مسجد يونس.. في بطن الحوت/د. محمد وهدان

أبداً لم يكن البحر قبرا لفرعون عندما مات غرقا في اليوم العاشر من شهر الله المحرم وذلك لسببين:
* الأول ذكره الحق عز وجل في القرآن الكريم قال: "فاليوم ننجيك يبدنك لتكون لمن خلفك آية".
وذلك لأن فرعون قال لقومه: أنا ربكم الأعلي. وقال لهم: ما علمت لكم من إله غيري. وقال الحق عز وجل عنه: "فاستخف قومه فأطاعوه انهم كانوا قوما فاسقين".
فقد زعم أنه رب وأنه إله. ولو دفن في البحر.. لقال قومه انه ربما يظهر مرة أخري. انه اختفي وسيعود للحياة مرة أخري لكنهم عندما يرونه جثة هامدة لا حراك فيها فيعلمون أنه ليس ربا. وليس إلها لأن الإله حي لا يموت أبداً ولذلك وجدنا قديما ان رجلا من قريش ذهب إلي صفحة الذي يعبده من دون الله. فوجد بللا علي وجه صنمه فنظر حواليه فلم يجد أحدا. فعلم أن الثعلب قد بال علي ربه. وهنا نجده يجلس مع نفسه جلسة صدق ليضع معها النقاط فوق الحروف وليسمي الأشياء بمسمياتها فقال: رب يبول الثعلبان برأسه. لقد ذل من بالت عليه الثعالب لو كان ربا كان يمنع نفسه أي يدافع عن نفسه. ولا خير في رب نأته المطالب.. برئت من الأصنام في الدنيا كلها. وآمنت بالله الذي هو خالق.
* أما السبب الثاني فقد ذكره ابن عباس رضي الله عنهما حيث يقول: لما غرق فرعون في اليم إذا بدواب البحر وحيتان البحر وأسماك البحر تكلم ربها عز وجل بلغة لا يعرفها إلا رب واحد هو الله الواحد القهار.
حيث قالت هذه الدواب لربها: اللهم اننا خلق من خلقك لا غني لنا عن فضلك. اللهم لا تجعل البحر قبرا لهذا العبد الكافر يارب العالمين. اللهم لا تجعله طعاما لنا. اللهم إن نبيك ذا النون عليه السلام بني لك مسجدا في مكان لم ولن يبني مثله قط.. اللهم لا تجعل البحر قبرا لهذا العبد الكافر.
إن فرعون أخذ جنوده وذهب لقتل موسي وبني إسرائيل. فلما رأي بنو اسرائيل فرعون وجنوده قالوا لموسي: إنا لمدركون. فرد عليهم موسي: كلا إن معي ربي سيهدين.. وضرب البحر بعضاه فتحول إلي طريق ولما جاء فرعون وقومه ودخلوا البحر وهم يحسبونه مازال يابسا.. غرقوا..
ولما غرق فرعون أخذ ينادي ويقول: أنقذني ياموسي.. قالها سبعين مرة حتي غرق.. وإذا بالحق عز وجل يعاتب موسي عليه السلام ويقوله له: "ياموسي لقد استغاث بك سبعين مرة. فلم تغثه. وعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي لو قال يارب مرة واحدة لنجيته من الغرق. ولغفرت له ذنوبه".
ولكن فرعون لم يقلها. وإنما قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو اسرائيل وأنا من المسلمين الآن وقد عصيت قبل وكنت من المعتدين.
ونتعلم من هذه القصة ان رحمة الله عز وجل قد وسعت كل شيء. وأن واجب المسلم ألا ييأس أبداً من رحمة الله وصدق الله العظيم إذ يقول: "قل ياعبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم".
نسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا إنه نعم المولي ونعم النصير وبالاجابة جدير.