توقع تركيبة جديدة لأسعار المحروقات:

أكدت
مصادر مطلعة ما تردد منذ وقت قريب بشأن قيام وزارة الشؤون الاقتصادية
والعامة للحكومة بدراسة تركيبة جديدة لأسعار المحروقات التي من المتوقع أن
يجري العمل بها بداية من يناير المقبل. المصادر ذكرت أن بعض أنواع
المحروقات الملوثة للبيئة ستختفي نهائيا من السوق المغربية لتستبدل بأخرى
نظيفة. من هذه الأنواع الملوثة هناك الغازوال العادي (المعروف مهنيا
بالغازوال 10.000 ppm)، بل حتى الغازوال 350 ppm مرشح للإختفاء نهائيا
ليحل مكانهما غازوال أنظف من نوع 50 ppm والمعمول به حاليا في دول أروبا.
كما سيتم تعميم البنزين بدون رصاص وإلغاء البنزين العادي وفق ما تنص عليه
المنظمة العالمية للصحة التي تنسب إرتفاع حالات الإصابة بالسرطان إلى مادة
الرصاص المتواجدة في الهواء الملوث بعوادم السيارات بشكل خاص. وقد قامت
شركة "لاسامير" بتوسيع نطاق استثماراتها وتحديث تجهيزاتها استعدادا للرفع
من حجم إنتاجها لأنواع الوقود النظيف الذي يتوقع أن يتم تعميم استعماله
بالمغرب. وقد منحت الشركة، التي تملكها مجموعة سعودية-سويدية، امتياز
احتكار السوق عدة سنوات من أجل تأهيل منشآتها والقيام بالاستثمارات
اللازمة استعدادا لتحرير القطاع، لكن العد العكسي لهذا التحرير انطلق حيث
يتوقع أن يتم عند بداية السنة المقبلة. ومن المتوقع أن يشمل التحرير
عمليات الاستيراد ومجال الإنتاج وتكرير النفط. كما كانت الشركة (والتي لم
تكن منشآتها تنتج سوى محروقات ملوثة للبيئة) قد أبرمت عقدا بكلفة 650
مليون دولار مع شركة إيطالية تابعة لمجموعة "فوستر وييلر" الأمريكية
لتحديث وتوسيع مصفاة المحمدية والذي حدد له سنة 2008 كأجل. هذا المشروع
يضم وحدة جديدة للإنتاج ومنشآت بيئية حديثة ستزيد قدرتها إلى 120ألف برميل
يوميا كما سيحسّن جودة المنتجات المكررة تلبية للمتطلبات المستقبلية للسوق
المغربية. وتخضع الحكومة خلال الآونة الأخيرة لضغوط قوية من قبل مستوردي
وموزعي المحروقات بالمغرب وذلك في اتجاه تحرير قطاع المحروقات سواء على
مستوى الاستيراد أو على مستوى الأسعار. ويضع هؤلاء أمام الحكومة هذا
الخيار بإعتباره السبيل الوحيد، في نظرهم، لمعالجة إشكالية متأخرات صندوق
المقاصة التي فاقت 6 مليار درهم فيما يخص المواد البترولية وحدها. ويأتي
هذا في وقت يعجز الصندوق عن سداد تلك المتأخرات لفائدة المستوردين
بالوتيرة التي يرون أن من شأنها أن تساعدهم على" تجاوز العجز المالي الذي
تسببت فيه ديونهم على الدولة"• وفي هذا السياق يلوح الموزعون أن هذا العجز
سيضطرهم لوقف عمليات الإستيراد وخلق أزمة تموين السوق المغربية بالمنتوجات
البترولية. وترى فيدرالية الطاقة، التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب،
أن حل إشكالية تراكم متأخرات صندوق المقاصة تمر عبر إلغاء الدعم والعمل
تدريجيا على إرساء سياسة حقيقة أسعار المواد النفطية والغازية وأن هذه
السياسة تمر عبر التخلي عن التعويضات والدعم بغرض فتح المجال أمام منافسة
شريفة بين جميع الموارد النفطية. وحسب عبد الله العلوي، رئيس الفدرالية،
فالدعم "يزيف الاسعار على المدى الطويل بالنظر الى كون الطاقة ليست ملكا
عموميا مجانيا أو ذي طبيعة اجتماعية"• ويعتبر، بالتالي، أن تحرير الاسعار
يمثل المرحلة الاولى في عملية اصلاح قطاع الطاقة. غير أن العديد من
المحللين للشأن الاقتصادي يرون أن السياسة الجبائية للدولة تضخم من أسعار
المحروقات داعين إلى التقليص من الضريبة الداخلية على الاستهلاك والضريبة
على القيمة المضافة. ورغم أن نظام المقايسة في مجال تحديد أسعار بعض
المحروقات بالمغرب جاري به العمل إلا أن الملاحظ هو أن الحكومة واصلت
تجميده لتحافظ على أسعار مشتقات البترول في مستوياتها الحالية، وبالتالي،
عاد صندوق المقاصة للتدخل لتدعيم تلك المواد.