الملكية البرلمانية \ عبد الرحيم خالص
صفحة 1 من اصل 1
الملكية البرلمانية عبد الرحيم خالص
لقد أكدت العديد من التجارب السياسية، الأوربية أساسا، أن شخص الملك لا
تـُنتهك حُرمته، باعتباره رمز الوحدة الترابية والسياسية والاجتماعية،
والساهر على احترام كرامة وحقوق المواطنين.
وهذا حال المجتمعات الديمقراطية العتيدة والعريقة عبر العالم، والتي ما
فتئت تؤكد تشبثها بالأنظمة الملكية، دون الإنقاص لا من قيمتها ولا من
مكانتها داخل هرم الدولة، وإن تراجعت بالفعل اختصاصات أغلب الملكيات في
الأنظمة السياسية الحديثة بالعالم المعاصر، نظرا إلى طبيعة الظروف التي تمر
منها الأنظمة السياسية، والتي تفرض تطورا موازيا لتطور الأفكار السياسية
العالمية مع تزايد المتطلبات الحديثة للعولمة الاجتماعية وبروز النماذج
الجديدة من التكتلات الاقتصادية الإقليمية.
ورغم التغييرات العميقة التي تعرفها الأنظمة السياسية المعاصرة، فقد حظيت
الملكيات المعاصرة ضمن صفوفها بالمكانة الرفيعة والمحترمةّ، مكانة قادتها
إلى تقلد قمة الهرم بالدولة دون أدنى تحمل للمسؤولية أو إمكانية تعريضها
للمحاسبة، بحيث تعبر عن سُمو لا يَمُسُّ سُمو القوانين بشيء، بل يرفع من
قيمتها ويصونها ويحفظها ضد أي خرق يمكن أن تتعرض له.
لقد تـُوجت الملكيات المعاصرة في الأنظمة السياسية الحديثة بشعار معبر عن
الرمزية الاستثنائية التي منحها الإنسان تقديرا وحبا للأسر الملكية في
العالم، بحيث يعني ذلك عدم رغبة الإنسان في التفريط في التاج الذي يحميه من
كل ما من شأنه المساس براحته واستقلاليته، ذلك الشعار هو: «ملكية تسود ولا
تحكم».
وبالتالي، فإن الأصوات التي تنادي مرة بقدسية الملكية ومرة أخرى بتنزيلها
منزلة المحاسبة، قد استطاع شعار «تسود ولا تحكم» أن يُخرجها من مأزق ردود
الأفعال المختلفة، حيث -وحسب الأدبيات الدستورية- تـُنعت الأنظمة السياسية
التي تسود فيها الملكية دون أن تحكم بنظام الملكية البرلمانية.
فالملكية البرلمانية نظام يُغلب التمثيلية السياسية الممنوحة عبر صناديق
الاقتراع لممثلي الشعب، على الصفة الرمزية التي تمنح للملك باعتباره الممثل
«الأسمى» للأمة. وعليه، فالمؤسسة البرلمانية تـُمثل الشعب، بينما يسهر
الملك على صيانة وحفظ هذه التمثيلية من الخروقات التي قد تطالها حسب ما
تقتضيه نصوص الدستور كأعلى سلطة قانونية بالدولة.
فما الذي نقصده بنظام الملكية البرلمانية كما هو متعارف عليه في التجارب
الغربية؟ وهل تسمح التجربة السياسية المغربية بتبني مثل هذا النظام؟ وما هو
أفق دسترة مطلب الملكية البرلمانية ضمن قوانين المغرب المعاصر؟
أولا: الملكيات الغربية.. من الحُكم إلى التحكيم والحكامة
عكس نظام الملكية الدستورية، الذي يجمع فيه الملك بين سلطة رئاسة الدولة
ورئاسة السلطة التنفيذية في الآن نفسه، يُعد نظام الملكية البرلمانية،
نظاما سياسيا تتبوأ فيه الملكية رأس الدولة دون الحكومة. يترأس الوزير
الأول أو رئيس الوزراء -حسب تسميات دستور كل دولة- السلطة التنفيذية، بحيث
تبدو هذه الأخيرة وكأنها برأسين. لكن بالعودة إلى الممارسات الفعلية، في
نظام الملكية البرلمانية، نجد الملك كرئيس للدولة من جهة، والوزير الأول
كرئيس للحكومة، ويبقى الاختلاف الذي يؤسس لحدود كل رئيس، دون الحديث عن
ثنائية السلطة، هو أن الملك يسود ولا يحكم، بينما يحكم رئيس الحكومة دون أن
يسود. وبالتالي، تبقى تدخلات السلطة الملكية، سواء في علاقتها بالسلطة
التنفيذية أو التشريعية أو القضائية، متسمة بالرمزية، ما عدا بعض
الاختصاصات المنوطة بالملك بصريح الدستور. وفي هذا الإطار، تجسد الملكية
-حسب ما هو متعارف عليه في الأنظمة السياسية الملكية الكبرى عبر العالم-
الضمانة الفعلية للفصل بين السلطات.
نذكر، من بين الأنظمة السياسية التي تحدد اختصاصات رمزية للملك، نظامي كل
من إسبانيا وبلجيكا. وقبل الحديث عنهما، نشير إلى أن التجربة الأوربية
بعيدة كل البعد عما تنادي به بعض الجهات في المغرب. وإذ نستعرض بعضا من
التجارب الغربية ذات الأنظمة الملكية، فإن ذلك لا يعني محاولة استلهامنا
لمقومات نجاح تلك التجارب، بقدر ما هو محاولة لجرد تاريخي نموذجي وتوضيحي،
قد لا يصل إلى درجة الاستنساخ، ولكننا نستحضرها من الوجهة المقارنة من أجل
فهم وإبراز الخصوصية السياسية للنظام المغربي. ومنه، محاولة الإجابة عن
التساؤل التالي: ما مدى إمكانية صلاحية أو توافق نظام الملكية البرلمانية
مع التجربة السياسية المغربية؟
النموذج الإسباني: ففي المادة 62 من دستور إسبانيا لسنة 1978، يـُنص على أن
الملك يصادق ويصدر القوانين، كما يقيد ويحل المجلس النيابي، ويعقد
الانتخابات وفقا لما ينص عليه الدستور، كما يصدر المراسيم المتفق عليها من
طرف مجلس الوزراء، ويعين في الوظائف المدنية والعسكرية، وتسليم مراتب الشرف
والتكريمات طبقا للقوانين. بالإضافة إلى ذلك، يتم إعلام الملك الإسباني
بشؤون الدولة وكذا ترؤس جلسات المجلس الوزاري بطلب من وزير الدولة عندما
تناسبه الظروف.
بينما يعين السفراء وممثلي الدول والدبلوماسيين الأجانب، كما يصادق على
المعاهدات الدولية، والتوقيع على معاهدات السلام، في الوقت الذي يطلب فيه
استشارة المجلس النيابي في إعلان الحرب حسب المادة 63.
أما بالنسبة إلى أعمال الملك، فتتم المصادقة عليها من طرف رئيس الحكومة
والوزراء (المادة 64) الذين يتم اقتراحهم وتعيينهم في الأصل من طرف الملك،
فمنصوص المادة 99 يؤكد، بعد كل تجديد لمجلس النواب، أن الملك يقترح بواسطة
رئيس مجلس النواب مرشحا لرئاسة الحكومة بعد مشاورة ممثلي المجموعات
السياسية ذات التمثيل البرلماني. يقدم هذا المرشح برنامجه الحكومي بطلب ثقة
المجلس. فإذا منحه هذا الأخير ثقة المجلس بالنسبة المطلقة لأعضائه، باشر
رئيس الحكومة الجديدة مهامه بعد تعيينه من طرف الملك، وهكذا دواليك، يعين
الملك ويقبل باقي أعضاء الحكومة باقتراح من رئيس الحكومة حسب المادة 100.
النموذج البلجيكي: أما دستور بلجيكا لسنة 1831، والذي أصبحت بلجيكا بموجبه
دولة ملكية وراثية، والذي تم تعديله ما بين عامي 1993 و1994، فينص في
المادة 88 على أنه لا يجوز المساس بشخص الملك ولا يتحمل المسؤولية على عكس
وزرائه. أما المادة 96 فتنص على أنه يتم تعيين الوزراء وإقالتهم من قبل
الملك، في الوقت الذي لا يعفي فيه الأمرُ الملكي، شفويا كان أو كتابيا، أي
وزير من المسؤولية حسب المادة 102.
لا يتمتع الملك بسلطات أخرى غير تلك التي ينصّ عليها الدستور صراحة
والقوانين الخاصّة الصادرة بموجبه (المادة 105)، حيث لا قوة لأي قرار من
الملك إن لم يكن مصادقا عليه من الوزير الذي يتحمل من خلاله مسؤوليته حسب
المادة 106. في نفس السياق، يمنح الملك الرتب العسكرية (المادة 107)، ويعين
موظفي الإدارة العامة والعلاقات الخارجية ما عدا الاستثناءات المحدّدة
بصريح القانون، في نفس الوقت الذي لا يجوز له فيه تعيين موظفين في دوائر
أخرى إلا وفقا لنص قانوني صريح.
أما في مجال القانون، فيتخذ الملك الصيغ والإجراءات الضرورية من أجل تنفيذ
القوانين، ولا يجوز له مطلقا تعليقها أو الاستغناء عن تنفيذها (المادة
108). كما يتم تصديق القوانين ونشرها من طرفه (المادة 109). أما في مجال
العلاقات الدولية، وحسب المادة 167، البند الأوّل، فيوجّه الملك العلاقات
الدولية، دون المساس بصلاحية الوحدات والأقاليم في تنظيم التعاون الدولي،
ومن ضمنها عقد الاتفاقيات في الأمور التي تدخل ضمن صلاحياتها وفقا للدستور
أو بموجبه. وكذلك، يقود الملك القوات المسلحة ويتأكد من حالة الحرب وكذلك
نهاية العمليات الحربية، كما يقوم بإبلاغ المجالس بطريقة إعلامية مناسبة
حسب ما تقتضيه مصلحة وأمن الدولة. بينما يمنح البندُ الثاني الملكَ إمكانية
توقيع المعاهدات باستثناء الأمور المنصوص عليها في البند الثالث، ولن تكون
نافذة المفعول إلا بعد التصديق عليها من قبل المجالس.
عبد الرحيم خالص - باحث مختص في القانون الدستوري
يتبع...
المساء
تـُنتهك حُرمته، باعتباره رمز الوحدة الترابية والسياسية والاجتماعية،
والساهر على احترام كرامة وحقوق المواطنين.
وهذا حال المجتمعات الديمقراطية العتيدة والعريقة عبر العالم، والتي ما
فتئت تؤكد تشبثها بالأنظمة الملكية، دون الإنقاص لا من قيمتها ولا من
مكانتها داخل هرم الدولة، وإن تراجعت بالفعل اختصاصات أغلب الملكيات في
الأنظمة السياسية الحديثة بالعالم المعاصر، نظرا إلى طبيعة الظروف التي تمر
منها الأنظمة السياسية، والتي تفرض تطورا موازيا لتطور الأفكار السياسية
العالمية مع تزايد المتطلبات الحديثة للعولمة الاجتماعية وبروز النماذج
الجديدة من التكتلات الاقتصادية الإقليمية.
ورغم التغييرات العميقة التي تعرفها الأنظمة السياسية المعاصرة، فقد حظيت
الملكيات المعاصرة ضمن صفوفها بالمكانة الرفيعة والمحترمةّ، مكانة قادتها
إلى تقلد قمة الهرم بالدولة دون أدنى تحمل للمسؤولية أو إمكانية تعريضها
للمحاسبة، بحيث تعبر عن سُمو لا يَمُسُّ سُمو القوانين بشيء، بل يرفع من
قيمتها ويصونها ويحفظها ضد أي خرق يمكن أن تتعرض له.
لقد تـُوجت الملكيات المعاصرة في الأنظمة السياسية الحديثة بشعار معبر عن
الرمزية الاستثنائية التي منحها الإنسان تقديرا وحبا للأسر الملكية في
العالم، بحيث يعني ذلك عدم رغبة الإنسان في التفريط في التاج الذي يحميه من
كل ما من شأنه المساس براحته واستقلاليته، ذلك الشعار هو: «ملكية تسود ولا
تحكم».
وبالتالي، فإن الأصوات التي تنادي مرة بقدسية الملكية ومرة أخرى بتنزيلها
منزلة المحاسبة، قد استطاع شعار «تسود ولا تحكم» أن يُخرجها من مأزق ردود
الأفعال المختلفة، حيث -وحسب الأدبيات الدستورية- تـُنعت الأنظمة السياسية
التي تسود فيها الملكية دون أن تحكم بنظام الملكية البرلمانية.
فالملكية البرلمانية نظام يُغلب التمثيلية السياسية الممنوحة عبر صناديق
الاقتراع لممثلي الشعب، على الصفة الرمزية التي تمنح للملك باعتباره الممثل
«الأسمى» للأمة. وعليه، فالمؤسسة البرلمانية تـُمثل الشعب، بينما يسهر
الملك على صيانة وحفظ هذه التمثيلية من الخروقات التي قد تطالها حسب ما
تقتضيه نصوص الدستور كأعلى سلطة قانونية بالدولة.
فما الذي نقصده بنظام الملكية البرلمانية كما هو متعارف عليه في التجارب
الغربية؟ وهل تسمح التجربة السياسية المغربية بتبني مثل هذا النظام؟ وما هو
أفق دسترة مطلب الملكية البرلمانية ضمن قوانين المغرب المعاصر؟
أولا: الملكيات الغربية.. من الحُكم إلى التحكيم والحكامة
عكس نظام الملكية الدستورية، الذي يجمع فيه الملك بين سلطة رئاسة الدولة
ورئاسة السلطة التنفيذية في الآن نفسه، يُعد نظام الملكية البرلمانية،
نظاما سياسيا تتبوأ فيه الملكية رأس الدولة دون الحكومة. يترأس الوزير
الأول أو رئيس الوزراء -حسب تسميات دستور كل دولة- السلطة التنفيذية، بحيث
تبدو هذه الأخيرة وكأنها برأسين. لكن بالعودة إلى الممارسات الفعلية، في
نظام الملكية البرلمانية، نجد الملك كرئيس للدولة من جهة، والوزير الأول
كرئيس للحكومة، ويبقى الاختلاف الذي يؤسس لحدود كل رئيس، دون الحديث عن
ثنائية السلطة، هو أن الملك يسود ولا يحكم، بينما يحكم رئيس الحكومة دون أن
يسود. وبالتالي، تبقى تدخلات السلطة الملكية، سواء في علاقتها بالسلطة
التنفيذية أو التشريعية أو القضائية، متسمة بالرمزية، ما عدا بعض
الاختصاصات المنوطة بالملك بصريح الدستور. وفي هذا الإطار، تجسد الملكية
-حسب ما هو متعارف عليه في الأنظمة السياسية الملكية الكبرى عبر العالم-
الضمانة الفعلية للفصل بين السلطات.
نذكر، من بين الأنظمة السياسية التي تحدد اختصاصات رمزية للملك، نظامي كل
من إسبانيا وبلجيكا. وقبل الحديث عنهما، نشير إلى أن التجربة الأوربية
بعيدة كل البعد عما تنادي به بعض الجهات في المغرب. وإذ نستعرض بعضا من
التجارب الغربية ذات الأنظمة الملكية، فإن ذلك لا يعني محاولة استلهامنا
لمقومات نجاح تلك التجارب، بقدر ما هو محاولة لجرد تاريخي نموذجي وتوضيحي،
قد لا يصل إلى درجة الاستنساخ، ولكننا نستحضرها من الوجهة المقارنة من أجل
فهم وإبراز الخصوصية السياسية للنظام المغربي. ومنه، محاولة الإجابة عن
التساؤل التالي: ما مدى إمكانية صلاحية أو توافق نظام الملكية البرلمانية
مع التجربة السياسية المغربية؟
النموذج الإسباني: ففي المادة 62 من دستور إسبانيا لسنة 1978، يـُنص على أن
الملك يصادق ويصدر القوانين، كما يقيد ويحل المجلس النيابي، ويعقد
الانتخابات وفقا لما ينص عليه الدستور، كما يصدر المراسيم المتفق عليها من
طرف مجلس الوزراء، ويعين في الوظائف المدنية والعسكرية، وتسليم مراتب الشرف
والتكريمات طبقا للقوانين. بالإضافة إلى ذلك، يتم إعلام الملك الإسباني
بشؤون الدولة وكذا ترؤس جلسات المجلس الوزاري بطلب من وزير الدولة عندما
تناسبه الظروف.
بينما يعين السفراء وممثلي الدول والدبلوماسيين الأجانب، كما يصادق على
المعاهدات الدولية، والتوقيع على معاهدات السلام، في الوقت الذي يطلب فيه
استشارة المجلس النيابي في إعلان الحرب حسب المادة 63.
أما بالنسبة إلى أعمال الملك، فتتم المصادقة عليها من طرف رئيس الحكومة
والوزراء (المادة 64) الذين يتم اقتراحهم وتعيينهم في الأصل من طرف الملك،
فمنصوص المادة 99 يؤكد، بعد كل تجديد لمجلس النواب، أن الملك يقترح بواسطة
رئيس مجلس النواب مرشحا لرئاسة الحكومة بعد مشاورة ممثلي المجموعات
السياسية ذات التمثيل البرلماني. يقدم هذا المرشح برنامجه الحكومي بطلب ثقة
المجلس. فإذا منحه هذا الأخير ثقة المجلس بالنسبة المطلقة لأعضائه، باشر
رئيس الحكومة الجديدة مهامه بعد تعيينه من طرف الملك، وهكذا دواليك، يعين
الملك ويقبل باقي أعضاء الحكومة باقتراح من رئيس الحكومة حسب المادة 100.
النموذج البلجيكي: أما دستور بلجيكا لسنة 1831، والذي أصبحت بلجيكا بموجبه
دولة ملكية وراثية، والذي تم تعديله ما بين عامي 1993 و1994، فينص في
المادة 88 على أنه لا يجوز المساس بشخص الملك ولا يتحمل المسؤولية على عكس
وزرائه. أما المادة 96 فتنص على أنه يتم تعيين الوزراء وإقالتهم من قبل
الملك، في الوقت الذي لا يعفي فيه الأمرُ الملكي، شفويا كان أو كتابيا، أي
وزير من المسؤولية حسب المادة 102.
لا يتمتع الملك بسلطات أخرى غير تلك التي ينصّ عليها الدستور صراحة
والقوانين الخاصّة الصادرة بموجبه (المادة 105)، حيث لا قوة لأي قرار من
الملك إن لم يكن مصادقا عليه من الوزير الذي يتحمل من خلاله مسؤوليته حسب
المادة 106. في نفس السياق، يمنح الملك الرتب العسكرية (المادة 107)، ويعين
موظفي الإدارة العامة والعلاقات الخارجية ما عدا الاستثناءات المحدّدة
بصريح القانون، في نفس الوقت الذي لا يجوز له فيه تعيين موظفين في دوائر
أخرى إلا وفقا لنص قانوني صريح.
أما في مجال القانون، فيتخذ الملك الصيغ والإجراءات الضرورية من أجل تنفيذ
القوانين، ولا يجوز له مطلقا تعليقها أو الاستغناء عن تنفيذها (المادة
108). كما يتم تصديق القوانين ونشرها من طرفه (المادة 109). أما في مجال
العلاقات الدولية، وحسب المادة 167، البند الأوّل، فيوجّه الملك العلاقات
الدولية، دون المساس بصلاحية الوحدات والأقاليم في تنظيم التعاون الدولي،
ومن ضمنها عقد الاتفاقيات في الأمور التي تدخل ضمن صلاحياتها وفقا للدستور
أو بموجبه. وكذلك، يقود الملك القوات المسلحة ويتأكد من حالة الحرب وكذلك
نهاية العمليات الحربية، كما يقوم بإبلاغ المجالس بطريقة إعلامية مناسبة
حسب ما تقتضيه مصلحة وأمن الدولة. بينما يمنح البندُ الثاني الملكَ إمكانية
توقيع المعاهدات باستثناء الأمور المنصوص عليها في البند الثالث، ولن تكون
نافذة المفعول إلا بعد التصديق عليها من قبل المجالس.
عبد الرحيم خالص - باحث مختص في القانون الدستوري
يتبع...
المساء
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: الملكية البرلمانية \ عبد الرحيم خالص
ملامح الملكية القادمة من خلال خطاب 9 مارس 2011
من وجهة نظرنا المتواضعة، سوف نحاول تقريب الملاحظ والمتتبع لأحداث
الإصلاح الدستوري المرتقب في المغرب، من أهم النقط الأساسية التي تهم
النظام الملكي كنظام سياسي دستوري
وديمقراطي أو حتى برلماني في المستقبل... بعد ما سردنا أعلاه الوضعية
الحالية للسلطة الملكية -في علاقتها بالسلطات الأخرى- ضمن دستور 1996.
نبتدئ بالخطاب الملكي لـ9 مارس 2011، والذي قدم فيه إشارة كبيرة إلى نوعية
النظام السياسي الذي ربما يريد الملك أن «يمنحه» للشعب المغربي، استجابة
لما نادت به بعض الأصوات الشبابية والجهات الرسمية وغير الرسمية بالمغرب.
إذا كنا نزعُم دوما بأن الملك يمثل سلطة كثيرا ما تنعت بالمؤسسة الملكية،
تشبُّها بالمؤسسة التنفيذية والمؤسسة التشريعية والمؤسسة القضائية، فإننا
اليوم أمام تصحيح للأوضاع والنعوت والألقاب. ولكي لا تفهم غالبية الشعب،
غير الضليعة في الشؤون الدستورية والسياسية، تجدر الإشارة إلى أن المؤسسات
السياسية في العالم كله لا تتجاوز ثلاث مؤسسات، سواء كان النظام السياسي
رئاسيا أو جمهوريا أو حتى ملكيا. أما ما نسميه بالمؤسسة الملكية، ولاسيما
في النموذج المغربي، فليس -كما أشرت سابقا- إلا نعتا تجاوزيا في بعض
الأحيان، وفي أغلبها تعبيرا عن مكانة الملك الذي نسمو به إلى درجة المؤسسة،
وإن كان هذا النعت لا يصح دستوريا ولا قانونيا، لكنه ظل في المتداول
السياسي منذ استقلال المغرب يعبر عن عُرف تم اكتسابه من خلال تضامن الشعب
والملك في ثوراته التأسيسية دفاعا عن وحدة المغرب واستقلاله.
واستنادا إلى الخطاب الملكي الأخير الذي قرر من خلاله إجراء تعديل دستوري
شامل يستند إلى سبعة مرتكزات أساسية، سنقف بالضبط عند النقطتين المفصليتين
اللتين تعبران صراحة عما يريده ملك المغرب من هذا التعديل الدستوري،
وبالأخص على مستوى المؤسسات السياسية سابقة الذكر.
يشدد الملك محمد السادس في النقطتين الثالثة والرابعة على ما يلي:
النقطة الثالثة: الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، وتعزيز صلاحيات المجلس
الدستوري، توطيدا لسمو الدستور، ولسيادة القانون، والمساواة أمامه.
النقطة الرابعة: توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها، من خلال:
- برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة، يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة
الصدارة، مع توسيع مجال القانون وتخويله اختصاصات جديدة، كفيلة بنهوضه
بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية.
- حكومة منتخبة بانبثاقها عن الإرادة الشعبية، المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب.
- تكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.
- تقوية مكانة الوزير الأول كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية، يتولى المسؤولية
الكاملة عن الحكومة والإدارة العمومية، وقيادة وتنفيذ البرنامج الحكومي.
- دسترة مؤسسة مجلس الحكومة، وتوضيح اختصاصاته.
تركيب استنتاجي
من خلال النقطتين أعلاه، تؤكد «المؤسسة الملكية» أو بالأحرى «السلطة
الملكية» رغبتها في إعطاء كل ذي حق حقه، بالموازاة مع تحديد مجال اختصاص كل
سلطة مؤسساتية وتحملها لمسؤولياتها كاملة. فحين يقول الملك: «الارتقاء
بالقضاء إلى سلطة مستقلة»، كما جاء في خطابه، يعكس ذلك نص المادة 82 من
الدستور الحالي، حيث «القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة
التنفيذية»، دون أن يُشار صراحة إلى القضاء كسلطة Pouvoir على غرار
السلطتين التشريعية والتنفيذية. وهذا يعني المطالبة بدسترة واضحة لفصل
السلطة القضائية عن تحكم السلطة التنفيذية، وبخاصة ضرورة فصلها عن رئاسة
وزير العدل الذي ينتمي عمقا إلى سلطة تنفيذية بالدرجة الأولى.
وكما جاء في خطاب افتتاح الملك للدورة الخريفية البرلمانية من شهر أكتوبر
2010، فيجب أن يكون القضاء سلطة مستقلة من جهة، ومؤسسة في خدمة المواطن من
جهة أخرى. وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على الرغبة الجامحة للملك في
تكريس فصل واضح وصريح للسلطة الملكية -وباقي السلطات- عن سلطة القضاء،
بحيث، وفي ظل هذه الوضعية، يمكن للملك أن يحتفظ بالرئاسة الرمزية للمؤسسة
القضائية باعتباره الضامن لحقوق المواطنين في التقاضي العادل بين الأفراد
والمساواة دون تمييز أو تفضيل أمام سلطة القانون. وأما الرئاسة الفعلية
فيجب أن تعود إلى الرئيس الأول للمجلس الأعلى للقضاء.
أما في مجال التمثيلية السياسية للمواطنين، فقد أكد الملك رغبته في تبوؤ
المؤسسة البرلمانية مكانتها الحقيقية والتي يحظى فيها مجلس نيابي، منتخب
بشكل ديمقراطي ونزيه، بالمكانة الجديرة به وبثقة المواطنين الذين يختارون
ممثلي الشعب والأمة -ضمنه- بواسطة الاقتراع المباشر.
وفي المجال التنفيذي، يجب أن تكون لدينا حكومة أغلبية برلمانية، لتتمكن من
لعب أدوارها الريادية في التعبير عن حاجيات المواطنين مع الاستجابة الشاملة
والفورية لها من خلال وضع سياسات عمومية ناجعة وفعالة، تحترم أولويات
النهوض بالأوضاع التنموية للمواطنين وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب، هذا
الأخير الذي يجب أن تعرف اختصاصاته توسعا في مجال التشريع والقانون على
حساب مجلس المستشارين، في أفق تفعيل مهامه التمثيلية والرقابية.
إن الحزب أو التكتل السياسي الذي سيحصل على المرتبة الأولى في انتخابات حرة
ونزيهة هو الحزب الذي سيُعين من خلاله الوزير الأول، تكريسا لعرف ديمقراطي
تشهده -وتشهد عليه- تجارب الديمقراطيات العريقة في العالم. وعليه، سيكون
الوزير الأول هو الرئيس الفعلي لسلطة حكومية تنفيذية فعلية غير صورية،
«يتولى المسؤولية الكاملة عن الحكومة والإدارة العمومية وقيادة وتنفيذ
البرنامج الحكومي»، كما جاء في خطاب 9 مارس 2011.
آفاق مستقبلية
ختاما، تتبين من كل ما سبق دعوة الملك الصريحة إلى الفصل بين السلطات،
ورغبته في الحفاظ على مكانة تقدير واحترام في نفوس المغاربة، مكانة ترمز
إلى الضمانة التي يُمثلها بالنسبة إلى كل الشرائح الاجتماعية في علاقتها
بالسلطات المؤسساتية التي يتوجب عليها صيانة مختلف حقوق الشعب، السياسية
والاجتماعية والاقتصادية.
فهل كل هذه الإجراءات -وغيرها- المرغوب في دسترتها بصريح الدعوة الملكية،
والتي تـُقنن سلطة الملك -وباقي السلطات الأخرى- في حدودها القانونية التي
تحفظ للملكية بعض الاختصاصات الرمزية والسيادية في نفس الوقت، تؤكد بصريح
العبارة مطلب الملكية البرلمانية كأفق للنظام السياسي المغربي؟
الوزير الأول هو رئيس الحكومة، أما الملك فهو رئيس الدولة. دوره أصبح
مختزلا إلى حد ما في التوجيه والقيادة التحكيمية، إلى جانب الحفاظ على
مكتسبات الحكامة الجيدة التي باشر أولى خطواتها مباشرة بعد توليه سدة الحكم
بالمغرب، بعد وفاة والده الحسن الثاني (رحمه الله) سنة 1999. وهكذا
-وبعزم- قاد الملك الشاب محمد السادس العديد من الأوراش التنموية الكبرى
التي كانت الغاية من ورائها تلبية حاجيات المواطن المغربي وصيانة كرامته
وحقوقه الإنسانية، فجاءت هيئة الإنصاف والمصالحة لطي ملف انتهاكات حقوق
الإنسان المغربي إبان ما سُمي بسنوات الرصاص، فتصالح الشعب مع وطنه، ثم بعد
ذلك أعلن الملك سنة 2005 عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كبادرة
لتحسين الظروف المعيشية والاقتصادية للمغاربة، في محاولة لتنمية دخلهم
الفردي. كل ذلك في أفق تشجيع التنمية السياسية والمشاركة الفعالة للمواطنين
في تدبير شؤونهم المحلية والجهوية داخل فضاءات عمومية حرة، وبمشاركة كل
الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، بمن فيهم الأحزاب السياسية والنقابات
المهنية وجمعيات المجتمع المدني.
الملك يريد حُكم الحكيم ولا يريد حُكم الحاكم. وبين الحاكم والحكيم ما بين
الاستبداد والعدل. جوهر الحُكم العادل السياسة العادلة، وجوهر السياسة
العادلة الحاكم العادل، وجوهر الحاكم العادل الحُكم الحكيم.
عبد الرحيم خالص- باحث مختص في القانون الدستوري. انتهى
المساء
29\4\2011
من وجهة نظرنا المتواضعة، سوف نحاول تقريب الملاحظ والمتتبع لأحداث
الإصلاح الدستوري المرتقب في المغرب، من أهم النقط الأساسية التي تهم
النظام الملكي كنظام سياسي دستوري
وديمقراطي أو حتى برلماني في المستقبل... بعد ما سردنا أعلاه الوضعية
الحالية للسلطة الملكية -في علاقتها بالسلطات الأخرى- ضمن دستور 1996.
نبتدئ بالخطاب الملكي لـ9 مارس 2011، والذي قدم فيه إشارة كبيرة إلى نوعية
النظام السياسي الذي ربما يريد الملك أن «يمنحه» للشعب المغربي، استجابة
لما نادت به بعض الأصوات الشبابية والجهات الرسمية وغير الرسمية بالمغرب.
إذا كنا نزعُم دوما بأن الملك يمثل سلطة كثيرا ما تنعت بالمؤسسة الملكية،
تشبُّها بالمؤسسة التنفيذية والمؤسسة التشريعية والمؤسسة القضائية، فإننا
اليوم أمام تصحيح للأوضاع والنعوت والألقاب. ولكي لا تفهم غالبية الشعب،
غير الضليعة في الشؤون الدستورية والسياسية، تجدر الإشارة إلى أن المؤسسات
السياسية في العالم كله لا تتجاوز ثلاث مؤسسات، سواء كان النظام السياسي
رئاسيا أو جمهوريا أو حتى ملكيا. أما ما نسميه بالمؤسسة الملكية، ولاسيما
في النموذج المغربي، فليس -كما أشرت سابقا- إلا نعتا تجاوزيا في بعض
الأحيان، وفي أغلبها تعبيرا عن مكانة الملك الذي نسمو به إلى درجة المؤسسة،
وإن كان هذا النعت لا يصح دستوريا ولا قانونيا، لكنه ظل في المتداول
السياسي منذ استقلال المغرب يعبر عن عُرف تم اكتسابه من خلال تضامن الشعب
والملك في ثوراته التأسيسية دفاعا عن وحدة المغرب واستقلاله.
واستنادا إلى الخطاب الملكي الأخير الذي قرر من خلاله إجراء تعديل دستوري
شامل يستند إلى سبعة مرتكزات أساسية، سنقف بالضبط عند النقطتين المفصليتين
اللتين تعبران صراحة عما يريده ملك المغرب من هذا التعديل الدستوري،
وبالأخص على مستوى المؤسسات السياسية سابقة الذكر.
يشدد الملك محمد السادس في النقطتين الثالثة والرابعة على ما يلي:
النقطة الثالثة: الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، وتعزيز صلاحيات المجلس
الدستوري، توطيدا لسمو الدستور، ولسيادة القانون، والمساواة أمامه.
النقطة الرابعة: توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها، من خلال:
- برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة، يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة
الصدارة، مع توسيع مجال القانون وتخويله اختصاصات جديدة، كفيلة بنهوضه
بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية.
- حكومة منتخبة بانبثاقها عن الإرادة الشعبية، المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب.
- تكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.
- تقوية مكانة الوزير الأول كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية، يتولى المسؤولية
الكاملة عن الحكومة والإدارة العمومية، وقيادة وتنفيذ البرنامج الحكومي.
- دسترة مؤسسة مجلس الحكومة، وتوضيح اختصاصاته.
تركيب استنتاجي
من خلال النقطتين أعلاه، تؤكد «المؤسسة الملكية» أو بالأحرى «السلطة
الملكية» رغبتها في إعطاء كل ذي حق حقه، بالموازاة مع تحديد مجال اختصاص كل
سلطة مؤسساتية وتحملها لمسؤولياتها كاملة. فحين يقول الملك: «الارتقاء
بالقضاء إلى سلطة مستقلة»، كما جاء في خطابه، يعكس ذلك نص المادة 82 من
الدستور الحالي، حيث «القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة
التنفيذية»، دون أن يُشار صراحة إلى القضاء كسلطة Pouvoir على غرار
السلطتين التشريعية والتنفيذية. وهذا يعني المطالبة بدسترة واضحة لفصل
السلطة القضائية عن تحكم السلطة التنفيذية، وبخاصة ضرورة فصلها عن رئاسة
وزير العدل الذي ينتمي عمقا إلى سلطة تنفيذية بالدرجة الأولى.
وكما جاء في خطاب افتتاح الملك للدورة الخريفية البرلمانية من شهر أكتوبر
2010، فيجب أن يكون القضاء سلطة مستقلة من جهة، ومؤسسة في خدمة المواطن من
جهة أخرى. وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على الرغبة الجامحة للملك في
تكريس فصل واضح وصريح للسلطة الملكية -وباقي السلطات- عن سلطة القضاء،
بحيث، وفي ظل هذه الوضعية، يمكن للملك أن يحتفظ بالرئاسة الرمزية للمؤسسة
القضائية باعتباره الضامن لحقوق المواطنين في التقاضي العادل بين الأفراد
والمساواة دون تمييز أو تفضيل أمام سلطة القانون. وأما الرئاسة الفعلية
فيجب أن تعود إلى الرئيس الأول للمجلس الأعلى للقضاء.
أما في مجال التمثيلية السياسية للمواطنين، فقد أكد الملك رغبته في تبوؤ
المؤسسة البرلمانية مكانتها الحقيقية والتي يحظى فيها مجلس نيابي، منتخب
بشكل ديمقراطي ونزيه، بالمكانة الجديرة به وبثقة المواطنين الذين يختارون
ممثلي الشعب والأمة -ضمنه- بواسطة الاقتراع المباشر.
وفي المجال التنفيذي، يجب أن تكون لدينا حكومة أغلبية برلمانية، لتتمكن من
لعب أدوارها الريادية في التعبير عن حاجيات المواطنين مع الاستجابة الشاملة
والفورية لها من خلال وضع سياسات عمومية ناجعة وفعالة، تحترم أولويات
النهوض بالأوضاع التنموية للمواطنين وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب، هذا
الأخير الذي يجب أن تعرف اختصاصاته توسعا في مجال التشريع والقانون على
حساب مجلس المستشارين، في أفق تفعيل مهامه التمثيلية والرقابية.
إن الحزب أو التكتل السياسي الذي سيحصل على المرتبة الأولى في انتخابات حرة
ونزيهة هو الحزب الذي سيُعين من خلاله الوزير الأول، تكريسا لعرف ديمقراطي
تشهده -وتشهد عليه- تجارب الديمقراطيات العريقة في العالم. وعليه، سيكون
الوزير الأول هو الرئيس الفعلي لسلطة حكومية تنفيذية فعلية غير صورية،
«يتولى المسؤولية الكاملة عن الحكومة والإدارة العمومية وقيادة وتنفيذ
البرنامج الحكومي»، كما جاء في خطاب 9 مارس 2011.
آفاق مستقبلية
ختاما، تتبين من كل ما سبق دعوة الملك الصريحة إلى الفصل بين السلطات،
ورغبته في الحفاظ على مكانة تقدير واحترام في نفوس المغاربة، مكانة ترمز
إلى الضمانة التي يُمثلها بالنسبة إلى كل الشرائح الاجتماعية في علاقتها
بالسلطات المؤسساتية التي يتوجب عليها صيانة مختلف حقوق الشعب، السياسية
والاجتماعية والاقتصادية.
فهل كل هذه الإجراءات -وغيرها- المرغوب في دسترتها بصريح الدعوة الملكية،
والتي تـُقنن سلطة الملك -وباقي السلطات الأخرى- في حدودها القانونية التي
تحفظ للملكية بعض الاختصاصات الرمزية والسيادية في نفس الوقت، تؤكد بصريح
العبارة مطلب الملكية البرلمانية كأفق للنظام السياسي المغربي؟
الوزير الأول هو رئيس الحكومة، أما الملك فهو رئيس الدولة. دوره أصبح
مختزلا إلى حد ما في التوجيه والقيادة التحكيمية، إلى جانب الحفاظ على
مكتسبات الحكامة الجيدة التي باشر أولى خطواتها مباشرة بعد توليه سدة الحكم
بالمغرب، بعد وفاة والده الحسن الثاني (رحمه الله) سنة 1999. وهكذا
-وبعزم- قاد الملك الشاب محمد السادس العديد من الأوراش التنموية الكبرى
التي كانت الغاية من ورائها تلبية حاجيات المواطن المغربي وصيانة كرامته
وحقوقه الإنسانية، فجاءت هيئة الإنصاف والمصالحة لطي ملف انتهاكات حقوق
الإنسان المغربي إبان ما سُمي بسنوات الرصاص، فتصالح الشعب مع وطنه، ثم بعد
ذلك أعلن الملك سنة 2005 عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كبادرة
لتحسين الظروف المعيشية والاقتصادية للمغاربة، في محاولة لتنمية دخلهم
الفردي. كل ذلك في أفق تشجيع التنمية السياسية والمشاركة الفعالة للمواطنين
في تدبير شؤونهم المحلية والجهوية داخل فضاءات عمومية حرة، وبمشاركة كل
الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، بمن فيهم الأحزاب السياسية والنقابات
المهنية وجمعيات المجتمع المدني.
الملك يريد حُكم الحكيم ولا يريد حُكم الحاكم. وبين الحاكم والحكيم ما بين
الاستبداد والعدل. جوهر الحُكم العادل السياسة العادلة، وجوهر السياسة
العادلة الحاكم العادل، وجوهر الحاكم العادل الحُكم الحكيم.
عبد الرحيم خالص- باحث مختص في القانون الدستوري. انتهى
المساء
29\4\2011
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» لماذا أحب الملكية؟
» قوانين التغيير الاجتماعية/خالص جلبي
» عصر الجراثيم والفيروسات القاتلة/خالص جلبي
» الحــــرب التي لا تـــــنسى :خالص جلبي
» ليس من سبيل إلى الصحة إلا بالصوم :خالص جلبي
» قوانين التغيير الاجتماعية/خالص جلبي
» عصر الجراثيم والفيروسات القاتلة/خالص جلبي
» الحــــرب التي لا تـــــنسى :خالص جلبي
» ليس من سبيل إلى الصحة إلا بالصوم :خالص جلبي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى