تأملات في سورة النمل/ د.محمد وهدان

** كيف يأتي آصف بن برخيا بعرش بلقيس بينما يعجز سليمان عليه السلام أن يأتي بالعرش نفسه؟

* أكد العلماء علي أنه يجوز أن يخص الله غير الرسول بكرامة لا
يشاركه فيها الرسول. وكل كرامة لولي وهي تكريم للنبي الذي يؤمن به الولي..
والأمثلة علي صدق ما نقول كثيرة ومتنوعة.

* فهذه مريم البتول الطاهرة كانت ترزق من ثمار الجنة بينما زكريا
عليه السلام وهو نبي لا يرزق من ثمار الجنة في الدنيا وصدق الله العظيم إذ
يقول: "كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أني لك
هذا. قالت هو من عند الله. إن الله يرزق من يشاء بغير حساب".

* بل إن الرسول صلي الله عليه وسلم كان إذا أراد الخروج يقول لفقراء
المهاجرين والأنصار: ادعو لنا بالنصرة فإن الله عز وجل ينصرنا بدعائكم. مع
أن النبي صلي الله عليه وسلم كان مستجاب الدعوة.

إن الحق عز وجل حينما قال: "قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به
قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني
أأشكر أم أكفر".

يؤكد لنا مكانة العلم وأهميته. فالذي عنده علم من الكتاب استطاع أن
يأتي بعرش بلقيس في غمضة عين. بينما عفريت من الجن له قوة هائلة قال: أنا
آتيك به قبل أن تقوم من مقامك. وإني عليه لقوي أمين". ومعني هذا أن
العفريت يقدر علي إحضار عرش بلقيس في ثلاث ساعات مثلاً بينما آصف بن برخيا
العالم يستطيع أن يأتي بنفس العرش في لمح البصر.

إن القرآن العظيم حدثنا عن الذي عنده علم من الكتاب. والذي عنده علم الكتاب. والذي عنده أم الكتاب فمن هم هؤلاء.

قال العلماء: إن الذي عنده علم من الكتاب هو آصف بن برخيا واستطاع بهذا العلم وبذكر اسم الله الأعظم أن يأتي بعرش بلقيس في لحظة.

أما الذي عنده علم الكتاب فهو سيدنا جبريل عليه السلام الذي نزل
بالوحي علي كل رسل الله عليهم السلام. فهو سفير السماء إلي الأرض. قال
تعالي: "قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله علي قلبه بإذن الله مصدقا لما
بين يديه وهدي وبشري للمؤمنين".

لكن الذي عنده أم الكتاب هو الحق سبحانه وتعالي القائل في القرآن
العظيم: "يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب" فالله سبحانه وتعالي
هو العليم. وهو علي كل شيء قدير.

وبعد فإن الحياة مع القرآن العظيم نعمة لا يعرفها إلا من رضي الله
عنهم ورضوا عنه. وصدق الله العظيم إذ يقول: "أفلا يتدبرون القرآن أم علي
قلوب أقفالها".

نسأل الله عز وجل أن يعلمنا وأن ينفعنا بما يعلمنا. وأن يهدينا إلي طريق الخير إنه نعم المولي ونعم النصير.