أسطورة القذافي.. صناعة عربية أجنبية مشتركة
صفحة 1 من اصل 1
أسطورة القذافي.. صناعة عربية أجنبية مشتركة
عكس الاتجاه السائد والقائم على التبرؤ من إرث القذافي والذي بدأ يأخذ مداه، ظهر من يتجرأ على تقديم اعتذار علني له.
والخبر
هذه المرة من بيروت، حيث نقلت صحيفة السفير أن الزملاء الصحافيين العاملين
في جريدة تسمى «الثبات» ـــ أول مرة نسمع بها ـــ قدموا استقالاتهم
احتجاجا على مقال كتبه رئيس التحرير، ويدعى عبدالناصر الجبري، تضمن
اعتذارا للقذافي لأنه من المعيب مهاجمته!!
قبل ذلك بأسبوع تقريباً،
أعلن المثقف ووزير الثقافة المستقيل جابر عصفور، ما غيره، التنازل عن
جائزة القذافي العالمية للآداب.. في خطوة استوقفت أهل الفكر والقلم!
والبعض أشار إليها بكونها «فضيحة للمثقفين»..
بتوع الاحزاب
على
مدى عقود تحول «الأخ القائد» إلى صانع للثورات التحررية، وأنه حاكم فوق
النقد، بحيث خلقوا منه أسطورة، ووصل به الأمر إلى أن يقارن دور بلاده بدور
عيسى المسيح! عمل على تصدير ثورته الموسومة بالخضراء إلى جميع البلاد
العربية والإسلامية والعالم..
صحافي فرنسي يعمل في مجلة «باري ماتش»
أطلق عليه لقب «بونابرت أفريقيا»، وآخر مصري وصف ليبيا بأنها ساحة الرفض
ومنبع الأسطورة.. كان عدد كبير من المفكرين والصحافيين العرب «وبتوع
الأحزاب» يتهافتون على لقائه والترويج لكتابه ذائع الصيت «الكتاب
الأخضر».. وهؤلاء ساهموا في صنع حاكم لا تطاله كلمة محاسبة أو نقد.. وفي
إحدى المرات تحدث عن بلاده بأنها المدينة الفاضلة، أي دولة الجماهير، التي
قاتل معها الملائكة عام 1986 عندما أغارت عليها الطائرات الأميركية وحاولت
قتل «الأخ العقيد» في باب العزيزية..
نشر الغسيل
وحيد والديه ابن
الراعي محمد أبومنيار القذافي، الذي فجر ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969
بأفكار خالدة وصلت إلى أن تمنح هوية الخلود، تشبه مبادئ الرسول محمد ـــ
صلى الله عليه وسلم ـــ وعيسى المسيح معاً! هذا الحاكم بات اليوم مكروها،
يحصد نتاج ما زرعه طوال سنوات حكمه الأربعين، وفي كل يوم تطالع الصحف
العربية والأجنبية على حد سواء بنشر الغسيل (...) وبفضائح الفساد والرشاوى
وإلى ما هنالك من حكايات تقشعر لها الأبدان..
هذا الغسيل لم نكن نحلم
بقراءة جزء بسيط منه في عهد التصالح مع النظام الذي يمثله باستثناء حالات
القطيعة بينه وبين إحدى الدول العربية كحالة مصر عام 1985 والتي وصلت
العلاقة معها إلى ما تحت الصفر، فكانت الصحافة الموجهة بالريموت كونترول
تسارع إلى كشف المستور، لكن سرعان ما تستتب الأمور وتعود المياه إلى
مجاريها ليبدأ العزف على وتيرة الإنجازات العظيمة والمواقف البطولية..
قبضوا من العقيد
عنتريات
هذا الحاكم وتهديده بإفناء أميركا بجيش سري في مرحلة المواجهة قبل أن يصبح
من حلفائها ويفتح لها خزائنه، لم تكن تجد في العالم العربي سوى أصداء
مؤيدة ومهلهلة لسياساته، وفود تشحن بالطائرات لتحط في مطار الثورة بطرابلس
الغرب لتعلن ولاءها وتأييدها للنظرية الثالثة التي ابتدعها وصدقها
المفكرون العرب وقاموا بالترويج لها مقابل مبالغ مالية لا بأس بها..
التيار الغالب في الثقافة والإعلام العربي من شأنه أن يصنع طغاة وشعراء
مشهورين ألقوا قصائد مديح بشخصه، تجلس اليوم مع أصحاب القلم، يعترفون
همساً، أنهم قبضوا من العقيد مثل غيرهم.. المشكلة ليست بإسقاط «الأخ
العقيد» أو بالرئيس الهارب زين العابدين أو بالمتنحي حسني مبارك، بل هي
متصلة بالفكر الذي ساهم بتكبير وصنع هؤلاء الذين خلقوا حولهم هالة من
القداسة.. بقي العقيد أم رحل، المهم هو الكلام عن السلطة التي يتوارثها
رجل بعد آخر، اليوم القذافي وغداً سيأتي غيره، فما الذي سيتغير؟ فما هو
الضمان بألا يستنسخ شبيهاً له ؟ ما هو الضمان بالاستمرارية وفق نسق جديد
يلغي حالة ما قبله ؟ أن يكون هناك محاسبة، أن لا تبقى السلطة مطلقة بيد
هذا الحاكم دون مساءلة وفي إطار من عمل المؤسسات، وهذه غلطة جمال
عبدالناصر الذي لم يعمل على إيجاد مؤسسات للمراقبة لذلك من جاء من بعده
أفلت من العقاب!!
البنية الثقافية بما فيها من قوانين وبما تحمله من
فكر موروث تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، فهذه الطبقة شريكة بما وصلت
إليها حالة «الأخ القائد» الذي «لم يتخذ قراراً صائباً واحداً منذ تسلمه
الحكم في انقلاب 1969 بحسب ما نشره الأستاذ جهاد الخازن في «الحياة» يوم 1
أكتوبر عام 1995.
الهدف من ثورة الفاتح كان احداث انعطاف في تاريخ
البشرية، هكذا نظر هو نفسه إلى الانقلاب العسكري الذي قاده وأوهم به
وقطاعات واسعة من العالم العربي وأيضا في الغرب الذي سانده فقد وصل به
الأمر إلى أن يضع نفسه في مصاف عصر الثورة الفرنسية وبداية «عصر
الجماهيريات الشعبية» ومع كل هذا التمجيد لم يستطع «الأخ القائد» أن ينهي
عصر الخيام والأكواخ في بلاده، بل بقي محافظاً على خيمته إلى آخر أيامه
لأنه عجز عن بناء مسكن صحي لكل مواطن ليبي بالرغم من حجم الثروة الهائلة
التي تملكها بلاده.. سطوته وصلت إلى داخل مدن أوروبا وأميركا فأعضاء
«جماعة أولاد الرب» كانوا يؤمنون بأنه «النبي المنتظر لهم».. والصحافة
العربية تطنطن له وتطرب بوصف الطريقة التي يعيش بها ويستقبل بها الضيوف في
خيمة كبيرة داخل سور منزله ويتحدث «كأسطورة صحراوية»!
التغيير لم
يدخل بعد مكاتب بعض المثقفين وأصحاب دور النشر وأصحاب الصحف والكتاب، فما
زالت البيئة العربية تزخر ببطانة تجيد التلميع والنفخ، دون أن تهتز أو
تصحو على حالها من جديد.. أمام حاكم فرض سلطته على بلاده بوجهين الأول
معاد للغرب والثاني شريك له، كما قدمه برنامج سياسي في التلفزيون السويدي
مؤخراً..
القبس
والخبر
هذه المرة من بيروت، حيث نقلت صحيفة السفير أن الزملاء الصحافيين العاملين
في جريدة تسمى «الثبات» ـــ أول مرة نسمع بها ـــ قدموا استقالاتهم
احتجاجا على مقال كتبه رئيس التحرير، ويدعى عبدالناصر الجبري، تضمن
اعتذارا للقذافي لأنه من المعيب مهاجمته!!
قبل ذلك بأسبوع تقريباً،
أعلن المثقف ووزير الثقافة المستقيل جابر عصفور، ما غيره، التنازل عن
جائزة القذافي العالمية للآداب.. في خطوة استوقفت أهل الفكر والقلم!
والبعض أشار إليها بكونها «فضيحة للمثقفين»..
بتوع الاحزاب
على
مدى عقود تحول «الأخ القائد» إلى صانع للثورات التحررية، وأنه حاكم فوق
النقد، بحيث خلقوا منه أسطورة، ووصل به الأمر إلى أن يقارن دور بلاده بدور
عيسى المسيح! عمل على تصدير ثورته الموسومة بالخضراء إلى جميع البلاد
العربية والإسلامية والعالم..
صحافي فرنسي يعمل في مجلة «باري ماتش»
أطلق عليه لقب «بونابرت أفريقيا»، وآخر مصري وصف ليبيا بأنها ساحة الرفض
ومنبع الأسطورة.. كان عدد كبير من المفكرين والصحافيين العرب «وبتوع
الأحزاب» يتهافتون على لقائه والترويج لكتابه ذائع الصيت «الكتاب
الأخضر».. وهؤلاء ساهموا في صنع حاكم لا تطاله كلمة محاسبة أو نقد.. وفي
إحدى المرات تحدث عن بلاده بأنها المدينة الفاضلة، أي دولة الجماهير، التي
قاتل معها الملائكة عام 1986 عندما أغارت عليها الطائرات الأميركية وحاولت
قتل «الأخ العقيد» في باب العزيزية..
نشر الغسيل
وحيد والديه ابن
الراعي محمد أبومنيار القذافي، الذي فجر ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969
بأفكار خالدة وصلت إلى أن تمنح هوية الخلود، تشبه مبادئ الرسول محمد ـــ
صلى الله عليه وسلم ـــ وعيسى المسيح معاً! هذا الحاكم بات اليوم مكروها،
يحصد نتاج ما زرعه طوال سنوات حكمه الأربعين، وفي كل يوم تطالع الصحف
العربية والأجنبية على حد سواء بنشر الغسيل (...) وبفضائح الفساد والرشاوى
وإلى ما هنالك من حكايات تقشعر لها الأبدان..
هذا الغسيل لم نكن نحلم
بقراءة جزء بسيط منه في عهد التصالح مع النظام الذي يمثله باستثناء حالات
القطيعة بينه وبين إحدى الدول العربية كحالة مصر عام 1985 والتي وصلت
العلاقة معها إلى ما تحت الصفر، فكانت الصحافة الموجهة بالريموت كونترول
تسارع إلى كشف المستور، لكن سرعان ما تستتب الأمور وتعود المياه إلى
مجاريها ليبدأ العزف على وتيرة الإنجازات العظيمة والمواقف البطولية..
قبضوا من العقيد
عنتريات
هذا الحاكم وتهديده بإفناء أميركا بجيش سري في مرحلة المواجهة قبل أن يصبح
من حلفائها ويفتح لها خزائنه، لم تكن تجد في العالم العربي سوى أصداء
مؤيدة ومهلهلة لسياساته، وفود تشحن بالطائرات لتحط في مطار الثورة بطرابلس
الغرب لتعلن ولاءها وتأييدها للنظرية الثالثة التي ابتدعها وصدقها
المفكرون العرب وقاموا بالترويج لها مقابل مبالغ مالية لا بأس بها..
التيار الغالب في الثقافة والإعلام العربي من شأنه أن يصنع طغاة وشعراء
مشهورين ألقوا قصائد مديح بشخصه، تجلس اليوم مع أصحاب القلم، يعترفون
همساً، أنهم قبضوا من العقيد مثل غيرهم.. المشكلة ليست بإسقاط «الأخ
العقيد» أو بالرئيس الهارب زين العابدين أو بالمتنحي حسني مبارك، بل هي
متصلة بالفكر الذي ساهم بتكبير وصنع هؤلاء الذين خلقوا حولهم هالة من
القداسة.. بقي العقيد أم رحل، المهم هو الكلام عن السلطة التي يتوارثها
رجل بعد آخر، اليوم القذافي وغداً سيأتي غيره، فما الذي سيتغير؟ فما هو
الضمان بألا يستنسخ شبيهاً له ؟ ما هو الضمان بالاستمرارية وفق نسق جديد
يلغي حالة ما قبله ؟ أن يكون هناك محاسبة، أن لا تبقى السلطة مطلقة بيد
هذا الحاكم دون مساءلة وفي إطار من عمل المؤسسات، وهذه غلطة جمال
عبدالناصر الذي لم يعمل على إيجاد مؤسسات للمراقبة لذلك من جاء من بعده
أفلت من العقاب!!
البنية الثقافية بما فيها من قوانين وبما تحمله من
فكر موروث تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، فهذه الطبقة شريكة بما وصلت
إليها حالة «الأخ القائد» الذي «لم يتخذ قراراً صائباً واحداً منذ تسلمه
الحكم في انقلاب 1969 بحسب ما نشره الأستاذ جهاد الخازن في «الحياة» يوم 1
أكتوبر عام 1995.
الهدف من ثورة الفاتح كان احداث انعطاف في تاريخ
البشرية، هكذا نظر هو نفسه إلى الانقلاب العسكري الذي قاده وأوهم به
وقطاعات واسعة من العالم العربي وأيضا في الغرب الذي سانده فقد وصل به
الأمر إلى أن يضع نفسه في مصاف عصر الثورة الفرنسية وبداية «عصر
الجماهيريات الشعبية» ومع كل هذا التمجيد لم يستطع «الأخ القائد» أن ينهي
عصر الخيام والأكواخ في بلاده، بل بقي محافظاً على خيمته إلى آخر أيامه
لأنه عجز عن بناء مسكن صحي لكل مواطن ليبي بالرغم من حجم الثروة الهائلة
التي تملكها بلاده.. سطوته وصلت إلى داخل مدن أوروبا وأميركا فأعضاء
«جماعة أولاد الرب» كانوا يؤمنون بأنه «النبي المنتظر لهم».. والصحافة
العربية تطنطن له وتطرب بوصف الطريقة التي يعيش بها ويستقبل بها الضيوف في
خيمة كبيرة داخل سور منزله ويتحدث «كأسطورة صحراوية»!
التغيير لم
يدخل بعد مكاتب بعض المثقفين وأصحاب دور النشر وأصحاب الصحف والكتاب، فما
زالت البيئة العربية تزخر ببطانة تجيد التلميع والنفخ، دون أن تهتز أو
تصحو على حالها من جديد.. أمام حاكم فرض سلطته على بلاده بوجهين الأول
معاد للغرب والثاني شريك له، كما قدمه برنامج سياسي في التلفزيون السويدي
مؤخراً..
القبس
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» سائق القذافي في قبضة الثوار ويتحدث عن اللحظات الاخيرة لاعتقال القذافي قبيل اعدامه
» أرضية مشتركة لحوار الحضارات ... ستة مسارات لتجاوز الخلافات
» الإسبان حاولوا دائما محو الماضي العربي لكنهم لم يستطيعوا
» صناعة الإنسان الطائع لله سبحانه
» أسطورة الريف
» أرضية مشتركة لحوار الحضارات ... ستة مسارات لتجاوز الخلافات
» الإسبان حاولوا دائما محو الماضي العربي لكنهم لم يستطيعوا
» صناعة الإنسان الطائع لله سبحانه
» أسطورة الريف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى