البكاء بين يدي زرقاء اليمامة:أمل دنقل
صفحة 1 من اصل 1
البكاء بين يدي زرقاء اليمامة:أمل دنقل
أيتها العرافة المقدَّسةْ .. | |
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ | |
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة | |
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ. | |
أسأل يا زرقاءْ .. | |
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء | |
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة | |
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء | |
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء.. | |
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة ! | |
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !! | |
أسأل يا زرقاء .. | |
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ ! | |
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟ | |
كيف حملتُ العار.. | |
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ ! | |
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ ! | |
تكلَّمي أيتها النبية المقدسة | |
تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ | |
لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان .. | |
تلعق من دمي حساءَها .. ولا أردُّها ! | |
تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان | |
لا اللَّيل يُخفي عورتي .. كلا ولا الجدران ! | |
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها .. | |
ولا احتمائي في سحائب الدخان ! | |
.. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة | |
( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق | |
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ | |
وحين مات عَطَشاً في الصحَراء المشمسة .. | |
رطَّب باسمك الشفاه اليابسة .. | |
وارتخت العينان !) | |
فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟ | |
والضحكةَ الطروب : ضحكتهُ.. | |
والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟ | |
بديعة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 6241
العمر : 39
Localisation : الدارالبيضاء
Emploi : موظفة
تاريخ التسجيل : 03/04/2008
رد: البكاء بين يدي زرقاء اليمامة:أمل دنقل
أيتها النبية المقدسة .. | |
لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً .. | |
لكي أنال فضلة الأمانْ | |
قيل ليَ "اخرسْ .." | |
فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان ! | |
ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان | |
أجتزُّ صوفَها .. | |
أردُّ نوقها .. | |
أنام في حظائر النسيان | |
طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة . | |
وها أنا في ساعة الطعانْ | |
ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ | |
دُعيت للميدان ! | |
أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن .. | |
أنا الذي لا حولَ لي أو شأن .. | |
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ، | |
أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !! | |
تكلمي أيتها النبية المقدسة | |
تكلمي .. تكلمي .. | |
فها أنا على التراب سائلٌ دمي | |
وهو ظمئُ .. يطلب المزيدا . | |
أسائل الصمتَ الذي يخنقني : | |
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! " | |
أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!" | |
فمن تُرى يصدُقْني ؟ | |
أسائل الركَّع والسجودا | |
أسائل القيودا : | |
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! " | |
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! " | |
أيتها العَّرافة المقدسة .. | |
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟ | |
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ .. | |
فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار ! | |
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار .. | |
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار ! | |
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا .. | |
والتمسوا النجاةَ والفرار ! | |
ونحن جرحى القلبِ ، | |
جرحى الروحِ والفم . | |
لم يبق إلا الموتُ .. | |
والحطامُ .. | |
والدمارْ .. | |
وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ | |
ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ، | |
وفي ثياب العارْ | |
مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة ! | |
ها أنت يا زرقاءْ | |
وحيدةٌ ... عمياءْ ! | |
وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ | |
والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ ! | |
فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها | |
كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها. | |
في أعين الرجال والنساءْ !؟ | |
وأنت يا زرقاء .. | |
وحيدة .. عمياء ! | |
وحيدة .. عمياء ! |
موقع أدب (adab.com)
بديعة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 6241
العمر : 39
Localisation : الدارالبيضاء
Emploi : موظفة
تاريخ التسجيل : 03/04/2008
مواضيع مماثلة
» لهواة بجاون /الطيور
» قصائد اشعلت حروبا سياسية
» قراءة في قصيدة أمل دنقل: خطاب غير تاريخي على قبر صلاح الدين
» البكاء من خشية الله
» قصائد اشعلت حروبا سياسية
» قراءة في قصيدة أمل دنقل: خطاب غير تاريخي على قبر صلاح الدين
» البكاء من خشية الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى