صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

«الدراما» لهونوريه دومييه

اذهب الى الأسفل

«الدراما» لهونوريه دومييه Empty «الدراما» لهونوريه دومييه

مُساهمة من طرف said السبت 25 أكتوبر 2008 - 8:27

ألف وجه لألف عام - «الدراما» لهونوريه دومييه: الجمهور ينتظر فريسته


ابراهيم العريس الحياة - 25/10/08//


قد لا يكون الفرنسي أونوريه دومييه واحداً من كبار فناني الرسم
الذين عرفتهم فرنسا أواسط القرن التاسع عشر، لكنه كان بالتأكيد واحداً من
كبار الفنانين الذين عرفوا كيف يصورون الحياة الاجتماعية من مناحيها كافة،
ليس فقط في لوحات زيتية أو مائية، بل كذلك في رسوم كاريكاتورية وما شابه
ذلك. فالحال أن دومييه كان فناناً من الذين وظفوا الفن، ليس فقط في تصوير
المجتمع وحياته، بل كذلك في أساليب وصوله الى المتلقين. ومن هنا كان كل
أسلوب يوصل فنه الى الناس، صالحاً ومجنداً بالنسبة اليه وخصوصاً صفحات
الصحف والمجلات والملصقات... من هنا حين يوصف فنه بأنه كان مرآة للمجتمع
يضاف دائماً أنه كان أيضاً مرآة نصبت في وجه المجتمع كي يشاهد نفسه فيها.
وحكاية المرآة هذه لا تقتصر، على أي حال، على هذا الجانب التقني من علاقة
جمهوره بمتفرجي أعماله، بل تتجاوز هذا، لتصبح مرايا عدة متجاورة ومتقابلة،
بحيث لا يعود المتفرج على اللوحة يعرف ما إذا كان ينظر الى مشهد، أو الى
صورته وهو ينظر الى مشهد. ولعل خير تعبير عن هذا، اللوحة المعنونة
«الدراما» والمعلقة منذ زمن بعيد على جدران متحف ميونيخ في المانيا.
>
للوهلة الأولى، أي في نظرة سريعة اليها، قد لا تبدو هذه اللوحة أمراً غير
عادي، حتى في مقاسها الذي يزيد قليلاً عن 97 سم ارتفاعاً و90 سم عرضاً. بل
حتى من الناحية الفنية البحتة، قد تبدو في مقاييس الزمن الذي رسمت فيه
(حوالى عام 1860) لوحة غير مكتملة، أو أصلاً ملصق دعائي، أو حتى رسماً
كاريكاتورياً. غير أن تأملاً دقيقاً في هذه اللوحة، سيضع المشاهد أمام
أسلوب فني كان جديداً في ذلك الحين، بل كان غير متوقع، أسلوب كان عليه، في
حقيقة الأمر، أن ينتظر القرن العشرين وظهور فن السينما ولغته المتطورة قبل
أن يظهر الى الوجود. فمن ناحية مبدئية، يحتل مركز الصدارة في اللوحة مشهد
مسرحي، مأخوذ كما يبدو من عرض مسرحية درامية (أو ميلودرامية)، كانت معروفة
في باريس في ذلك الحين. والمشهد الذي يكاد يبدو سينمائياً لولا أن فن
السينما لم يكن قد ظهر، بعد، في تلك الأثناء، هو مشهد عنيف يصور ما يبدو
لنا قاتلاً يشير الى جثة ضحيته مسجاة على الأرض، بيده اليسرى، فيما يشير
بيده اليمنى الى امرأة تصرخ باكية مرتعبة وهي تشد شعرها. لسنا ندري تماماً
هنا ما إذا كان الرجل المركزي في اللوحة يوجه اصبع الاتهام، بالجريمة الى
المرأة، أو أنه يحاول أن يبرر ما فعله هو بإلقاء لوم ما على المرأة
المنتحبة. ذلك أن التأمل الذي نتحدث عنه، سيوصلنا الى ادراك ان ما هو مهم
حقاً في هذه اللوحة، انما هو الجمهور الذي ينظر الى المشهد في عتمة الصالة
والذي صوره دومييه وأقصى درجات التأثر بما يشاهده، تلوح على الوجوه، حتى
وإن كانت الوجوه غير واضحة المعالم تماماً. ومن الأكيد هنا ان اهتمام
دومييه انما ينصبّ على رد فعل الجمهور هذا. ولعل هذه النقطة هي التي نتوقف
عندها حين نشير الى حداثة فن هذا الرسام، إذ - في مقابل عشرات الرسامين
الذين من قبله ومن بعده، ولا سيما منهم تولوز لوتريك وادغار ديغا - نجده
يعطي اللوحة التي تصور مشهداً مسرحياً واستعراضياً، طابع العمل
السوسيولوجي. في معنى أن دراسة لهذه اللوحة مثلاً، والتي يتعمد فيها
دومييه أن يرينا المشهد المسرحي، عبر مرشح نظرة جمهور المسرح اليه، ما
يجعلنا، نحن الناظرين الى اللوحة، متفرجين في الدرجة الثانية، تضعنا على
تماس مع ما كتبه كثر من الصحافيين والكتّاب الذين أرادوا أن يصفوا علاقة
الجمهور - بالمعنى العريض للكلمة - بالفن خلال زمن كان الفن، المسرحي هنا،
قد أمعن فيه حضوراً، ليس فقط في حياة الناس، بل في رسم عواطفهم
وانفعالاتهم أيضاً. ومن الواضح، هنا، إذاً، أن ما كان دومييه يتطلع اليه،
من خلال رسم هذه اللوحة، يتماشى مع ما كتبه الباحث الفرنسي تيودور دي
بانفيل، في مجال حديثه عن الحياة المسرحية الفرنسية في مذكراته، حيث يلاحظ
كيف أن جمهور مسرحية ما، يستبد به التعصب العاطفي والرعب في بعض الأحيان
وازاء بعض المشاهد، بحيث يصبح هو المشهد الأساس، وتصبح الصالة التي يجلس
فيها هذا الجمهور أشبه بقفص حيوانات ضارية، تبدو في كل لحظة على استعداد
لتمزيق الفريسة التي قد يقيض لها أن تمسك بها. وهذه الفريسة هي هنا، وبحسب
دي بانفيل الذي يحمّل كلماته أقصى درجات الرعب، الخائن والخائنة، الشرير،
القاتل، أو العشيق أو ما الى ذلك. ونعرف أن كل هذه الشخصيات كانت - ولا
تزال - تحضر دائماً في هذا النوع من المسرح الدرامي والميلودرامي. ودي
بانفيل يتساءل هنا، وبعد أن يعطي أمثلة عن مشاهد في بعض المسرحيات التي
تفاعل الجمهور معها بأكثر مما ينبغي: ما الذي من شأنه أن يحدث يا ترى لو
أفلت هذا الجمهور من عقاله وتمسك بالفريسة؟ كيف سيتصرف هذا الجمهور لو
يكتشف أنه ليس في قفص مغلق، بل في فضاء مفتوح على خشبة المسرح، وان
«الجدار الرابع» الذي يشكل فاصلاً بين الجمهور والمسرح، هو جدار وهمي.
>
ان في امكاننا، في الحقيقة، أن ننظر الى لوحة دومييه هذه على أنها الجواب
المنطقي لهذا السؤال. وللتيقن من هذا يجدر بنا أن نحدق تماماً في الوجوه،
في نظرات العيون، في هذه العتمة المرعبة حقاً، التي يقبع فيها النظارة
وكأنهم يتربصون للوصول الى الفريسة. لكنهم لن يتحركوا ولن يصلوا بالطبع،
بل انهم بعد دقائق تطول أو تقصر سيتنفسون الصعداء، حين يقبض المؤلف
والمخرج والممثلون على ناصية النص تماماً، ليوصلوا الأحداث الى نهاية
غالباً ما تكون سعيدة ومرضية، فيكون التنفيس بعد احتقان، وتلعب المسرحية
دورها التطهيري وبالتالي دورها الوعظي الأخلاقي. ولعل هذه الجدلية كلها،
هي التي يتضمنها عنوان اللوحة «الدراما»، الذي يبدو لنا هنا، على ضوء
الواقع الذي نتحدث عنه، ثلاثي الأبعاد: فهو من ناحية يطاول بعداً تقنياً،
حيث ان ما يقدم هنا على الخشبة هو دراما، كنوع مسرحي محدد (يبرر انفعالات
الممثلين التي تسم كل عمل درامي أو ميلودرامي)، ومن ناحية ثانية نراه يشير
الى العلاقة النفسية «الدرامية» التي تقوم هنا - في عملية تماهٍ تام - بين
الجمهور والأحداث التي يشاهدها. أما من ناحية ثالثة، فإن كلمة دراما تأتي
هنا لتشير الى نوع فني جديد يقترحه دومييه، حيث لا تعود الدراما شكل
اللوحة أو حتى مضمونها الشعوري، بل كذلك حاضنة تلك المسافة بين عين مشاهد
اللوحة، وعيون مشاهدي المسرحية ونظرات الممثلين.
> طبعاً لا يمكننا
الافتراض هنا أن دومييه كان واعياً كل هذا بصورته المرتبطة بسوسيولوجية
التلقي كما باتت معروفة في القرن العشرين، لكنه مع هذا، يقدم مادة أولية
للتوغل في دراسة هذه السوسيولوجيا. بل ان في امكاننا أن نقول ان جزءاً
كبيراً من فن هونوريه دومييه (1808 - 1879) يحتمل مثل هذا التأويل. ولعل
هذا يعيدنا الى ما أشرنا اليه أول هذا الكلام، من أن هذا الفن قد لا يكون
فناً كبيراً، لكنه في الأحوال كافة فن اجتماعي له أهمية كبرى في رسم صورة
للمجتمعات، ليس فقط من خلال فنونها، التي قد تعطي صورة ما عن حياة المجتمع
وحياة الفن في هذا المجتمع، بل من خلال تلقي الجمهور في زمن معين لفنٍ
معين، وتأثره به. ومن الواضح أن من بين الأمور الكثيرة التي تقولها هذه
اللوحة، ثمة امكانية كبيرة لقول هذا أيضاً.


said
said
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى