان الجواب سيكون : العفة، التجرد، الوفاء، نكران
الذات، الوطن، ثم الوطن، ثم الوطن، الفقراء، الديمقراطية ، العفة مرة
أخرى، والانشغال بما هو أهم وما هو أساسي وما هو منذور للمستقبل• وكان
سينصت لهذا المستقبل بروح التجربة، وبروح كل الذين ساهموا في بناء هذا
البلد، وبكل شجاعة سيقول لنا جميعا : إن الأشياء الكبيرة تنجم عن الأشياء
التي نستلهمها منها• البوصلة هي الوطن، في عز الضيق والتشتت والدم والدموع
، فالرجل حوّل العقلانية إلى وطن، وحْول الواقعية الى وجهة، الرجل ظل يؤمن
بأنه لا توجد سياسة حيث لا توجد أخلاق، ولا توجد عظمة حيث لا توجد حقيقة•
في الدولة المغربية، كان ينظر الى العظمة المبنية للدولة ولبداية الدولة
الاستبدادية، ولا شك أنه شعر بما شعر به هاملت: مأساة العظمة المسكونة
بالجنون الذاتي أنه يفصل السلطة عن الضمير وعن الوعي ذي الأفق الانساني•
ما الذي كان سيفعله؟ سؤال ربما كان سيقلقه، سيزعج تواضعه النضالي ، ولا شك
، كما أنه سيقلق ثقته في مناضلي حزبه • لم يشعر أبدا أن الاتحاد عاقر
ويحتاج الى تبخيس الحياة مقابل التاريخ ، لذلك لم نكن في حاجة دائمة الى
أن نعتذر له كلما قلق لحبنا الكبير له، لتقديرنا الإنساني له ، ولشعورنا
باعتزاز خاص أننا كنا منه وإليه•

2008/8/1





الإتحاد الإشتراكي
منصور
منصور
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 1943
العمر : 44
Localisation : loin du bled
تاريخ التسجيل : 07/05/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد Empty رد: في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد

مُساهمة من طرف منصور الأربعاء 9 يناير 2008 - 23:12




من يجبر الخواطر بعدك إذا أصابها كسر


عبد الهادي خيرات
في
نهاية السنة المنصرمة ودعت الاب: الحاج محمد وفي مطلع هذه السنة ودعت الاب
السي عبد الرحيم • نهاية حزينة وبداية أحزن منها، و موت مرابط حولي في
الصيف وفي الشتاء، غير مكترث بشدة الحر وقساوة البرد• لم يكن الصبح قد
استيقظ من نومه بعد عندما جاء نبأ الفاجعة كنا في سفر، فألغينا جدول
اعمالنا وجئناك• غير ان المجيء اليك اتخذ شكلا اخر، هذه المرة لم أسعد
بفنجان القهوة المعتاد الى جانب السي عبد الرحيم• كان نائما وقد ارتسمت
على شفتيه ابتسامة خفيفة تقول وداعا، ففهمت ان السي عبد الرحيم قد احتكر
نفسه لنفسه ولم يبق كما كان لنا هواءا مشاعا• السي عبد الرحيم عندما اتذكر
الساعات التي قضيتها بجانبك تهجم الصور على المخيلة بكثافة، تهجم كشظايا
شهب تصيب القلب، تحرقه ليتجدد الوخز مع كل مرة افعل • السي عبد الرحيم من
سيكمل الحكاية التي ابتدأت لهذا الفتى الذي دللته كثيرا حتى ينام هو
الآخر؟ السي عبد الرحيم من بعدك يفتح في الليل نافذة للصبح؟


السي عبد الرحيم من بعدك يجبر الخواطر اذا اصابها كسر؟
واذا
غضبت من سيأخذ سيارته صحبة الخو ويسرع الى البيت كما كنت تفعل وقد لا
تجدني ثم تعود ثانية، واذا اتصلت بك هاتفيا تقول لي: لقد هجمت عليك فاما
ان تأتي حالا واما أجيك من جديد•
- ذاك بيتك السي عبد الرحيم
لكن انت ابني كذلك
- ما في ذلك شك السي عبد الرحيم
- تعال اذن••• تعال بسرعة
فاسرع اليك فرحا كطفل في صبيحة عيد ••• ارتمي في احضانك••• وقد تبقى حتى وقتا متأخرا من الليل •
السي
عبد الرحيم، هل تذكر ايامنا بسجن لعلو••• عندما تحلقنا حولك ذاك الصباح
واخذت تحكي لنا عن تاريخ الدخول الأول اليه ، عندما القى المستعمر القبض
عليكم سنة 1944 ، عن الزنزانة التي كان يسكن بها كل واحد من الوطنيين،
فلما سألناك عن رقم زنزانتك انت قلت كان رقمها واحد فابتسمت وقلت لك هذه
المرة رقيناك السي عبد الرحيم، زنزانته رقم 18 فضحكت انت كثيرا، في حين
تأملنا نحن بجانبك اكثر•
غير ان و صمة العار التي ستبقى تلطخ، والى
الابد، جبين هذا الوطن الحزين، ليس اعتقالك وادخالك السجن دفاعا عن
صحرائنا العزيزة، ولكن شكل الاعتقال والطريقة الهمجية التي تم بها ، وما
ذبج من افتتاحيات للتغطية عن الحدث••• وضع القيد الحديدي في يديك كل ما
جاء الزبانية لاخذك من السجن الى المحكمة••• بل وترك القيد عنوة في يديك
حتى الساعة التي تساق فيها من معتقل المحكمة الى الجلسة•
اذكر انك
عندما عدت من المحكمة صحبة الاخوة وقدمت لك عشاءك المفضل (بيصارة السجن)
(1)وسألتك ماذا قلت لهم في المحكمة عندما سألوك عن التهمة ؟ اجبتني ، قلت
لهم•• (قال او لم تؤمن، قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) ثم ابتسمت•
فقلت لك: السي عبد الرحيم رغم قساوة الاعتقال لازلت تبقي على خطابك المعتدل•
فأجبتني
عبد الرحيم لا يتغير، سواء كان داخل السجن او خارجه، وفي لحظة، ولما
ائتمنا عليه قبل الاستقلال وبعده، واذا تنكر البعض فتلك مشكلتهم•
لن
انسى السي عبد الرحيم تلك الساعة التي جاؤوا لأخذكم فيها (صحبة الاخوين
اليازغي والحبابي )الى ميسور متسترين تحت جنح الظلام فلما فاجأهم وجودي
معكم في الزنزانة سألوا المدير عمن هذا؟ فارتبك ثم طلبوا مني ان انام! وان
اغطي رأسي، وعلمت منك في ما بعد انهم وضعوا القيد الحديدي من جديد في
معصميك وعلى طول المسافة الرابطة بين الرباط وميسور بالتمام والكمال!
لعلهم كانوا يخافون على السي عبد الرحيم من الهرب••• لعلهم ارادوا بذلك••• لعل•••
السي
عبد الرحيم هانحن ومن غير اتفاق وجدنا انفسنا وكل شرفاء هذا الوطن منتظمين
في حشد وعلى جباهنا تكلس غبار غاضب تطاير مع اهتزاز الارض والروح تحت
اقدام المشاة •
بخطى مرتعشة كنا نسير باتجاه النهاية الأليمة، مخترقين
ملامح المدينة الحزينة وعلى الجنبات تدفق سيل جارف من بشر وذكريات حارة
توهجت مع اشعة الشمس المتساقطة بسخاء ذاك الخميس •
يسير الكل بانتظام في اتجاه نهاية الرحيل المر•
يسير كإعصار جل فجأة بربع من سكينة على حافة جرحنا نسير•
وفي
بعض السماء رسم الغمام طريقا من ظلال فمشينا تحتها• وعلى امتداد المسافة
استوى السي عبد الرحيم نشيدا تلهجه الحناجر وتنبض بحبه الافئدة•
عندما
اطل النعش من بهو المنزل، هبت نسمة خفيفة، فانحنت في خشوع جدوع شجيرات
الحديقة، وتماوجت زهيرات الاقحوان المزروعة على اليسار وتضوع البيت طيبا•
كنا نسير ونحمله مصرين على طرده من صفوفنا كما تقتضي سنة الاشياء، و يا للمفارقة! فوق رؤوسنا نعليه ونواصل السير في موكب الفاجعة•
وفوق المقبرة حام سرب من حمام••• وفي المقل تحجر دمع الأحبة، واغرورقت عيون الافق بالمطر••• فما انهمر!
فتحت
الارض صدرها لاحتضان السي عبد الرحيم••• فرأيت الوطن وقد تجهم وجهه بعدما
خاف عليه من البرد فاسرع اليه يدثره باعز ما لديه بالاحمر القاني والاخضر
اليانع، بالعلم الذي عمل السي عبد الرحيم طول حياته على إعلائه خفاقا فوق
ترابنا كاملا غير منقوص•
ويرحل السي عبد الرحيم فلا يبقى منه غير ذبذبات صوته وطيف صورة و وصية• امانة في عنقي كلفني ان اقرأها سرا على بقايا من جاهلية•
ويرحل السي عبد الرحيم
يرحل نحو المهدي وعمر وسي علال
يرحل كطائر فريد يفتش عن سرب يحميه
يرحل كعلم يبحث عن وطن او عن ريح تعليه، هكذا افل نجمه ••• كحلمنا الموعود أفل
وأراه الآن يفترش الأرض ويتغطى بالغمام حاملا في يده اليسرى قليلا من هديل الحمام يمسح بالتراب ما تراكم من تعب على الجبين
يغمض الجفن على اخر قبلة طبعت مع الاولاد على خذه ثم يضع الرأس على حصى دفين•
أحقا بخيلة شياهنا بصوفها الى الحد الذي تتركه يوسد خده حجرا في الظلام؟
هل كانت كل هذه المسيرة وهما••• فصلا صغيرا من مسرحية••• هباب حطبة في نار كثيفة خيط دخان منبعث من لفافة تبغ وسط هذا الزحام؟
عجبا! لماذا يموت الرجال ويبقى•••
عجبا!
كيف يطلبون مني أن احافظ على تماسكي؟ 1- لمعلوماتكم ، السي عبد الرحيم كان
يرفض أكل ما يأتيه من البيت،وطالب بمعاملته كسجين عادي•

2008/8/1








الإتحاد الإشتراكي
منصور
منصور
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 1943
العمر : 44
Localisation : loin du bled
تاريخ التسجيل : 07/05/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد Empty رد: في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد

مُساهمة من طرف kaytouni الجمعة 11 يناير 2008 - 17:10

هكذا تكلم بوعبيد منذ 33 سنة حزبنا لا ينبني على التعليمات من أعلى



إخواني المناضلين: إن هذا المؤتمر الاستثنائي لم يكن وليد الارتجال• فمنذ قرار 30 يوليوز 1972 التاريخي الذي أعطى في النهاية لمنظمتنا هويتها الحقيقية، وجميع فروع الحزب وأقاليمه تعمل فعليا لعقد مؤتمر يمثل القاعدة الحزبية بصفة حقيقية وشاملة• وقد تحقق، خلال بضعة أشهر، عمل بالغ الأهمية والإيجابية في مجال التنظيم وإعادة النظر في هياكل الحزب• وقد تركز مجهود المناضلين بصورة خاصة في تكوين خلايا المؤسسات أو توسيعها وتدعيم البناء الهيكلي للشبيبة الطلابية والعمالية بصورة أقوى منهجية وفعالية• وفي موازاة هذا العمل التنظيمي فتح باب النقاش على مصراعيه في كل مكان، وبرهن عن مجهود صادق في التفكير يصطبغ بالحماس أحيانا، هادفا إلى إبراز محتوى أكثر دقة ونضجا بالنسبة لاختياراتنا الإيديولوجية وإعطاء تحديد أوثق لاستراتيجية الحزب• لقد ظهرت روح جديدة في كل مكان، روح مجندة للعزائم: كنا آنذاك نتخلص من اللبس والغموض ومن موقف الانتظار، وكان المناضلون، كل المناضلين، على وعي بأنهم يمسكون بأيديهم مصير حزبهم• وسجلت اللجنة المركزية المنعقدة في فاس في 21 يناير 1973، النتائج البناءة التي توصلت إليها مختلف الفروع والأقاليم• حقا لقد كان عدد من الفروع في حاجة الى المزيد من العمل في المجال التنظيمي، ولكن أصبح من المؤكد أن المؤتمر يمكن انعقاده في ماي 1973• وجاءت إثر ذلك موجات الاعتقالات الجماعية والشمولية كان ضحيتها المقصودة مئات من المناضلين في حزبنا، العاملين في كل نواحي البلاد تقريبا فتعطل جهاز الحزب وصدرت قرارات حكومية بتوقيف منظمتنا مرتين خلال ثمانية أشهر• فما أكثر الآلام القاسية التي تحملها المناضلون في صفوفنا ومن أكثر من ننعاه من بين رجالنا، وما أكثر المحاكمات التي أجريت أمام المحاكم الاستثنائية طيلة مدة تقارب ستة عشر شهراً• ومازال إلى اليوم العشرات من إخواننا المناضلين رهن الاعتقال لتهم سلمت المحاكم العسكرية نفسها بأنها عديمة الأساس• وعلى أي، فما أن توقفت تدابير المنع الصادرة في حق حزبنا، غداة تحرير الفريق الأول من إخواننا، حتى ظهر العزم المشترك لدى سائر المناضلين ومن ضمنهم أولئك الذين مازالوا معتقلين، من أجل استئناف العمل لدعوة المؤتمر الى الانعقاد طبقا لما قررته اللجنة الادارية في يوليوز 1974، وغير خاف عنكم أن التحضير السياسي والمعنوي لهذا المؤتمر كان قد قطع أشواطا بعيدة وعند اجتماع اللجنة المركزية في 15 شتنبر 1974 بالرباط، اتخذت قرارا بالاجتماع وأمام إلحاح ممثلي سائر الأقاليم، بتحديد موعد لانعقاده• فانتخبت لجنة وطنية للقيام بالتهييء المادي والمعنوي وتركيز نشاط اللجان الفرعية وتنسيق أعمالها•وقد لاحظنا في كل النواحي تعدد المبادرات وروح الإقدام والعزم، وبالأخص الوعي اليقظ بمسؤولياتنا في الظرف الحالي• يمكننا إذن أن نقول، بدون أي تبجح، إن هذا المؤتمر بالنسبة إلينا نحن المناضلين في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، هو مؤتمر للانطلاقة الجديدة، والنضال السياسي والأمل القوي• الاتحاد الاشتراكي هو اتحاد القوات الاشتراكية الكادحة لقد أحيل عليكم من أجل الدرس، مشروع التقرير التنظيمي لهياكل الحزب في الأجل المقرر• ونظن أنه سوف لن يلقى من المناضلين المؤتمرين إلا التأييد، لأنه يعكس بصفة عامة الاستنتاجات الجوهرية لما راج من مناقشات في هذا الصدد طيلة أشهر عديدة• ومع ذلك، فليس الهدف منه وضع إطار صلب وإلزامي في كل الحالات أن المسؤولين المحليين للحزب يعرفون مسبقا، عن طريق اتصالهم الدائم بالقاعدة، والتجربة التي اكتسبوها، ان مناهج وطرق التنظيم القابلة للتطبيق في فرع من الفروع ليست بالضرورة قابلة للاستعمال في فرع آخر• فلابد إذن من اللجوء لشيء من المرونة و التحري مع الحزم• ولكن وتجاوزا للمشاكل التي تضعها إقامة الهياكل، فمن الضروري أن نعيد الى الأذهان، دوما، الروح التي يجب أن يهتدي بها المناضلون في عملهم: 1 ـ ان الدور القيادي للحزب في الكفاح من أجل قيام مجتمع اشتراكي وديمقراطي، لا يرتكز على توجيه التعليمات من أعلى• لهذا يجب علينا أن نشجع مبادرات المناضلين على كل مستويات القاعدة، وذلك بعمل متواصل في حقل التكوين والاعلام• وبالتالي، يجب على الحزب أن يهتم دوما بأن يكون عامل توحيد وتكامل ومزج بين القوات الخلاقة•
kaytouni
kaytouni

انثى عدد الرسائل : 162
العمر : 64
Localisation : li 3la balak
Emploi : 9adi haja
تاريخ التسجيل : 07/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد Empty رد: في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد

مُساهمة من طرف kaytouni الجمعة 11 يناير 2008 - 17:12



2 ـ كثيرا ما يتصل نقابيون أو فلاحون أو مثقفون بقادة الحزب للتشاور معهم في مشاكلهم الخاصة، وفي الكفاحات التي يجب عليهم خوضها• ومثل هذه الاتصالات النابعة في الغالب من مواقف تلقائية تخط لنا الطريق الذي يجب علينا أن نسلكه•فليس من المعقول أن تكون هناك قطيعة بين العمل السياسي والكفاحات الاجتماعية• فوظيفة حزبنا هي أن يكون ملتقى يستطيع فيه المناضلون أن يتتبعوا الأحداث عن كثب، وأن يتدارسوا استراتيجيات الكفاح في مختلف القطاعات، ويقوموا بنقدهم الذاتي، مستفيدين أحسن الاستفادة من التجارب التي اجتازوا منها في الماضي• وإذا كانت تنظيمات الالتقاء والتنشيط غير موجودة في كل مكان، فمن الواجب تعميمها• فتلك احدى الوسائل التي ستمكننا من الاطلاع المستمر على شعور الجماهير الكادحة، ومن القيام بالتحليل الصحيح للأوضاع ومن التنسيق بين العمل السياسي والنضالات الاجتماعية• ولبلوغ هذا الهدف، لا يمكن للحزب أن يقتصر على نشاط دعائي أو على تدخلات رمزية، بل من واجبه أن يتمكن من الدخول في معمعة النضالات ولو كانت في نطاق قطاع معين، تلك النضالات التي تقوم بها مختلف الفئات من الجماهير الكادحة• 3 ـ يتضح من التقرير التوجيهي الذي عرض عليكم، اننا حزب الشعب الكادح•يجب إذن في هذا الصدد، ألا يغيب عن أنظارنا الهدف الأساسي من اشتراكيتنا: ألا وهو أن نضع الاقتصاد المغربي بكل إمكانياته البشرية والمادية في خدمة سائر المغاربة، بدلا من أن نعطي فرصة الاستقرار أو النمو لنظام مبني على الرأسمالية والاستعمار الجديد يجعل الناس في خدمته• لذلك، فإن سائر الطبقات والفئات الاجتماعية التي تتحمل أنواعا مختلفة من الاستغلال، والتي هي مقتنعة بأن الطريقة الاشتراكية هي التي تتجاوب مع مطامحها، يجب أن تلتحم فيما بينها داخل التيار الاشتراكي•وتأتي في الطليعة الطبقة العاملة التي تكون قوة المواجهة في الكفاح من أجل الاشتراكية، وذلك على الخصوص بسبب موقعها الاستراتيجي في مسلسل الإنتاج في قطاع الاقتصاد المدعو بالعصري• غير أننا عند تناول هذا الموضوع، يجب أن ندرك بوضوح أن بنية الطبقة العاملة دخل عليها التنوع منذ العشرين سنة الماضية• فقد ارتفع نسبيا مستوى الكفاءات التقنية فيها، إذ هناك المأجورون على أساس الساعة والمأجورون على أساس الشهر، والأطر والتقنيون والأطر الادارية ومن ضمنهم الموظفون بصفة عامة• وكل هاته الفئات تبيع قوة شغلها حسب أنماط مختلفة• وهم جزء من الطبقة العاملة التي أصبح تحديدها ومحتواها يتسع شيئا فشيئاً• ومن جهة أخرى، فإن الفلاحين الصغار والمتوسطين يجدون أنفسهم في صراع مع الإقطاعية ومع الاستغلالات الرأسمالية التي احتكرت لفائدتها أراضي الاستعمار ومعظم الأراضي المستفيدة من مياه السدود• فالتغير الاجتماعي الذي يطمح إليه الفلاحون الصغار والمتوسطون يعني بالنسبة لهم التصرف في وسائل الإنتاج منها كالأراضي والتجهيزات والقروض، ذلك أن مصالحهم المباشرة توجد في تناقض مع مصالح أولئك المستغلين والمستفيدين من النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي أقيم منذ الاستقلال•وكذلك هو الشأن بالنسبة للفئات الاجتماعية الأخرى للمدن: أي الحرفيين والتجار الصغار والمتوسطين وأصحاب المقاولات الصغيرة• ولا يخفى ما لهذه الفئات من ثقل اجتماعي بالغ الأهمية، كما دلت على ذلك الظروف في الماضي أو الأوضاع الحالية• فمداخيلهم متواضعة إلى أقصى حد، إذ هي في أغلب الأحوال دون ما تتقاضاه فئات من المأجورين• وبما أنهم مرهقون بضرائب عشوائية جائرة ومعرضون بدون حماية للاستبداد الاداري، فهم يعيشون في حالة تزداد تدهورا سنة بعد أخرى• فمصالحهم المباشرة، وفي المدى المتوسط، هي بصورة موضوعية نفس مصالح الطبقات التي يستغلها النظام الاقتصادي الحالي• وأخيراً هناك الشباب الذين يقومون بدورهم في الكفاح من أجل الاشتراكية والديمقراطية• وسواء أكانوا عمالا أم طلبة أم مثقفين أم موظفين صغارا، فإن مطامحهم نحو بناء مجتمع عادل تبرر أحيانا بلهجة المرارة والعنف• والواقع أن موقفهم ما هو إلا تعبير عن المشاغل الخطيرة التي تعانيها يوميا عائلاتهم، وعن البطالة التي تتردى فيها أسرهم، وقبائلهم الأصلية التي تعيش في الحرمان• فهم متعطشون لإسماع صوتهم ولتحليل أفكارهم ومناقشتها• وهم متعطشون في نفس الوقت للعمل• وعلى الحزب أن يصغي لهم وأن يمهد الهياكل الضرورية لاستقبالهم وأن يفسح لهم المجال للالتقاء والمناقشة، وهكذا يمكن الاستفادة بأحسن صورة من هذه الطاقات الكبيرة التي ستبني مغرب الغد، لدفع التحول الاشتراكي إلى الأمام• هناك أيضا طائفة أخيرة تتكون من الصنف الخاص الذي يضم الأطر، أي المهندسين والباحثين والتقنيين إلخ••• ان المساهمة التقنية والنظرية لهذا الصنف لاغنى عنها لبناء ديمقراطية اقتصادية• فهل يصوغ لنا أن نرفضهم لأن البعض منهم وقع تدجينهم من لدن النظام الرأسمالي الساعي إلى الاستقرار بالبلاد؟ من واجبنا أن نتخلى عن مثل هذا التخوف الصادر أحيانا عن غير روية، والذي يعتري البعض منا إزاء الكفاءات التقنية، فلا يمكن أن نتصور بناء الاشتراكية الديمقراطية بدون مشاركة تقنيين مخلصين صادقين وأكفاء• لهذا يجب علينا أن نتقبل بكامل التمحيص، وأن نضع باستمرار على محك الفحص الفكري العميق تلك الاستنتاجات الصادرة عن بعض التحليلات التي تلفت الأنظار إلى بروز بورجوازية بيروقراطية أو تقنوقراطية جديدة في المجتمع المغربي• نعم هنالك ما يسمى بالأطر المسيرة، وهي تكون أقلية صغيرة تتقاضى أجورا عالية، ما هي في الواقع إلا صورة لتفويت القيمة الفائضة الرأسمالية• ولكن هنالك الآخرون الذين يتكاثر عددهم باستمرار، والذين هم موضوعيا لا يزيدون على أن يبيعوا قوة شغلهم الفكري على شاكلة المأجورين• فهم ملحقون بنظام إنتاجي لم يكن لهم الحق في تقريره ولا في اختياره ومن خلال تجربتهم وما استنتجوه منها، أصبحوا مقتنعين بأن الاشتراكية هي الاختيار الوحيد الذي يستجيب للمطامح المشروعة للجماهير الكادحة• وتعمل في صفوفها منذ زمان كفاءات عالية تساهم في طاقاتنا الدراسية• فعلى الحزب وهو متسلح باليقظة الضرورية، أن يفتح أبوابه الواسعة لكل الذين يعلنون عن ارتباطهم بالتيار الاشتراكي• ديمقراطية سياسية مقرونة بديمقراطية اقتصادية لكي يصبح جهاز الدولة، في مختلف دواليبه، وبالنسبة لجميع قراراته خادم المصلحة العامة، ينبغي إقرار المراقبة الشعبية، سواء على الصعيد المحلي والإقليمي وكذلك على الصعيد الوطني• فبدون مراقبة الأمة، وبدون مشاركة الفئات الـمستغلة أفظع استغلال، والتي ستعبر عن اختياراتها، ستصبح التحويلات الهيكلية عديمة الجدوى، هذه التحويلات التي أضحى الكل اليوم يعترف بطابعها الاستعجالي وبضرورتها• وما عدا في الحالة التي نكون فيها من أنصار تصور نخبوي، أو تقنوقراطي، فليس هناك في نظرنا أي سبيل أضمن، ولربما أكثر واقعية من الطريق الذي يجعلنا نرتكز على الإرادة المعبر عنها من طرف الجماهير الشعبية• فهناك من يدعي بأن هذه الديمقراطية ليست إلا ديمقراطية شكلية• لكن ليسمحوا لنا بالجواب على اعتراضهم بأن الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لبلادنا لا يمكن أن تقارن بهياكل الأقطار الغربية، التي استقرت فيها الرأسمالية، وتقدمت أكثر من قرن• فالديمقراطية السياسية ونقصد بها ديمقراطية أصيلة لا يمكن إلا أن تعبر، وبالضرورة عن إرادة التغيير، عن الطموح للوصول إلى مجتمع أكثر عدلا• فداخل المجالس المتنخبة سيكون النقاش محددا حول المشاكل التي تضعها الفلاحة، حول التعليم، حول البطالة والتشغيل، حول توزيع المداخيل، إلخ••• فهذه القضايا، قضايا ملموسة وهي المشاكل التي تشغل بال الأغلبية الساحقة للشعب المغربي• وهذا هو السبيل الوحيد لبلوغ الديمقراطية الاقتصادية• وجانب آخر من الناس قد يتهموننا عن حق بأننا مغفلون لا نستخلص العبرة من الماضي، مضيفين بأن تزوير الانتخابات العامة، سواء في 1962/ 1963 و 1970، يغدو كافيا لجعلنا نبتعد عن هذه الانتخابات• إن حزبنا بصفة خاصة كان الضحية الأولى لأساليب التزوير التي عانت منها بلادنا• كما أنهم قد تعرضوا في كل مكان لعدة محن بسبب كفاحهم من أجل الحرية والديمقراطية• غير أنه إذا ما وقع اللجوء من جديد، بالرغم من التصريحات الرسمية، إلى نفس الأساليب، سواء في شكلها المعروف أو في أشكال أخرى، فإن موقفنا سيكون دائما نفس الموقف، أي سنقوم بفضحها من جديد، والكفاح ضدها بكل طاقاتنا• لكن، لا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا أن الظروف الوطنية والدولية أصبحت متغيرة عما كانت عليه منذ سنتين• فالرأسمالية الدولية والامبريالية تعرفان أزمة خطيرة، وربما كانت أزمة لم يسبق لها مثيل• فما يسمى بالرأسمالية الوطنية التي احتكرت القسم الأوفر من ثروات البلاد، اما بناء على محاباة ومحسوبية أو على أشكال المضاربة والوسائل الأخرى التي تمكنها من المزيد من الثروة لصالحها، هذه الرأسمالية الوطنية تواجه اليوم مشكلات اقتصادية واجتماعية وثقافية تعد هي عاجزة عن إيجاد حل لها ولو بصفة جزئية• فمساندة الاستعمار الجديد لها لن يكون ذا جدوى كبيرة بالنسبة إليها• ففي مذكرتنا المؤرخة بـ 14 أكتوبر 1972، التي كانت بمثابة جواب عن الخطاب الملكي شتنبر 1972، كنا قد أوضحنا موقفنا فيما يلي: إن الإصلاحات الهيكلية المشار إليها، والتي تستلزم تعبئة الطاقات البشرية والمادية، وتصورا قوميا جديدا لتراكم رأس المال والمعرفة لا يمكن أن تتحقق هي ذاتها، إلا بالمشاركة الواعية للجماهير المعنية• ذلك أنه بهذه المشاركة وبالحوار بين الحاكمين والمحكومين، يمكننا أن نضمن التأييد العملي والطوعي، وفي جو من الحماس، لشعب يشتغل من أجل ضمان مصير يحقق له التقدم والعدالة الاجتماعية، والذي يعني هذه الأهداف• لكن للتغلب على الأزمة ولاسترجاع الثقة من جديد، فإنه من قبيل اللغو أن يقع الاكتفاء بالإعلان من أعلى بضرورة التغييرات الهيكلية ومطالبة القاعدة بوضع ثقتها في الباقي• إن البورجوازية الرأسمالية والإقطاعية العقارية ومصالح الاستعمار الجديد المستقرة في المغرب ستعمل من أجل إجهاض البرامج الثورية التي تهمل الارتكاز على الإرادة الشعبية المعبر عنها صراحة• وانطلاقا من هذا التحليل، فإن حزبنا يعتبر أن نظاما أساسه الديمقراطية السياسية الحقة، حتى بالنسبة لبلاد في طريق النمو، يشكل الضمانة الوحيدة لتشييد ديمقراطية اقتصادية واجتماعية• فممثلو الشعب سيكونون يقظين لمعارضة كل عمل من شأنه أن يتسبب في فشل الاختيارات الأساسية التي تم التداول حولها بكامل الحرية وصودق عليها• فبأي طريق يمكننا التغلب على الحذر والارتياب وإثارة اهتمام الطبقات المحرومة إذا لم تكن هنالك هياكل دستورية وديمقراطية منذ الانطلاقة الأولى، لفتح الطريق أمام الحوار والمنازعة وأخيرا المشاركة الواعية لتشييد المصير المشترك• والشعب المغربي لن يظل في هذه الحالة تحت الحكم أو شيئا بين يديه، انه سيصبح الشعب السيد الذي ينبثق عنه الحكم، قادرا على أن يترجم للواقع وتحت مراقبته اليقظة، الاختيارات التي يمكنها أن تلبي احتياجاته الأساسية• ولقد كنا قد أضفنا في نفس المذكرة انه لكي يتمكن هذا التصور الجديد والسليم للحكم من إثارة الحماس والمرغوب فيه، ينبغي اتخاذ بصفة عاجلة بعض التدابير العاجلة من بينها: ـ تصفية الجو السياسي، وذلك بالتصديق على النصوص المقررة للعفو العام الشامل• ـ إلغاء النصوص التشريعية المقيدة للحريات العمومية والخصوصية وبصفة خاصة التدابير الادارية التي تعرقل وتقمع حرية التعبير• ـ إلغاء الظهائر والقرارات القمعية التي كان قد تم التصديق عليها خلال عهد الحماية، والتي ظل العمل جاريا بها إلى الآن• فكيف ينبغي أن يكون موقفنا السياسي بعد تحليلنا لخصائص الوضعية الراهنة؟
2008/11/1
الإتحاد الإشتراكي 2004
kaytouni
kaytouni

انثى عدد الرسائل : 162
العمر : 64
Localisation : li 3la balak
Emploi : 9adi haja
تاريخ التسجيل : 07/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد Empty رد: في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد

مُساهمة من طرف kaytouni الجمعة 11 يناير 2008 - 17:14

الأستاذ أبو بكر القادري عبد الرحيم بوعبيد رجل وطني صادق وسياسي ماهر

من الرجال الذين عايشوا المرحوم عبد الرحيم بوعبيد وشاركوه لحظات حاسمة في حياته، الأستاذ أبو بكر القادري الذي عرف المرحوم منذ صباه، وتقاسم معه مراحل التأسيس الأولى للعمل الوطني، وعانى معه الى جانب رفاق آخرين، من الاعتقال في سجون المستعمر، مما مكنه من الاطلاع والتعرف بشكل جيد على بعض سمات شخصية القائد السي عبد الرحيم• عن هذه الذكريات، يحدثنا الأستاذ أبو بكر القادري في هذه السطور: ربما أكون الشخص الذي تعرفت على أطوار حياة المرحوم تقريبا كلها• عرفته في المرحلة التعليمية الأولى، في حياة التلمذة، حيث كان يدرس في الثانوي، وكان يقضي الصيف في مدرستي الحرة، وهناك تعرفت عليه• في هذه المرحلة جاءتني مناسبة جعلتني أبدأ في اكتشاف معالم هذه الشخصية الفذة• كان عمره آنذاك لا يتجاوز السادسة عشرة، ولكني لاحظت لمعانا في شخصيته، حيث كان تلميذ صديق له قد توفي فقرر هو وأصدقاؤه أن يقيموا له حفلا تأبينيا، واستدعوني لحضوره، وأخذ المرحوم عبد الرحيم كلمة لفتت انتباهي بشكل غير عادٍ• واستمر اتصالنا في إطار تعليمي حتى ذهب الى فاس، حيث عمل معلما في مدرسة المعلمين، وظلت بيننا رابطة الأخ الأكبر للأخ الأصغر، وطبعا كنا نتذاكر في شؤون كثيرة، حيث كان ينظر إليّ كوطني وكأستاذ• كما استمرت علاقاتنا عبر المراسلة• وكتب لي رسالة، مازلت أحتفظ بها، (بينما ضاعت مني عدة رسائل أخرى) وعمرها الآن 52 سنة، يطلب مني فيها أن أتطوع للاجتماع ببعض الشباب في القرويين، حيث كانوا قد أسسوا رابطة وكان يخشى أن يخبو حماسهم بسرعة في مجال الوعي الوطني• وبعث لي بعد ذلك برسالة ثانية يخبرني فيها أن عمله داخل هذه الرابطة قد بدأ يعطي ثماره• ويمكن القول بأن هذه المرحلة شهدت بداية بروز سمة الوعي الواضحة في مسار حياة المرحوم من خلال تأطيره لهذه المجموعة من الطلبة• بعد ذلك عاد إلى سلا• وكانت عندنا خلية من الحزب الوطني وكانت تسمى جماعة فتح، وتضم نخبة خاصة، وقد لعبت دورا خاصا في الميدان الوطني وأغلب أفرادها وقعوا على وثيقة المطالبة بالاستقلال• داخل هذه الجماعة وقع المرحوم على هذه الوثيقة• واندمج كذلك في جماعة تسمى الطائفة• وأقسم مرتين، المرة الأولى في خلية فتح، والمرة الثانية قسما خاصا عندما دخل خلية الطائفة، وهي كانت محدودة لا يتجاوز عددها 55 شخصا• بهذه المناسبة، أقول شيئا لأول مرة• إننا عندما أخذنا نهيء وثيقة المطالبة بالاستقلال، فكرنا في الاستحواذ على جمعيات قدماء التلاميذ في عدة مدن مغربية• وكان الفرنسيون يريدون أن يجروا إليهم النخبة المتعلمة التي كانت وطنية بشكل عام، غير أنها لم تكن مندمجة بما فيه الكفاية في النضال الوطني ضد المستعمر• وكان هدفنا نحن هو أن ندخلهم للصراع• وهكذا كافحنا واستطعنا الهيمنة على جمعيات في الرباط وسلا وفاس• في الرباط انتخب المرحوم المهدي بن بركة، وفي سلا انتخب المرحوم عبد الرحيم بوعبيد هو نائب الرئيس، لأن الرئيس كان متعاطفا معنا، وفي فاس انتخب عبد الكريم بنجلون• هذه مرحلة دقيقة، وقد نجحنا فيها بشكل كبير• وهنا أخذ يبرز عبد الرحيم بوعبيد كأحد الشباب الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال، حيث كان عمره 24 سنة، ومن هنا دخل في معمعان العمل السياسي من بابه الواسع• لعب المرحوم عبد الرحيم دورا كبيراً في استقطاب مجموعات الشباب، وكان لشخصيته الخاصة تأثير على أوساط زملائه المعلمين ومعارفه، وبعد تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير، وجدنا أن هناك إجماعا في المغرب على فكرة الاستقلال، وأصبح ميدان العمل السياسي ينشط بشكل كبير، حيث كثرت الاجتماعات واللقاءات، وكنا نحن متربصين ننتظر رد الجانب الفرنسي• وكان ردُّهم بعد جَسِّ النبض عبر مفاوضات أولية، هو اللجوء إلى الاعتقالات والعنف• وكنا نحن مهيئين لهذا، حيث نظمنا تجمعات في المساجد وفي الأسواق ومظاهرات••• وفي مدينة سلا كنا قد أعددنا خطتنا لتنظيم المظاهرات وأشكال قيادتها، وكان عدد من الشبان مستعدين لذلك• وكان أول من طلب ذلك هو عبد الرحيم الذي رغب في ترؤُّس أول مظاهرة بعد ما مر في الأسواق يحرض الناس، وفعلا قاد المظاهرة التي خرجت من الجامع الكبير، والتي سقط فيها شهداء وضحايا• وقد ألقي القبض علينا جميعا، واحتلت المدينة احتلالا عسكريا بأمر من الجنرال لوكلير• تم اقتيادنا الى السجن• وهنا أخذت تبرز سمات أخرى في شخصية المرحوم، حيث برزت فيها سمات الشجاعة والرجولة، بالإضافة إلى شعبية طبعه• ونحن في سجن لعلو بالرباط، بعد أن عزلونا في زنازن، تم تجميعنا بعد ذلك، وكان عبد الرحيم بوعبيد يختلط مع سجناء الحق العام ويتجاذب معهم أطراف الحديث حول أسباب اعتقالهم، وكانوا هم يميلون له ويفتحون له صدرهم• وخلال هذه الفترة من الاعتقال، كان معنا المرحوم المهدي بنبركة• وكان أستاذا للرياضيات في ليسي كورو، وكان مدير السجن يعرف ذلك، واقترح عليه أن يعلم أحد أبنائه، وهكذا كانت له في السجن ظروف خاصة حيث أعطي له مركز محاسب داخل السجن، وبهذه الوسيلة كان يتصل بكل المساجين•
kaytouni
kaytouni

انثى عدد الرسائل : 162
العمر : 64
Localisation : li 3la balak
Emploi : 9adi haja
تاريخ التسجيل : 07/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد Empty رد: في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد

مُساهمة من طرف kaytouni الجمعة 11 يناير 2008 - 17:15



حلَّ عيد الأضحى وكان يوم عطلة في السجن، وبينما نحن في زنزانة مجتمعون، إذ فتح الباب علينا ودخل المهدي يحمل آنية في يده، وكانت مليئة بالكبدة المشوية، وكانت ساعة انشراح قضيناها مع بعضنا، وخلال هذه الساعة قدم لنا المرحوم المهدي السجائر، وكنت لا أدخن، ولكنه أقسم علي حتى أدخن معهم سيجارة، وكذلك فعلت، كانت هذه هي المرة الأولى، ولكن ستأتي سيجارة ثانية مع المرحوم عبد الرحيم! بعد عشرة أشهر في سجن لعلو، تقرر نقلنا الى سجن العادر، وكذا أركبونا سيارة السجن ونحن مقيدي الأيدي، وكنا ننشد قصيدة يا ظلام السجن خيم وهذه بعض أبياتها: يا ظلام السجن خيم إننا نهوى الظلام ليس بعد الليل إلا فجر••• أيها الحراس رفقا اسمعوا منا الكلام متعونا بهواء منعه كان حرام إيه يا دار الفخار ومقر المخلصينا قد هبطناك شبابا لا يهابون المنونا وتعاهدنا جميعا حين أقسمنا اليمينا لن نخون العهد يوما واتخذنا الصدق دينا يا رنين القيد زدني نغمة تشجي فؤادي إن في صوتك معنى للأسى والاضطهاد لست والله بناس ما تقاسيه بلادي وصلنا إلى العادر وهناك وزعونا على زنازن مختلفة مع معتقلي الحق العام، وكانوا يحترموننا كثيرا• وذات صباح حوالي الفجر، جاء الحراس وأعطونا لباس السجن وأخذونا للعمل في زرع الأشجار• وفي أشغال أخرى• وكانوا يأخذوننا في مسافات طويلة مشيا على الأقدام• ويوما أخذونا الى شاطىء البحر لنجمع الحصى، وكان الحراس يتساهلون معنا أحيانا، حيث تركونا نجلس على الشاطىء• وهنا تناول المرحوم عبد الرحيم سيجارته يدخنها ومد لي سيجارة أخرى مقسما أن أدخنها، وكانت هذه هي المرة الثانية التي اضطررت فيها لوضع السيجارة في فمي• بعد هذه الفترة، عدنا إلى البيضاء ليطلق سراحنا من بعد• خرجنا من السجن، وكان المرحوم عبد الرحيم طيلة مدة الاعتقال يهيء نفسه للدراسات القانونية• بعدما خرجنا تقرر في الحزب أن يتم إرسال عدة طلبة للدراسات بالخارج واتفقنا كذلك مع المغفور له محمد الخامس على بعث مجموعة أخرى، وهكذا ذهبت للدراسة في فرنسا مجموعة من الطلبة على رأسها عبد الرحيم بوعبيد، كان ذلك في 1946، وعهد إليه بمسؤولية رئاسة هذه المجموعة• وهنا بدأت رحلة أساسية في حياته، مرحلة النضج السياسي والفكري• وكانت هناك بعض التيارات الشيوعية متواجدة في أوساط الطلاب• ولكن عبد الرحيم تبنى الفكر الوطني السليم• كان هناك صراع بين هذا الفكر الوطني السليم والفكر اليساري الطفولي• وقد عمل المرحوم على توجيه الشبان التوجيه السليم، وأخذت تتجلى آنذاك وطنيته العميقة والقوية• ولم يقتصر في اشتغاله على الطلبة، بل أخذ يتجه للعمال، وقد نشط بجد في هذا المجال، حيث تجمع حوله مجموعة هامة من العمال، وتكونت خلايا عمالية في الحزب لعبت دورا كبيرا في الخمسينات• وكان لعبد الرحيم فضل كبير في هذا الميدان• وعندما عاد للمغرب كانت فكرة التنظيم العمالي قوية عنده• كان يقول لابد من تنظيم العمال نقابيا• وكنا نحن حذرين من CGT الفرنسية، ولكنه أقنعنا بأن ندخل لهذه النقابة ونستولي على فروعها في المغرب وهذا ما فعلناه• وكان المرحوم مهتما بإعداد نشرة للدفاع عن العمال، قبل أن يصبح مديرا لجريدة الاستقلال (بالفرنسية)• وكان عبد الرحيم والمهدي يحضران كمساعدين في اللجنة التنفيذية، وكانت ميزة المرحوم عبد الرحيم هي أن فكره كان واضحا، واثقا من نفسه، مؤمنا بأفكاره ويدافع عنها بقوة، لديه قوة الإقناع، يتميز بتقديره للمسؤولية حق التقدير، ورغم شبابه كان يتصرف كرجل عركته التجارب• جاءت مرحلة الخمسينات، وبرزت بجلاء ملامح شخصية المرحوم وبُعْدُ نظره• وعندما انفجرت أزمة الخمسينات ودخلنا في صراع مع جوان وكيوم بدأ يظهر عبد الرحيم بنوع من الشجاعة الوثابة• وفي يوم 5 دجنبر 1952 كنت أشغل منصب مفتش عام للحزب، لدي مكتب في طريق تمارة، وبجانبي كان مكتب عبد الرحيم كمسؤول عن جريدة الاستقلال، وفي الجناح الآخر كانت جريدة العلم• في المساء وقع علينا خبر اغتيال الشهيد فرحات حشاد كالصاعقة• وكان متواجدا معنا أعضاء من اللجنة التنفيذية للحزب• وبدا عبد الرحيم رحمه الله منفعلا بقوة، وكان يقول لابد أن نرد ولا يمكننا أن نسكت لأن الأمر يهمنا أيضا••• وقررنا آنذاك الدعوة إلى إضراب عام يوم 8 دجنبر تضامنا مع إخوتنا التونسيين، وتكلف عبد الله ابراهيم بالسفر الى البيضاء لطرح الأمر على النقابيين• على إثر هذا الأمر، ألقي علينا القبض في 10 دجنبر، وفتحت معركة جديدة، كانت امتحانا كبيرا، خاصة خلال الاستنطاقات في مخفر الشرطة حيث تعرضنا للتعذيب• ولا يمكنني أن أنسى كيف كان المرحوم مستعدا للمواجهة، حيث أتذكر قولته آنذاك: نكبرها تصغار، وكنا مهددين بالإعدام• وقد تحملنا مسؤوليتنا أثناء الاستنطاقات إلى أن أتى الله بالفرج دون أن يبلغ الفرنسيون ما أرادوا• وهنا دخلنا في مرحلة سياسية أخرى سيلعب فيها المرحوم دورا كبيراً أثناء مفاوضات إيكس ليبان، حيث قام بدور أساسي، برهن فيها على بُعد نظر وأنه رجل حوار ومناورة• وبدا أنه رجل له مؤهلات شخصية قليلة عند غيره• عبد الرحيم رجل وطني صادق في وطنيته، رجل سياسي ماهر، رجل صديق مخلص في صداقته• الله تعالى يرحمه ويجازيه خيراً•

نص الشهادة التي قدمها المجاهد أبو بكر القادري في أربعينية الفقيد
2008/11/1
الإتحاد الإشتراكي
kaytouni
kaytouni

انثى عدد الرسائل : 162
العمر : 64
Localisation : li 3la balak
Emploi : 9adi haja
تاريخ التسجيل : 07/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد Empty رد: في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد

مُساهمة من طرف kaytouni الجمعة 11 يناير 2008 - 17:19

في الدفتر الثالث من مذكرات السي عبد الرحيم بوعبيد .. أنقذنا وحدة الوطن ولكن وحدة الحزب تصدعت عميقا

في الدفتر الثالث من مذكراته، ُيسلط عبد الرحيم بوعبيد، باعتباره أحد الوطنيين الذي تتبعوا عن كثب وشاركوا ودافعوا عن استقلال البلاد، السياق الدولي والوطني والداخلي لحزب الاستقلال الذي تمت فيه مفاوضات الحرية، ويقدم الفقيد الكبير إضاءات جديدة على أسئلة وتساؤلات متعددة تخص ايكس ليبان وآراء القادة الاستقلاليين وبعض الخفايا التي ترتبط بمفاوضات الاستقلال، وهو يقدم المعطيات التي عاشها ويعيد ربطها بالسياق الذي كانت تتفاعل داخله وقتها، ونكتشف معطيات جديدة، لم تسترع كبير اهتمام من طرف المؤرخين أو الباحثين من قبيل موقف اسبانيا وتاكتيكاتها حول القضية المغربية، والحياة التي كان يحياها المقاتلون في منطقة خاضعة منطقيا للاستعمار، لكنها في الوقت ذاته فضاء للتداريب والتخطيط لعمليات المقاومة• في الوقت الذي يكتب المغرب فيه تاريخه، بكثير من الجرأة والشجاعة مع الذات، وبكثير من التمحيص ايضا والمقارنات والتركيبات الدينامية للأحداث والشهادات، تعتبر مذكرات عبد الرحيم مهمة، إن لم نقل مفصلية، في ترتيب الذاكرة وترتيب الفترات التاريخية• ونحن ننشرها، لكي نتلقى بالفعل الآراء والشهادات التي نسعى إلى مناقشة ما ورد فيها من طرف الذين درسوا أو عاشوا الفترة، بالرغم من ندرتهم، في الفقرات التالية يبدو كما لو أنه يتحدث الآن! ترجمة وتقديم: عبد الحميد جماهري ماذا لو أن الحكومات الفرنسية، من باب الافتراض المحض، طلبت من المفاوضين المغاربة، مقدمة لنظام الترابط المتبادل، إبرام اتفاق عسكري للدفاع المشترك بين البلدين؟ مثل هذا الاحتمال لم يكن مستبعدا• وإذا كان قد قُدر له أن يكون، كان ولابد من إبداء رأي واضح بدون عداء ولا حزازات عوض اللجوء الى حذلقات غير مجدية• وفي هذا الباب، لا يمكن أن نقول بأن بعض الشخصيات الرسمية، ولا سيما في الكي دورسيه (وزارة الخارجية) لم تكن تتوفر على ملفات مهيأة جيدا• وهكذا ذكروني بتصريح سابق لصحيفة >فران- تيرور< أدلى به علال الفاسي إبان اقامته في باريز في ابريل 1947 • ففي هذا التصريح، دعا زعيم حزب الاستقلال إلى >معاهدة< للتحالف بين فرنسا والمغرب تعوض معاهدة الحماية•• وقتها >ستدرك فرنسا أن المغاربة الذين كانوا إلى جانبها خلال المراحل العصيبة، لمدة خمس وثلاثين سنة، لم يغيروا موقفهم في ما يخص علاقاتهم مع حليفتهم فرنسا<• (هذا التصريح الذي صدر في الصحيفة الباريزية >فران تيرور< ، في ابريل 1947، تمت اعادة نشره حرفيا تقريبا في كتاب علال الفاسي >الحركات الاستقلالية في المغرب العربي< ، ص 329 )• وقد كان التذكير بهذا التصريح ، أقل ما يقال عنه أنه مزعج• وقد حاولت إقناع بعض المخاطبين أن هذا الموقف كان يخضع لسياق سياسي مخالف للسياق الحالي• وبالتالي فإن المفاوضات الفرنسية المغربية لا يمكن أن تتم إلا على الأسس التي حددتها الوثيقة الرسمية الوحيدة، هي اتفاقية سيل سان كلو• كان علينا أن نوكد بأن مغربا جديدا ومستقلا ستكون له انشغالات أخرى ذات أولوية: انشغالات اقامة مؤسسات ديموقراطية، وانشغالات تحديد أهدافها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، انشغالات ادماج الاغلبية الكبرى من شعبنا في القطاع العصري الموروث عن الاستعمار• وهو ما يعني اذن النهوض بالانتاج والتربية والتكوين والادخار والاستثمار• وعليه، فإن مشكلة اتفاق الدفاع المشترك، في نظرنا، ما هي سوى مشكلة مغلوطة أو طريقة ما للقبول بشكل من التبعية والخنوع• وقلنا إنه لا نرى ماهو التهديد الخارجي الذي يخيم على بلدنا المستقل حديثا لكي يفرض على نفسه الانشغال بابرام اتفاق عسكري أو تحالف دفاعي• زد على ذلك أن اتفاقا للدفاع المشترك مبرما مع فرنسا، لا يمكنه أن يمر بدون أن يدفع الحكومة الاسبانية إلى أن تطلب التعامل معها على قدم المساواة، ولماذا الولايات المتحدة الامريكية التي يمكنها أن تشترط من جهتها أن توضع الاسس القانونية بالنسبة لقواعدها العسكرية القائمة سلفا، والتي تفتقد هذا السند القانوني• [ من باب التذكير، نورد هنا حكاية وقعت إبان الحكومة الثانية التي ترأسها البكاي• فقد قام وزير الشؤون الخارجية احمد بلافريج بتقديم مشروع اسباني للدفاع المشترك الى مجلس الوزراء• وقد كان من الوارد جدا أن اسبانيا كانت تسعى بواسطة هذه الوسيلة الى الابقاء على جزء من جيوشها في المناطق التي كانت تسيطر عليها خلال الحماية• اعترضت بالقول : ما هي الاسباب التي تدفعنا الى القبول بمجرد مبدأ هذا الاتفاق؟ اجابني أحد الزملاء المعروفين: >لا يمكننا أن نبقى بدون تحالف عسكري! فاذا حدث أن وقعت حرب غدا سنجد أنفسنا وحيدين ومعزولين< • أجبته >إذا كانت الحرب ستقع، فهي لن تقع سوى بين القوى العظمي وبين حلفائها• وفي هذه الحالة افضل أن تبقى بلادنا بعيدة، معلنة حيادها< • وفي الأخير لجأنا الى تحكيم محمد الخامس، فبقي المقترح الاسباني حبرا على ورق ] ويتبين من خلال ما سبق، أن دورة اللجنة التنفيذية للحزب التي انعقدت بمدريد، قبل تشكيل أول حكومة مغربية مكنت من تبديد حالات سوء الفهم التي تراكمت منذ سنوات، ومكنت من تحديد خط عام أكثر دقة ما أمكن• وفي النهاية، وجد علال الفاسي واحمد بلافريج انفسهما معا، وسط اخوانهما• وتجدر الاشارة ايضا الى حضور عبد الكبير الفاسي، ابن عم السي علال ومساعده الذي قام بمقرر اللقاء• اتاحت لنا رحلتنا الى مدريد كذلك اللقاء ببعض اعضاء المجلس الاعلى للمقاومة وجيش التحرير• واثناءها علمنا بقرار الطرد من هذا المجلس في حق عبد الكبير الفاسي لأسباب يصعب التسليم بصوابها• بعد عقد ندوة صحافية في فندق >فيلاسكويز< حيث كنا نقيم، افترقنا للعودة الى المغرب، وبقي سي علال وحده شهورا في طنجة• غير أن قناعتنا المشتركة بين الجميع كانت هي أن عملية التوضيح والشرح تفرض نفسها عاجلا لفائدة مناضلي القاعدة الحزبية، ولا سيما رفاقنا المقاومين• وقد تبين من بعد أن هذه المهمة كانت صعبة•• فقد تعرضت وحدة الحزب لهزة كبيرة، لكن وحدة الوطن سلمت، بحيث أن عودة محمد الخامس إلى الرباط اتاحت استكمال المراحل الاخيرة من تحرير البلاد من وصاية الحماية• وبذلك انفتح أمامنا عهد جديد، بآماله وأوهامه، وبخيباته أيضا•
2008/11/1
kaytouni
kaytouni

انثى عدد الرسائل : 162
العمر : 64
Localisation : li 3la balak
Emploi : 9adi haja
تاريخ التسجيل : 07/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد Empty رد: في ذكرى الراحل عبدالرحيم بوعبيد

مُساهمة من طرف sabil السبت 12 يناير 2008 - 20:03

شــــوف تــــــشوف
الديموتراكتورية


في حلقة قبل أمس من برنامج «هذا المساء وإلا فلا» على القناة الفرنسية الثانية، كان موضوع النقاش هو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وشخصيا شدني تعليق أدلت به إحدى الروائيات المشاركات في الحلقة، قالت فيه أن الجميع يمكن أن يقول ما يحلو له حول ساركوزي، لكن الجميع متفق على أن الرجل وحش سياسي حقيقي لا يستطيع إلى حدود الساعة أن يقف في وجهه أحد في فرنسا.

وجدت أن تعليق الروائية فيه اعتراف بحقيقة يريد البعض إنكارها. فساركوزي وحش سياسي حقيقي استطاع أن يهزم خصومه الاشتراكيين والتروتسكيين والعماليين وأن يروض أكثر مثقفيهم وفلاسفتهم عنادا ويدخلهم تحت معطفه الواسع.

وتأملت قليلا هذه الساحة السياسية المغربية بحثا عن وحوش سياسية، فوجدت أن هذه الفصيلة انقرضت مع الحسن الثاني، وكل ما تبقى حيوانات سياسية منزوعة الأنياب والمخالب. أكثرها نعاج وخراف متنكرة في جلود سباع ونمور وفهود.

وكم هو مؤسف أن نرى حزبا دفع مناضلوه ثمن مواقفهم السياسية من دمائهم وحريتهم، يتباكون اليوم في حفل عزاء جماعي على روح عبد الرحيم بوعبيد وعمر بنجلون، وينخرطون في نحيب طويل وهم يذكرون بمناقب شهداء الحزب وقتلاه. وكأن أصحاب هذه البكائيات الحزينة يعتقدون أن المستقبل السياسي للمغرب سيبنيه الموتى وليس الأحياء.

إن ما لا يريد هؤلاء الذين يحنون إلى الماضي الاعتراف به هو أن حزبهم لم يعد يضم بين صفوفه حيوانات سياسية تستطيع أن تشهر أنيابها وتعارض بقوة كما كان يفعل عبد الرحيم بوعبيد أيام الحسن الثاني.

فطيلة الحكومات التي قبل الحزب أن يشارك فيها عمل النظام على تقليم أظافره ببطء واقتلاع أنيابه بعد حقنه بمخدر موضعي دام عشر سنوات في عيادة الحكومة الدافئة.

والنتيجة هي ما نرى اليوم، غياب فاجع للمعارضة السياسية، للصوت الذي يقول لا ويتشبث بموقفه وسط الإعصار.

عندما تنقرض الوحوش السياسية، فإن الحيوانات السياسية الداجنة تملأ الحظيرة. وتتسابق للاصطفاف وراء طابور «النعامسية». تلك الببغاوات السياسية التي لا تحسن غير تكرار أغنية الموسم.

عندما نرى الآن أن هناك حوالي مائة برلماني راسلوا فؤاد عالي الهمة من أجل الانضمام إلى فريقه النيابي، نتساءل حقيقة عن سر كل هذا «القبول» الذي يحظى به هذا المهدي المنتظر الذي أرسله القصر ليجدد للأمة أمور سياستها.

ويبدو أنني فهمت الآن سر جواب الهمة عندما سألته في رمضان الماضي بعد أن وصل متأخرا بعشر دقائق إلى الفندق حيث الندوة التي نظمتها «المساء» حول تداعيات الانتخابات الماضية. فقد قلت له مازحا :

- ياك ما جيتي راكب فالتراكتور...

فأجاب قائلا:

- من هنا لقدام غادي نحط التراكتور وغادي نركب فالدكاكة...

وفعلا، بعد أشهر قليلة ركب الهمة دكاكته و«دوزها» فوق أغلب الأحزاب السياسية. وبعد تشكيل الحكومة مباشرة رأينا كيف وقع مستشارو الملك شهادة الوفاة لحزب الحركة الشعبية، المساند الرسمي للمخزن منذ ولادته. ورأينا كيف تفرق دم الاتحاد الاشتراكي بين الفصائل، وكيف أشهر الرفاق الذين عاشوا جنبا إلى جنب في حكومة اليوسفي وجطو السكاكين الطويلة، وبدؤوا يغتالون بعضهم البعض بطعنات غادرة في الظهر. فقدم اليازغي والراضي استقالتهما تحت الإكراه، وانتهى المعارض الذي عاصر المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد مجرد رئيس للوفد الرسمي الذي أرسله الملك إلى الحج، وعندما عاد طلب منه الفاسي أن يقدم عرضا «وافيا» في الاجتماع الحكومي للظروف التي مر منها حج هذه السنة.

كثيرون يحتارون في تصنيف النظام السياسي السائد في المغرب. هل هو نظام ديمقراطي أم نظام دكتاتوري أو غير ذلك. وشخصيا بعد دخول الهمة، أو من يسميه الاتحاديون بالوافد الجديد للساحة السياسية، ونجاح مرشحيه الثلاثة في الفوز بمقاعد برلمانية، وانفتاح شهية حوالي مائة برلماني للانضمام إلى فريق صاحب صاحب الجلالة، اقتنعت بأن المغرب يعيش اليوم نظاما سياسيا جديدا يمكن أن نسميه النظام الديموتراكتوري، نسبة إلى تراكتور الهمة الذي يقلب الحقل السياسي كيفما شاء.

وأمام هذا النظام الجديد أيام زاهرة في المستقبل، بالنظر إلى حالة الترهل والشيخوخة التي تعاني منها كل الأحزاب السياسية الكبرى، وبالنظر إلى الانتهازية والجشع السياسي اللذين تتصف بهما الأحزاب الصغرى الباحثة عن مكان تحت الشمس.

وأعتقد أن الديموتراكتورية لازالت في بدايتها، ومن كل الإقبال السياسي عليها في البرلمان والدوائر الحكومية يمكن أن نتخيل منذ الآن المشهد السياسي لمغرب الغد.

وهو مشهد سياسي مؤسف بكل المقاييس. لأنه سيبرهن لمن لازال في حاجة إلى برهان، على أن السياسة وصلت إلى نهايتها في هذا البلد. إذ يكفي أن تكون صديقا للملك لكي يتحقق حولك الإجماع السياسي ويتسابق نحوك البرلمانيون بعد أن يتنكروا لأحزابهم التي وصلوا على ظهرها إلى مناصبهم.

ربما فهمت المؤسسة الملكية أن ظاهرة انقراض الحيوانات السياسية من الحقل السياسي ليست في مصلحة أحد، بما في ذلك مصلحتها. لذلك يجب البحث عن حيوان سياسي مفترس يستطيع أن يجمع حوله أكثر ما يمكن من القطعان التائهة أو الباحثة عن العشب والماء. هل يكون فؤاد عالي الهمة هو هذا الحيوان السياسي المرشح للعب هذا الدور. أعتقد أنه سيفشل في هذه المهمة، وذلك لسببين رئيسيين. أولا لأنه يفتقد إلى كاريزم الحيوان السياسي، فهو لا يجر وراءه تاريخا سياسيا ثقيلا يؤهله للعب هذا الدور، وكل ما في سيرته الذاتية هو عمله في وزارة الداخلية. وثانيا لأنه يستمد مشروعيته من صداقته مع الملك وليس من الشعب.

ولأن الملك، دستوريا، هو الذي يصنع المطر والجو الصحو (كما يقول الفرنسيون)، في المملكة. فمن الطبيعي أن يكون أحد أقرب أصدقائه إليه مركز جذب للباحثين عن مكان في هذا الجو الصحو والمشمس. مثلما كان عليه الأمر مع إدريس البصري عندما كان ظل الحسن الثاني على الأرض لثلاثين سنة كاملة. فقد كان بيت البصري في طريق زعير بالرباط وإقامته في ابن سليمان معروفان عند زعماء الأحزاب السياسية أكثر مما كان يعرف هؤلاء عناوين بيوتهم التي يسكنون فيها. وكان يطلق الأحزاب كما يطلق الساحر الحمام من قبعته، ويحدث التشققات في النقابات بلمسة واحدة من قبضة الحسن الثاني الحديدية المغلفة بقفاز البصري الحريري.

كل ذلك «القبول» الذي كان يتمتع به البصري لم يكن لأن الرجل كان لديه تاريخ سياسي عظيم، وإنما فقط لأنه كان كما يحلو له أن يصف نفسه «عبد مشرط الحناك» في خدمة الملك. ولذلك فجل الزعماء من يساريين ويمينيين ووسطيين كانوا يترددون عليه ليشربوا الشاي عنده، أو ليرافقوه في ملعب الكولف وهو يقذف الكرات نحو الحفر، معطيا تعليماته، ناسيا أن هناك في آخر اللعبة حفرة بحجمه تنتظره في مقبرة الشهداء.



المساء 11/01/2008
sabil
sabil

ذكر عدد الرسائل : 584
العمر : 46
Localisation : Errachidiya
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى