صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الطائر أمْ عُشّه؟: خيري منصور

اذهب الى الأسفل

الطائر أمْ عُشّه؟: خيري منصور Empty الطائر أمْ عُشّه؟: خيري منصور

مُساهمة من طرف said السبت 22 نوفمبر 2008 - 14:59

بدءا، لا صلة لما سيقال في سياق التفريق بين الشاعر وشعره بأطروحة موت
المؤلف التي غالبا ما تنسب الى رولان بارت، رغم ان هناك من دعوا الى الفصل
بين الكاتب والمكتوب قبل بارت، واكتفي هنا باشارتين، احداهما تعود الى ت.
س . اليوت في مقالة مبكرة عن الشعر طالب فيها النقد بالتركيز على الشعر لا
على الشاعر والأخرى للناقد غراهام هيو الذي قال: لا تثقوا بالقاص وثقوا
بقصّته فقط.
فالشعر بخلاف انواع ادبية أخرى، يصعب فصل الشاعر فيه عن
منجزه، خصوصا اذا كانت سيرته معروفة، فالفصل بين ما كتبه بدر السيّاب عن
الموت ببعديه الفيزيائي والميتافيزيقي وبين مرضه العضال الذي كابد آلامه
وقروحه لعدة اعوام يبدو أقرب الى القطيعة القسرية التي تتم بالجراحة، وما
كان للنقد ان يحذف معلومة اساسية عن شعراء أصابهم العمى كالمعري او بورخيس
او بشّار، لأن هناك علاقة لا يمكن تجاهلها بين العمى واسلوب التعامل مع
المحسوس والألوان لدى هؤلاء الشعراء، لكن ما اعنيه هنا، هو ما عبّر عنه
ذات يوم الشاعر ' يفتشنكو' عندما قال ان المعادلة الوحيدة الصحيحة في
الشعر هي ان الشاعر هو في نهاية المطاف حاصل جمع قصائده، رغم ان يفتشنكو
عُرف بأدائه المسرحي الذي يرتكز الى قامة رشيقة على المنصة، ان الافراط في
اضاءة عالم الشعر الشخصي على حساب نصوصه هو سبب مباشر لخسارة مزدوجة، بحيث
يحرم القارىء من نقد تطبيقي يتعامل مع باطن النص وعوالمه السّفلية ونسيجه
البنيوي، مثلما تصبح تفاصيل حياتية من سيرة الشاعر وقد تضخّمت تحت المجهر.
فالشاعر
ليس كالروائي الذي يكتب عمّا يعرف وعمّا يريد، لهذا فقد استثنى سارتر
الشعر من النطاق الذي حدّده للالتزام في الأدب . فالشعر ينشأ اثناء
الكتابة، واحيانا يفاجىء من يكتبه قبل ان يفاجىء القارىء، ذلك ببساطة لأن
الشاعر لا يكتب من الذاكرة وان كان شرط التجربة الحسيّة اساسيا كي لا يكون
الخيال منقطعا عن الأرض وجاذبيتها، وهناك اسباب يمكننا ان نتوقف عند بعضها
على الأقل دفعت الناقد العربي وراصد حركة الشعر ينحاز الى المؤلف على حساب
نصوصه، من هذه الاسباب نزوع مزمن للشّخصنة، وتغليبها على المفاهيم
المجرّدة، فالتجريد سواء تعلّق بالمفاهيم او الرياضيات او الموسيقى او
الفن التشكيلي مرحلة متجاوزة لمراحل اولى بقيت في المجال الحسّي المباشر،
وكما ان الافراد لا يبلغون مرحلة التجريد الا في سنوات النضج وتجاوز مرحلة
الطفولة التي تحتاج الى معادلا تحسيّة ووسائل ايضاح، فإن المجتمعات يحدث
لها ذلك على نحو ما، وهذا ما أشار اليه عباس العقّاد ذات يوم، لكنه سرعان
ما ذهب الى الجهة الاخرى وأعطى تفاسير تقليدية لهذه الظاهرة ! وذلك عندما
صنّف المجتمعات بين مراهقة، وانفعالية وبين ناضجة وفاعلة، والسبب الآخر
لهذا النزوع المزمن لتغليب الشاعر على شعره والقاص على قصته هو شغف ساهمت
التربويات الكلاسيكية في ترسيخه وتصعيده في بعض الاحيان، فالذهن الذي أدمن
السرد والتلّقي دون مشاركة او ما يمكن تسميته ' التصادي ' بين المرسل
والمرسل اليه يعسر عليه ان يتعامل مع النصوص بلا استعانة متكررة بأخبار
وسير مؤلفيها، وهذا المنهج سهل وله غوايته لأن يعفي الناقد احيانا من
استقراء النصّ الذي يقاربه.
وهناك مفارقة لا بد من التذكير بها في هذا
السّياق، هي ان بعض المؤلفين سواء كانوا شعراء او ناثرين يلحّون على ما هو
مضادّ للمعروف عنهم، ومن ذلك على سبيل المثال اسراف الأعمى في استخدام
الافعال ذات العلاقة بالرؤية والألوان حتى خارج نطاق الابداع، فالناس
يتحدثون غالبا عمّا ينقصهم، ورغم ان هذه العبارة تنسب الى برنارد شو بعد
ان تضاف اليها مسحة من السخرية الا انها في الصميم من السايكولوجيا
البشرية وهو ما يسمى في أدبيات ومعاجم علم النفس 'التعويض' .
'''
في
اواسط القرن الماضي عندما تُرجمت اعمال لشعراء سبقتهم سيرهم الذاتية
الغرائبية مثل بودلير ورامبو وفيرلين وأبولونير وماياكوفسكي، طغت المقدمات
التي كتبها المترجمون على النصوص، وأصبح معظم القراء العرب يعرفون كل شيء
عن شذوذ رامبو وعلاقته بفيرلين وعن بودلير وجان دوفال والداندية، لكنهم
قلّما يحفلون بنصٍ واحد لهؤلاء.
طغيان السيرة مردّه الى حالة من الاسقاط الجنسوي في مجتمعات تعاني من كل أنماط الكبت وسلالاته.
اما
السبب الثالث فهو التهرب من النقد التطبيقي لأنه يتطلب دراية مزدوجة
بالنظرية والمنهج لهذا يسهل على اي ناقد حتى لو كان في طور البداية ان
يؤلف عددا من الكتب النقدية التي يقتادها التأنق النظري والثرثرة المكرورة
الى خارج المدار.
ويندر ان يزدهر النقد التطبيقي او النقد من الداخل
الا في مراحل التجريب، وعندما تكون هناك نصوص جديدة في حساسيتها، ان هذا
يتطلب تسويغا جماليا لما يوصف بأنه طارىء وغير مألوف، وهنا نذكر للمثال
فقط ما كتب عن بواكير الشعر العربي الحديث في اواخر الاربعينيات من القرن
الماضي وما تلاهما.
ما كتبه د. احسان عباس عن البياتي والسيّاب وما
كتبتــــه نازك المـــــلائكة عن قضايا الشعر المعاصر وما رصده نقّاد
وشعراء مجلة 'شعر' ومن ثم 'حوار' و'مواقف'، كان اشتباكا مع حساسية قديمة
وذائقة مسلّحة ضد التحديث ...
ان انهماك النقد العربي في معظمه بالشاعر
اكثر من الشعر له تجليات عديدة وفي مختلف الأزمنة، لكن سأكتفي هنا بشاعرين
عربيين، هما الاكثر اشعاعا ونفوذا شعرياً رغم تباين المناخات والرؤى.
أدونيس
ومحمود درويش،كلاهما يقول بأن ما كتب عنه كثير، لكن النقد الجدير بهذا
الاسم قليل جدا، وقد اتيح لي ان اسمع من الشاعرين الصديقين هذا البوح في
اكثر من مناسبة.
أدونيس، انصرف معظم من كتبوا عنه الى اطروحاته النظرية
ومواقفه الفكرية كمثقّف، وهكذا تم اختزاله، الى الحد الذي قد تسمع فيه من
ناقد محنّط أن ادونيس حفيد عاقّ لحضارته وموروثه الثقافي، واحيانا عقيدته
...
اما محمود درويش، فإن ما كتب عنه يصعب حصــــره من حيــــث الكم،
لكــن تلك الكــــتابات غالبـــــا ما كانــت ولا تزال تنحاز الى الشاعر
على حساب الشعر .
ومنذ رحيله، كتبت مقالات، وكُرّست ملفات في مجلات
وعقــــدت ندوات كانت كلها تحذف الشعر لصالح الشاعر، ولا اظن ان
محمـــــود درويش كان سعيدا بذلك، وهو الذي طالما سمعته يشكو من شحّة
المغامرة النقدية قدر تعلّقها بانجازه، الــــذي تعرّض بدوره الى اختزال
وجَغْـــرفة، بحيث يســهل الكلام عن أية قصيدة له ما دام النقد يتوهم بأنه
امتلك المفتاح الذهبي لشعره كله!
ان نقدنا الأميَل الى الاتباع والمقايسة والمقابسة أيضا يؤثر المضي في الطرق المطروقة، بحيث تتحول الى غابة من الحوافر،
والأرجح
ان ما يقال عن النقد بأنه افراز حضاري اكثر تعقيدا من الفنون كلها به
الكثير من الصحّة، فالنقد يشترط اضافة الى الثقافة والذكاء والحصافة قدرا
من الديموقراطية، والثقة بأن الآخر يقبل الاختلاف، وان المقالة التي تفكك
قصيدة وتعطي رأيا بها لا تفكك عظام مؤلفها ولا تشكل اعتداء عليه . لكن هذا
كله ليس من مألوف ثقافتنا الكيدية الملغومة بالافخاخ والثأرية ....
اذكر للمثال ان هناك اكثر من عشر قضايا تداولتها المحاكم لفضّ اشتباكات بين نقّاد وشعراء...
'''
أنقول أخيرا إن الزحام الكاذب في زفاف الشاعر او جنازته يؤدي الى الاحتفاء بالطائر ومن ثمّ اتلاف عشّه؟
الأرجح ان هذا ما يحدث.. فما يكتب هو عن شعراء وليس عن شعر تناغما مع فكر سياسي يحذف الدولة لصالح الزعيم!!!
شاعر وكاتب من الاردن
القدس العربي
22/11/2008
said
said
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى