على هامش مهرجان شفشاون الشعري (26) عن «شعرية التحولات» مساهمة في رفع اللبس
صفحة 1 من اصل 1
على هامش مهرجان شفشاون الشعري (26) عن «شعرية التحولات» مساهمة في رفع اللبس
أسدل الستار على فعاليات مهرجان شفشاون الشعري المنعقد يومي 9 و10 يوليوز 2011، وكان شهد خلال مساءين نَدَيّينْ بَهَيّين، قراءات شعرية لثلة من شاعرات وشعراء المغرب، فيها النُّضَار، وفيها النقع والغبار. كما شهد صبيحة نقدية تناولت موضوعة راهنة : «شعرية التحولات»، شكلت مدار النقاش والمدارسة والأخذ والجذب، إذ طرحت إشكالية المفهوم، والتباسه بمفهوم «تحولات الشعرية».
على
رغم الجهد المبذول في مقاربة موضوعة المائدة النقدية من حيث تناولها
الإسبتيمي، وتفكيك منطوقها وصولا إلى مضمرها / مضمراتها، فقد اعترى بعض
المداخلات، ارتباك بَيّن، وساورها عَيٌّ وانفلات إذ طاش سهمها، وحاد عن
الهدف والدريئة. فمن قائل إن شعرية التحولات تتقصد ?لا محالة- تاريخية
الأشكال الشعرية والمذاهب، بعيدا عن المضامين و التيمات. ومن قائل
بالتصادي الاجتماعي، والانعكاس الإيديولوجي لما تشهده الساحات العربية من
نهوض ويقظة وثورة ضد الاستبداد. لكن عَسُرَ على من ذهب هذا المذهب،
الإتيان بالحجة والآية، إذ لا شعر تحت الطلب، ولا شعر ? في تقديرنا- وليد
اللحظة أيا كان توهجها، وعنفوانها، وتوقدها، ومن ثمة، إلغاء الإنعكاسية في
الأدب، تلك الإنعكاسية الواقعية الاشتراكية التي شكلت مقتلا للجماليات
والفن، وأغلالا لتوثب الوجدان، واختراقية الرؤية والرؤيا، والتوسل بالرموز.
لهذا، أُعِيدَ التذكيرُ - ثانية- باستقلالية الفنون، وتعاليها على الواقع
واعتمالاته، ومشروطية المسافة
الزمنية الضرورية بإزاء المستجدات
والوقائع، والأحداث التي تتيح إمكان الاستبطان، والتقاط جوهر الأشياء، وما
يستكن في الوراء والخلف، ويرتسم في الآفاق. مع ما يتطلب ذلك من إحساس دفين،
وشعور عميق بنبض الأشياء، ووعي حاد بمجريات الواقع، وتغيرات اليومي،
وانقلاب القيم، وانفلاش المواضعات، وما تستوجبه ? أيضا- من عُدّة معرفية،
وعلم بالجغرافيات الشعرية، والتاريخ الأدبي.
كل ذلك لا يتأتى إلا بعد
حين من الدهر. فالفن إما استباقي، وإما تَالٍ، لا مصاحبا ولا محايثا، ولا
قارئا ومؤولا في اللحظة عينِها لِلّحظة ذاتها إيان ترتسم، وتنبثق، وتصبح
طوع اليد والعين و اللسان.
وعليه، فتيمة «المائدة النقدية : «شعرية
التحولات» لا تخرج ? البتة- عن معنى تلمس الجماليات، والخصائص الفنية
البانية التي هي مناط الكتابة الإبداعية، والتي يَتَقَوَّمُ النص الأدبي
بها، فَمَا بَالُكَ بالشعري. «شعرية التحولات» عدا عن أنها لائطة بما يصير
النص إليه، وهو يختبر التجارب والأشكال، ويجترح ما به ينماز عن النص ?
السالف، النص- الماضي ? الجذر المتأصل، فإنها تتصل بتاريخية هذا النص،
بالمعنى الذي يعطيه عبد الله العروي للتاريخية ? وهو يبدل جلده، ولُبَابَهُ
وفقا للتحولات المعرفية، والفتوحات الأشكالية والشكلانية، والتحققات
الجمالية هنا والآن، وفي هذا الصقع أو ذاك، ولدى هذه السلالة أو تلك.
ومن
ثَمَّ، لا مجال للكلام عن طبيعة النص الموازي أو المنخرط في سؤال الإنهاض
والثورة، وإلا ألفينا أنفسنا بصدد التحدث عن رسالة الأدب، والشعر الخطابي،
والنظم الثوري الزاعق الذي من مظاهره المباشرة والتقريرية والتأثرية،
والهدير اللغوي العاتي، والطنين الوزني، والرنين القافوي. دعنا ? الآن- من
أبي القاسم الشابي ونصه الذائع: «إرادة الحياة»، فللمرحلة ?آنذاك- سطوتها،
وسياقها ولسانها ولغتها وجراحاتها، ومستوى الوعي الجمالي السائد بين نخبها
ومثقفيها وطلابها.
رسالة الشعر ? اليوم- تثوي في بنيان الشعر، وتستكن
في نسيجه، ومفاصله في إهاب من الصوغ الإبداعي، والإدهاش الجمالي، وفي وسيع
الرؤيا، ونفاذ اللغة والصورة، وبعيد المعنى.
ومن جهة ثانية، لا نعني ب :
«شعرية التحولات» تقديم مجموعة من النصوص الشعرية مُشَرَّحَة مَمَلَّحَة،
ومُقَدَّدَة، تعيد إلى الأذهان صنيع الشراح اللغويين القدامى، وصنيع
فيلولوجيي القرن التاسع عشر.
«شعرية التحولات» هي محاولة للقبض على تلك
القيم الجمالية الثابتة، والقيم الجمالية الأخرى المتحولة ? الإبدالية
التي يحققها الشعراء بالمعاناة والمكابدة، والاختراق، والبصيرة النافذة،
والنظر الحديد، فإذا النصوص الجياد هي جماع تجربة غنية وممتدة في القراءة
والحياة، وحاصل تفاعل مع الفيزيقا والميتافيزيقا، وصدى نداء الحبر والدم.
فبين
«شعرية التحولات» و»تحولات الشعرية» ينتصب مفهوما السانكرونية
والدياكرونية بلغة اللسانيات. بل إنهما يمتزجان ويختلطان فيشكلان ما ينكتب
الآن وغدا، وينقلب على نفسه متعاطيا مع التجربة اللغوية والشعرية والروحية
التي لا تَنِي تَنْبَنِي. وتتطور لدى الشاعر الواحد وهو يتفاعل مع الأشياء
والعالم والناس، متخطيا ومستشرفا، عُدَّتُهُ الحلم والخير والجمال، وما
يسهم ? بهذا القدر أو ذاك- في تجلي الجميل بتعبير كأدامير، وسط القبح
والبشاعة العامين.
بهذا المعنى، يكون الشعر أبعد عن المرآوية، ورجع
الصدى واللهاث خلف ما يحدث وما يقع، وبهذا المعنى، يكون الشعر متعاليا،
نافذا مؤثرا فيما هو يغوص حتى الجذور في مشكلات الواقع والإنسان.
27/10/2011-العلم الثقافيرغم الجهد المبذول في مقاربة موضوعة المائدة النقدية من حيث تناولها
الإسبتيمي، وتفكيك منطوقها وصولا إلى مضمرها / مضمراتها، فقد اعترى بعض
المداخلات، ارتباك بَيّن، وساورها عَيٌّ وانفلات إذ طاش سهمها، وحاد عن
الهدف والدريئة. فمن قائل إن شعرية التحولات تتقصد ?لا محالة- تاريخية
الأشكال الشعرية والمذاهب، بعيدا عن المضامين و التيمات. ومن قائل
بالتصادي الاجتماعي، والانعكاس الإيديولوجي لما تشهده الساحات العربية من
نهوض ويقظة وثورة ضد الاستبداد. لكن عَسُرَ على من ذهب هذا المذهب،
الإتيان بالحجة والآية، إذ لا شعر تحت الطلب، ولا شعر ? في تقديرنا- وليد
اللحظة أيا كان توهجها، وعنفوانها، وتوقدها، ومن ثمة، إلغاء الإنعكاسية في
الأدب، تلك الإنعكاسية الواقعية الاشتراكية التي شكلت مقتلا للجماليات
والفن، وأغلالا لتوثب الوجدان، واختراقية الرؤية والرؤيا، والتوسل بالرموز.
لهذا، أُعِيدَ التذكيرُ - ثانية- باستقلالية الفنون، وتعاليها على الواقع
واعتمالاته، ومشروطية المسافة
الزمنية الضرورية بإزاء المستجدات
والوقائع، والأحداث التي تتيح إمكان الاستبطان، والتقاط جوهر الأشياء، وما
يستكن في الوراء والخلف، ويرتسم في الآفاق. مع ما يتطلب ذلك من إحساس دفين،
وشعور عميق بنبض الأشياء، ووعي حاد بمجريات الواقع، وتغيرات اليومي،
وانقلاب القيم، وانفلاش المواضعات، وما تستوجبه ? أيضا- من عُدّة معرفية،
وعلم بالجغرافيات الشعرية، والتاريخ الأدبي.
كل ذلك لا يتأتى إلا بعد
حين من الدهر. فالفن إما استباقي، وإما تَالٍ، لا مصاحبا ولا محايثا، ولا
قارئا ومؤولا في اللحظة عينِها لِلّحظة ذاتها إيان ترتسم، وتنبثق، وتصبح
طوع اليد والعين و اللسان.
وعليه، فتيمة «المائدة النقدية : «شعرية
التحولات» لا تخرج ? البتة- عن معنى تلمس الجماليات، والخصائص الفنية
البانية التي هي مناط الكتابة الإبداعية، والتي يَتَقَوَّمُ النص الأدبي
بها، فَمَا بَالُكَ بالشعري. «شعرية التحولات» عدا عن أنها لائطة بما يصير
النص إليه، وهو يختبر التجارب والأشكال، ويجترح ما به ينماز عن النص ?
السالف، النص- الماضي ? الجذر المتأصل، فإنها تتصل بتاريخية هذا النص،
بالمعنى الذي يعطيه عبد الله العروي للتاريخية ? وهو يبدل جلده، ولُبَابَهُ
وفقا للتحولات المعرفية، والفتوحات الأشكالية والشكلانية، والتحققات
الجمالية هنا والآن، وفي هذا الصقع أو ذاك، ولدى هذه السلالة أو تلك.
ومن
ثَمَّ، لا مجال للكلام عن طبيعة النص الموازي أو المنخرط في سؤال الإنهاض
والثورة، وإلا ألفينا أنفسنا بصدد التحدث عن رسالة الأدب، والشعر الخطابي،
والنظم الثوري الزاعق الذي من مظاهره المباشرة والتقريرية والتأثرية،
والهدير اللغوي العاتي، والطنين الوزني، والرنين القافوي. دعنا ? الآن- من
أبي القاسم الشابي ونصه الذائع: «إرادة الحياة»، فللمرحلة ?آنذاك- سطوتها،
وسياقها ولسانها ولغتها وجراحاتها، ومستوى الوعي الجمالي السائد بين نخبها
ومثقفيها وطلابها.
رسالة الشعر ? اليوم- تثوي في بنيان الشعر، وتستكن
في نسيجه، ومفاصله في إهاب من الصوغ الإبداعي، والإدهاش الجمالي، وفي وسيع
الرؤيا، ونفاذ اللغة والصورة، وبعيد المعنى.
ومن جهة ثانية، لا نعني ب :
«شعرية التحولات» تقديم مجموعة من النصوص الشعرية مُشَرَّحَة مَمَلَّحَة،
ومُقَدَّدَة، تعيد إلى الأذهان صنيع الشراح اللغويين القدامى، وصنيع
فيلولوجيي القرن التاسع عشر.
«شعرية التحولات» هي محاولة للقبض على تلك
القيم الجمالية الثابتة، والقيم الجمالية الأخرى المتحولة ? الإبدالية
التي يحققها الشعراء بالمعاناة والمكابدة، والاختراق، والبصيرة النافذة،
والنظر الحديد، فإذا النصوص الجياد هي جماع تجربة غنية وممتدة في القراءة
والحياة، وحاصل تفاعل مع الفيزيقا والميتافيزيقا، وصدى نداء الحبر والدم.
فبين
«شعرية التحولات» و»تحولات الشعرية» ينتصب مفهوما السانكرونية
والدياكرونية بلغة اللسانيات. بل إنهما يمتزجان ويختلطان فيشكلان ما ينكتب
الآن وغدا، وينقلب على نفسه متعاطيا مع التجربة اللغوية والشعرية والروحية
التي لا تَنِي تَنْبَنِي. وتتطور لدى الشاعر الواحد وهو يتفاعل مع الأشياء
والعالم والناس، متخطيا ومستشرفا، عُدَّتُهُ الحلم والخير والجمال، وما
يسهم ? بهذا القدر أو ذاك- في تجلي الجميل بتعبير كأدامير، وسط القبح
والبشاعة العامين.
بهذا المعنى، يكون الشعر أبعد عن المرآوية، ورجع
الصدى واللهاث خلف ما يحدث وما يقع، وبهذا المعنى، يكون الشعر متعاليا،
نافذا مؤثرا فيما هو يغوص حتى الجذور في مشكلات الواقع والإنسان.
محمد بودويك |
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» هامش في هوامش
» التحولات السوسيوسياسية بجماعة سيدي رضوان-وزان
» مفهوم الذهن الشعري: آليات توليد البنيات الشعرية (*)
» ملف :التنوع الثقافي، «تمغريبيت» وآفاق دسترة الأمازيغية
» تشييد نظرية شعرية موسعة بمنهاجية سيميائية مركبة
» التحولات السوسيوسياسية بجماعة سيدي رضوان-وزان
» مفهوم الذهن الشعري: آليات توليد البنيات الشعرية (*)
» ملف :التنوع الثقافي، «تمغريبيت» وآفاق دسترة الأمازيغية
» تشييد نظرية شعرية موسعة بمنهاجية سيميائية مركبة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى