من طرف خديجة السبت 13 ديسمبر 2008 - 11:04
نسيمة الحر هذا الاسم الإعلامي الذي يختزل في مسيرته جيلا كاملا من التلفزيون المغربي ولد ونشأ بالعاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء. فقد تفتحت عينا نسيمة على الحياة في درب الفقراء وسط مدينة الدار البيضاء. وتفتخر نسيمة بانتمائها لأسرة تمتهن الأدب والفن، والدها الراحل مصطفى الحر كان فنانا في العزف على الناي، ووالدتها ترتجل فن القول والكلام المقفى، وأخوها عبد العالي الحر لذي بق له أن كتب أغنية للمطرب المغربي الراحل محمد الحياني. نسيمة نفسها تكتب الزجل والشعر معا، ولها ديوان شعري مخطوط تنتظر الفرصة لطبعه وإخراجه إلى حيز الوجود. جاءت نسيمة إلى التلفزيون من المسرح، فهي خريجة معهد مسرحي، وعملت في بداية حياتها الفنية ممثلة في المسرح والتلفزيون، ولعل هذا ما يفسر ظهورها أولا في سلسلة من البرامج الثقافية والفنية في القناة الأولى. اقتحمت نسيمة العمل التلفزيوني في القناة الأولى قبيل بلوغها سن الثامنة عشرة، وراكمت في رصيدها المهني مجموعة من التجارب. درجت نسيمة بأول نافذتها التي ستطل بها على جمهورها. فكانت بدايتها في «نادي البيضاء» وهو برنامج تلفزيوني كان ينتجه «محمد شيبان» باستوديوهات عين الشق بالدار البيضاء، وبعد ذلك مقدمة لبرنامج «الشاشة الكبرى»، وهو برنامج سينمائي من إعداد الناقد السينمائي محمد الدهان، يقدم من استوديوهات الرباط، برنامج اعتبر إلى جانب برامج سينمائية أخرى من أنجح البرامج التي تناولت أوضاع الانتاج السينمائي المغربي والعربي والدولي. كانت بداية تألق نسيمة الحر في برنامج الشاشة الكبرى، فكانت تطل على المشاهدين مرة كل أسبوع بوجه طفولي، شديد الحماس، وأيضا بقدرة كبيرة على التعبير بتقاسيم وجهها وحركات يديها، وكأن اللغة التي تعبر بها لا تسعفها كثيرا للتعبير عن أشياء السينما المستعصية، فكانت تستعين بكل شيء من أجل وضوح الفكرة وضمان وصولها إلى المشاهد. ومع ذلك، فإن وجه نسيمة على الشاشة الصغيرة، لم يصل إلى نضجه واكتماله إلا في القناة الثانية، فقد كانت نسيمة من بين الوجوه الاولى التي التحقت بهذه القناة، وكان انتقالها، انتقالا من تقديم برنامج السينما «الشاشة الكبرى» إلى تقديم البرنامج الاجتماعي «لقاء» متنوع المواضيع الذي كانت تقدمه «دوزيم» يوميا حوالي الساعة السابعة مساء، وهي ساعة ذروة المشاهدة، فقد كان من أكثر البرامج التي حظيت بمتابعة كبيرة من قبل جمهور المشاهدين، نظرا لحدة النقاش الذي يعرفه، وأيضا للصراحة التي تميز حديثه، فكان مثار تناول الصحافة المغربية، أحيانا بالاطراء والمديح وأحيانا أخرى بالنقد، نقد الضيوف ونقد نسيمة الحر أيضا. وعلى خطى برنامج «لقاء» نشطت نسيمة الحر برنامجا آخرا وهو «بصراحة» لا يختلف عن الأول، بل شكل اضافة متقدمة. نسيمة الحر، كانت دائما حرة في كلامها، وطلاقة لسانها، وطريقة بسط أسلئتها، وأيضا في ابتسامتها التي تصفي على وجهها ملح الحديث، وكبرياء الكلام، الذي لا نقص من قدر ومكانة الضيف. حتى أن السؤال نفسه يأتي على قدر أهلية الضيف وحضوره المفيد دائما، لأنه ثمة أسئلة سلهة، بسيطة، شعبية بلغة متداولة تطرحها نسيمة الحر، تفتح دائما شهية الحديث، وتعطي للجواب كثافة خاصة، وزخما وافرا، حتى أن كل البرامج التي تقدمها نسيمة تبدو حافلة بالحديث وتشد المشاهد طوال الوقت المخصص لها. قادت شعبية نسيمة الحر على الشاشة الصغيرة إلى البحث عن منفذ لولوج عالم السياسة على غرار ما يفعله نجوم الاعلام في العديد من الدول. فجربت الخوض في معارك السياسة وكواليسها فقد كان أملها من وراء الترشيح للانتخابات التشريعية أن تخدم مجتمعها من خلال البرلمان، كما حاولت أن تخدمه من خلال التلفزيون، لتحقيق نوع من التغيير الإيجابي نحو الأحسن. تقدمت نسيمة مرشحة باسم حزب التجمع الوطني للأحرار في انتخاب 1997 فتدخلت عبر أمواع الاذاعة المغربية إبان الحملة الانتخابية لتحث الناخبين والناخبات على عدم الاستجابة لعملية عدم الاستجابة لعملية شراء الاصوات واستعمال المال الحرام لتحقق الفوز في الانتخابات، غير أنها لم «تتوفق» في الحصول على مقعد نيابي لممارسة السياسة المحلية، ولم «تحظ» بشعبية سياسية مقابل الشعبية التلفزية التي تحظى بها. لم يثن هذا «الاخفاق السياسي» من عزيمة نسيمة، حيث ازداد بريق نجوميتها بعد تفوقها في تنشيط برامج اجتماعية مباشرة مثل برنامج «تيليطون» الموجه إلى تقديم يد العون للأشخاص المعاقين انقطعت نسيمة عن تقديم البرامج الاجتماعية لمدة ثلاث سنوات اكتفت فيها بتقديم برنامج المنوعات الغنائية «السهرة لكم»، وهو البرنامج التي اعتمدت فيه طريقة في محاورة الضيوف «تصل أحيانا حد الاستفزاز».. ومما زاد في أفول نجم نسيمة في برنامج «السهرة لكم» وهي المتألقة في البرامج الاجتماعية، كون البرنامج لم يحقن بمواد فنية ذات قيمة فريدة وإقبال جماهيري، وهو الذي كان ينتظر منه سد الفراغ الحاصل في برامج المنوعات التي تقدم المادة الغنائية المغربية التي يرغب فيها المشاهدون المغاربة. غير أن نسيمة عادت الى التلفزيون وقدمت برنامجا شهريا مباشرا تحت عنوان «لكم الكلمة» يناقش المواضيع الاجتماعية من صميم الواقع المغربي ويتضمن روبورتاجات وشهادات حية تعكس نبض الشارع المغربي، وهذا النوع من البرامج الاجتماعية هو الذي حمل نسيمة على أكتاف المعجبين والمعجبات بشخصيتها وهي تقدم وتؤخر في أطراف الحديث المباشر مع الناس انطلاقا من الشاشة الصغيرة. ولا تخلو حياة نسيمة، التي تعيش مع ابنتها جيهان، من المتاعب إما في شكل تهديد بالقتل. ولم تتوقع نسيمة أبدا ما عاشته، ذات مساء في بيتها، من رعب حقيقي حين فوجئت بأشخاص ملثمين مدججين بالسيوف، يطرقون باب منزلها ويحاولون إصابتها بدعوى أنها لا ترتدي الحجاب، أو شائعة مدمرة للسمعة... منذ مدة تقدر بالعامين تقريبا، اختفى وجه المنشطة التلفزيونية نسيمة الحر من على شاشة القناة الثانية، اختفاء تناسلت معه الاسئلة: هي غائبة أو مغيبة؟.. لم يستطع أحد الإجابة عنه بوضوح. فنسيمة عهدناها دائما «جاهزة» ولاتنتظر سوى «الخيط الأبيض» لتعود بإطلالتها الجذابة 2008/12/8
|
|
|
|
|
الإتحاد الإشتراكي |