عبد الهادي التازي يستعيد ذكرياته ويدعو للاهتمام بأدب الرحلة
صفحة 1 من اصل 1
عبد الهادي التازي يستعيد ذكرياته ويدعو للاهتمام بأدب الرحلة
بحزن عميق وشجن وعتاب كبيرين، بدأ الكاتب والمؤرخ والأديب والدبلوماسي، عبد الهادي التازي، حديثه عن كتابه "رحلتي الأولى إلى فرنسا 1952"، الصادرة، أخيرا، ترجمته إلى اللغة الفرنسية عن "دار سيروكو" بالدارالبيضاء
وقال إنه مازال يستطيع الكلام وتقديم المحاضرات، ولكن منظمي اللقاءات لا
يتصلون به، اعتقادا منهم أن تقدمه في السن يمنعه من المشاركة والإدلاء
برأيه في مواضيع معينة.
وأضاف التازي، عضو أكاديمية المملكة
المغربية، الذي خصصت له مؤسسة "أونا" لقاء لتقديم كتابه يوم الخميس الماضي
)15 أكتوبر الجاري(، بفيلا الفنون بالرباط، بحضور مجموعة من المناضلين
الوطنيين والكتاب وذويه، وعلى رأسهم حفيدته اسمهان التازي، التي قدمته
للحضور، أنه يحمد الله أنه وجد، أخيرا، من يسأل عنه ومن يهتم بما يكتب
لتقديمه. وأكد أن الرحلة عنصر قوي في تكوين الإنسان، لأنها تعرف المرء
بالآخرين وتجعله دائما على صلة بواقعهم. وأكد أن أدب الرحلة سيظل مهيمنا
على باقي أنواع الأدب أو الكتب، باعتباره يقدم الشخص الراحل ويكشف عن ذوقه
وشخصيته، داعيا إلى ضرورة الاهتمام بكتابات الرحالة قبل رحيلهم.
وقبل إعطاء التازي نبذة موجزة عن رحلته الأولى إلى فرنسا، التي ترجمها
بإبداع وعشق الباحث أحمد القصري، ذكرت حفيدته، التي تزامن تقديم كتاب جدها
مع عيد ميلادها الثالث والعشرين، أن رحلاته بالطائرة بلغت 1270رحلة، وأن
كتابه "رحلتي الأولى إلى فرنسا 1952" بقدر ما يكشف عن دهشته برحلته الأولى
إلى فرنسا، وعن العديد من المعلومات المتعلقة بالحضارة الفرنسية، وانخراط
المواطنين في بناء بلدهم بعد الحرب، بقدر ما يؤرخ لفترة مهمة من تاريخ
المغرب.
وبحس لا يخلو من الطرافة، استعرض التازي الدوافع التي كانت
وراء أول رحلة له إلى فرنسا، وعددا من الوقائع التي تخللتها، إذ قال إن
زوجته كانت لها رفيقة فرنسية تعمل في حقل التعليم، وذات يوم دخلت تلك
السيدة إلى المستشفى، وظل ابنها "بيير" في بيت التازي، إلى أن شفيت أمه.
ومن باب رد الجميل، دعت أسرة تلك السيدة بفرنسا، التازي وزوجته إلى
زيارتهما بفرنسا، لكنه لم يكن يتوفر على جواز للسفر، لكونه تعرض للسجن
ثلاث مرات بسبب نضاله الوطني ضد المستعمر الفرنسي، فقامت تلك الأسرة بكل
ما يلزم، فحصل على الجواز، وقام بتلك الرحلة هو وزوجته.
فاجتمع
بعدد كبير من العائلات الفرنسية، واطلع على عاداتهم، وعلى جوانب كبيرة من
حضارتهم، كما تعرفوا هم أيضا على" الآخر" المغربي، الذي كانوا يعتقدون أنه
يعيش في نعيم في ظل الحماية الفرنسية، واكتشفوا العديد من التعاليم
الإسلامية، التي وجدوا أنها تتجاوب مع الدين المسيحي، في كثير من الأمور.
ويتضمن
كتاب "رحلتي الأولى إلى فرنسا 1952"، الذي صدر السنة الماضية باللغة
العربية عن "دار الحرف" في 144 صفحة من الحجم المتوسط، مجموعة من الصور
الفوتوغرافية الخاصة بعبد الهادي التازي وزوجته في فرنسا رفقة مضيفيهم
الفرنسيين، مرات باللباس التقليدي المغربي الجلباب واللثام، ومرات باللباس
العصري.
وفي دراسة مطولة حول هذا الكتاب، ذكر عبد الرحيم مؤدن،
رئيس "الجمعية المغربية في البحث في الرحلة"، أنه في نص عبد الهادي التازي
"نلمس خصائص الكتابة الرحلية المشتركة، عادة، بين النصوص الرحلية، ونلمس
في الوقت ذاته، خصائص نوعية كشف عنها النص بوسائل مختلفة".
الخصائص
المشتركة لهذه الرحلة حددها عبد الرحيم مؤدن في مرافقة القارئ للمرتحل في
رحلته، والانخراط في الوصف المقارن، الذي يكثر عادة في الرحلات المتجهة
إلى الخارج، وتفاعل الصور في الرحلة المتجهة نحو الخارج، الذي يعد مكونا
مركزيا في الكتابة الرحلية المنتسبة إلى هذا النوع، إلى جانب اعتماد
الرحالة على التوثيق الدقيق لكل المرئيات، أو المشاهدات من إنتاج حضاري
متوارث، أو مستحدث، تميزت به "باريس" قديما وحديثا. والأمر يتجاوز، حسب
مؤدن، "خاصية من خصائص الرحلة المشتركة، نحو مصداقية الكتابة الرحلية التي
انضوت تحت إطار النصوص المرجعية، ولكنها، في الوقت ذاته، ارتبطت بالتجربة
الذاتية للمرتحل، ما سمح للدارس بالتعامل مع محكيات السفر التي حملت خصائص
مميزة في السرد والوصف.
وأضاف مؤدن أن الخصائص المميزة لكتاب عبد
الهادي التازي "لا تعود إلى طبيعة كاتبه، التي كانت وراء ما أنجزه في
ميدان المعرفة والكتابة، خاصة التاريخية منها، ولا تعود إلى ما أنجزه من
أسفار ورحلات في أنحاء المعمور، بل تعود، فضلا عن السابق، إلى خصوصية
الكتابة ذاتها من خلال تغليب ضمير المتكلم على غيره من الضمائر، ما منح
النص خصوصية (أوتوبيوغرافية) قدمت للقارئ جانبا مهما من جوانب التفكير
والتدبير لدى شخصية الدكتور عبد الهادي التازي، وتقطيع النص، فضلا عن
اليوميات، إلى فصول وعناوين ومراحل ( المغاربة ومنطقة الألزاس - الوصول
إلى قنطرة كيهل على وادي الراين- وداعا باريز الفيحاء...)، وامتداد
التوثيق، أيضا، إلى توظيف الصورة ( صورة جواز السفر- الصور العائلية - صور
مختلفة....) في السياق اليومي للكتابة. هذا إضافة إلى أنسنة الأمكنة التي
برزت في الحديث الأليف عن المرئيات المختلفة، فضلا عن العلاقات الإنسانية
التي جمعته بجيرانه الفرنسيين، بالمغرب، أولا، وأثناء لقائه بهؤلاء
بالديار الفرنسية، ثانيا، خلال الارتحال.
ومن أهم خصائص هذه الرحلة
استنادها إلى نظام من الثنائيات التي انسحبت على المعجم المتوزع بين
اللغتين: العربية والفرنسية، بدافع الفائدة والإفادة معرفيا وحضاريا،
وثنائية الداخل والخارج، سواء تعلق ذلك بالمكان( المعروف فرنسا) في
مستوياته الطبيعية والحضارية والتاريخية، أو تعلق الأمر بالأحاسيس التي
ظلت مشدودة إلى الأهل والولد(سعد وبدر) وما يكتنف ذلك من شوق وغربة
وحنين".
شغل عبد الهادي التازي، المزداد سنة 1921، منصب سفير
للمغرب لدى كل من ليبيا والعراق، وإيران، والإمارات العربية المتحدة،
ومنصب مدير المعهد الجامعي للبحث العلمي. ساهم في تأسيس اتحاد كتاب المغرب
وأكاديمية المملكة المغربية.
وهو عضو في مجموعة من الهيئات
الثقافية العالمية من ضمنها: المجمع العلمي العراقي، ومجمع اللغة العربية
بالقاهرة، والمعهد العربي الأرجنتيني، ومجمع اللغة العربية الأردني، ومجمع
اللغة العربية بدمشق.
ومن أعماله: "تفسير سورة النور"، و"آداب
لامية العرب"، و"أعراس فاس"، و"في ظلال العقيدة"، و"ليبيا من خلال رحلة
الوزير الإسحاقي"، و"صقلية في مذكرات السفير ابن عثمان".
سعيدة شريف | المغربية
وقال إنه مازال يستطيع الكلام وتقديم المحاضرات، ولكن منظمي اللقاءات لا
يتصلون به، اعتقادا منهم أن تقدمه في السن يمنعه من المشاركة والإدلاء
برأيه في مواضيع معينة.
وأضاف التازي، عضو أكاديمية المملكة
المغربية، الذي خصصت له مؤسسة "أونا" لقاء لتقديم كتابه يوم الخميس الماضي
)15 أكتوبر الجاري(، بفيلا الفنون بالرباط، بحضور مجموعة من المناضلين
الوطنيين والكتاب وذويه، وعلى رأسهم حفيدته اسمهان التازي، التي قدمته
للحضور، أنه يحمد الله أنه وجد، أخيرا، من يسأل عنه ومن يهتم بما يكتب
لتقديمه. وأكد أن الرحلة عنصر قوي في تكوين الإنسان، لأنها تعرف المرء
بالآخرين وتجعله دائما على صلة بواقعهم. وأكد أن أدب الرحلة سيظل مهيمنا
على باقي أنواع الأدب أو الكتب، باعتباره يقدم الشخص الراحل ويكشف عن ذوقه
وشخصيته، داعيا إلى ضرورة الاهتمام بكتابات الرحالة قبل رحيلهم.
وقبل إعطاء التازي نبذة موجزة عن رحلته الأولى إلى فرنسا، التي ترجمها
بإبداع وعشق الباحث أحمد القصري، ذكرت حفيدته، التي تزامن تقديم كتاب جدها
مع عيد ميلادها الثالث والعشرين، أن رحلاته بالطائرة بلغت 1270رحلة، وأن
كتابه "رحلتي الأولى إلى فرنسا 1952" بقدر ما يكشف عن دهشته برحلته الأولى
إلى فرنسا، وعن العديد من المعلومات المتعلقة بالحضارة الفرنسية، وانخراط
المواطنين في بناء بلدهم بعد الحرب، بقدر ما يؤرخ لفترة مهمة من تاريخ
المغرب.
وبحس لا يخلو من الطرافة، استعرض التازي الدوافع التي كانت
وراء أول رحلة له إلى فرنسا، وعددا من الوقائع التي تخللتها، إذ قال إن
زوجته كانت لها رفيقة فرنسية تعمل في حقل التعليم، وذات يوم دخلت تلك
السيدة إلى المستشفى، وظل ابنها "بيير" في بيت التازي، إلى أن شفيت أمه.
ومن باب رد الجميل، دعت أسرة تلك السيدة بفرنسا، التازي وزوجته إلى
زيارتهما بفرنسا، لكنه لم يكن يتوفر على جواز للسفر، لكونه تعرض للسجن
ثلاث مرات بسبب نضاله الوطني ضد المستعمر الفرنسي، فقامت تلك الأسرة بكل
ما يلزم، فحصل على الجواز، وقام بتلك الرحلة هو وزوجته.
فاجتمع
بعدد كبير من العائلات الفرنسية، واطلع على عاداتهم، وعلى جوانب كبيرة من
حضارتهم، كما تعرفوا هم أيضا على" الآخر" المغربي، الذي كانوا يعتقدون أنه
يعيش في نعيم في ظل الحماية الفرنسية، واكتشفوا العديد من التعاليم
الإسلامية، التي وجدوا أنها تتجاوب مع الدين المسيحي، في كثير من الأمور.
ويتضمن
كتاب "رحلتي الأولى إلى فرنسا 1952"، الذي صدر السنة الماضية باللغة
العربية عن "دار الحرف" في 144 صفحة من الحجم المتوسط، مجموعة من الصور
الفوتوغرافية الخاصة بعبد الهادي التازي وزوجته في فرنسا رفقة مضيفيهم
الفرنسيين، مرات باللباس التقليدي المغربي الجلباب واللثام، ومرات باللباس
العصري.
وفي دراسة مطولة حول هذا الكتاب، ذكر عبد الرحيم مؤدن،
رئيس "الجمعية المغربية في البحث في الرحلة"، أنه في نص عبد الهادي التازي
"نلمس خصائص الكتابة الرحلية المشتركة، عادة، بين النصوص الرحلية، ونلمس
في الوقت ذاته، خصائص نوعية كشف عنها النص بوسائل مختلفة".
الخصائص
المشتركة لهذه الرحلة حددها عبد الرحيم مؤدن في مرافقة القارئ للمرتحل في
رحلته، والانخراط في الوصف المقارن، الذي يكثر عادة في الرحلات المتجهة
إلى الخارج، وتفاعل الصور في الرحلة المتجهة نحو الخارج، الذي يعد مكونا
مركزيا في الكتابة الرحلية المنتسبة إلى هذا النوع، إلى جانب اعتماد
الرحالة على التوثيق الدقيق لكل المرئيات، أو المشاهدات من إنتاج حضاري
متوارث، أو مستحدث، تميزت به "باريس" قديما وحديثا. والأمر يتجاوز، حسب
مؤدن، "خاصية من خصائص الرحلة المشتركة، نحو مصداقية الكتابة الرحلية التي
انضوت تحت إطار النصوص المرجعية، ولكنها، في الوقت ذاته، ارتبطت بالتجربة
الذاتية للمرتحل، ما سمح للدارس بالتعامل مع محكيات السفر التي حملت خصائص
مميزة في السرد والوصف.
وأضاف مؤدن أن الخصائص المميزة لكتاب عبد
الهادي التازي "لا تعود إلى طبيعة كاتبه، التي كانت وراء ما أنجزه في
ميدان المعرفة والكتابة، خاصة التاريخية منها، ولا تعود إلى ما أنجزه من
أسفار ورحلات في أنحاء المعمور، بل تعود، فضلا عن السابق، إلى خصوصية
الكتابة ذاتها من خلال تغليب ضمير المتكلم على غيره من الضمائر، ما منح
النص خصوصية (أوتوبيوغرافية) قدمت للقارئ جانبا مهما من جوانب التفكير
والتدبير لدى شخصية الدكتور عبد الهادي التازي، وتقطيع النص، فضلا عن
اليوميات، إلى فصول وعناوين ومراحل ( المغاربة ومنطقة الألزاس - الوصول
إلى قنطرة كيهل على وادي الراين- وداعا باريز الفيحاء...)، وامتداد
التوثيق، أيضا، إلى توظيف الصورة ( صورة جواز السفر- الصور العائلية - صور
مختلفة....) في السياق اليومي للكتابة. هذا إضافة إلى أنسنة الأمكنة التي
برزت في الحديث الأليف عن المرئيات المختلفة، فضلا عن العلاقات الإنسانية
التي جمعته بجيرانه الفرنسيين، بالمغرب، أولا، وأثناء لقائه بهؤلاء
بالديار الفرنسية، ثانيا، خلال الارتحال.
ومن أهم خصائص هذه الرحلة
استنادها إلى نظام من الثنائيات التي انسحبت على المعجم المتوزع بين
اللغتين: العربية والفرنسية، بدافع الفائدة والإفادة معرفيا وحضاريا،
وثنائية الداخل والخارج، سواء تعلق ذلك بالمكان( المعروف فرنسا) في
مستوياته الطبيعية والحضارية والتاريخية، أو تعلق الأمر بالأحاسيس التي
ظلت مشدودة إلى الأهل والولد(سعد وبدر) وما يكتنف ذلك من شوق وغربة
وحنين".
شغل عبد الهادي التازي، المزداد سنة 1921، منصب سفير
للمغرب لدى كل من ليبيا والعراق، وإيران، والإمارات العربية المتحدة،
ومنصب مدير المعهد الجامعي للبحث العلمي. ساهم في تأسيس اتحاد كتاب المغرب
وأكاديمية المملكة المغربية.
وهو عضو في مجموعة من الهيئات
الثقافية العالمية من ضمنها: المجمع العلمي العراقي، ومجمع اللغة العربية
بالقاهرة، والمعهد العربي الأرجنتيني، ومجمع اللغة العربية الأردني، ومجمع
اللغة العربية بدمشق.
ومن أعماله: "تفسير سورة النور"، و"آداب
لامية العرب"، و"أعراس فاس"، و"في ظلال العقيدة"، و"ليبيا من خلال رحلة
الوزير الإسحاقي"، و"صقلية في مذكرات السفير ابن عثمان".
سعيدة شريف | المغربية
ربيع- عدد الرسائل : 1432
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 04/07/2008
مواضيع مماثلة
» الشعر.. بالغذاء المتكامل يستعيد نموه الطبيعي
» نداء عاجل للاهتمام بالوضع الصحي للفنان المغربي المسرحي " إدريس التادلي"
» الرحلة المباركة/بقلم: مؤمن الهباء
» الرحلة العربية في ألف عام.. : اكتشـــــــــــــــــــــاف الذات والآخر/عبدالرحيم مؤدن
» لوكليزيو.،. : رواية الرحلة، رحلة الرواية/عبد الرحيم مؤذ ن
» نداء عاجل للاهتمام بالوضع الصحي للفنان المغربي المسرحي " إدريس التادلي"
» الرحلة المباركة/بقلم: مؤمن الهباء
» الرحلة العربية في ألف عام.. : اكتشـــــــــــــــــــــاف الذات والآخر/عبدالرحيم مؤدن
» لوكليزيو.،. : رواية الرحلة، رحلة الرواية/عبد الرحيم مؤذ ن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى