محمد بن المدني كنون إمام المالكية
صفحة 1 من اصل 1
محمد بن المدني كنون إمام المالكية
الفقيه
الجهبذ الإمام، العالم العلاّمة الهمام، الكبير الصيت والباع، المخصوص
بالحظوة التامة ومزيد الارتفاع، المشارك في كثير من الفنون؛ أبو عبد الله
الحاج محمد بن الحاج المدني بن علي جَنُّون، الـمَسْتَارِي أصلا، الفاسي
مولدا وقراراً، من بيت بني جَنُّون، ينتسبون في رسومهم القديمة إلى قبيلة
بني مَسْتَارَهْ حَوْز وَزَّان، وفيها فرقة بني جَنُّون الأشراف الأدارسة
لهذا العهد.
ولد المُتَرجم في حدود الأربعين بعد مائتين وألف، وحجّ مع أبيه وهو ابن
ثلاث سنين، وحجّ مرّة ثانية وهو ابن عشر سنين أو ما قاربها، وحُبِّبَ إليه
طلب العلم، فأخذ عن شيخ الجماعة محمد بن عبد الرحمن الفلالي الحجرتي،
والمُحدّث الوليد بن العربي العراقي، والفقيه النحوي أحمد الـمَرْنِيسِي،
والفقيه أبي بكر ابن الطيب بن كِيرَان، والقاضي المهدي بن الطالب بن سودة،
وغيرهم. وكان ـ رحمه الله ـ آية في الصبر على المطالعة والتقييد والمراجعة
بما لا يعهد لأهل عصره؛ إذ ربما جلس من الصباح إلى قرب الزوال، وقلّ أن تجد
له كتابا إلا وعليه توقيفات مما يدلّ على أنه قد طالعه، وربّما تجد له عدة
نسخ من الكتاب الواحد ما يقتضي تكرار النظر فيه. واختصّ مجلسه بالهيبة
والوقار، وكان ينقل في مجالسه من الأحاديث والنصوص ما فيه مقنع للعموم
والخصوص.
كان
الشيخ من أكبر المتضلعين في العلوم الشرعية، المعلنين بالأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، مفتيا، محدّثا، نحويا، لغويا، قال في حقّه محمد بن الحسن
الحَجْوِي: «فهو أحق من يقال فيه حقّه: مجدّد لكثرة المنافع به، وانتشار
العلم عنه وعن تلاميذه، وقيامه بالنهي عن مناكر وقته … وما كان أحد يقدر
على الرَّدّ عليه مع شدّة إغلاظه عليهم وعلى غيرهم وسلوكه في ذلك مسلك
التشديد، بل التطرّف في بعض المسائل، ومع ذلك هابه علماء وقته ولم يجرؤوا
على انتقاده، لأنه كان يتكلم بالحال لا المقال، وتحقّقوا خلوص نيته ومطابقة
سرّه لعلانيته».
قُلِّد الشيخ خِطّة القضاء بمراكش سنة (1274هـ)
بعد إباية شديدة، ولم يقبل إلا بعد إشارة شيخه فقيه المغرب محمد بن عبد
الرحمن الحجرتي بالقبول، وأوصاه بالعدل واتّباع الشريعة، وقال له: «إنّك
إن فعلت ذلك تعفى يسيراً من هذه البلية، لأن أهل هذا الزمان لا يقبل أحد
منهم الحقّ والسّير على منهج الشريعة»، وكانت مدّة توليته ثمانية أشهر بعد
أن طلب الإعفاء، فرجع إلى بلده مشتغلا بالدرس الفقهي، فكانت له مجالس
بالقرويين وغيرها، كما كان يخطب بجامع أبي الجنود بين فاس البالي وفاس
الجديد.
أخذ
عنه الناس طبقة بعد طبقة، كالشيخ محمد بن إبراهيم السباعي، والفقيه أحمد
جَسُّوس الرِّباطي، ومحمد بن قاسم القادري، والمهدي الوزاني، والعالم
اللُّغوي محمد محمود بن التلاميذ التركزي الشنقيطي نزيل مصر، وغيرهم، بحيث
لا يوجد بلدة أو قرية أو محلّة إلا وفيها من المنتفعين به الكثير. له من
التآليف: حاشية على الموطأ في سفرين لخّص فيها شرح محمد بن عبد الباقي
الزرقاني، وشرح سيرة ابن فارس اللغوي، و»الدرة المكنونة في النسبة الشريفة
المصونة»، و«التسلية والسلوان بمن ابتلي بالإذاية والبهتان»، و«والدرة
المبشرة في حديث لا عدوى ولا طيرة»، و«الزجر والإقماع، بزواجر الشرع
المطاع، لمن كان يومن بالله ورسوله وبيوم الاجتماع، عن آلات اللهو
والسماع»، وغير ذلك من المؤلفات النافعة التي بَعُدَ صيتها، وانتفع بها
القاصي والدّاني.
وقال العلامة الشيخ سيدي أبوعبد الله محمد بن مخلوف المالكي في شجرة النور الزكية في طبقات المالكية في ترجمته مانصه
أبوعبد الله محمد بن المدني كنون ، العلامة
الجامع لكثير من الفنون ، القدوة الفهامة الكبير الصيت والباع ، المخصوص
بالحظوة التامة ومزيد الإرتفاع ، كان معروفا بالعدالة ، ذامهابة وجلالة ،
دؤوبا على الإرشاد ونصح العباد ، من أعيان الصوفية الزهاد ، انتهت إليه
الرئاسة في الفقه ، أخذ عن الشيخ محمد بن عبد الرحمن الحجرتي المختصر بسنده
لمؤلفه وعن الشيخ محمد الصالح الرضوي والوليد العرافي وأبي بكر بن كيران
والبدر الحموي وعبد السلام بوغالب والطالب بن سودة وجماعة وبه انتفع الكثير
من الشيوخ منهم محمد بن قاسم القادري والمهدي الوزاني له تآليف منها
اختصار حاشية الرهوني على المختصر وحاشية على شرح بنيس على فرائض المختصر
والدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة - إلى أن يقول - والزجر
والإقماع في تحريم ءالات اللهو والسماع نصيحة الأكياس فيما يتعلق بخلطة
الناس وتأليف في الغيبة والنميمة والبهتان وحاشية على الموطإ وغير ذلك توفي
سنة اثنتين وثلاثمائة وألف وكان الإحتفال بجنازته بالغا الغاية
وفي
ليلة الجمعة أول يوم من ذي الحجّة سنة اثنين وثلاثمائة وألف، توفّي محمد
بن المدني بن علي كَنُّون وهو ابن ثلاث وستين سنة، فحزن الناس كافة لفقده،
ولم يتخلّف أحد من طبقات الناس عن حضور مشهده، ودُفن بالقباب خارج باب
الفتوح، أسفل ضريح أبي المحاسن.
وقد ألّف في ترجمته تلميذه الشيخ محمد بن الحاج مصطفى المشرفي كتابا سمّاه «الدرّ المكنون في التعريف بالشيخ كنون» وذكر فيه شرفه، وردّ عليه في بعض مباحثه الحسين العراقي بـ «صوارم المنون في قمع من نقص بالنسبة الشريفة الحاج محمد كنون».
مصادر ترجمته: سلوة الأنفاس (2/412-414)، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام (7/94)، إتحاف المطالع (1/288-289)، الاستقصا (8/195)، شجرة النور الزكية (429-430)، الفكر السامي (633-634)، معلمة المغرب (20/6833).
الجهبذ الإمام، العالم العلاّمة الهمام، الكبير الصيت والباع، المخصوص
بالحظوة التامة ومزيد الارتفاع، المشارك في كثير من الفنون؛ أبو عبد الله
الحاج محمد بن الحاج المدني بن علي جَنُّون، الـمَسْتَارِي أصلا، الفاسي
مولدا وقراراً، من بيت بني جَنُّون، ينتسبون في رسومهم القديمة إلى قبيلة
بني مَسْتَارَهْ حَوْز وَزَّان، وفيها فرقة بني جَنُّون الأشراف الأدارسة
لهذا العهد.
ولد المُتَرجم في حدود الأربعين بعد مائتين وألف، وحجّ مع أبيه وهو ابن
ثلاث سنين، وحجّ مرّة ثانية وهو ابن عشر سنين أو ما قاربها، وحُبِّبَ إليه
طلب العلم، فأخذ عن شيخ الجماعة محمد بن عبد الرحمن الفلالي الحجرتي،
والمُحدّث الوليد بن العربي العراقي، والفقيه النحوي أحمد الـمَرْنِيسِي،
والفقيه أبي بكر ابن الطيب بن كِيرَان، والقاضي المهدي بن الطالب بن سودة،
وغيرهم. وكان ـ رحمه الله ـ آية في الصبر على المطالعة والتقييد والمراجعة
بما لا يعهد لأهل عصره؛ إذ ربما جلس من الصباح إلى قرب الزوال، وقلّ أن تجد
له كتابا إلا وعليه توقيفات مما يدلّ على أنه قد طالعه، وربّما تجد له عدة
نسخ من الكتاب الواحد ما يقتضي تكرار النظر فيه. واختصّ مجلسه بالهيبة
والوقار، وكان ينقل في مجالسه من الأحاديث والنصوص ما فيه مقنع للعموم
والخصوص.
كان
الشيخ من أكبر المتضلعين في العلوم الشرعية، المعلنين بالأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، مفتيا، محدّثا، نحويا، لغويا، قال في حقّه محمد بن الحسن
الحَجْوِي: «فهو أحق من يقال فيه حقّه: مجدّد لكثرة المنافع به، وانتشار
العلم عنه وعن تلاميذه، وقيامه بالنهي عن مناكر وقته … وما كان أحد يقدر
على الرَّدّ عليه مع شدّة إغلاظه عليهم وعلى غيرهم وسلوكه في ذلك مسلك
التشديد، بل التطرّف في بعض المسائل، ومع ذلك هابه علماء وقته ولم يجرؤوا
على انتقاده، لأنه كان يتكلم بالحال لا المقال، وتحقّقوا خلوص نيته ومطابقة
سرّه لعلانيته».
قُلِّد الشيخ خِطّة القضاء بمراكش سنة (1274هـ)
بعد إباية شديدة، ولم يقبل إلا بعد إشارة شيخه فقيه المغرب محمد بن عبد
الرحمن الحجرتي بالقبول، وأوصاه بالعدل واتّباع الشريعة، وقال له: «إنّك
إن فعلت ذلك تعفى يسيراً من هذه البلية، لأن أهل هذا الزمان لا يقبل أحد
منهم الحقّ والسّير على منهج الشريعة»، وكانت مدّة توليته ثمانية أشهر بعد
أن طلب الإعفاء، فرجع إلى بلده مشتغلا بالدرس الفقهي، فكانت له مجالس
بالقرويين وغيرها، كما كان يخطب بجامع أبي الجنود بين فاس البالي وفاس
الجديد.
أخذ
عنه الناس طبقة بعد طبقة، كالشيخ محمد بن إبراهيم السباعي، والفقيه أحمد
جَسُّوس الرِّباطي، ومحمد بن قاسم القادري، والمهدي الوزاني، والعالم
اللُّغوي محمد محمود بن التلاميذ التركزي الشنقيطي نزيل مصر، وغيرهم، بحيث
لا يوجد بلدة أو قرية أو محلّة إلا وفيها من المنتفعين به الكثير. له من
التآليف: حاشية على الموطأ في سفرين لخّص فيها شرح محمد بن عبد الباقي
الزرقاني، وشرح سيرة ابن فارس اللغوي، و»الدرة المكنونة في النسبة الشريفة
المصونة»، و«التسلية والسلوان بمن ابتلي بالإذاية والبهتان»، و«والدرة
المبشرة في حديث لا عدوى ولا طيرة»، و«الزجر والإقماع، بزواجر الشرع
المطاع، لمن كان يومن بالله ورسوله وبيوم الاجتماع، عن آلات اللهو
والسماع»، وغير ذلك من المؤلفات النافعة التي بَعُدَ صيتها، وانتفع بها
القاصي والدّاني.
وقال العلامة الشيخ سيدي أبوعبد الله محمد بن مخلوف المالكي في شجرة النور الزكية في طبقات المالكية في ترجمته مانصه
أبوعبد الله محمد بن المدني كنون ، العلامة
الجامع لكثير من الفنون ، القدوة الفهامة الكبير الصيت والباع ، المخصوص
بالحظوة التامة ومزيد الإرتفاع ، كان معروفا بالعدالة ، ذامهابة وجلالة ،
دؤوبا على الإرشاد ونصح العباد ، من أعيان الصوفية الزهاد ، انتهت إليه
الرئاسة في الفقه ، أخذ عن الشيخ محمد بن عبد الرحمن الحجرتي المختصر بسنده
لمؤلفه وعن الشيخ محمد الصالح الرضوي والوليد العرافي وأبي بكر بن كيران
والبدر الحموي وعبد السلام بوغالب والطالب بن سودة وجماعة وبه انتفع الكثير
من الشيوخ منهم محمد بن قاسم القادري والمهدي الوزاني له تآليف منها
اختصار حاشية الرهوني على المختصر وحاشية على شرح بنيس على فرائض المختصر
والدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة - إلى أن يقول - والزجر
والإقماع في تحريم ءالات اللهو والسماع نصيحة الأكياس فيما يتعلق بخلطة
الناس وتأليف في الغيبة والنميمة والبهتان وحاشية على الموطإ وغير ذلك توفي
سنة اثنتين وثلاثمائة وألف وكان الإحتفال بجنازته بالغا الغاية
وفي
ليلة الجمعة أول يوم من ذي الحجّة سنة اثنين وثلاثمائة وألف، توفّي محمد
بن المدني بن علي كَنُّون وهو ابن ثلاث وستين سنة، فحزن الناس كافة لفقده،
ولم يتخلّف أحد من طبقات الناس عن حضور مشهده، ودُفن بالقباب خارج باب
الفتوح، أسفل ضريح أبي المحاسن.
وقد ألّف في ترجمته تلميذه الشيخ محمد بن الحاج مصطفى المشرفي كتابا سمّاه «الدرّ المكنون في التعريف بالشيخ كنون» وذكر فيه شرفه، وردّ عليه في بعض مباحثه الحسين العراقي بـ «صوارم المنون في قمع من نقص بالنسبة الشريفة الحاج محمد كنون».
مصادر ترجمته: سلوة الأنفاس (2/412-414)، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام (7/94)، إتحاف المطالع (1/288-289)، الاستقصا (8/195)، شجرة النور الزكية (429-430)، الفكر السامي (633-634)، معلمة المغرب (20/6833).
mohamed- عدد الرسائل : 1147
العمر : 53
Localisation : kénitra
Emploi : employé
تاريخ التسجيل : 02/09/2006
مواضيع مماثلة
» محمد بن المدني كنون (تـ1302هـ)
» من أعلام بني مسارة
» ترجمة الشيخ العلامة السيد محمد الراضى كنون الادريسى الشريف الحسنى رضى الله عنه
» لماذا اختار المغاربة المالكية؟
» من هو كنون ؟
» من أعلام بني مسارة
» ترجمة الشيخ العلامة السيد محمد الراضى كنون الادريسى الشريف الحسنى رضى الله عنه
» لماذا اختار المغاربة المالكية؟
» من هو كنون ؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى