ابراهيم لمهادي
صفحة 1 من اصل 1
ابراهيم لمهادي
كتاب يختزل مسيرة فنان تمرد على الواقع بالكاريكاتور
09:50 | 25.10.2008
الدارالبيضاء: خالد لمنوري | المغربية
صدر عن منشورات "السؤال الملف" كتاب "لمهادي... شهادات حول سنوات الرصاص والحبر والفحم والطباشير"، في 256 صفحة من الحجم الكبير. |
والتشكيلية، التي أبدعها الفنان المغربي، إبراهيم لمهادي، طيلة مسيرته
الفنية، التي بدأت في الستينيات، كما يتضمن الكتاب، الذي يختزل مسيرة "أبو
سيف"، الذي تمرد على الواقع بالكاريكاتير، شهادات لبعض الأصدقاء
والصحافيين، والفنانين، منهم الصحافي، عبد الرحيم التوراني، الذي قام
بإعداد وتنسيق الكتاب، وفنان الكاريكاتير المميز، عبد الله الدرقاوي، الذي
قال في شهادته، إن الفنان لمهادي، من الفنانين الذين وضعوا اللبنة الأولى
لتأسيس فن الكاريكاتير بالمغرب، وأحمد الهناوي، الذي وصف ريشة لمهادي
بخازوق حاد له امتدادات في الزمن المغربي، يأبى أن يرتد كالسيف في غمده ما
بقي في البلاد دنس وغلس، يتسلل إلى دهاليز الحكومة فيسقط أوراق عورتها،
يقتحم قبة البرلمان، فيضع بهلواناته.. واحدا تلو الآخر...ويمشي بين
الحوانيت والبراريك والمشافي، والمدارس والملاعب....متوقفا عند أدق
التفاصيل، مراقبا، ومحاكما...مستنطقا، معلنا بشاعتها للعلن. أما حسن عمر
العلوي، فيصف الرسوم الكاريكاتورية للمهادي، بأنها شهادة صادقة على مرحلة
مهمة من تاريخ المغرب السياسي والاجتماعي والاقتصادي الحديث.
ولد
إبراهيم لمهادي، بحي درب السلطان بالدارالبيضاء سنة 1941، اشتغل بالتعليم،
الذي لم تنسه أجواءه فن الكاريكاتير، ونشر رسوماته في جريدتي العلم
والمحرر، كما عبرت رسوماته الحدود إلى بعض الجرائد العالمية، التي نال من
خلالها جوائز عالمية عديدة، منها جائزة عن معالجته لحرب الفيتنام سنة 1966.
عشق
منذ صغره تأمل الأحداث والوصول إلى تفاصيلها الصغيرة غير المرئية، كان
هاجسه الأول معرفة ما يدور خلف خشبة مسرح الحياة ولم يكتف بالنظر إلى
العرض المقدم، كانت الأحداث السياسية الملامسة له عن قرب دافعا قويا
للتفكير برمزيتها، لا ينكر أن بداياته كانت تقليدا ما يلفته دون إبداع خاص
ليلتقي في بداية الطريق بلوحات، شدته للوقوف عندها ومحاولات تقليدها
مكتشفا يوما بعد يوم أن وراء هذه الخطوط فكرا نيرا لا ينتهي عند مجرد
رسمها على الورق. بعد اشتداد عوده انتقل إلى مرحلة التجريب فبدأ بتصوير
أفكاره الخاصة التي أخذت تزداد احترافا شيئا فشيئا مع ازدياد وعيه بالبيئة
والواقع المحيطين به. نظر أبو سيف إلى الكاريكاتير كعلم يعتقد أن له
مبادئا يجري إهمالها بشكل كبير في المغرب والمنطقة العربية، حيث إن كليات
ومعاهد الفنون الجميلة لا تعير للكاريكاتور اهتماما كباقي أنواع الفنون
التشكيلية، التي لا تزيد عنه أهمية، فحينما يسعى الفنان في لوحته الزيتية
أو في منحوتاته إلى تصوير مكامن الجمال والإحساس، يسعى فنان الكاريكاتير
إلى تصوير النواحي السلبية وتسليط الأضواء على هموم وأوجاع المجتمعات، فهو
يرى أن الرسم الزيتي أو النحت يحتاج إلي إحساس مرهف وذوق جمالي، بينما
يحتاج الكاريكاتير إلى فكر عميق وثقافة كبيرة، إضافة إلى الشروط السابقة،
ومن هنا، فإن الكاريكاتير عند لمهادي أهم الفنون التشكيلية وأكثرها ملامسة
للحياة.
ولا شك أن فن الكاريكاتير هو الآن حصيلة عدة قرون مرت عليه
كفن مستقل، فالفراعنة مثلا عرفوا الكاريكاتير والرسوم المكتشفة في
الأهرامات شاهدة على ذلك، مثل لوحة النسر، الذي يحاول تسلق شجرة بواسطة
السلم بينما يجلس فرس النهر فوق الشجرة بارتياح، أيضا لوحة جيش الفئران،
الذي يحاصر قلعة تحكمها القطط. سقراط أيضا شهد فن الكاريكاتير ولم يكن
حينها يسمى بذلك، حين ذكر في مؤلفاته أن رساما جلد حتى الموت، لأنه كان
يرسم وجوه القادة والشخصيات المختلفة بأشكال ساخرة، ثم نجد أن هذا الفن
تطور في أوروبا، خاصة في فرنسا وإنجلترا وهولندا، إلى أن وصل إلى ما هو
عليه اليوم.
والتأثر في فن الكاريكاتير يشمل كافة أنحاء العالم ففي
أميركا اللاتينية أو في روسيا والاتحاد السوفيتي سابقا، الناس هناك عاشوا
الظروف نفسها، ولديهم مشاكل اجتماعية تشبه إلى حد كبير مشاكلنا، فالتأثر
والتأثير بيننا وبينهم متاح على كافة الأصعدة، أما بالنسبة للأوربيين
الذين لا يعانون المشاكل نفسها، فهم يركزون على النواحي الإنسانية، لذلك
نحن نتأثر بهم كخط فني وكأدوات، لأنهم غير معنيين بمشاكلنا إطلاقا، فهم
يتجهون إلى التجريد وهذا لا يناسب واقعنا.
العديد من المتابعين
اتهموا لمهادي بأنه لا يمتلك فلسفة في تصوير أفكاره بشكل كاريكاتوري،
لكنه، وانطلاقا من إيمانه بأن الكاريكاتير هو فن شعبي، يرفض أن يرسم
التجريد، فتعصى اللوحة على فهم الناس، فهو لا يرسم لنخبة بل لهموم السواد
الأعظم من الشعب المغربي، والعربي، ويدرك رغم قدرته على رسم التجريد، أن
رسالة هذا الفن لا تقدم على طبق من ذهب، بل على رغيف خبز جاف، يعاني الناس
من الوصول إليه.
وللكاريكاتير كما يري لمهادي، أدواته البسيطة
الخاصة التي تقتصر على أقلام الحبر والألوان العادية أو التي أصبحت أجهزة
الكومبيوتر تتيحها حاليا، فأدوات رسام الكاريكاتور أقل تعقيدا من أدوات
غيره، والألوان في هذا تأتي للتعبير عما يصعب التعبير عنه بالأبيض والأسود
مثل الدم ، فهي تطور جميل وتتيح فسحة أكبر للتعبير، لكن مساحة هذه الألوان
صغيرة في اللوحة الكاريكاتورية لذلك لا يمكن استخدام الألوان المائية أو
الزيتية في هذا الفن.
لمهادي، متمرد بطبعه على الواقع، وتمرده هذا
قاده إلى إبداع العديد من اللوحات التي يحتفظ بها لنفسه، تماشيا مع الكثير
من الخطوط الحمراء التي يفرضها المجتمع من جهة، والحكومات من جهة أخرى
ويقول: ليست هناك خطوط حمراء أخلاقية، بل هي خطوط اجتماعية، فلماذا ننظر
إلي لوحة زيتية أو منحوتة لامرأة عارية بنظرة إعجاب، بينما ننظر إليها في
الكاريكاتير وكأنها تجاوز للأخلاق، الأمر هنا يتوقف على نظرة الناس لهذا
الفن والعوائق التي يحاولون وضعها في طريقه.
وجدير بالذكر أن لمهادي يركز على أمر يعتبره مهما، وهو أن المعاناة برأيه هي أم الفن بحيث يقول، لا يوجد فن صادق من دون معاناة.
المخلوطي- عدد الرسائل : 376
العمر : 59
Localisation : Salé
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى