فضائل العشر الأواخر
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
فضائل العشر الأواخر
فضائل العشر الأواخر
إن
للعشر الأواخر من رمضان عند النبي صلى الله علية وسلم و أصحابه أهمية خاصة
ولهم فيها هدى خاص ، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على الطاعة .
والعبادة والقيام والذكر ولنتعرف من خلال هذه الصفحة على أهم الأعمال التي
كان يحرص عليها النبي صلى الله عليه وسلم والتي علمها أصحابه وأمته من
بعده .
فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من
رمضان، ما لا يجتهد في غيرها، رواه مسلم ومن ذلك انه كان يعتكف فيها
ويتحرى ليلة القدر خلالها. رواه البخاري ومسلم
وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله
وشد مئزره) رواه البخاري ومسلم وزاد مسلم وجَد وشد مئزره
تحري ليلة القدر :
يستحب
تحري ليلة القدر في رمضان، وفي العشر الأواخر منه خاصة جاء في صحيح مسلم
من أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ
مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ
تُرْكِيَّةٍ ( والقبة : الخيمة وكلّ بنيان مدوّر ) عَلَى سُدَّتِهَا
حَصِيرٌ قَالَ فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ
الْقُبَّةِ ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ فَدَنَوْا مِنْهُ
فَقَالَ إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ
اللَّيْلَةَ ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ ثُمَّ أُتِيتُ
فَقِيلَ لِي إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ
أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ قَالَ
وَإِنِّي أُرْيْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ وَإِنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي
طِينٍ وَمَاءٍ فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَدْ قَامَ
إِلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فَأَبْصَرْتُ
الطِّينَ وَالْمَاءَ فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ
وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا الطِّينُ وَالْمَاءُ وَإِذَا
هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ . صحيح
مسلم
وليلة القدر في العشر الأواخر كما في حديث أبي سعيد السابق وكما
في حديث عائشة وحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تحروا
ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) رواه البخاري .
وفي أوتار
العشر آكد، لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تحروا ليلة
القدر في الوتر من العشر الأواخر) رواه البخاري .
وليلة القدر في
السبع الأواخر أرجى ، ولذلك جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه أن رجالا من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام، في السبع
الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرى رؤياكم قد تواطأت في
السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) رواه البخاري
ومسلم .
وهي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ، فقد جاء عن النبي صلى
الله عليه وسلم من حديث ابن عمر عند أحمد ومن حديث معاوية عند أبي داود أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليلة القدر ليلة سبع وعشرين) مسند أحمد
وسنن أبي داود.
وإنما أخفى الله تعالى هذه الليلة ليجتهد العباد في
طلبها ، ويجدّوا في العبادة ، كما أخفى ساعة الجمعة وغيرها ، فينبغي
للمؤمن أن يجتهد في أيام وليالي هذه العشر طلباً لليلة القدر ، اقتداء
بنبينا صلى الله عليه وسلم ، وأن يجتهد في الدعاء والتضرع إلى الله .
وعن
عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر
ما أقول ؟ قال : قولي : ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) رواه
الإمام أحمد ، والترمذي (3513) ، وابن ماجة (3850) وسنده صحيح .
الاعتكاف:
لقد
اختص الله الاعتكاف في ليلة القدر بزيادة الفضل على غيرها من أيام السنة،
والاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، وقد كان النبي صلى الله عليه
وسلم يعتكف هذه العشر كما جاء في حديث أبى سعيد السابق أنه اعتكف العشر
الأول ثم الوسط، ثم أخبرهم انه كان يلتمس ليلة القدر، وانه أريها في العشر
الأواخر، وقال: (من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر) وعن عائشة رضي
الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان
حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده متفق عليه ولهما مثله عن
ابن عمر وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل
معتكفه كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة .
وقد روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يوما.
ومن
أسرار الاعتكاف صفاء القلب والروح إذ أن مدار الأعمال على القلب كما في
الحديث ( ألا و أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد
الجسد كله ألا وهي القلب )
القيام :
قال
تعالى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون
قالوا سلاماً . والذين يبيتون لربهم سجداً وقياما ) [الفرقان 63 ـ 64] .
قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) [أخرجه البخاري ومسلم] .
ولقد
كان قيام الليل دأب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . قالت عائشة : رضي
الله عنها : ( لا تدع قيام الليل ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
لا يدعه ، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً .
وكان عمر بن الخطاب ـ رضي
الله عنه ـ يصلي من الليل ما شاء حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة
ثم يقول لهم : الصلاة ، الصلاة .. ويتلو هذه الآية : ( وأمر أهلك بالصلاة
واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ) [طه الآية 132] .
وكان ابن عمر يقرأ هذه الآية : ( أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) [الزمر الآية 9]
وعن
علقمة بن قيس قال : بت مع عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ليلة فقام
أول الليل ثم قام يصلي فكان يقرأ قراءة الإمام في المسجد يرتل ولا يرجع
يسمع من حوله ولا يرجع صوته ، حتى لم يبق من الغلس إلا كما بين المغرب إلى
الانصراف منها ثم أوتر .
وفي حديث السائب بن زيد قال : كان القارئ
يقرأ بالمئين ـ يعني بمئات الآيات ـ حتى كنا نعتمد على العصي من طول
القيام قال : وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر .
الصدقة :
كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ،
كان أجود بالخير من الريح المرسلة .. وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أفضل
الصدقة صدقة في رمضان ) [أخرجه الترمذي عن أنس] .
روى زيد بن أسلم عن
أبيه ، قال سمعت عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقول : أمرنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالاً عندي ، فقلت : اليوم أسبق
أبا بكر إن سبقته يوما ، قال فجئت بنصف مالي ـ قال : فقال لي رسول الله :
( ما أبقيت لأهلك ) . قال : فقلت مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أبقيت لأهلك ) قال أبقيت لهم الله
ورسوله ، قلت : لا أسابقك إلى شيء أبداً .
إطعام الطعام :
قال
الله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً . إنما
نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً إنا نخاف من ربنا يوماً
عبوساً قمطريراً فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرةً وسروراً وجزاهم
بما صبروا جنةً وحريراً ) [الإنسان 8 ـ 12] .
فقد كان السلف الصالح
يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير من العبادات . سواءً كان ذلك
بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح ، فلا يشترط في المطعم الفقر ، قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من
ثمار الجنة ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ) [رواه
الترمذي بسند حسن] .
وقد قال بعض السلف : لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل !!
وكان
كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم ، منهم عبد الله بن عمر ـ رضي الله
عنهما ـ وداود الطائي ومالك بن دينار ، وأحمد بن حنبل ، وكان ابن عمر لا
يفطر إلا مع اليتامى والمساكين .
وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس يخدمهم ويروحهم .. منهم الحسن وابن المبارك .
تفطير الصائمين :
قال
صلى الله عليه وسلم : ( من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من
أجر الصائم شيء ) أخرجه أحمد والنسائي وصححه الألباني . وفي حديث سلمان :
( ومن فطر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه وعتق رقبته من النار ، وكان له
مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قالوا : يا رسول الله ليس كلنا يجد
ما يفطر به الصائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يعطي الله هذا
الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء ومن سقى صائماً
سقاه الله من حوضي شربةً لا يظمأ بعدها ، حتى يدخل الجنة ) .
قراءة القرآن :
شهر
رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته ، وقد كان حال
السلف العناية بكتاب الله ، فكان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم
القرآن في رمضان ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (لا أعلم رسول الله صلى
الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولا قام ليلة حتى الصباح ولا صام
شهرا كاملا قط غير رمضان) سنن النسائي .
وقد أرشد النبي صلى الله عليه
وسلم إلى فضل القرآن وتلاوته فقال ( إقروا القرآن فان لكم بكل حرف حسنة
والحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم
حرف)رواه الترمذي وإسناده صحيح واخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن
يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر فقال « يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله
الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن
صاحبهما » رواه مسلم وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يختم القرآن كل
يوم مرة ، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال ، وبعضهم في
كل سبع ، وبعضهم في كل عشر ، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها ،
فكان للشافعي في رمضان ستون ختمه ، يقرؤها في غير الصلاة ، وكان الأسود
يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان ، وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من
الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف ، وكان سفيان
الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن .
قال
ابن رجب : إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة
على ذلك ، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب
فيها ليلة القدر ، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها
فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان .
البكاء عند تلاوة القرآن أو سماعة :
عن
عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( اقرأ علي . فقلت : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ فقال إني أحب أن أسمعه
من غيري قال : فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت ( فكيف إذا جئنا من كل أمة
بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) قال : حسبك ، فالتفت فإذا عيناه تذرفان
) .
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت ( أفمن
هذا الحديث تعجبون . وتضحكون ولا تبكون ) بكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم
على خدودهم فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسهم بكى معهم فبكينا
ببكائه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يلج النار من بكى من
خشية الله ) .
الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس :
عن أنس عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله
حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) .
أخرجه الترمذي.
إن
للعشر الأواخر من رمضان عند النبي صلى الله علية وسلم و أصحابه أهمية خاصة
ولهم فيها هدى خاص ، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على الطاعة .
والعبادة والقيام والذكر ولنتعرف من خلال هذه الصفحة على أهم الأعمال التي
كان يحرص عليها النبي صلى الله عليه وسلم والتي علمها أصحابه وأمته من
بعده .
فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من
رمضان، ما لا يجتهد في غيرها، رواه مسلم ومن ذلك انه كان يعتكف فيها
ويتحرى ليلة القدر خلالها. رواه البخاري ومسلم
وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله
وشد مئزره) رواه البخاري ومسلم وزاد مسلم وجَد وشد مئزره
تحري ليلة القدر :
يستحب
تحري ليلة القدر في رمضان، وفي العشر الأواخر منه خاصة جاء في صحيح مسلم
من أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ
مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ
تُرْكِيَّةٍ ( والقبة : الخيمة وكلّ بنيان مدوّر ) عَلَى سُدَّتِهَا
حَصِيرٌ قَالَ فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ
الْقُبَّةِ ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ فَدَنَوْا مِنْهُ
فَقَالَ إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ
اللَّيْلَةَ ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ ثُمَّ أُتِيتُ
فَقِيلَ لِي إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ
أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ قَالَ
وَإِنِّي أُرْيْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ وَإِنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي
طِينٍ وَمَاءٍ فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَدْ قَامَ
إِلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فَأَبْصَرْتُ
الطِّينَ وَالْمَاءَ فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ
وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا الطِّينُ وَالْمَاءُ وَإِذَا
هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ . صحيح
مسلم
وليلة القدر في العشر الأواخر كما في حديث أبي سعيد السابق وكما
في حديث عائشة وحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تحروا
ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) رواه البخاري .
وفي أوتار
العشر آكد، لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تحروا ليلة
القدر في الوتر من العشر الأواخر) رواه البخاري .
وليلة القدر في
السبع الأواخر أرجى ، ولذلك جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه أن رجالا من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام، في السبع
الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرى رؤياكم قد تواطأت في
السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) رواه البخاري
ومسلم .
وهي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ، فقد جاء عن النبي صلى
الله عليه وسلم من حديث ابن عمر عند أحمد ومن حديث معاوية عند أبي داود أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليلة القدر ليلة سبع وعشرين) مسند أحمد
وسنن أبي داود.
وإنما أخفى الله تعالى هذه الليلة ليجتهد العباد في
طلبها ، ويجدّوا في العبادة ، كما أخفى ساعة الجمعة وغيرها ، فينبغي
للمؤمن أن يجتهد في أيام وليالي هذه العشر طلباً لليلة القدر ، اقتداء
بنبينا صلى الله عليه وسلم ، وأن يجتهد في الدعاء والتضرع إلى الله .
وعن
عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر
ما أقول ؟ قال : قولي : ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) رواه
الإمام أحمد ، والترمذي (3513) ، وابن ماجة (3850) وسنده صحيح .
الاعتكاف:
لقد
اختص الله الاعتكاف في ليلة القدر بزيادة الفضل على غيرها من أيام السنة،
والاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، وقد كان النبي صلى الله عليه
وسلم يعتكف هذه العشر كما جاء في حديث أبى سعيد السابق أنه اعتكف العشر
الأول ثم الوسط، ثم أخبرهم انه كان يلتمس ليلة القدر، وانه أريها في العشر
الأواخر، وقال: (من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر) وعن عائشة رضي
الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان
حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده متفق عليه ولهما مثله عن
ابن عمر وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل
معتكفه كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة .
وقد روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يوما.
ومن
أسرار الاعتكاف صفاء القلب والروح إذ أن مدار الأعمال على القلب كما في
الحديث ( ألا و أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد
الجسد كله ألا وهي القلب )
القيام :
قال
تعالى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون
قالوا سلاماً . والذين يبيتون لربهم سجداً وقياما ) [الفرقان 63 ـ 64] .
قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) [أخرجه البخاري ومسلم] .
ولقد
كان قيام الليل دأب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . قالت عائشة : رضي
الله عنها : ( لا تدع قيام الليل ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
لا يدعه ، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً .
وكان عمر بن الخطاب ـ رضي
الله عنه ـ يصلي من الليل ما شاء حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة
ثم يقول لهم : الصلاة ، الصلاة .. ويتلو هذه الآية : ( وأمر أهلك بالصلاة
واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ) [طه الآية 132] .
وكان ابن عمر يقرأ هذه الآية : ( أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) [الزمر الآية 9]
وعن
علقمة بن قيس قال : بت مع عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ليلة فقام
أول الليل ثم قام يصلي فكان يقرأ قراءة الإمام في المسجد يرتل ولا يرجع
يسمع من حوله ولا يرجع صوته ، حتى لم يبق من الغلس إلا كما بين المغرب إلى
الانصراف منها ثم أوتر .
وفي حديث السائب بن زيد قال : كان القارئ
يقرأ بالمئين ـ يعني بمئات الآيات ـ حتى كنا نعتمد على العصي من طول
القيام قال : وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر .
الصدقة :
كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ،
كان أجود بالخير من الريح المرسلة .. وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أفضل
الصدقة صدقة في رمضان ) [أخرجه الترمذي عن أنس] .
روى زيد بن أسلم عن
أبيه ، قال سمعت عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقول : أمرنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالاً عندي ، فقلت : اليوم أسبق
أبا بكر إن سبقته يوما ، قال فجئت بنصف مالي ـ قال : فقال لي رسول الله :
( ما أبقيت لأهلك ) . قال : فقلت مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أبقيت لأهلك ) قال أبقيت لهم الله
ورسوله ، قلت : لا أسابقك إلى شيء أبداً .
إطعام الطعام :
قال
الله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً . إنما
نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً إنا نخاف من ربنا يوماً
عبوساً قمطريراً فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرةً وسروراً وجزاهم
بما صبروا جنةً وحريراً ) [الإنسان 8 ـ 12] .
فقد كان السلف الصالح
يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير من العبادات . سواءً كان ذلك
بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح ، فلا يشترط في المطعم الفقر ، قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من
ثمار الجنة ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ) [رواه
الترمذي بسند حسن] .
وقد قال بعض السلف : لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل !!
وكان
كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم ، منهم عبد الله بن عمر ـ رضي الله
عنهما ـ وداود الطائي ومالك بن دينار ، وأحمد بن حنبل ، وكان ابن عمر لا
يفطر إلا مع اليتامى والمساكين .
وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس يخدمهم ويروحهم .. منهم الحسن وابن المبارك .
تفطير الصائمين :
قال
صلى الله عليه وسلم : ( من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من
أجر الصائم شيء ) أخرجه أحمد والنسائي وصححه الألباني . وفي حديث سلمان :
( ومن فطر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه وعتق رقبته من النار ، وكان له
مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قالوا : يا رسول الله ليس كلنا يجد
ما يفطر به الصائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يعطي الله هذا
الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء ومن سقى صائماً
سقاه الله من حوضي شربةً لا يظمأ بعدها ، حتى يدخل الجنة ) .
قراءة القرآن :
شهر
رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته ، وقد كان حال
السلف العناية بكتاب الله ، فكان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم
القرآن في رمضان ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (لا أعلم رسول الله صلى
الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولا قام ليلة حتى الصباح ولا صام
شهرا كاملا قط غير رمضان) سنن النسائي .
وقد أرشد النبي صلى الله عليه
وسلم إلى فضل القرآن وتلاوته فقال ( إقروا القرآن فان لكم بكل حرف حسنة
والحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم
حرف)رواه الترمذي وإسناده صحيح واخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن
يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر فقال « يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله
الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن
صاحبهما » رواه مسلم وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يختم القرآن كل
يوم مرة ، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال ، وبعضهم في
كل سبع ، وبعضهم في كل عشر ، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها ،
فكان للشافعي في رمضان ستون ختمه ، يقرؤها في غير الصلاة ، وكان الأسود
يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان ، وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من
الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف ، وكان سفيان
الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن .
قال
ابن رجب : إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة
على ذلك ، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب
فيها ليلة القدر ، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها
فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان .
البكاء عند تلاوة القرآن أو سماعة :
عن
عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( اقرأ علي . فقلت : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ فقال إني أحب أن أسمعه
من غيري قال : فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت ( فكيف إذا جئنا من كل أمة
بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) قال : حسبك ، فالتفت فإذا عيناه تذرفان
) .
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت ( أفمن
هذا الحديث تعجبون . وتضحكون ولا تبكون ) بكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم
على خدودهم فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسهم بكى معهم فبكينا
ببكائه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يلج النار من بكى من
خشية الله ) .
الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس :
عن أنس عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله
حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) .
أخرجه الترمذي.
منصور- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1943
العمر : 44
Localisation : loin du bled
تاريخ التسجيل : 07/05/2007
أعمال العشر الأواخر من رمضان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين وعلى آله وصحبة الغر الميامين .
للعشر الأواخر من رمضان عند النبي صلى الله علية وسلم و أصحابه أهمية خاصة ولهم فيها هدى خاص ، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على الطاعة . والعبادة والقيام والذكر ولنتعرف في هذه الدقائق على أهم الأعمال التي كان يحرص عليها الأولون وينبغي علينا الإقتداء بهم في ذلك :
1 ـ فمن أهم هذه الأعمال : { إحياء الليل } فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحياء الليل وأيقظ أهله وشد مئزر ومعنى إحياء الليل : أي استغرقه بالسهر في الصلاة والذكر و غيرهما ، وقد جاء عند النسائي عنها أنها قالت : لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولا قام ليلة حتى أصبح ولا صام شهراً كاملاً قط غير رمضان } فعلى هذا يكون إحياء الليل المقصود به أنه يقوم أغلب الليل ، ويحتمل أنه كان يحي الليل كله كما جاء في بعض طرق الحديث .
وقيام الليل في هذا الشهر الكريم وهذه الليالي الفاضلة لا شك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه
2 ـ ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر : إيقاظ الرجل أهلة للصلاة .
فقد كان من هدية علية الصلاة السلام في هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة كما في البخاري عن عائشة ، وهذا حرص منه عليه الصلاة والسلام على أن يدرك أهله من فضائل ليالي هذا الشهر الكريم ولا يقتصر على العمل لنفسه ويترك أهله في نومهم ، كما يفعل بعض الناس وهذا لاشك أنه خطأ وتقصير ظاهر .
3 ـ ومن الأعمال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر شد المئزر كما في الصحيحين والمعنى أنه يعتزل النساء في هذه العشر وينشغل بالعبادة والطاعة وذلك لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول وأزكى للنفس لمعانقة الأجواء الملائكية وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب.
4 ـ ومما ينبغي الحرص الشديد عليه في هذه العشر : الإعتكاف في المساجد التي تصلي فيها فقد كان هدى النبي صلى الله علية وسلم المستمر الإعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله كما في الصحيحين عن عائشة .
وإنما كان يعتكف في هذه العشر التي تطلب فيها ليلة القدر قطعاً لانشغاله وتفريغاً للياليه وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه ,وكان يحتجز حصيراً يتخلى فيه عن الناس فلا يخالطهم ولا ينشغل بهم .
وقد روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يوما.
قال الإمام الزهري رحمة الله عليه : { عجباً للمسلمين تركوا الإعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل } .
ومن أسرار الإعتكاف صفاء القلب والروح إذ أن مدار الأعمال على القلب كما في الحديث « ألا و أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب »
فلما كان الصيام وقاية للقلب من مغبة الصوارف الشهوانية من فضول الطعام و الشراب و النكاح فكذلك الإعتكاف ينطوي على سر عظيم وهو حماية العبد من أثار فضول الصحبة وفضول الكلام وفضول النوم وغير ذلك من الصوارف التي نفرق أمر القلب ونفسدُ اجتماعه على طاعة الله .
ومما يجدر التنبة علبه هنا أن كثيراً من الناس يعتقد أنه لا يصح له الإعتكاف إلا إذا اعتكف كل أيام العشر ولياليها , وبعضهم يعتقد أنه لابد من لزوم المسجد طيلة النهار والليل وآلا م يصح اعتكافه , وهذا ليس صواباً إذ أن الإعتكاف وإن كانت السنة فيه اعتكاف جميع العشر إلا أنه يصح اعتكاف بعض العشر سواءً نهاراً أو ليلها كما يصح أن يعتكف الإنسان جزءً من الوقت ليلاً أو نهاراً إن كان هناك ما يقطع اعتكافه من المشاغل فإذا ما خرج لا مر مهم أو لوظيفة مثلاً استأنف نية الإعتكاف عند عودته , لأن الإعتكاف في العشر مسنون أما إذا كان الإعتكاف واجباً كأن نذر الإعتكاف مثلاً فأنه يبطل بخروجه من المسجد لغير حاجة الإنسان من غائط وما كان في معناه كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه
ومن أهم الأعمال في هذا الشهر وفي العشر الأواخر منة على وجه الخصوص تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع ,واعتبار معانية وأمره ونهيه قال تعالى .
{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان }
فهذا شهر القرآن , وقد كان النبي صلى الله علية وسلم يدارسه جبريل في كل يوم من أيام رمضان حتى يتم ما أنزل علية من القرآن وفي السنة التي توفي فيها قرأ القرآن على جبريل مرتين .
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل القرآن وتلاوته فقال ( إقروا القرآن فان لكم بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)رواه الترمذي وإسناده صحيح واخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر فقال « يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما » رواه مسلم
ولقد كان السلف اشد حرصاً على تلاوة القرآن وخاصة في شهر رمضان فقد كان الأسود بن يزيد يختم المصحف في ست ليالي فإذا دخل رمضان ختمه في ثلاث ليال فإذا دخلت العشر ختمه في كل ليلة , وكان الشافعي رحمة الله عليه يختمه في العشر في كل ليلة بين المغرب والعشاء وكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله.
وقد أفاد الحافظ بن رجب رحمه الله أن النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث إنما هو على الوجه المعتاد أما في الأماكن الفاضلة كمكة لمن دخلها أو في الأوقات الفاضلة كشهر رمضان والعشر منه فلا يكره وعليه عمل السلف .
نسأل الله الكريم أن يوفقنا إلى طاعته ويستعملنا في مرضاته ويسلك لنا مسلك الصالحين ويحسن لنا الختام ويتقبل منا صالح الأعمال إنه جواد كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منقول من طريق الإسلام
للعشر الأواخر من رمضان عند النبي صلى الله علية وسلم و أصحابه أهمية خاصة ولهم فيها هدى خاص ، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على الطاعة . والعبادة والقيام والذكر ولنتعرف في هذه الدقائق على أهم الأعمال التي كان يحرص عليها الأولون وينبغي علينا الإقتداء بهم في ذلك :
1 ـ فمن أهم هذه الأعمال : { إحياء الليل } فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحياء الليل وأيقظ أهله وشد مئزر ومعنى إحياء الليل : أي استغرقه بالسهر في الصلاة والذكر و غيرهما ، وقد جاء عند النسائي عنها أنها قالت : لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولا قام ليلة حتى أصبح ولا صام شهراً كاملاً قط غير رمضان } فعلى هذا يكون إحياء الليل المقصود به أنه يقوم أغلب الليل ، ويحتمل أنه كان يحي الليل كله كما جاء في بعض طرق الحديث .
وقيام الليل في هذا الشهر الكريم وهذه الليالي الفاضلة لا شك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه
2 ـ ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر : إيقاظ الرجل أهلة للصلاة .
فقد كان من هدية علية الصلاة السلام في هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة كما في البخاري عن عائشة ، وهذا حرص منه عليه الصلاة والسلام على أن يدرك أهله من فضائل ليالي هذا الشهر الكريم ولا يقتصر على العمل لنفسه ويترك أهله في نومهم ، كما يفعل بعض الناس وهذا لاشك أنه خطأ وتقصير ظاهر .
3 ـ ومن الأعمال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر شد المئزر كما في الصحيحين والمعنى أنه يعتزل النساء في هذه العشر وينشغل بالعبادة والطاعة وذلك لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول وأزكى للنفس لمعانقة الأجواء الملائكية وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب.
4 ـ ومما ينبغي الحرص الشديد عليه في هذه العشر : الإعتكاف في المساجد التي تصلي فيها فقد كان هدى النبي صلى الله علية وسلم المستمر الإعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله كما في الصحيحين عن عائشة .
وإنما كان يعتكف في هذه العشر التي تطلب فيها ليلة القدر قطعاً لانشغاله وتفريغاً للياليه وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه ,وكان يحتجز حصيراً يتخلى فيه عن الناس فلا يخالطهم ولا ينشغل بهم .
وقد روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يوما.
قال الإمام الزهري رحمة الله عليه : { عجباً للمسلمين تركوا الإعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل } .
ومن أسرار الإعتكاف صفاء القلب والروح إذ أن مدار الأعمال على القلب كما في الحديث « ألا و أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب »
فلما كان الصيام وقاية للقلب من مغبة الصوارف الشهوانية من فضول الطعام و الشراب و النكاح فكذلك الإعتكاف ينطوي على سر عظيم وهو حماية العبد من أثار فضول الصحبة وفضول الكلام وفضول النوم وغير ذلك من الصوارف التي نفرق أمر القلب ونفسدُ اجتماعه على طاعة الله .
ومما يجدر التنبة علبه هنا أن كثيراً من الناس يعتقد أنه لا يصح له الإعتكاف إلا إذا اعتكف كل أيام العشر ولياليها , وبعضهم يعتقد أنه لابد من لزوم المسجد طيلة النهار والليل وآلا م يصح اعتكافه , وهذا ليس صواباً إذ أن الإعتكاف وإن كانت السنة فيه اعتكاف جميع العشر إلا أنه يصح اعتكاف بعض العشر سواءً نهاراً أو ليلها كما يصح أن يعتكف الإنسان جزءً من الوقت ليلاً أو نهاراً إن كان هناك ما يقطع اعتكافه من المشاغل فإذا ما خرج لا مر مهم أو لوظيفة مثلاً استأنف نية الإعتكاف عند عودته , لأن الإعتكاف في العشر مسنون أما إذا كان الإعتكاف واجباً كأن نذر الإعتكاف مثلاً فأنه يبطل بخروجه من المسجد لغير حاجة الإنسان من غائط وما كان في معناه كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه
فلا تشتغل إلا بما يكسب العلا | ولا ترض للنفس النفسية بالردى | |
وفي خلوة الإنسان بالعلم أُنسه | ويسلم دين المرء عند التوحد | |
ويسلم من قال وقيل ومن أذى | جليس ومن واش بغيظ وحسدِ | |
وخير مقام قمت فيه وحلية | تحليتها ذكر الإله بمسجد |
ومن أهم الأعمال في هذا الشهر وفي العشر الأواخر منة على وجه الخصوص تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع ,واعتبار معانية وأمره ونهيه قال تعالى .
{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان }
فهذا شهر القرآن , وقد كان النبي صلى الله علية وسلم يدارسه جبريل في كل يوم من أيام رمضان حتى يتم ما أنزل علية من القرآن وفي السنة التي توفي فيها قرأ القرآن على جبريل مرتين .
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل القرآن وتلاوته فقال ( إقروا القرآن فان لكم بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)رواه الترمذي وإسناده صحيح واخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر فقال « يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما » رواه مسلم
ولقد كان السلف اشد حرصاً على تلاوة القرآن وخاصة في شهر رمضان فقد كان الأسود بن يزيد يختم المصحف في ست ليالي فإذا دخل رمضان ختمه في ثلاث ليال فإذا دخلت العشر ختمه في كل ليلة , وكان الشافعي رحمة الله عليه يختمه في العشر في كل ليلة بين المغرب والعشاء وكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله.
وقد أفاد الحافظ بن رجب رحمه الله أن النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث إنما هو على الوجه المعتاد أما في الأماكن الفاضلة كمكة لمن دخلها أو في الأوقات الفاضلة كشهر رمضان والعشر منه فلا يكره وعليه عمل السلف .
نسأل الله الكريم أن يوفقنا إلى طاعته ويستعملنا في مرضاته ويسلك لنا مسلك الصالحين ويحسن لنا الختام ويتقبل منا صالح الأعمال إنه جواد كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منقول من طريق الإسلام
ربيع- عدد الرسائل : 1432
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 04/07/2008
إحياء العشر الأواخر بالعبادة
اذا علمنا ان شهر رمضان هو افضل الشهور، كانت نتيجة ذلك ان نجتهد فيه
اغتناما لفضله، واذا علمنا ان العشر الاواخر هي افضل ايامه، وافضل لياليه،
كانت نتيجة ذلك ان نكثر الاجتهاد فيها، وألا نضيع منها وقتا في غير منفعة،
وهذه الايام العشرة يستحب فيها اربعة اشياء:
• احياؤها كلها • زيادة الاجتهاد فيها بالأعمال الاخرى • إظهار النشاط فيها والقوة • الاعتكاف واعتزال الشهوات والملذات.
وقد
ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها انها قالت: كان رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، اذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ اهله، وجدّ، وشدّ المئزر.
وكذلك روي عنها انها قالت: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يخلط
العشرين من رمضان بصلاة ونوم، فإذا كان في العشر لم يذق غمضا، اي: في
الليالي العشر لا يذوق غمضا، بل يقوم ليله كله دون نوم.
وفي حديث آخر:
اذا دخل العشر طوى فراشه، يعني: فراش النوم ليلا في آخر ليالي الشهر، وفي
حديث آخر تأكيد الاحياء بقولها: وأحيا ليله كله.
وكان صلى الله عليه
وسلم، يديم الصلاة في هذه الليالي، فقد ورد انه صلى ليلة ببعض صحابته حتى
خشوا ان يفوتهم السحور، وكذلك صلى مرة ومعه رجل من اصحابه ــ وهو حذيفة ــ
فقرأ في ركعة واحدة ثلاث سور: سورة البقرة وسورة آل عمران، وسورة النساء،
يقرأ بتدبر، ويقف عند آية الرحمة فيسأل، وعند آية العذاب فيتعوذ، يقول:
فما صلى ركعتين، او اربع ركعات حتى جاءه المؤذن للصلاة.
زيادة الاجتهاد
ورد
في حديث عائشة: انه صلى الله عليه وسلم، كان اذا دخل العشر، احيا ليله،
وايقظ اهله، وجدَّ. والجدّ هو: بذل الجهد في طلب الطاعات، او في فعلها،
اي: بذل ما يمكنه من الوسع.
وذلك يستدعي ان يأتي الطاعة بنشاط، ورغبة، وصدق ومحبة، ويستدعي ان يبعد عن نفسه الكسل، والخمول والتثاقل، واسباب ذلك.
ويدخل في ذلك، امر الاهل، الاولاد والنساء بالصلاة، فيستحب للمسلم ان يوقظ اهله بهدف الصلاة، وان يذكرهم بفضلها.
وكان
السلف رحمهم الله يوقظون اهليهم حتى في غير رمضان، وكان عمر، رضي الله
عنه، اذا كان آخر الليل ايقظ اهله كلهم، وايقظ كل صغير وكبير يطيق الصلاة،
وكان يقرأ قول الله تعالى: «وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها».
اغتناما لفضله، واذا علمنا ان العشر الاواخر هي افضل ايامه، وافضل لياليه،
كانت نتيجة ذلك ان نكثر الاجتهاد فيها، وألا نضيع منها وقتا في غير منفعة،
وهذه الايام العشرة يستحب فيها اربعة اشياء:
• احياؤها كلها • زيادة الاجتهاد فيها بالأعمال الاخرى • إظهار النشاط فيها والقوة • الاعتكاف واعتزال الشهوات والملذات.
وقد
ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها انها قالت: كان رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، اذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ اهله، وجدّ، وشدّ المئزر.
وكذلك روي عنها انها قالت: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يخلط
العشرين من رمضان بصلاة ونوم، فإذا كان في العشر لم يذق غمضا، اي: في
الليالي العشر لا يذوق غمضا، بل يقوم ليله كله دون نوم.
وفي حديث آخر:
اذا دخل العشر طوى فراشه، يعني: فراش النوم ليلا في آخر ليالي الشهر، وفي
حديث آخر تأكيد الاحياء بقولها: وأحيا ليله كله.
وكان صلى الله عليه
وسلم، يديم الصلاة في هذه الليالي، فقد ورد انه صلى ليلة ببعض صحابته حتى
خشوا ان يفوتهم السحور، وكذلك صلى مرة ومعه رجل من اصحابه ــ وهو حذيفة ــ
فقرأ في ركعة واحدة ثلاث سور: سورة البقرة وسورة آل عمران، وسورة النساء،
يقرأ بتدبر، ويقف عند آية الرحمة فيسأل، وعند آية العذاب فيتعوذ، يقول:
فما صلى ركعتين، او اربع ركعات حتى جاءه المؤذن للصلاة.
زيادة الاجتهاد
ورد
في حديث عائشة: انه صلى الله عليه وسلم، كان اذا دخل العشر، احيا ليله،
وايقظ اهله، وجدَّ. والجدّ هو: بذل الجهد في طلب الطاعات، او في فعلها،
اي: بذل ما يمكنه من الوسع.
وذلك يستدعي ان يأتي الطاعة بنشاط، ورغبة، وصدق ومحبة، ويستدعي ان يبعد عن نفسه الكسل، والخمول والتثاقل، واسباب ذلك.
ويدخل في ذلك، امر الاهل، الاولاد والنساء بالصلاة، فيستحب للمسلم ان يوقظ اهله بهدف الصلاة، وان يذكرهم بفضلها.
وكان
السلف رحمهم الله يوقظون اهليهم حتى في غير رمضان، وكان عمر، رضي الله
عنه، اذا كان آخر الليل ايقظ اهله كلهم، وايقظ كل صغير وكبير يطيق الصلاة،
وكان يقرأ قول الله تعالى: «وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها».
بديعة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 6241
العمر : 39
Localisation : الدارالبيضاء
Emploi : موظفة
تاريخ التسجيل : 03/04/2008
مواضيع مماثلة
» فتاوى واراء..
» الاعتكاف الأفضل ..في العشر الأواخر لرمضان
» فضائل العشر الأوائل من ذي الحجة
» فضائل شهر رجب في الميزان
» فضائل الصيام
» الاعتكاف الأفضل ..في العشر الأواخر لرمضان
» فضائل العشر الأوائل من ذي الحجة
» فضائل شهر رجب في الميزان
» فضائل الصيام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى