الحج الى بيت الله الحرام

تتبع
المسجلون للحج لهذا العام (1429) ويتتبعون إجراء عملية القرعة بأمل،
وبتوجس ورهبة من أن لا يحالفهم الحظ لأداء هذه الفريضة/الركن، بعد أن تم
اعتماد القرعة فَيْصلاً لتحديد الثلاثين ألف حاج وحاجة، العدد المتاح
للمغرب في الوقت الحالي. وجاءت الفتوى التي شكلت موضوع خطبة جمعة إثر
انطلاق عملية التسجيل للحج، فتوى / خطبة أكدت، لتهدئة الناس، مفادها أن من
نوى الحج وسجل نفسه، ولم تسعفه القرعة إلى أن مات أو عجز، تسقط عنه فريضة
الحج، وبذلك انضاف إلى شروط وجوب الحج شرط جديد، هو«أن تسعفك القرعة».
كان من ينوي الحج، في السابق، يسجل نفسه بشكل مباشر، وإذا تم تسجيل العدد
المسموح به ـ رغم ما اعترى العملية من تحايلات، كان بالإمكان تجاوزها
بتسجيل الراغبين في الحج على يد لجان محلية ـ ينتهي التسجيل، ولا يلوم
المتأخرون أحدا، كما لا يتولد لديهم ذلك الألم النفسي، الذي يتولد مع
اعتماد نظام القرعة، إذ ينتظرون بين الأمل والخوف، ويعيش المسجل المرشح
للحج حالة من الأمل، وجوا من الترقب، بل من المسجلين من يبدأ الاستعداد،
بشراء الألبسة والحاجيات، متوقعا حظا حسنا مع القرعة بما يقارب اليقين.
وهو ما يؤدي إلى انكسار نفسي لدى من لم تسعفهم القرعة، وعددهم كبير،
يتزايد سنة بعد أخرى، فكما هو معلوم، سيحج هذا العام كما في السنوات
الأخيرة 30 ألف مغربي ومغربية، فقط، وسيبكي، ويمرض، وينكسر ويكتئب 120 ألف
مغربي ومغربية لن تطلع أسماؤهم، ولن يحجوا هذا العام، ذلك أن آخر أرقام
المسجلين للقرعة هذا العام تجاوز الـ 150 ألف شخص. ويتساءل الكثيرون
بالمناسبة: كم نحن؟ ما دامت الحصص تُحدد على أساس عدد سكان الدول (ألف حاج
عن كل مليون مواطن) هل نحن الآن وحتى قبل الآن بعشر سنين، 30 مليون فقط!
ألن تكون هناك 10 آلاف مقعد للحج ـ على الأقل ـ ضائعة منا بإخفاء حقيقة
عددنا؟
وبالمناسبة، وكلما ذكر الحج، لا يمكن المرور على حكاية سعر
تذكرة الطائرة دون «حْكَّان»، فقد أُعلن في بلاغ أنه تم تحديد ثمنها في
10500,00 درهم ! في عملية استغلال مثيرة للحسرة والأسف، استغلال الحجاج
ولهفتهم على السفر للحج، واحتكار نقلهم بين ناقلين اثنين! ذلك أن ثمن
تذكرة الذهاب والإياب بين المغرب والسعودية خارج موسم الحج لا يتعدى
6000,00 درهم، وتذكرة البيضاء ـ بيكين أو شانغهاي (14 ساعة طيران) لا
تتجاوز عشرة آلاف درهم. ولتبرير تحديد ثمن تذكرة الحج في رقم يقارب ضعف
الثمن العادي، يقولون: إن الطائرات في الذهاب توصل الحجاج وتعود فارغة،
وفي الإياب تذهب فارغة لإعادة الحجاج، هكذا إذن، يحملون الحاج ثمن الذهاب،
والإياب الفارغ عند نقله إلى السعودية! وثمن الذهاب الفارغ، والإياب عند
الرجوع، وليتهم احتسبوا تعويضا نسبيا عن ذلك، فهم يأخذون ثمن الرحلة كاملا
صافيا! ونصفه بلا خدمات، ويحق السؤال بهذا الخصوص : لو تركوها 8500,00 كما
كانت سنة 2000، هل سيخسرون؟ لا نعتقد ذلك، وإلا فهل تتعمد الخسارة شركات
طيران تنقل على خط ألمانيا أكادير وفرنسا مراكش، أو فرنسا أكادير بأسعار
لا تتجاوز 2000,00 درهم؟ وفي عروض خاصة ينزل الثمن إلى 1000درهم لا غير!
أليس من التعسف والغبن أن يؤدي حجاجنا ثمنا مضاعفا لتذكرة الحج، وكأنهم
ذهبوا وعادوا مرتين «وحْـدة دَرُوها ووحْـدة كْـتابْـت عْلِهم» أو «طاحْتْ
عْلِهم» المتسائلون، الذين يخوضون في هذا النقاش، وهم كثر، يعطون تفسيرات
ساخرة لأشكال استغلال المواطن، ومما يرددون: إنهم «ربما يستخلصون منا
تذكرة عن الحج، وتذكرة عن العمرة في ذهاب واحد وإياب واحد! بنقل واحد، لكن
ما قولهم لمن يحج بالإفراد؟»ويزيدون، نحن في بلد الزيادات! لكن في اتجاه
واحد، زيادات في كل شيء علينا. ولا زيادة لفائدتنا! يحج الحاج منا بثمن
النقل لحجتين! ويذهب الواحد منا لتسجيل سيارة بسبعة خيول فيسجلونها له
بثمانية! بغرض أن يؤدي ضريبة سنوية أكبر، ويبني البعض على هذا اللامنطق
تخوفات تحمل الكثير من منطق «زد عليهم» تخوفات من أن تقتبس تبرير مضاعفة
تذكرة الحج شركات النقل الحضرى وشركات حافلات نقل المسافرين فهي كثيرا ما
تذهب وتعود ببضع ركاب، أو نصف فارغة، أو يقتبسها أصحاب سيارات نقل
الأموات، لأنها تعود فارغة. كان الله في عون مواطنين ظلت جيوبهم فارغة، بل
مُفرغة، ولا يجدون من يؤدي لهم عن هذا الفراغ، ولا حيلة لهم إلا الدعاء
«إني مغلوب فانتصر»