القرآن المتعبد به هو القراءات القرآنية المتواترة
صفحة 1 من اصل 1
القرآن المتعبد به هو القراءات القرآنية المتواترة
من خلال هذه
الحلقات العلمية القيمة، سنجول مع الدكتور التهامي الراجي الهاشمي في
حدائق القراءات القرآنية المتواترة، حيث، سيمهد للقارئ ـ بفضل خبرته
الطويلة في هذا الميدان العلمي الذي يصح أن نقول إنه حجة فيه ـ الطريق إلى
اكتشاف كنوز هذه القراءات، تاريخا، وحفظا، وأداء، وقواعد، وأسرارا.
بقلم: الدكتور التهامي الراجي الهاشمي "1"
أعتقد
أنه يحسن، قبل الشروع في بسط هذا الموضوع، أن نقدم تحديدا ، ولو مقتضبا،
للأجزاء الثلاثة المكونة لعنوان هذا البحث وهي: أولا: «المتعبد به» ثانيا:
«التواتر». سأعرف بهذين الجزأين باختصار شديد. ثالثا: القراءات، وهو الجزء
الذي سنقف عنده طويلا لأنه هو قطب الرحى في موضوعنا، يقصد إذن ب:
1) ـ
القرآن المتعبد به:: الروايات القرآنية غير الشاذة، وهي كل قراءة وافقت
العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف ولو احتمالا وصح سندها.
2) ـ
المتواترة: الروايات القرآنية المتواترة هي التي نقلتها جماعة عن جماعة عن
جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا.
3)
ـ القراءات: القراءات التي سأتحدث عنها بالدرجة الأولى هي القراءات السبع
ثم أعرج بعدها تارة على القراءات الثلاث المتممة للعشر وأخرى على القراءات
الأربع فوق العشر. ومعلوم أن القراءات الأربع هي التي يشارك فيها كل:
*أولا
من إمام المدينة المنورة أبي رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي
الذي تلقى القراءة عن سبعين من التابعين منهم أبو جعفر يزيد بن القعقاع
والقاضي شيبة بن نصاح ومسلم بن جندب الهذلي وغيرهم. لقد حظي هذا القارئ
عند المغاربة بالرتبة الأولى. لذا تراه مذكورا عندهم في الصدارة. التحق،
رحمه الله، بالرفيق الأعلى بالمدينة المنورة سنة 199 هـ . أشهر الرواة عن
قارئ المدينة هذا اثنان؛ هما:
الأول: قالون الذي لايقرأ بروايته الآن
في العالم الإسلامي إلا إخواننا في تونس وليبيا. وبسبب مواظبتهما للتعبد
بهذه الرواية، طبعاها ـ جزاهما الله خيرا ـ وأعادا طباعتها مرارا وبأحجام
مختلفة. وأحسن طبعة وأتقنها بالنسبة لتونس هي التي صدرت في 8 رمضان 1397
هـ . يحسن ، بهذه المناسبة، أن أشير الى أن تونس طبعت ونشرت بين المسلمين،
جزاها الله خيرا، مصحفا فريدا برواية حفص لم يعرف مثله العالم الإسلامي
أبدا. لقد وضع ناسخه في كل صفحة حزبا كاملا (أي نصف الجزء كما يقول
إخواننا هناك في الشرق). جاء إذن هذا المصحف الفريد الذي أعتز به أشد
الاعتزاز في ستين صفحة واضحة ومقروءة بسهولة. أما بالنسبة لليبيا فأحسن
طبعة وأجودها هي التي ظهرت في 20 رمضان 1399. اسم هذا الراوي الكامل هو:
عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى بن عبد الصمد و (قالون) لقب لقبه به شيخه
نافع. كان هذا الراوي، رحمه الله، أصم شديد الصمم، كان لا يسمع البرق ولا
حتى صوت الرعد، لكن إذا قرئ عليه القرآن سمعه. توفي بالمدينة المنورة سنة
220 في عهد الخليفة المأمون عندما أقول: لايقرأ بهذه الرواية الآن في
العالم الإسلامي إلا إخواننا في تونس وليبيا لاأقصد أنهم يقرأون برواية
قالون ذاتها؛ لأن الرواية «كمية» وليست «واحدة» فكيف يستطيع القارئ أن
يقرأ بكمية (أي بمجموعة من الصيغ تختلف هنا وهناك)، إنه لايستطيع أن يقرأ
إلا بواحدة (أي بصيغة واحدة). يسمي أئمتنا «الوحدة» من الرواية التي يقرأ
بها إخواننا المذكورون ب (الطريق) والطريق التي تقرأ بها الآن رواية قالون
في تونس وليبيا هي طريق أبي نشيط.
الثاني: ورش الذي لايقرأ بروايته
الآن في العالم الإسلامي إلا أهل المغرب وموريتانيا والجزائر وبعض أهالي
بلدان افريقيا المجاورة للمغرب والجزائر. أما المغرب فقد طبع هذه الرواية
مرارا وتكرارا؛ وأحسن طبعة لها توجد في السوق الآن هي الطبعة المعروفة ب
«مصحف الحسن الثاني» وهي طبعة محلاة بألوان زاهية و بخط مغربي رفيع وبإطار
مزخرف بفن يختلف شكله كل سبعة أحزاب (أي كل ثلاثة أجزاء ونصف الجزء كما
يقول إخواننا المشارقة). صدرت هذه الرواية في المغرب بأحجام صغيرة ومتوسطة
وكبيرة.أما الجزائر فقد أصدرت وزارتها في الشؤون الدينية هذه الرواية،
رواية ورش عن نافع سنة 1405 هـ وهي رواية دقيقة خالية من الخطأ لكن بأوراق
متواضعة بكل أسف وبأطر بسيطة للغاية.
الاسم الكامل لورش هو: عثمان بن
سعيد بن عبد الله المصري؛ ورش لقب له، لقبه به الإمام نافع نفسه لشدة
بياضه. كان جيد القراءة، حسن الصوت، انتهت إليه رئاسة الإقراء بمصر في
زمانه؛ توفي، رحمه الله سنة سبع ومائة عن سبع وثمانين سنة.
* ثانيا من
إمام مكة المكرمة ابن كثير المكي؛ هو عبد الله بن كثير بن عمر بن عبد الله
بن زادان بن فيروز بن هرمز. ولد هذا الإمام بمكة المكرمة سنة 45 هـ وتوفي
بها رحمه الله سنة 120 هـ. تلقى هذا الإمام القراءة عن أبي السائب الذي
تلقاها عن أبي بن كعب الذي قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قرأ
على درباس الذي تلقى بدوره القراءة على عبد الله بن عباس الذي سمعها من
رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقراءته إذن متواترة (وسأبين إن شاء الله
معنى «متواترة») فيما بعد.
أشهر الرواة عن قارئ مكة المكرمة هذا اثنان
أيضا، هما: الأول: البزي، البزي هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن
نافع بن أبي بزة.. اسلم أبو بزة على يد السائب بن أبي السائب. ولد البزي
بمكة المكرمة سنة 170 هـ وتوفي بها سنة 250 هـ. أنا سعيد أن أبشر القراء
الأعزاء بقرب صدور مصحف برواية البزي عن ابن كثير المكي؛ وهي رواية
متواترة عن رسول الله صلى عليه وسلم؛ تأخرنا، لجهلنا وبلادتنا وبعدنا عن
التعاليم السمحاء لديننا الحنيف، عن طبعها ونشرها والتقرب الى الله
بتلاوتها. لأننا حين ندعي أننا نتقرب الى الله بالقرآن ونحن نتلوه برواية
حفص أو نقرأه برواية ورش أو برواية قالون أو برواية الدوري عن البصري كما
يفعل إخواننا بالسودان نكون، ولاشك، مجانبين للصواب لأننا حين نقرأه
برواية من هذه الروايات لانتقرب اليه إلا بجزء من مراده؛ لأن مراده كاملا
هو في كل ما أمر سبحانه نبيه بتبليغه إلى الناس؛ مراده في القرآن ككل لافي
رواية واحدة منه. لذا أعتبر صدور مصحف كريم برواية البزي علاجا لهذا
الفراغ المخيف الذي كان من الواجب علينا ملأه من زمان إذ لايعقل أن نبقى
نتعبد، زمنا طويلا، بجزء فقط من مراد الله تعالى ويبقى علماؤنا الذين
يشرحون كتابه الكريم للناس يقولون لهم، وهم بصدد تحليل الآية مرتلة من
طرفهم برواية حفص أو بروايتي ورش وقالون «هذا مراد الله من كلامه »، في
حين ليس ما يقدمونه لهم إلا جزءا من مراده سبحانه. هذه الرواية من القرآن
التي أبشر القراء الأعزاء بقرب صدورها طبعت الآن والحمد لله برعاية «دار
القراءات القرآنية» بألمانيا بعد أن سهرت أكثر من سنتين على نسخها بيد
فنانين متخصصين ومراجعتها من طرف قراء متمكنين في رسم القرآن وضبطه وشكله.
لقد توجت دار القراءات جهودها بعرض الرواية المذكورة على علماء الأزهر
الشريف بمصر فحصلت من مجمع بحوثها الإسلامي على تزكية طبع مصحف البزي
ونشره بين المسلمين.
* الثاني: قنبل: هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن
خالد بن سعيد المخزومي بالولاء؛ هو من قبيلة يقال لها «القنابلة» لذا سمي
بقنبل. كان، رحمه الله، إماما كبيرا في القراءة انتهت إليه مشيخة الإقراء
بالحجاز. توفي بمكة سنة 291 هـ عن ست وتسعين سنة. رواية قنبل عن ابن كثير
تطبع الآن من طرف «دار القراءات بألمانيا» في
مطبعة:Bastian-Druck,Fohren,Rheinlandpfalz Deutschand وهي رواية صححت من
طرف جماعة من علماء المغرب المتخصصين في قراءة القرآن ورسمه وضبطه، وزكتها
لجنة مراجعة المصاحف التابعة لإدارة البحوث والتأليف والترجمة بمجمع
البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف. بهذا سيكون عندنا نحن في العالم
الإسلامي سبع روايات مطبوعة هي:
1 ـ رواية قالون عن نافع المدني.
2 ـ رواية ورش عن نافع المدني
3 ـ رواية البزي عن ابن كثير المكي
4 ـ رواية قنبل عن ابن كثير المكي.
5 ـ رواية الدوري عن البصري.
6 ـ رواية شعبة عن عاصم
7 ـ رواية حفص عن عاصم.
أما
الروايتان الأولى والثانية وهما روايتا المدينة المنورة فلا يقرأ بهما
الآن إلا مسلمو شمال الإفريقي وبعض من مسلمي البلدان المحاذية للجزائر
والمغرب؛ وهما كما قلنا مطبوعتان متداولتان بين الناس.
أما الروايتان
الثالثة والرابعة وهما روايتا مكة المكرمة فلا يقرأ بهما أحد الآن عدا،
طبعا، أساتذة وطلبة مدارس القراءات القرآنية؛ مدارس أصبحت، بكل أسف، تقل
شيئا فشيئا؛ والأمل في الله أن يقع الاهتمام بها سواء من الجمعيات الخيرية
أومن الدوائر الرسمية. شيء واحد يثلج صدورنا في هذا المضمار هو تأسيس كرسي
القراءات القرآنية بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء الذي أمر المغفور له
الحسن الثاني بإحداثه، وهو، والحمد لله، يقوم بما يفرضه عليه الواجب
برعاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي لاتألو جهدا ـ جزاها الله
خيرا ـ لتقدمه وتطويره، ساهرة، بكل جدية، على اختيار الطلبة الذين يتابعون
دروسه. أما الرواية الخامسة؛ رواية الدوري عن البصري، فلا يقرأ بها الآن
إلا أهل السودان وجزء من أهل التشاد لاسيما المناطق الشرقية منه وعلى
الخصوص مدينة زبشي وهي العاصمة العلمية لهذه الأقاليم. طبعت هذه الرواية
مرارا؛ أعتقد، والله أعلم، أن أولها كانت تعرف ب «مصحف الجنرال النميري»
ثم طبعت في مدينة تريم حضر موت باليمن.
وطبعت الرواية السادسة رواية
شعبه عن عاصم بالسرم العثماني والضبط الملون تحت رعاية السلطان الحاج حسن
البلقية سلطان بروني دار السلام في سنة 1427 ه ـ موافق 2006 م.
هي طبعة
جيدة للغاية لاتوجد في أسواقنا المغربية لحد الآن بكل أسف. أما أنا
فوصلتني نسخ منها أمدني بها، جزاه الله عني خيرا، الزميل الدكتور أشرف
محمد فؤاد طلعت الذي يعمل هناك في بروني في ديوان جلالة السلطان الحاج حسن
البلقيه.
أما الرواية السابعة، رواية حفص عن عاصم فمطبوعة متداولة
بكثرة وهي الرواية التي يقرأ بها القرآن الكريم جل المسلمين عدا شمال
إفريقية والسودان وجزء من التشاد. آخر طبعة لهذه الرواية هي تلك التي أمر
بطبعها بعد تصحيحها تصحيحا دقيقا من طرف علماء متخصصين الشيخ مكتوم بن
راشد آل مكتوم وقد طبع منها بأحجام مختلفة آلاف من النسخ وزعت مجانا على
المساجد والمؤسسات العلمية. هذه هي الروايات المطبوعة من القرآن الكريم.
أما الروايات الأخرى التي لم تطبع لحد الآن فهي:
1 ـ رواية السوسي عن أبي عمرو البصري
2 ـ رواية هشام عن ابن عامر الشامي
3 ـ رواية ابن كوان عن ابن عامر الشامي
4 ـ رواية خلف عن حمزة الزيات
5 ـ رواية خلاد عن حمزة الزيات
6 ـ رواية أبي الحارث عن الكسائي
7 ـ رواية الدوري عن الكسائي.
نلاحظ
إذن أن سبعا من الروايات المتواترة فقط هي التي رأت النور حتى الآن أما
السبع الأخرى المتممة للأربع عشر فتنتظر من يتفضل علينا فيمتع العالم
الإسلامي بظهورها، مصححة مطبوعة لنتقرب الى ربنا بتلاوتها وأعتقد أن أول
من سينال شرف طبعها ونشرها على الناس هي دار القراءات بألمانيا جزاها الله
خيرا عنا وعن المسلمين أجمعين.
جريدة العلم
الحلقات العلمية القيمة، سنجول مع الدكتور التهامي الراجي الهاشمي في
حدائق القراءات القرآنية المتواترة، حيث، سيمهد للقارئ ـ بفضل خبرته
الطويلة في هذا الميدان العلمي الذي يصح أن نقول إنه حجة فيه ـ الطريق إلى
اكتشاف كنوز هذه القراءات، تاريخا، وحفظا، وأداء، وقواعد، وأسرارا.
بقلم: الدكتور التهامي الراجي الهاشمي "1"
أعتقد
أنه يحسن، قبل الشروع في بسط هذا الموضوع، أن نقدم تحديدا ، ولو مقتضبا،
للأجزاء الثلاثة المكونة لعنوان هذا البحث وهي: أولا: «المتعبد به» ثانيا:
«التواتر». سأعرف بهذين الجزأين باختصار شديد. ثالثا: القراءات، وهو الجزء
الذي سنقف عنده طويلا لأنه هو قطب الرحى في موضوعنا، يقصد إذن ب:
1) ـ
القرآن المتعبد به:: الروايات القرآنية غير الشاذة، وهي كل قراءة وافقت
العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف ولو احتمالا وصح سندها.
2) ـ
المتواترة: الروايات القرآنية المتواترة هي التي نقلتها جماعة عن جماعة عن
جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا.
3)
ـ القراءات: القراءات التي سأتحدث عنها بالدرجة الأولى هي القراءات السبع
ثم أعرج بعدها تارة على القراءات الثلاث المتممة للعشر وأخرى على القراءات
الأربع فوق العشر. ومعلوم أن القراءات الأربع هي التي يشارك فيها كل:
*أولا
من إمام المدينة المنورة أبي رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي
الذي تلقى القراءة عن سبعين من التابعين منهم أبو جعفر يزيد بن القعقاع
والقاضي شيبة بن نصاح ومسلم بن جندب الهذلي وغيرهم. لقد حظي هذا القارئ
عند المغاربة بالرتبة الأولى. لذا تراه مذكورا عندهم في الصدارة. التحق،
رحمه الله، بالرفيق الأعلى بالمدينة المنورة سنة 199 هـ . أشهر الرواة عن
قارئ المدينة هذا اثنان؛ هما:
الأول: قالون الذي لايقرأ بروايته الآن
في العالم الإسلامي إلا إخواننا في تونس وليبيا. وبسبب مواظبتهما للتعبد
بهذه الرواية، طبعاها ـ جزاهما الله خيرا ـ وأعادا طباعتها مرارا وبأحجام
مختلفة. وأحسن طبعة وأتقنها بالنسبة لتونس هي التي صدرت في 8 رمضان 1397
هـ . يحسن ، بهذه المناسبة، أن أشير الى أن تونس طبعت ونشرت بين المسلمين،
جزاها الله خيرا، مصحفا فريدا برواية حفص لم يعرف مثله العالم الإسلامي
أبدا. لقد وضع ناسخه في كل صفحة حزبا كاملا (أي نصف الجزء كما يقول
إخواننا هناك في الشرق). جاء إذن هذا المصحف الفريد الذي أعتز به أشد
الاعتزاز في ستين صفحة واضحة ومقروءة بسهولة. أما بالنسبة لليبيا فأحسن
طبعة وأجودها هي التي ظهرت في 20 رمضان 1399. اسم هذا الراوي الكامل هو:
عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى بن عبد الصمد و (قالون) لقب لقبه به شيخه
نافع. كان هذا الراوي، رحمه الله، أصم شديد الصمم، كان لا يسمع البرق ولا
حتى صوت الرعد، لكن إذا قرئ عليه القرآن سمعه. توفي بالمدينة المنورة سنة
220 في عهد الخليفة المأمون عندما أقول: لايقرأ بهذه الرواية الآن في
العالم الإسلامي إلا إخواننا في تونس وليبيا لاأقصد أنهم يقرأون برواية
قالون ذاتها؛ لأن الرواية «كمية» وليست «واحدة» فكيف يستطيع القارئ أن
يقرأ بكمية (أي بمجموعة من الصيغ تختلف هنا وهناك)، إنه لايستطيع أن يقرأ
إلا بواحدة (أي بصيغة واحدة). يسمي أئمتنا «الوحدة» من الرواية التي يقرأ
بها إخواننا المذكورون ب (الطريق) والطريق التي تقرأ بها الآن رواية قالون
في تونس وليبيا هي طريق أبي نشيط.
الثاني: ورش الذي لايقرأ بروايته
الآن في العالم الإسلامي إلا أهل المغرب وموريتانيا والجزائر وبعض أهالي
بلدان افريقيا المجاورة للمغرب والجزائر. أما المغرب فقد طبع هذه الرواية
مرارا وتكرارا؛ وأحسن طبعة لها توجد في السوق الآن هي الطبعة المعروفة ب
«مصحف الحسن الثاني» وهي طبعة محلاة بألوان زاهية و بخط مغربي رفيع وبإطار
مزخرف بفن يختلف شكله كل سبعة أحزاب (أي كل ثلاثة أجزاء ونصف الجزء كما
يقول إخواننا المشارقة). صدرت هذه الرواية في المغرب بأحجام صغيرة ومتوسطة
وكبيرة.أما الجزائر فقد أصدرت وزارتها في الشؤون الدينية هذه الرواية،
رواية ورش عن نافع سنة 1405 هـ وهي رواية دقيقة خالية من الخطأ لكن بأوراق
متواضعة بكل أسف وبأطر بسيطة للغاية.
الاسم الكامل لورش هو: عثمان بن
سعيد بن عبد الله المصري؛ ورش لقب له، لقبه به الإمام نافع نفسه لشدة
بياضه. كان جيد القراءة، حسن الصوت، انتهت إليه رئاسة الإقراء بمصر في
زمانه؛ توفي، رحمه الله سنة سبع ومائة عن سبع وثمانين سنة.
* ثانيا من
إمام مكة المكرمة ابن كثير المكي؛ هو عبد الله بن كثير بن عمر بن عبد الله
بن زادان بن فيروز بن هرمز. ولد هذا الإمام بمكة المكرمة سنة 45 هـ وتوفي
بها رحمه الله سنة 120 هـ. تلقى هذا الإمام القراءة عن أبي السائب الذي
تلقاها عن أبي بن كعب الذي قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قرأ
على درباس الذي تلقى بدوره القراءة على عبد الله بن عباس الذي سمعها من
رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقراءته إذن متواترة (وسأبين إن شاء الله
معنى «متواترة») فيما بعد.
أشهر الرواة عن قارئ مكة المكرمة هذا اثنان
أيضا، هما: الأول: البزي، البزي هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن
نافع بن أبي بزة.. اسلم أبو بزة على يد السائب بن أبي السائب. ولد البزي
بمكة المكرمة سنة 170 هـ وتوفي بها سنة 250 هـ. أنا سعيد أن أبشر القراء
الأعزاء بقرب صدور مصحف برواية البزي عن ابن كثير المكي؛ وهي رواية
متواترة عن رسول الله صلى عليه وسلم؛ تأخرنا، لجهلنا وبلادتنا وبعدنا عن
التعاليم السمحاء لديننا الحنيف، عن طبعها ونشرها والتقرب الى الله
بتلاوتها. لأننا حين ندعي أننا نتقرب الى الله بالقرآن ونحن نتلوه برواية
حفص أو نقرأه برواية ورش أو برواية قالون أو برواية الدوري عن البصري كما
يفعل إخواننا بالسودان نكون، ولاشك، مجانبين للصواب لأننا حين نقرأه
برواية من هذه الروايات لانتقرب اليه إلا بجزء من مراده؛ لأن مراده كاملا
هو في كل ما أمر سبحانه نبيه بتبليغه إلى الناس؛ مراده في القرآن ككل لافي
رواية واحدة منه. لذا أعتبر صدور مصحف كريم برواية البزي علاجا لهذا
الفراغ المخيف الذي كان من الواجب علينا ملأه من زمان إذ لايعقل أن نبقى
نتعبد، زمنا طويلا، بجزء فقط من مراد الله تعالى ويبقى علماؤنا الذين
يشرحون كتابه الكريم للناس يقولون لهم، وهم بصدد تحليل الآية مرتلة من
طرفهم برواية حفص أو بروايتي ورش وقالون «هذا مراد الله من كلامه »، في
حين ليس ما يقدمونه لهم إلا جزءا من مراده سبحانه. هذه الرواية من القرآن
التي أبشر القراء الأعزاء بقرب صدورها طبعت الآن والحمد لله برعاية «دار
القراءات القرآنية» بألمانيا بعد أن سهرت أكثر من سنتين على نسخها بيد
فنانين متخصصين ومراجعتها من طرف قراء متمكنين في رسم القرآن وضبطه وشكله.
لقد توجت دار القراءات جهودها بعرض الرواية المذكورة على علماء الأزهر
الشريف بمصر فحصلت من مجمع بحوثها الإسلامي على تزكية طبع مصحف البزي
ونشره بين المسلمين.
* الثاني: قنبل: هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن
خالد بن سعيد المخزومي بالولاء؛ هو من قبيلة يقال لها «القنابلة» لذا سمي
بقنبل. كان، رحمه الله، إماما كبيرا في القراءة انتهت إليه مشيخة الإقراء
بالحجاز. توفي بمكة سنة 291 هـ عن ست وتسعين سنة. رواية قنبل عن ابن كثير
تطبع الآن من طرف «دار القراءات بألمانيا» في
مطبعة:Bastian-Druck,Fohren,Rheinlandpfalz Deutschand وهي رواية صححت من
طرف جماعة من علماء المغرب المتخصصين في قراءة القرآن ورسمه وضبطه، وزكتها
لجنة مراجعة المصاحف التابعة لإدارة البحوث والتأليف والترجمة بمجمع
البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف. بهذا سيكون عندنا نحن في العالم
الإسلامي سبع روايات مطبوعة هي:
1 ـ رواية قالون عن نافع المدني.
2 ـ رواية ورش عن نافع المدني
3 ـ رواية البزي عن ابن كثير المكي
4 ـ رواية قنبل عن ابن كثير المكي.
5 ـ رواية الدوري عن البصري.
6 ـ رواية شعبة عن عاصم
7 ـ رواية حفص عن عاصم.
أما
الروايتان الأولى والثانية وهما روايتا المدينة المنورة فلا يقرأ بهما
الآن إلا مسلمو شمال الإفريقي وبعض من مسلمي البلدان المحاذية للجزائر
والمغرب؛ وهما كما قلنا مطبوعتان متداولتان بين الناس.
أما الروايتان
الثالثة والرابعة وهما روايتا مكة المكرمة فلا يقرأ بهما أحد الآن عدا،
طبعا، أساتذة وطلبة مدارس القراءات القرآنية؛ مدارس أصبحت، بكل أسف، تقل
شيئا فشيئا؛ والأمل في الله أن يقع الاهتمام بها سواء من الجمعيات الخيرية
أومن الدوائر الرسمية. شيء واحد يثلج صدورنا في هذا المضمار هو تأسيس كرسي
القراءات القرآنية بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء الذي أمر المغفور له
الحسن الثاني بإحداثه، وهو، والحمد لله، يقوم بما يفرضه عليه الواجب
برعاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي لاتألو جهدا ـ جزاها الله
خيرا ـ لتقدمه وتطويره، ساهرة، بكل جدية، على اختيار الطلبة الذين يتابعون
دروسه. أما الرواية الخامسة؛ رواية الدوري عن البصري، فلا يقرأ بها الآن
إلا أهل السودان وجزء من أهل التشاد لاسيما المناطق الشرقية منه وعلى
الخصوص مدينة زبشي وهي العاصمة العلمية لهذه الأقاليم. طبعت هذه الرواية
مرارا؛ أعتقد، والله أعلم، أن أولها كانت تعرف ب «مصحف الجنرال النميري»
ثم طبعت في مدينة تريم حضر موت باليمن.
وطبعت الرواية السادسة رواية
شعبه عن عاصم بالسرم العثماني والضبط الملون تحت رعاية السلطان الحاج حسن
البلقية سلطان بروني دار السلام في سنة 1427 ه ـ موافق 2006 م.
هي طبعة
جيدة للغاية لاتوجد في أسواقنا المغربية لحد الآن بكل أسف. أما أنا
فوصلتني نسخ منها أمدني بها، جزاه الله عني خيرا، الزميل الدكتور أشرف
محمد فؤاد طلعت الذي يعمل هناك في بروني في ديوان جلالة السلطان الحاج حسن
البلقيه.
أما الرواية السابعة، رواية حفص عن عاصم فمطبوعة متداولة
بكثرة وهي الرواية التي يقرأ بها القرآن الكريم جل المسلمين عدا شمال
إفريقية والسودان وجزء من التشاد. آخر طبعة لهذه الرواية هي تلك التي أمر
بطبعها بعد تصحيحها تصحيحا دقيقا من طرف علماء متخصصين الشيخ مكتوم بن
راشد آل مكتوم وقد طبع منها بأحجام مختلفة آلاف من النسخ وزعت مجانا على
المساجد والمؤسسات العلمية. هذه هي الروايات المطبوعة من القرآن الكريم.
أما الروايات الأخرى التي لم تطبع لحد الآن فهي:
1 ـ رواية السوسي عن أبي عمرو البصري
2 ـ رواية هشام عن ابن عامر الشامي
3 ـ رواية ابن كوان عن ابن عامر الشامي
4 ـ رواية خلف عن حمزة الزيات
5 ـ رواية خلاد عن حمزة الزيات
6 ـ رواية أبي الحارث عن الكسائي
7 ـ رواية الدوري عن الكسائي.
نلاحظ
إذن أن سبعا من الروايات المتواترة فقط هي التي رأت النور حتى الآن أما
السبع الأخرى المتممة للأربع عشر فتنتظر من يتفضل علينا فيمتع العالم
الإسلامي بظهورها، مصححة مطبوعة لنتقرب الى ربنا بتلاوتها وأعتقد أن أول
من سينال شرف طبعها ونشرها على الناس هي دار القراءات بألمانيا جزاها الله
خيرا عنا وعن المسلمين أجمعين.
جريدة العلم
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: القرآن المتعبد به هو القراءات القرآنية المتواترة
قلنا إننا لانستطيع ان نتحدث عن هذا الموضوع ونستفيد منه كما ينبغي أن نستفيد إلا إذا فهمنا مكونات عنوان البحث التي هي بالتتابع: «القراءات» أولا و «المتواترة» ثانيا. أما «القراءات» فقد خصصنا لتوضيحها الحلقات السابقة واعتقد أنها، بعون الله وقوته اتضحت بما فيه الكفاية وأما «التواتر» فأعيد تعريفها مع زيادة توضيحه أكثر فأقول: المراد بالتواتر ما رواه جماعة عن جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب من البداية الى النهاية من غير تعيين عدد على الصحيح، وقيل بالتعيين ستة أو اثنا عشر أو عشرون أو أربعون أو سبعون؛ معنى هذا ان ماجاء مجيء الآحاد كما يروي مثلا أبو عائشة مسروق بن الأجدع بن مالك عن أبي بكر الحرف «نَشَراً» بفتح النون والشين في قوله تعالى: «وهو الذي يُرسِل الرياح نشرا بين يديه..» ولأنه يرويه عنه وحده فلا يثبت قرآنا. لقد جزم بهذا القول أبو القاسم النووي في شرح طيبة شيخه متعقبا به لكلامه فقال: «عدم اشتراط التواتر قول حادث مخالف لإجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم لأن القرآن عند الجمهور من أئمة المذاهب الأربعة هو: «مانقل بين دفتي المصحف نقلا متواترا» وكل من قال بهذا الحد اشترط التواتر كما قال ابن الحاجب. وحينئذ فلابد من التواتر عند الأئمة الأربعة. بهذا صرح جماعة كابن عبد البر وابن عطية والنووي والزركشي والسبكي والإسناوي والأدرعي، وعلى ذلك أجمع القراء ولم يخالف من المتأخرين إلا مكي وتبعه بعضهم (ابن البناء؛ الإتحاف، الجزء الأول، صفحة 71). يحسن أن نعلم، بادئ ذي بدء، أن الاعتماد في نقل القراءات يكون أولا وقبل كل شيء على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب وهذا أعظم شرف خص به الحق سبحانه وتعالى هذه الأمة. جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن ربي قال: قم في قريش فانذر هم فقلت له: «رب إذا يثلغوا رأسي حتى يدعوه خبزةً»، قال: مبتليك ومُبّتليكَ ومبتلىء بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرأه نائما ويقظانا فابعث جندا أبعث مثلهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وأنفق ينفق عليك». أخبرنا ربنا إذن أن القرآن لايحتاج في حفظه الى صحيفة تغسل بالماء بل يقرأه القارئ منا في كل حال كما جاء في صفة أمته: «أناجيلهم في صدورهم» لذا أقام الله له أئمة ثقات تجردوا لتصحيحه وبذلوا أنفسهم في إتقانه وتلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم حرفا حرفا لم يهملوا منه حركة ولاسكونا ولا إثباتا ولاحذفا ولا دخل عليهم في شيء منه شك ولا وهم. كان منهم من حفظه كله ومنهم من حفظ أكثره ومنهم من حفظ بعضه، كل ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن التواتر لايكون تواترا صحيحا ينقل صدقا إلا إذا كان الناقلون الأولون ثقات متصفين بالنزاهة والصدق. لننظر من هم الناقلون الأولون الذين نقلوا القرآن الكريم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكل من نقله عنه صلى الله عليه وسلم بعد سماعه منه، فهو من صحابته الكرام رضوان الله عليهم. أحسن من أخبرنا بهذا هو الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في أول كتابه في القراءات، ذكر، رحمه الله ، من الصحابة: أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعليا بن ابي طالب وطلحة وسعدا وابن مسعود وحذيفة وسالما وأبا هريرة وابن عمرو ابن عباس وعمرو بن العاص وابن عبد الله ومعاوية وابن الزبير وعبد الله ابن السائب وعائشة وحفصة وأم سلمة؛ هؤلاء كلهم من المهاجرين. وذكر من الأنصار ابي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء وزيد بن ثابت وابا زيد ومجمع بن جارية وأنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين. لمحة موجزة عن قراءة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أما أبو بكر الصديق، صاحب رسول الله صلى لله عليه وسلم وخليفته وخير الخلق بعده فذكره الإمام الداني قائلا: «وردت الرواية عنه في حروف القرآن». هو أول من جمع القرآن في مصحف . يقول لنا شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن الجزري في غاية النهاية: «إنه سمع شيخه الحافظ ابا الفداء اسماعيل بن كثير يقول: أنا لاأشك في أن أبا بكر قرأ القرآن «ثم زاده قائلا: «رأيت نص الإمام ابي حسن الأشعري رحمه الله على حفظه القرآن مستدلا على ذلك بدليل لايرد وهو أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قدمه للإمامة ولم يكن صلى الله عليه وسلم ليأمر بأمر ثم يخالفه بلا سبب؛ فلولا أن أبا بكر رضي الله عنه كان متصفا بما يقدمه في الإمامة على سائر الصحابة وهو القراءة لما قدمه. يروى عن ابي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: «رآني النبي صلى الله عليه وسلم أمشي أمام أبي بكر، فقال: «يا أبا الدرداء أتمشي أمام من هو خير منك في الدنيا والآخرة، ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر. يروى أن أبا عائشة مسروق بن الأجدع بن مالك يروي عن أبي بكر الحرف «نشراً» بفتح النون والشين في قوله تعالى: «وهو الذي يرسل الرياح نشراً بين يديه...» في الاعراف، آية 57 وفي الفرقان، آية 48 وفي النمل، آية 63. لقد اختلف في قراءة هذه اللفظة حتى القراء الذين يروون القراءة المتواترة سواء كانوا من القراء السبعة أو من الثلاثة المتممة للعشرة أو من الأربعة الذين هم فوق العشرة. وفعلا لقد قرأها نافع المدني وابن كثير المكي وأبو عمرو البصري من السبعة: «نشرا» بضم النون والشين، جمع « ناشر» : كـ (نازل) و (نزل) و (شارف) و(شرف)؛ وافقهم ابو جعفر ويعقوب من القراء الثلاثة المتممين للعشرة كما اندرج معهم ابن محيصن واليزيدي من الأربعة الذين هم فوق العشرة. أما ابن عامل الشامي فقرأها: «نشرا» بالنون مضمومة وإسكان الشين وهي مخففة من قراءة الضم. وقرأ عاصم: «بشرا» بالباء الموحدة المضمومة وإسكان الشين في الآيات المذكورة، جمع «بشير» «كـ (نذر) و (نذر). وقرأ حمزة والكسائي من السبعة وخلف من الثلاثة المتممة للعشرة: «نشرا»بالنون المفتوحة وسكون الشين، مصدر وقع موقع الحال، بمعنى «ناشرة» أو «منشورة » أو «ذات نشر» وافقهم الأعمش من الأربعة. كما يروي عنه آخرون «يابشريَّ» في سورة يوسف، الآية 39 بتشديد الياء. يروى أنه ، رضي الله عنه، قرأ عند خروج نفسه الآية 19 من سورة ق هكذا: «وجاءت سكرة الحق بالموت «مقدما قوله «الحق» على قوله «بالموت» وهو ما قرأ به ايضا سعيد بن جبير وطلحة. يقول لنا اللغوي الكبير أبو الفتح عثمان بن جني في الصفحة 383 من الجزء الثاني من محتسبه: «لك في هذه الباء اللاحقة بقوله: «الموت» ضربان من التقدير: «إن شئت علقتها بنفس «جاءت» كقولك: جئت بزيد، أي: أحضرته وأجأته. وإن شئت علقته بمحذوف وجعلتها حالا، أي: «وجاءت سكرة الحق ومعها الموت»، كقولنا: «خرج بثيابه. أي: وثيابه عليه. ومثله قول الله تعالى: «فخرج على قومه في زينته» (سورة القصص، الآية 29) أي: وزينته عليه ومثله قول الهذلي: يعثرن في حد الظبات كأنها كسيت برود بني يزيد الأذرعُ أي: يعثرن وهن في حد الظبات، وكقوله: (أنشده الأصمعي) ومستنة كاستنان الخرو ف قد قطع الحبل بالمرود أي قطعه وفيه مردوه، وكذلك قراءة العامة:» وجاءت سكرة الموت بالحق «إن شئت علقت الباء بنفس «جاءت» على ما مضى. وإن شئت علقتها بمحذوف وجعلتها حالا؛ فكأنه قال: «وجاءت سكرة الموت ومعها الحق». فإن قلت: فكيف يجوز أن تقول: وجاءت سكرة الحق بالموت و«أنت تريد: «وجاءت سكرة الموت بالحق»، فيا ليت شعري أيتها الجائية بصاحبتها؟ قيل لاشتراكهما في الحال وقرب إحداهما من صاحبتها صار كأن كل واحدة منهما جائية بالأخرى لأنهما ازدحمتا في الحال واشتبكتا حتى صارت كل واحدة منهما جائية صاحبتها؛ كما يقول الرجلان المتوافيان في الوقت الواحد الى المكان ـ كل واحد منهما لصاحبه ـ: «لا أرى أأنا سبقتك أم أنت سبقتني». توفي أبو بكر الصديق يوم الاثنين لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وله ثلاث وستون سنة وكانت خلافته سنتين وأربعة أشهر إلا عشر ليال. بقلم: الدكتور التهامي الراجي الهاشمي-العلم 12/2/2009 |
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» القرآن المتعبد به هو القراءات القرآنية الـمتواترة لمحة موجزة عن قراءة أبي بن كعب، رضي الله عنه
» القرآن المتعبد به هو القراءات القرآنية الـمتواترة لمحة موجزة عن قراءة قتادة بن دعامة رضي الله عنه
» الكتاتيب القرآنية لعبت دورا هاما في تلقين اللغة العربية وتحفيظ القرآن الكريم وترسيخ الدين الإسلامي
» مشروعه الثاني الكبير «مدخل إلى القرآن الكريم» و«تفسير القرآن».. معنى أن يصبح الجابري ابن رشد القرن العشرين / لحسن العسبي
» القراءات
» القرآن المتعبد به هو القراءات القرآنية الـمتواترة لمحة موجزة عن قراءة قتادة بن دعامة رضي الله عنه
» الكتاتيب القرآنية لعبت دورا هاما في تلقين اللغة العربية وتحفيظ القرآن الكريم وترسيخ الدين الإسلامي
» مشروعه الثاني الكبير «مدخل إلى القرآن الكريم» و«تفسير القرآن».. معنى أن يصبح الجابري ابن رشد القرن العشرين / لحسن العسبي
» القراءات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى