مارلين مونرو تكتب من وراء القبر - محمد بــرادة
صفحة 1 من اصل 1
مارلين مونرو تكتب من وراء القبر - محمد بــرادة
| ||||
حـقـقت دار النشر الفرنسية «لوسـوي» إنجـازا مهمـا، في شهـر أكتوبر،بـنشـرها كتابا للنجمة الأمريكية الشهيرة مارلين مونرو، بعنوان «شــذرات»،يـضمّ رسائل وقصائد وتأملات ويوميات كتـبـتها مارلين منذ كانت في سنّ 17،وإلى أيامٍ قبل وفاتها سنة 1962. وهو كتاب مـُهم ومضيء، لأنه يصحح الصورةالمشوهـة التي اقترنت بحياة معبودة الجماهير التي هتفت لها حناجــرُالملايـين، وتـمـنـتْ زيارتها في الأحلام. ذلك أن المعجبين كانوايعتـبرونها جسدا مثيـرا للاســتـيهامات وجمالا يقطع الأنفاس، ولا يعرفونشيئا عن حساسيتها الداخلية ومأساتها الوجودية التي جعلتها تصارع يومياالرغبة في الانتحار ، والخوف من الجنون، والضعف أمام غريزتها الجنسية.وعلى رغم أن عشرات الكتب قد نـُشرتْ عن مارلين وحياتها الصاخبة، وعلاقتهابالرئيس جون كيندي وأخويه، وموتها الغامض، فإن « شذرات « هو الذي يفتحالطريق نحو معرفة مأساة مارلين التي تعذبت بسبب جمالها المفرط وذكائهاالذي قادها إلى الجحيم حين دفعها إلى الجري وراء فــهـْـم حقيقةالاستـيهام الذي جعل منها أسطورة حـية ، تــتـأرجح بين الواقع واللاواقع.هذا الذكاء وهذه الحساسية هما اللذان جعلا منها قارئة نـهـِــمـَـة ، كمايتبـيـن لنا عند قراءة « شذرات «. لقد كانت تخصص وقتا طويلا للقراءةوتصطفي كتابا أساسيين مثل جـويْـس صاحب رواية « أوليــسْ «، وترومانكابوت، وآرثـر مـيـللـر الذي تعرفت عليه وأحبـته حبـا متمـيزا عن حبهاللآخرين. تـعلـقت به ومنحته ثقـتها المطلقة وكانت تـُـعـوّل عليه في أنيـُسعفهـا على مجـاوزة عُـقدها. لكنها قرأت ذات يوم في دفتر يومياتهالخاصة، سنة 1956 وهما يعيشان بلندن ، كلماتٍ يعـبر فيها مـيـلـلـر عنشــكـه في حبهما وعن الخيبة التي بدأ يستـشعرها ؛ فكتبت هي في يومياتها :« أظـن أنني كنت دائما متـخـوّفــة بقوة من فكرة أن أكون زوجـة أحـدٍلأنني تـعلمتُ من الحياة أنه لا يمكن أبدا أن نحبّ الآخرَ حباً حقـيقيا «.وكان ميللر يقول عنها: « هي نصف ملـكة ونصف طفلة لقيطة، أحيانا هي راكـعـةأمام جسدها ، وأحيانا يائـسة بسـبـبه «. عادت مارلين لتواجه مصيرهاالمأسوي متنقلة بين الرجال، مدمنة لجلسات التحليل النفساني ، باحثة عنتوازن مفقـود، وحب مستحيل . نقرأ في « شذرات «: « أنا دوْمـا ً وحيدة مهما حدث «. كل الجهود التيبذلتها لتكسـيـر طوق الوحدة ذهبت سـُـدى . وفي مجال عملها السينمائي واجهتمشكلة عويصة، لأنها على رغم موهـبـتها ، كانت تخشى الكاميرا ويستولي عليهاالاضطراب، ما جعلها تتلقى دروسا على يد « لي ستراسبيرغ «الذي ساعدها فيالتغلب جزئيا على اضطرابها ؛ ولكنها في إحدى رسائلها إليه تعترف بأنها لاتزال ضائعة : «.. أقصد أنني لا أستطيع أن أجـمــّـع ذاتي ، ربمـا لأن كلشيء يفعل ويسيـر ضد قدرتي على التركيـز ، أي أن كل ما نفعله أو نعيشهيسـتـحيل تحقيقه «. إلا أن افتقادها للتركيز أمام الكاميرا، لم يمنعها منإنجاز أدوار متـميـزة في فيلمي « الرجال يفضلون الشقراوات « و»المليارديــر «. وفي هذا الكتاب الكاشف ، تطالعنا رسالة مارلين إلىالدكتور رالف غرينسون، المحلل النفساني الذي عاشت معه علاقة تحليليةعاصفة، وكان هو آخر من رآها حية ورآها ميتة. في هذه الرسالة تـُحدثه عنإقامتها القاسية في مشفى للأمراض النفسية ، وعن قراءتها لمراسلات فرويـْـد، منتقدة طريقة معاملة النزلاء على هذا النحو : « لقد استجوبوني بعد أنوضعوني في « محبس « (أي زنزانة من الإسمنت )، مخصص للمـُـستثارينوالمكــتـئـبـين الكبار ، عـدا أنني كنت أحسني داخل نوع من السجن بسببجريمة لم أرتكبها . لقد وجدت غياب الروح الإنسانية هذا، أكثـر منوحــشـيّ. لقد سألوني لماذا لم أكن مرتاحة هنا ( كل المنافذ كانت مغـلقةوخاضعة للمفاتيح، والشبابيك الحديدية في كل مكان...)(...)، فأجبتــهم:«يجب أن أكون مجنونة لأحبّ أن أكون هنا «. يأتيـنا صوتُ مارلين من وراء القبـر، ليصحح صورتها الكاريكاتورية ويجعلأسطورتها تكتسي لحمـا بشريا، ينطوي على الألم والجراح التي لا سبيل إلىشفائها؛ وبذلك تستطيع الكتابة الحميمية، بعد 50 سنة، أن تحدث تغـييـرا فينفوسنا ومتخيلنا المتصل بالفاتنة التي طـالما نقلتنا إلى فضاء الحلم. تستعيد مارلين أخيرا روحها إلى جانب جسدها فتكتمل صورتها البشرية. |
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» ماذا يتبقى من هَبّة طـُلاّب فرنسا في 1968؟ / محمد بــرادة
» فتاوى واراء..
» المنجية من عذاب القبر
» منجيات وموجبات عذاب القبر
» الجنس في حياة الرسول (ص).
» فتاوى واراء..
» المنجية من عذاب القبر
» منجيات وموجبات عذاب القبر
» الجنس في حياة الرسول (ص).
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى