التّاريخ لا يخسر...

                    

                                   التّاريخ لا يخسر ...

تتردّد كلمة الخسران في جميع المجالات ، تناقش ويتفاوض من أجلها ليصحّحها من لحقتهم وأفسدت أغراضهم ..فكلّ الألسنة على وجه الأرض منذ الوعى البشريّ تتحدّث عن الخسارة لأنها حسب تخمينهم لا تعوّض ، والحقيقة حين يخسر الفرد تجارته وفلاحته بطريقة غير قانونيّة أو باحتيّال يفوّض أمره لله ...وحين يفقد أعزّ النّاس لديه قرابة أو رمزا يعتبر ما آل إليه ضيّعه ...ونسمع عبر الإذاعات أو القنوات أنّ البلاد أو الأمّة أو العالم خسر شخصيّات كبرى لن يحلّ أحد محلّها أو يسدّ فراغها وكأنّ الدّنيا انتهت .....يمنى الولد خسارة بموت أبيه وهو يعلم أنّه سيكون أبا لمن سيخسره يوما مّا ، لكنّ التّاريخ يمحي هذه المعتقدات والآراء المتحيّزة حسب فترة معيّنة ، بما يلي :

1 = من مات ينسى بعد انقطاع زيّارات قبره ...

2 = من ترك كرسيّه فارغا أتى بديله ليحتلّه بطرق سيّاسيّة أو دينيّة أو همجيّة ..

للتّاريخ دور أزليّ ومدروس لتعويض خسارات الحياة الدّنيا وإحلال بدائل لها مادامت الذّكور تلقّّح والإناث تحبل ومنهما يولد من يحافظ على تاريخ بلا خسران ....فبطون النّساء تزوّد التّاريخ بالبدلاء يسدّون الفراغ الذي تركه المنعوتون بفقدانهم وخسارة أدوارهم .. ...فمن المستحيل أن يبقى مكان من خسره الموهوبون والمرموقون والأبطال والنّجوم في  المجتمعات شاغرا ...

يبكي النّاس ويندبون الحسرة.....ويتألّمون بسب خسارة شطّبت  المتعلّقين بهم وريّاديّيهم ، فيعتقدون أنّ ( الخسارة )  ضيّعت أفكارا أوأعمالا أومعجزات بنوايا حسنة أو سيّئة ...ثمّ يطلقون العنان للتّمجيد وذكر المناقب وإعطاء تصوّرات توهم أنّ لا أحد ينسيهم من خسروه ، فتبدو صوّرهم عالقة بلحظاتهم فقط ، دون إعطاء مكانة  لتاريخ ينسيهم الممجّد وينزّل عليهم دائما أرباحه عوض الخاسرين ...التّاريخ لا يخسر أبدا فمن المستحيل أن يفرغوا حقبه المضبوطة والمفصّلة على حيوات البشر بخسرانهم الملهمين......