قيمة الالتزام بالدستور الإلهي/عبدالمنصف إسماعيل
صفحة 1 من اصل 1
قيمة الالتزام بالدستور الإلهي/عبدالمنصف إسماعيل
تشتعل الكرة الأرضية "ناراً" في كل مواقعها وازمنتها علي النحو الذي "تلسع" هذه النار أجساد الجميع فينشغل كل من "يشعر" بحرارة اللهب والألم بما هو فيه من "ألم" لا يبحث معه عن "السلام" الشخصي والعالمي بقدر ما يتهم غيره بممارسة "الإرهاب" ضده لدرجة ان كل ارهابي الآن يزعم أنه في حالة "دفاع وقائي" ومقاومة مشروعة ضد الارهاب في حين اصبح كل صاحب حق شرعي عاجزاً عن مقاومة ما يتعرض له من ارهاب وسط اتهام الارهابيين له هو وغيره من "الضعفاء" المغلوبين علي امرهم بالإرهاب.!!
أقول أن المحطة الإيمانية التي نتحدث عنها الآن هي المحطة الاصعب في مكانها من المرتفعات الايمانية التي نحاول الصعود إليها.!!.. واني لأعترف بأنها اخر محطة "انعم الله عليّ من فضله بالمعني العام الذي هو لكل زمان ومكان وليس بالمعني الخاص بأسباب نزول آية قرآنية واحدة هي الآية رقم "110" من سورة النحل.
أن المعني العام الذي يحمله النص القرآني في الآية التي نحن بصددها عبارة عن خطاب من الله تعالي إلي كل عباده المؤمنين به سواء من خلال رسالة سماوية واحدة أو من خلال كل الكتب والرسالات السماوية.
انهم يعلمون ان حساب الله علي صغائر البشر من الاخطاء يكون مثل حسابه لهم علي الكبائر طالما أنهم يصرون علي ارتكاب الاخطاء أو يعودون إليها بعد التوبة وهم يتعشمون في الرحمة والمغفرة مع ان نصوص الرحمة والمغفرة مقترنة دائماً بنصوص الحساب والعقاب والقائل لهذه وتلك "ترغيباً وترهيباً" هو الخالق الأعظم.. ومعني ذلك ان دستور العمل الايماني عند المؤمنين بالله قد غاب عنهم عند ارتكابهم لكل اخطائهم مع ان هذا الدستور موجود في الآية الكريمة التي نرجيء ذكر النص القرآني لها حتي نتعرف علي عظمة هذا الدستور "الالهي" في جانب المعاملات من العقيدة الايمانية وهو دستور يجب ألا يغيب عن بصر وبصيرة كل المؤمنين بالله تعالي حتي لا يرتكب أي منهم أي خطأ في حياته مهما كان هذا الخطأ صغيراً إلا في الحالات المحددة علي سبيل الحصر بفضل الله وذلك ان الإنسان - أي إنسان- يواجه في حياته الدنيا اربعة اختبارات لابد ان يجتازها جميعاً بنجاح في المحطة الايمانية التي نتحدث عنها الآن.
وهذه الاختبارات الأربعة هي: أولاً: مقاومة فتنة الدنيا من اصغر الصغائر إلي أكبر الكبائر.
ولعل المقصود بفتنة الدنيا في هذا الاختبار الالهي لخلق الله في سلوكياتهم وتصرفاتهم الدنيوية ليس هو كبائر الذنوب والمعاصي فقط وإنما هو كل الذنوب والخطايا والمعاصي بدءاً من اصغر الصغائر إلي أكبر الكبائر باعتبار ان عقيدة المؤمن بالله تقوم علي اساس ان الاصرار علي الصغيرة كبيرة.
ومعني ذلك ان فتنة الدنيا- علي سبيل المثال- تبدأ من مجرد "تذكرة اتوبيس" أو "ورقة منديل مستعمل" لا يجوز للمؤمن بالله ان يلقي بها في عرض الطريق استصغاراً لشأنها وخطرها وانما يجب ان يحتفظ بها في "جيبه" حتي يلقي بها في سلة مهملات منزله فور عودته من الطريق إليه لأن "الكافر" الذي لا يؤمن بالله يحب النظام وأقل درجة من درجات الإيمان عند المؤمن بالله هي النظافة أو اماطة الأذي عن الطريق.. فكيف يعلم المؤمنون بالله ذلك ويستصغرون أمر القاء مثل هذه الورقة في الطريق العام أو امر تدخين سيجارة لا يجرؤ المدخن ان يدخل إلي مكتب "عبره" أو مسئول أقل منه درجة في الدنيا وفي يده سيجارة بينما يبرز القيام بتدخينها في حضرة الخالق الأعظم الذي يعجز أي مخلوق علي حمده وشكره علي كل حركة لكل خلية من خلايا جسده وكأنه بذلك يقول لخالقه انني "افش غلي" في سيجارة من الغلب الذي أنا فيه "وهو ينسي بذلك انه في حاجة إلي مساندة الله له في التغلب علي هذا الغلب الذي يعيشه مع ان الله قد منحه عقلاً يميز به بين الصواب والخطأ يزيده الله خطأ وضلالة.. وهكذا بقية ما يتعرض له أي إنسان من خطأ وضلالة.. وهكذا بقية ما يتعرض له.
ثانياً: الهجرة الفورية مما فيه فتنة إلي ما ليس فيه فتنة أو من الباطل إلي الحق مهما كان الباطل صغيراً باعتبار أن الاصرار علي الصغيرة كبيرة وان استهتارنا بارتكاب الصغائر من الاخطاء في حياتنا هو الذي جر العالم كله إلي ما هو فيه من صراع ومعارك وحروب لا يعلم نهايتها إلا الله الذي علم الإنسان ما لم يعلم وقد علمنا هنا أن نهجر "فوراً" الفتنة إلي ما ليس فيه فتنة علي هذا النحو بمعني ان الإنسان متي ادرك ان امامه خطأ يمكن ان يرتكبه فإن عليه ألا يرتكبه طالما يعلم انه خطأ حتي وان لم يكن هناك شاهد من البشر جميعاً علي ارتكابه وان كان الإنسان في حالة خطأ فعلا فإن عليه ألا يعلق اقلاعه عن هذا الخطأ "مثل التدخين" علي مشيئة الله وعلي وقت لا يضمن ان يعيش حتي يشهده لأن مشيئة الله لا يوجد من خلق الله من يعلم ما يخصه منها علي مستوي حركة واحدة لأية خلية من خلايا جسده فلماذا يعلق قدرته في الاقلاع عن الخطأ علي هذه المشيئة التي لا يعلم منها شيئاً.. ولذلك فيما يتعلق بوقت الاقلاع عن الخطأ فإن الإنسان لا يضمن لنفسه ان يعيش "فمتو ثانية" واحد "أي واحد علي مليون من المليار من الثانية" أكثر من اللحظة التي يدرك فيها ان الخطأ خطأ ولذلك فإنه ان أدرك ذلك وفي قمة "القمة" حرام فإن عليه ألا يبتلعها وان كانت في يده سيجارة.
ثالثاً: جهاد النفس: وجهاد النفس هنا هو الاختبار الاصعب لأنه اصعب من جهاد الحرب.. ولذلك سنجد ان من يجاهد نفسه فور هجرة لفتنة الدنيا سيتعب في بحثه عن الرزق الحلال وسيتعب في الاقلاع عن التدخين مثلاً أو عن أي خطأ آخر وسيتعب في عمل الخير الذي يستطيع ان يعمله بدون مقابل أو بتحمل الملايين من ماله الخاص طالما انه يشعر فعلاً ان المال مال الله وانه مجرد وكيل عن الله في التصرف فيه.. فإن جاءه هذا المال من الحلال لابد أن ينفقه في الحلال.. وان كان مؤمناً حقاً فإنه لا يمكن ان يبحث عن أي مال بالحرام مهما كان كثيراً ومهما كانت نتائج التعب أو جهاد النفس في هذه الحالات الثلاثة للتعب المشروع الذي خلقنا الله من اجله لأن كل تعب في غير هذه المجالات غير مشروع.
رابعاً: الصبر علي النتائج مهما كانت نتائج التعب وجهاد النفس في الاختبارات الثلاثة السابقة.. ولأن الصبر "مرّ" المذاق لا يتحمل مرارته كثير من البشر فقد امرنا الله في آية قرآنية اخري ب "المصابرة" "بالصاد" أي الاستمرار في الصبر مهما كان مراً ومها كانت نتائج هذه المرارة طالما ان الصبر هنا هو صبر علي "الحق" وصولا إليه بعيداً عن الباطل مهما كان صغيراً.. مصداق ذلك هو قول الحق سبحانه وتعالي "وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" وقوله ايضاً "اصبروا وصابروا" مهما كانت نتائج الاستمرار في الصبر علي الحق وبالحق فإن هذه النتائج ستكون لمن يختار الرجوع إلي الله في كل تصرفاته خيراً بمشئة الله.
.. تري معي أيها الإنسان المؤمن بالله تعالي من خلال رسالة سماوية واحدة أو اكثر وغير المؤمن بالله ايضاً.. هل وجدت في حياتك أو شهدت دستوراً في جانب المعاملات الدنيوية عند البشر جميعاً اعظم من هذا الدستور الالهي الذي وفقنا الله تعالي إلي عرضه في هذه المحطة الايمانية الثالثة من محطات الرحمة والمغفرة والذي نطمع ان ننجح دائماً في اجتياز الاختبارات التي حددها لنا في كل تصرفاتنا حتي نصعد به مرتفعاتنا الايمانية إلي مدخل العمارة الايمانية للرحمة والمغفرة فنتمتع بعظمتها ونحن ندرك ان اساسها متين وسقفها رائع وان الحياة فيها نعيم في الدنيا والآخرة بإذن الله وتوفيقه بفضله ومن فضله علي النحو الذي سننقل إليه في المحطات الايمانية التالية للرحمة والمغفرة بأساسها المتين وسقفها الرائع ولكن بعد ان نقف خاشعين خاضعين لعظمة الله امام دستوره الالهي الذي وضعه لنا في جانب المعاملات من العقيدة الايمانية بالآية رقم "110" من سورة النحل التي سبق ان وعدنا بذكر النص القرآني لها.
"ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا. إن ربك من بعدها لغفور رحيم" الذي أكد لنا في المعني العام لهذا النص القرآني الكريم ان كل نصوص الرحمة والمغفرة لا تشمل إلا من يجتاز الاختبارات الايمانية كما وفقنا الله إلي عرضها في المعني العام لهذا الدستور الإلهي الذي ينتهي بقوله جل شأنه: "إن ربك من بعدها لغفور رحيم".. هذا بالنسبة لمن يفتح الله عليه بفهم وادراك هذ المعني العام.. اما من يحفظون النص ولا يدركون معناه هذا فقد يتغمدهم الله بالرحمة والمغفرة مهما كانت جسامة اخطائهم حتي وان كانوا "علماء" فإن الله قد كتب علي نفسه الرحمة لهم في هذه الحالة وقد تكون اوقاتهم بين الصلاة والصلاة وبين رمضان إلي رمضان مشمولة بالرحمة والمغفرة باعتبار انه من الصلاة إلي الصلاة كفارة لما بينهما.. اما غير العالم الذي يفتح الله عليه بهذا المعني الهام لهذا الدستور الإلهي في أية لحظة من لحظات حياته فإنه يكون بهذا الفتح ممن يحبهم الله بل ربما يكون بفضل الله- وان كان امياً- اعلم عند الله في هذه اللحظة من العالم الذي لم يفتح الله عليه- رغم علمه في مجالات كثيرة اخري- فإن لم يعمل بما علم فإنه يكون متعمداً ارتكاب الأخطاء الصغيرة رغم ان الاصرار علي الصغيرة كبيرة فلا تشمله الرحمة والمغفرة رغم أنها تشمل العالم الذي لا يعلم فيما لا يعلمه.. ولا نملك ازاء ذلك إلا ان ندعو الله أن يمنحنا القدرة علي الالتزام امامه بالاقدام علي الخير والاقلاع عن الخطأ في الدنيا ولا يحرمنا من اجر وثواب هذا الالتزام في الدنيا والآخرة.
أقول أن المحطة الإيمانية التي نتحدث عنها الآن هي المحطة الاصعب في مكانها من المرتفعات الايمانية التي نحاول الصعود إليها.!!.. واني لأعترف بأنها اخر محطة "انعم الله عليّ من فضله بالمعني العام الذي هو لكل زمان ومكان وليس بالمعني الخاص بأسباب نزول آية قرآنية واحدة هي الآية رقم "110" من سورة النحل.
أن المعني العام الذي يحمله النص القرآني في الآية التي نحن بصددها عبارة عن خطاب من الله تعالي إلي كل عباده المؤمنين به سواء من خلال رسالة سماوية واحدة أو من خلال كل الكتب والرسالات السماوية.
انهم يعلمون ان حساب الله علي صغائر البشر من الاخطاء يكون مثل حسابه لهم علي الكبائر طالما أنهم يصرون علي ارتكاب الاخطاء أو يعودون إليها بعد التوبة وهم يتعشمون في الرحمة والمغفرة مع ان نصوص الرحمة والمغفرة مقترنة دائماً بنصوص الحساب والعقاب والقائل لهذه وتلك "ترغيباً وترهيباً" هو الخالق الأعظم.. ومعني ذلك ان دستور العمل الايماني عند المؤمنين بالله قد غاب عنهم عند ارتكابهم لكل اخطائهم مع ان هذا الدستور موجود في الآية الكريمة التي نرجيء ذكر النص القرآني لها حتي نتعرف علي عظمة هذا الدستور "الالهي" في جانب المعاملات من العقيدة الايمانية وهو دستور يجب ألا يغيب عن بصر وبصيرة كل المؤمنين بالله تعالي حتي لا يرتكب أي منهم أي خطأ في حياته مهما كان هذا الخطأ صغيراً إلا في الحالات المحددة علي سبيل الحصر بفضل الله وذلك ان الإنسان - أي إنسان- يواجه في حياته الدنيا اربعة اختبارات لابد ان يجتازها جميعاً بنجاح في المحطة الايمانية التي نتحدث عنها الآن.
وهذه الاختبارات الأربعة هي: أولاً: مقاومة فتنة الدنيا من اصغر الصغائر إلي أكبر الكبائر.
ولعل المقصود بفتنة الدنيا في هذا الاختبار الالهي لخلق الله في سلوكياتهم وتصرفاتهم الدنيوية ليس هو كبائر الذنوب والمعاصي فقط وإنما هو كل الذنوب والخطايا والمعاصي بدءاً من اصغر الصغائر إلي أكبر الكبائر باعتبار ان عقيدة المؤمن بالله تقوم علي اساس ان الاصرار علي الصغيرة كبيرة.
ومعني ذلك ان فتنة الدنيا- علي سبيل المثال- تبدأ من مجرد "تذكرة اتوبيس" أو "ورقة منديل مستعمل" لا يجوز للمؤمن بالله ان يلقي بها في عرض الطريق استصغاراً لشأنها وخطرها وانما يجب ان يحتفظ بها في "جيبه" حتي يلقي بها في سلة مهملات منزله فور عودته من الطريق إليه لأن "الكافر" الذي لا يؤمن بالله يحب النظام وأقل درجة من درجات الإيمان عند المؤمن بالله هي النظافة أو اماطة الأذي عن الطريق.. فكيف يعلم المؤمنون بالله ذلك ويستصغرون أمر القاء مثل هذه الورقة في الطريق العام أو امر تدخين سيجارة لا يجرؤ المدخن ان يدخل إلي مكتب "عبره" أو مسئول أقل منه درجة في الدنيا وفي يده سيجارة بينما يبرز القيام بتدخينها في حضرة الخالق الأعظم الذي يعجز أي مخلوق علي حمده وشكره علي كل حركة لكل خلية من خلايا جسده وكأنه بذلك يقول لخالقه انني "افش غلي" في سيجارة من الغلب الذي أنا فيه "وهو ينسي بذلك انه في حاجة إلي مساندة الله له في التغلب علي هذا الغلب الذي يعيشه مع ان الله قد منحه عقلاً يميز به بين الصواب والخطأ يزيده الله خطأ وضلالة.. وهكذا بقية ما يتعرض له أي إنسان من خطأ وضلالة.. وهكذا بقية ما يتعرض له.
ثانياً: الهجرة الفورية مما فيه فتنة إلي ما ليس فيه فتنة أو من الباطل إلي الحق مهما كان الباطل صغيراً باعتبار أن الاصرار علي الصغيرة كبيرة وان استهتارنا بارتكاب الصغائر من الاخطاء في حياتنا هو الذي جر العالم كله إلي ما هو فيه من صراع ومعارك وحروب لا يعلم نهايتها إلا الله الذي علم الإنسان ما لم يعلم وقد علمنا هنا أن نهجر "فوراً" الفتنة إلي ما ليس فيه فتنة علي هذا النحو بمعني ان الإنسان متي ادرك ان امامه خطأ يمكن ان يرتكبه فإن عليه ألا يرتكبه طالما يعلم انه خطأ حتي وان لم يكن هناك شاهد من البشر جميعاً علي ارتكابه وان كان الإنسان في حالة خطأ فعلا فإن عليه ألا يعلق اقلاعه عن هذا الخطأ "مثل التدخين" علي مشيئة الله وعلي وقت لا يضمن ان يعيش حتي يشهده لأن مشيئة الله لا يوجد من خلق الله من يعلم ما يخصه منها علي مستوي حركة واحدة لأية خلية من خلايا جسده فلماذا يعلق قدرته في الاقلاع عن الخطأ علي هذه المشيئة التي لا يعلم منها شيئاً.. ولذلك فيما يتعلق بوقت الاقلاع عن الخطأ فإن الإنسان لا يضمن لنفسه ان يعيش "فمتو ثانية" واحد "أي واحد علي مليون من المليار من الثانية" أكثر من اللحظة التي يدرك فيها ان الخطأ خطأ ولذلك فإنه ان أدرك ذلك وفي قمة "القمة" حرام فإن عليه ألا يبتلعها وان كانت في يده سيجارة.
ثالثاً: جهاد النفس: وجهاد النفس هنا هو الاختبار الاصعب لأنه اصعب من جهاد الحرب.. ولذلك سنجد ان من يجاهد نفسه فور هجرة لفتنة الدنيا سيتعب في بحثه عن الرزق الحلال وسيتعب في الاقلاع عن التدخين مثلاً أو عن أي خطأ آخر وسيتعب في عمل الخير الذي يستطيع ان يعمله بدون مقابل أو بتحمل الملايين من ماله الخاص طالما انه يشعر فعلاً ان المال مال الله وانه مجرد وكيل عن الله في التصرف فيه.. فإن جاءه هذا المال من الحلال لابد أن ينفقه في الحلال.. وان كان مؤمناً حقاً فإنه لا يمكن ان يبحث عن أي مال بالحرام مهما كان كثيراً ومهما كانت نتائج التعب أو جهاد النفس في هذه الحالات الثلاثة للتعب المشروع الذي خلقنا الله من اجله لأن كل تعب في غير هذه المجالات غير مشروع.
رابعاً: الصبر علي النتائج مهما كانت نتائج التعب وجهاد النفس في الاختبارات الثلاثة السابقة.. ولأن الصبر "مرّ" المذاق لا يتحمل مرارته كثير من البشر فقد امرنا الله في آية قرآنية اخري ب "المصابرة" "بالصاد" أي الاستمرار في الصبر مهما كان مراً ومها كانت نتائج هذه المرارة طالما ان الصبر هنا هو صبر علي "الحق" وصولا إليه بعيداً عن الباطل مهما كان صغيراً.. مصداق ذلك هو قول الحق سبحانه وتعالي "وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" وقوله ايضاً "اصبروا وصابروا" مهما كانت نتائج الاستمرار في الصبر علي الحق وبالحق فإن هذه النتائج ستكون لمن يختار الرجوع إلي الله في كل تصرفاته خيراً بمشئة الله.
.. تري معي أيها الإنسان المؤمن بالله تعالي من خلال رسالة سماوية واحدة أو اكثر وغير المؤمن بالله ايضاً.. هل وجدت في حياتك أو شهدت دستوراً في جانب المعاملات الدنيوية عند البشر جميعاً اعظم من هذا الدستور الالهي الذي وفقنا الله تعالي إلي عرضه في هذه المحطة الايمانية الثالثة من محطات الرحمة والمغفرة والذي نطمع ان ننجح دائماً في اجتياز الاختبارات التي حددها لنا في كل تصرفاتنا حتي نصعد به مرتفعاتنا الايمانية إلي مدخل العمارة الايمانية للرحمة والمغفرة فنتمتع بعظمتها ونحن ندرك ان اساسها متين وسقفها رائع وان الحياة فيها نعيم في الدنيا والآخرة بإذن الله وتوفيقه بفضله ومن فضله علي النحو الذي سننقل إليه في المحطات الايمانية التالية للرحمة والمغفرة بأساسها المتين وسقفها الرائع ولكن بعد ان نقف خاشعين خاضعين لعظمة الله امام دستوره الالهي الذي وضعه لنا في جانب المعاملات من العقيدة الايمانية بالآية رقم "110" من سورة النحل التي سبق ان وعدنا بذكر النص القرآني لها.
"ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا. إن ربك من بعدها لغفور رحيم" الذي أكد لنا في المعني العام لهذا النص القرآني الكريم ان كل نصوص الرحمة والمغفرة لا تشمل إلا من يجتاز الاختبارات الايمانية كما وفقنا الله إلي عرضها في المعني العام لهذا الدستور الإلهي الذي ينتهي بقوله جل شأنه: "إن ربك من بعدها لغفور رحيم".. هذا بالنسبة لمن يفتح الله عليه بفهم وادراك هذ المعني العام.. اما من يحفظون النص ولا يدركون معناه هذا فقد يتغمدهم الله بالرحمة والمغفرة مهما كانت جسامة اخطائهم حتي وان كانوا "علماء" فإن الله قد كتب علي نفسه الرحمة لهم في هذه الحالة وقد تكون اوقاتهم بين الصلاة والصلاة وبين رمضان إلي رمضان مشمولة بالرحمة والمغفرة باعتبار انه من الصلاة إلي الصلاة كفارة لما بينهما.. اما غير العالم الذي يفتح الله عليه بهذا المعني الهام لهذا الدستور الإلهي في أية لحظة من لحظات حياته فإنه يكون بهذا الفتح ممن يحبهم الله بل ربما يكون بفضل الله- وان كان امياً- اعلم عند الله في هذه اللحظة من العالم الذي لم يفتح الله عليه- رغم علمه في مجالات كثيرة اخري- فإن لم يعمل بما علم فإنه يكون متعمداً ارتكاب الأخطاء الصغيرة رغم ان الاصرار علي الصغيرة كبيرة فلا تشمله الرحمة والمغفرة رغم أنها تشمل العالم الذي لا يعلم فيما لا يعلمه.. ولا نملك ازاء ذلك إلا ان ندعو الله أن يمنحنا القدرة علي الالتزام امامه بالاقدام علي الخير والاقلاع عن الخطأ في الدنيا ولا يحرمنا من اجر وثواب هذا الالتزام في الدنيا والآخرة.
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» الفلسفة نسقاً عقلياً ومدى علاقتها بالدستور القرآني
» الالتزام بقواعد المرور.. واجب شرعي
» قيمة العمل في الاسلام
» قراءة نقدية للمرسوم المتعلق بمراقبة الالتزام بالنفقات كما وقع تغييره وتتميمه
» قيمة العمل الصالح
» الالتزام بقواعد المرور.. واجب شرعي
» قيمة العمل في الاسلام
» قراءة نقدية للمرسوم المتعلق بمراقبة الالتزام بالنفقات كما وقع تغييره وتتميمه
» قيمة العمل الصالح
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى