وسلام على عباده الذين اصطفى
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
وسلام على عباده الذين اصطفى
يقول الله ــ تعالىــ في محكم تنزيله: "الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس إن الله سميع بصير" الحج:.75
يقول صاحب صفوة التفاسير: الله سبحانه تجلت قدرته يختار رسلاً من الملائكة ليكونوا وسطاء لتبليغ الوحي إلي أنبيائه. ويختار رسلاً من البشر لتبليغ شرائع الدين لعباده.
وهذا الاصطفاء: هو انتقاء واختيار. فلقد اصطفي الله تعالي أمين الوحي جبريل عليه السلام ــ وهو أفضل الملائكة ــ ليكونوا السفير بين الحق سبحانه وبين الرسل. ثم اختار المولي جل شأنه الرسل من خيرة خلقه: خلقاً وخلقاً. وحسباً ونسباً. وعقلاً وذكاء وفطنة وأعظمهم سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ فهو صاحب النسب الأكمل والحسب الأفضل. ثم أفاض سبحانه عليه من الأنوار الربانية والأسرار الإلهية وخلع عليه حلل الكمال والجمال.
وكل رسول اصطفاه الله ــ تعالي ــ من خيرة خلقه» ولكن عظمهم وصفوة الصفوة هو سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ فقد أورد الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ أن رسول الله ــ صلي الله عليه وسلم ــ قال: بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً. حتي كنت من القرن الذي كنت منه.
أي: أنه ــ صلي الله عليه وسلم ــ انتقي واصطفي من قرون وقرون. ومن عهد أبي البشر آدم عليه السلام إلي يوم القيامة. حتي اصطفي من خير قرن مصطفي من خير القرون. فهو صفوة الصفوات. وخلاصة الخلاصات وهو ذروة الذروات وقمة القمم ــ صلي الله عليه وسلم.
ولما استعظم المشركون أن يختار سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ من سائرهم نبياً ورسولاً: "وقالوا لولا نزل هذا القرآن علي رجل من القريتين عظيم" الزخرف: .31
كانت حجة الله ــ تعالي ــ عليهم: "أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات" الزخرف: .32
ولما اعترض المشركون علي الاصطفاء واشترطوا ليؤمنوا فقالوا: "لن نؤمن حتي نؤتي مثل ما أوتي رسل الله" كانت حجة الله ــ تعالي ــ عليهم "الله أعلم حيث يجعل رسالته" الأنعام: .134
والاصطفاء ثابت في القرآن الكريم حيث قال سبحانه: "قل الحمد لله وسلام علي عباده الذين اصطفي" النمل: .59
وعباده الذين اصطفي: هم المؤمنون به ــ عز وجل ــ الموحدون له. من الملائكة والنبيين وسائر المخلوقات من الإنس والجن» فإن الله ــ تعالي ــ اصطفاهم من سائر خلقه بالإيمان والتقوي والانقياد لأوامره والتسليم لإرادته سبحانه.
وقد أفاض الله ــ تعالي ــ علي الرسل من أسراره وأنواره كل علي حسب درجته ومنزلته ومكانته فأعظم الأنبياء هم المرسلون. وأعظم الرسل هم أولو العزم ــ وهم نوح وخليل الرحمن وكليمه وكلمته وسيدنا محمد ــ صلوات الله عليهم ــ أجمعين . وأعظم أولي العزم سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم.
فالرسل هم أنوار الله في أرضه. وهم أسرار الله في أرضه. وهم آيات الله في أرضه. وهم السفراء بين الحق وبين الخلق.
وهذا هو معني الرسالة: سفارة من الحق إلي الخلق بأمور يأتون بها للناس يحذرونهم من كل شر. ويرشدونهم إلي كل خير. ويدلونهم علي كل سعادة لهم في الدنيا والآخرة.
أما أن رسل الله ــ تعالي ــ هم أنوار الحق. وهم موضع إشراقات نور الله فقد قال الله ــ تعالي ــ: "... فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون" الأعراف: .157
ولقد جاء سيدنا محمد ــ صلي الله عليه سلم ــ بنور إلهي يهدي به العالم إلي الله تعالي. وقد أورد الإمام ابن كثير في تفسيره لسورة التين ما ورد في التوراة بعد ترجمتها إلي العربية: تجلي الله من طور سيناء. وأشرق من ساعير. واستعلن من جبال فاران.
تجلي الله من طور سيناء أي: رسالة موسي عليه السلام.
وأشرق نور الله من ساعير: أي جبال فلسطين الحبيبة ويعني رسالة عيسي عليه السلام.
وجبال فاران أي: جبال مكة المكرمة.
فقد استعلن نور الله علناً كالشمس وقت الظهيرة في كبد السماء. وهذا يعني نزول الرسالة علي سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ» حيث ظهر نور الله جلياً مستعلناً برسالة وبعثة سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ» فهو ــ صلي الله عليه وسلم ــ مظهر من مظاهر نور الله. وهو أعظم مظهر من مظاهر نور الحق.
.
والرسل صلوات الله عليهم هم مظاهر أنوار الحق» يعكسونها علي الخلق حتي يدلوهم علي الله تعالي.
ومن هنا يفهم العاقل حاجته إلي رسالة محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ. وإن موقف العقل من نور رسول الله ــ صلي الله عليه وسلم ــ الذي جاء به» ما هو إلا كموقف نور البصر مع نور الشمس وغيرها من الأنوار» إذ لو كان لك عينان بصيرتان فلا يعني هذا استغناءك عن نور خارجي» إذ لا تستطيع رؤية الأمور إلا إذا التقي نور بصرك مع نور آخر. وإذا انعدم هذا النور الآخر فأنت وأعمي البصر سواء.
وكذلك نور العقل فلا يكفي وحده لمعرفة الأمور» إلا إذا التقي بنور آخر واهتدي بنوره. وهو نور الشرع المحمدي القرآني» الذي جاء به رسول الله ــ صلي الله عليه وسلم ــ» فحينذاك يهتدي الإنسان إلي الحق والحقيقة» وإلي سعادة الدنيا والآخرة.
لقد جاء رسول الله ــ صلي الله عليه وسلم ــ ليخرج الناس من الظلمات إلي النور» ولا يخرج الإنسان من الظلمة إلي النور إلا النور.
فإذا كنت في مكان مظلم وأردت الخروج إلي النور فما عليك إلا فتح النافذة أو إيقاد مصباح فتكون بذلك قد خرجت من الظلمة إلي النور» فلقد جاء سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ ليخرج الناس من الظلمات إلي النور» بنور من عند الله تعالي.
ولقد جمع رسول الله جميع مقامات الرسالات قبله» إذ أن كل رسول من الرسل قبله إنما هداه الله ــ تعالي ــ هدياً خاصاً. وعرفه إلي ما فيه مصالح أمته وقومه. وسعادتهم في الدنيا والآخرة لأن الله ــ تعالي ــ منذ أهبط ادم عليه السلام ــ وذريته في صلبه ــ إلي عالم الأرض تعهدهم سبحانه بالهدي بواسطة الرسل صلوات الله عليهم قال تعالي: "قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدي فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي" طه: 123 وما هذا الهدي الإلهي إلا الرسالات النازلة علي الرسل صلوات الله عليهم. ومهمة هذا الهدي سعادة الدنيا والاخرة قال ــ تعالي ــ: "فمن اتبع هداي فلا يضل" في الدنيا "ولا يشقي" في الآخرة "ومن أعرض عن ذكري" أي: عن هديي وتذكيري الذي جاءت به الرسل "فإن له معيشة ضنكاً" أي: في الدنيا له معيشة ضيقة شديدة. فيها المقت والسخط. ويشمل هذا عالم القبر أيضاً "ونحشره يوم القيامة أعمي" طه:14 قال أي: هذا الكافر الجاحد "رب لم حشرتني أعمي" أي: أعمي البصر وقد كنت بصيرا" أي: في الدنيا "قال كذلك" أي: هذا هو الجزاء والحكم العدل "أتتك آياتنا" أي: علي ألسنة رسلنا في الدنيا "فنسيتها" أي: تركتها وعرضت عنها "وكذلك اليوم تنسي" أي: تترك في العذاب.
فلقد أتتك آياتنا علي ألسنة رسلنا فتعاميت وأعرضت عنها قال تعالي: "... فعموا وصموا..." المائدة: 71 وكأنك لا رأيت ولا سمعت. فما دام انك تعاميت عن آياتنا. وعن المعجزات التي جاءت بها الرسل. فجزاؤك اليوم أنك تعمي وتصم. لأن الجزاء العادل يكون من جنس العمل.
وتمضي عليه فترة في عام الحشر وهو أعمي. حتي إذا قدم إلي العذاب وأدخل جهنم فحينئذ قال الله تعالي: "أسمع بهم وأبصر..." مريم 38 أي: ما أشد سمعهم وما أقوي بصرهم» حيث أعطوا قوة في السمع والبصر حتي يذوقوا شدة العذاب.
يقول الشيخ الإمام عبدالله سراج الدين: "ولقد كان كل رسول يبعث إلي قومه خاصة دون غيرهم من الأمم أي: يأتي الرسول إلي قوم معينين في بقعة معينة من الأرض. أما سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ فلقد أرسله الله ــ تعالي ــ رسولاً عاماً لجميع أهل الأرض إلي يوم القيامة.
من هنا يفهم العاقل أنه ــ صلي الله عليه وسلم ــ جاء بهدي فيه مصلحة وسعادة الأمم كلها علي مر العصور وتعاقب الدهور إلي يوم القيامة.
لو لم تكن رسالة وشريعة سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ صالحة مصلحة لكل قوم وفي كل زمان لأرسل الله بعده رسولاً بشرع جديد. والحال أنه لا رسول ولا نبي بعده ــ صلي الله عليه وسلم ــ. فلا شريعة جديدة بعد شريعته ــ صلي الله عليه وسلم ــ إنما شريعته هي الشريعة الباقية المصلحة لكل قوم والصالحة لكل زمان والمطورة لكل أمة» إن هم تمسكوا بما فيها وعملوا بمقتضاها.
ولما كانت رسالته ــ صلي الله عليه وسلم ــ شاملة عامة لكل الأمم دلَّ علي أنها شملت رسالة كل رسول قبله. وزادت عليها كمالاً وهدياً. وهذا قول الله ــ تعالي ــ بعد أن ذكر أنبياءه "أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده..." الأنعام: 90 وهداهم إنما هو من عند الله ــ تعالي ــ لقوله سبحانه: "فإما يأتينكم مني هدي" البقرة: من الآية 38. ولم يقل سبحانه: فبهم اقتده. ولكن قال: "فبهداهم اقتده" أي: بهداهم الذي هداهم الله له. فقد جمع لرسوله ــ صلي الله عليه وسلم ــ هدي كل رسول قبله. وزاد عليهم بالهدي المحمدي الخاص.
يقول صاحب صفوة التفاسير: الله سبحانه تجلت قدرته يختار رسلاً من الملائكة ليكونوا وسطاء لتبليغ الوحي إلي أنبيائه. ويختار رسلاً من البشر لتبليغ شرائع الدين لعباده.
وهذا الاصطفاء: هو انتقاء واختيار. فلقد اصطفي الله تعالي أمين الوحي جبريل عليه السلام ــ وهو أفضل الملائكة ــ ليكونوا السفير بين الحق سبحانه وبين الرسل. ثم اختار المولي جل شأنه الرسل من خيرة خلقه: خلقاً وخلقاً. وحسباً ونسباً. وعقلاً وذكاء وفطنة وأعظمهم سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ فهو صاحب النسب الأكمل والحسب الأفضل. ثم أفاض سبحانه عليه من الأنوار الربانية والأسرار الإلهية وخلع عليه حلل الكمال والجمال.
وكل رسول اصطفاه الله ــ تعالي ــ من خيرة خلقه» ولكن عظمهم وصفوة الصفوة هو سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ فقد أورد الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ أن رسول الله ــ صلي الله عليه وسلم ــ قال: بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً. حتي كنت من القرن الذي كنت منه.
أي: أنه ــ صلي الله عليه وسلم ــ انتقي واصطفي من قرون وقرون. ومن عهد أبي البشر آدم عليه السلام إلي يوم القيامة. حتي اصطفي من خير قرن مصطفي من خير القرون. فهو صفوة الصفوات. وخلاصة الخلاصات وهو ذروة الذروات وقمة القمم ــ صلي الله عليه وسلم.
ولما استعظم المشركون أن يختار سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ من سائرهم نبياً ورسولاً: "وقالوا لولا نزل هذا القرآن علي رجل من القريتين عظيم" الزخرف: .31
كانت حجة الله ــ تعالي ــ عليهم: "أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات" الزخرف: .32
ولما اعترض المشركون علي الاصطفاء واشترطوا ليؤمنوا فقالوا: "لن نؤمن حتي نؤتي مثل ما أوتي رسل الله" كانت حجة الله ــ تعالي ــ عليهم "الله أعلم حيث يجعل رسالته" الأنعام: .134
والاصطفاء ثابت في القرآن الكريم حيث قال سبحانه: "قل الحمد لله وسلام علي عباده الذين اصطفي" النمل: .59
وعباده الذين اصطفي: هم المؤمنون به ــ عز وجل ــ الموحدون له. من الملائكة والنبيين وسائر المخلوقات من الإنس والجن» فإن الله ــ تعالي ــ اصطفاهم من سائر خلقه بالإيمان والتقوي والانقياد لأوامره والتسليم لإرادته سبحانه.
وقد أفاض الله ــ تعالي ــ علي الرسل من أسراره وأنواره كل علي حسب درجته ومنزلته ومكانته فأعظم الأنبياء هم المرسلون. وأعظم الرسل هم أولو العزم ــ وهم نوح وخليل الرحمن وكليمه وكلمته وسيدنا محمد ــ صلوات الله عليهم ــ أجمعين . وأعظم أولي العزم سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم.
فالرسل هم أنوار الله في أرضه. وهم أسرار الله في أرضه. وهم آيات الله في أرضه. وهم السفراء بين الحق وبين الخلق.
وهذا هو معني الرسالة: سفارة من الحق إلي الخلق بأمور يأتون بها للناس يحذرونهم من كل شر. ويرشدونهم إلي كل خير. ويدلونهم علي كل سعادة لهم في الدنيا والآخرة.
أما أن رسل الله ــ تعالي ــ هم أنوار الحق. وهم موضع إشراقات نور الله فقد قال الله ــ تعالي ــ: "... فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون" الأعراف: .157
ولقد جاء سيدنا محمد ــ صلي الله عليه سلم ــ بنور إلهي يهدي به العالم إلي الله تعالي. وقد أورد الإمام ابن كثير في تفسيره لسورة التين ما ورد في التوراة بعد ترجمتها إلي العربية: تجلي الله من طور سيناء. وأشرق من ساعير. واستعلن من جبال فاران.
تجلي الله من طور سيناء أي: رسالة موسي عليه السلام.
وأشرق نور الله من ساعير: أي جبال فلسطين الحبيبة ويعني رسالة عيسي عليه السلام.
وجبال فاران أي: جبال مكة المكرمة.
فقد استعلن نور الله علناً كالشمس وقت الظهيرة في كبد السماء. وهذا يعني نزول الرسالة علي سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ» حيث ظهر نور الله جلياً مستعلناً برسالة وبعثة سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ» فهو ــ صلي الله عليه وسلم ــ مظهر من مظاهر نور الله. وهو أعظم مظهر من مظاهر نور الحق.
.
والرسل صلوات الله عليهم هم مظاهر أنوار الحق» يعكسونها علي الخلق حتي يدلوهم علي الله تعالي.
ومن هنا يفهم العاقل حاجته إلي رسالة محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ. وإن موقف العقل من نور رسول الله ــ صلي الله عليه وسلم ــ الذي جاء به» ما هو إلا كموقف نور البصر مع نور الشمس وغيرها من الأنوار» إذ لو كان لك عينان بصيرتان فلا يعني هذا استغناءك عن نور خارجي» إذ لا تستطيع رؤية الأمور إلا إذا التقي نور بصرك مع نور آخر. وإذا انعدم هذا النور الآخر فأنت وأعمي البصر سواء.
وكذلك نور العقل فلا يكفي وحده لمعرفة الأمور» إلا إذا التقي بنور آخر واهتدي بنوره. وهو نور الشرع المحمدي القرآني» الذي جاء به رسول الله ــ صلي الله عليه وسلم ــ» فحينذاك يهتدي الإنسان إلي الحق والحقيقة» وإلي سعادة الدنيا والآخرة.
لقد جاء رسول الله ــ صلي الله عليه وسلم ــ ليخرج الناس من الظلمات إلي النور» ولا يخرج الإنسان من الظلمة إلي النور إلا النور.
فإذا كنت في مكان مظلم وأردت الخروج إلي النور فما عليك إلا فتح النافذة أو إيقاد مصباح فتكون بذلك قد خرجت من الظلمة إلي النور» فلقد جاء سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ ليخرج الناس من الظلمات إلي النور» بنور من عند الله تعالي.
ولقد جمع رسول الله جميع مقامات الرسالات قبله» إذ أن كل رسول من الرسل قبله إنما هداه الله ــ تعالي ــ هدياً خاصاً. وعرفه إلي ما فيه مصالح أمته وقومه. وسعادتهم في الدنيا والآخرة لأن الله ــ تعالي ــ منذ أهبط ادم عليه السلام ــ وذريته في صلبه ــ إلي عالم الأرض تعهدهم سبحانه بالهدي بواسطة الرسل صلوات الله عليهم قال تعالي: "قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدي فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي" طه: 123 وما هذا الهدي الإلهي إلا الرسالات النازلة علي الرسل صلوات الله عليهم. ومهمة هذا الهدي سعادة الدنيا والاخرة قال ــ تعالي ــ: "فمن اتبع هداي فلا يضل" في الدنيا "ولا يشقي" في الآخرة "ومن أعرض عن ذكري" أي: عن هديي وتذكيري الذي جاءت به الرسل "فإن له معيشة ضنكاً" أي: في الدنيا له معيشة ضيقة شديدة. فيها المقت والسخط. ويشمل هذا عالم القبر أيضاً "ونحشره يوم القيامة أعمي" طه:14 قال أي: هذا الكافر الجاحد "رب لم حشرتني أعمي" أي: أعمي البصر وقد كنت بصيرا" أي: في الدنيا "قال كذلك" أي: هذا هو الجزاء والحكم العدل "أتتك آياتنا" أي: علي ألسنة رسلنا في الدنيا "فنسيتها" أي: تركتها وعرضت عنها "وكذلك اليوم تنسي" أي: تترك في العذاب.
فلقد أتتك آياتنا علي ألسنة رسلنا فتعاميت وأعرضت عنها قال تعالي: "... فعموا وصموا..." المائدة: 71 وكأنك لا رأيت ولا سمعت. فما دام انك تعاميت عن آياتنا. وعن المعجزات التي جاءت بها الرسل. فجزاؤك اليوم أنك تعمي وتصم. لأن الجزاء العادل يكون من جنس العمل.
وتمضي عليه فترة في عام الحشر وهو أعمي. حتي إذا قدم إلي العذاب وأدخل جهنم فحينئذ قال الله تعالي: "أسمع بهم وأبصر..." مريم 38 أي: ما أشد سمعهم وما أقوي بصرهم» حيث أعطوا قوة في السمع والبصر حتي يذوقوا شدة العذاب.
يقول الشيخ الإمام عبدالله سراج الدين: "ولقد كان كل رسول يبعث إلي قومه خاصة دون غيرهم من الأمم أي: يأتي الرسول إلي قوم معينين في بقعة معينة من الأرض. أما سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ فلقد أرسله الله ــ تعالي ــ رسولاً عاماً لجميع أهل الأرض إلي يوم القيامة.
من هنا يفهم العاقل أنه ــ صلي الله عليه وسلم ــ جاء بهدي فيه مصلحة وسعادة الأمم كلها علي مر العصور وتعاقب الدهور إلي يوم القيامة.
لو لم تكن رسالة وشريعة سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ صالحة مصلحة لكل قوم وفي كل زمان لأرسل الله بعده رسولاً بشرع جديد. والحال أنه لا رسول ولا نبي بعده ــ صلي الله عليه وسلم ــ. فلا شريعة جديدة بعد شريعته ــ صلي الله عليه وسلم ــ إنما شريعته هي الشريعة الباقية المصلحة لكل قوم والصالحة لكل زمان والمطورة لكل أمة» إن هم تمسكوا بما فيها وعملوا بمقتضاها.
ولما كانت رسالته ــ صلي الله عليه وسلم ــ شاملة عامة لكل الأمم دلَّ علي أنها شملت رسالة كل رسول قبله. وزادت عليها كمالاً وهدياً. وهذا قول الله ــ تعالي ــ بعد أن ذكر أنبياءه "أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده..." الأنعام: 90 وهداهم إنما هو من عند الله ــ تعالي ــ لقوله سبحانه: "فإما يأتينكم مني هدي" البقرة: من الآية 38. ولم يقل سبحانه: فبهم اقتده. ولكن قال: "فبهداهم اقتده" أي: بهداهم الذي هداهم الله له. فقد جمع لرسوله ــ صلي الله عليه وسلم ــ هدي كل رسول قبله. وزاد عليهم بالهدي المحمدي الخاص.
بقلم:فؤاد الدقس
كاتب سوري
كاتب سوري
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: وسلام على عباده الذين اصطفى
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
السادة الكرام المشرفين على المنتدى الإسلامي في الموقع الجميل والرائع صدى الزواقين في بلاد المغرب الحبيبة
بارك الله بكم وشكراً لكم على مجهوداتكم المميزة
السادة الكرام المشرفين على المنتدى الإسلامي في الموقع الجميل والرائع صدى الزواقين في بلاد المغرب الحبيبة
بارك الله بكم وشكراً لكم على مجهوداتكم المميزة
أبو الحزم- عدد الرسائل : 22
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 12/02/2010
مواضيع مماثلة
» إلى الذين سيولدون بعدنا - شعر: بيرتولد بريشت
» خاص بالتلاميذ الذين لم ينجحوا في الباكلوريا السنة الماضية
» "إن اللـه وملائكته يصـلون علي النبي"
» مذكرات الماريشال ليوطي عن المغرب 1926-1912
» الصينيون في إسبانيا... جنود الصمت الذين غزوا مملكة الصخب
» خاص بالتلاميذ الذين لم ينجحوا في الباكلوريا السنة الماضية
» "إن اللـه وملائكته يصـلون علي النبي"
» مذكرات الماريشال ليوطي عن المغرب 1926-1912
» الصينيون في إسبانيا... جنود الصمت الذين غزوا مملكة الصخب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى