العروبة في عصر العولمة/السيد يسين
صفحة 1 من اصل 1
العروبة في عصر العولمة/السيد يسين
مازال الحديث موصولا عن العروبة بين المراجعة النقدية وآفاق المستقبل. وإذا انطلقنا من اللحظة التاريخية التي نعيشها فسرعان ما نكتشف أن العولمة هي الظاهرة الأساسية التي تهيمن على مناخ القرن الحادي والعشرين.
ومن هنا حين الحديث عن آفاق العروبة في عصر العولمة، فلابد أن نضع في
اعتبارنا التغييرات الجوهرية التي أحدثتها العولمة في بنية النظام
العالمي. ولعل أهم هذه التغييرات قاطبة أن العالم أصبح - بفضل ثورة
الاتصالات الكبرى وفي قلبها شبكة الإنترنت- متصلا، بمعنى أن البشر أصبحوا
يتلاقون بصور شتى في الفضاء المعلوماتي، بالإضافة إلى أن معدلات التفاعل
بين الثقافات قد ارتفعت إلى درجة غير مسبوقة.
ومن ناحية أخرى، فإن
ظاهرة الاعتماد المتبادل، خصوصاً في المجال الاقتصادي قد أصبحت إحدى حقائق
العصر. ومن ثمة حين الحديث عن آفاق العروبة في المستقبل، خصوصاً ما يتعلق
بموضوع الوحدة العربية أياً كان شكلها، فلابد أن نضع ضرورة الاعتماد
المتبادل في الاعتبار، بالإضافة إلى ظاهرة بروز تكتلات اقتصادية إقليمية
كالاتحاد الأوروبي والآسيان والنافتا.
والسؤال هنا هل يمكن أن
يتغير الخطاب القومي العربي التقليدي، الذي يركز على المدخل السياسي،
ويتحول إلى خطاب قومي وظيفي مدخله اقتصادي، ويركز على التكامل الاقتصادي؟
لو أردت أن أجمل الفكرة الأساسية التي تقوم عليها مناقشتنا للعروبة في عصر
العولمة، لقلت إننا نمر بلحظة تاريخية فارقة نشهد فيها نهاية الخطاب
القومي التقليدي وبداية صعود الخطاب القومي الوظيفي. ولابد لنا للإلمام
بتطور النظام العربي الذي أشرنا إلى ملامحه البارزة من أن نطل إطلالة
سريعة على ملامح الخطاب القومي التقليدي، ونحدد مؤشرات الأزمة التي مر
بها، قبل أن ننتقل للحديث عن ملامح الخطاب القومي الوظيفي البازغ.
وهناك
إجماع بين الباحثين على أن العروبة تمثل المبدأ الذي يصدر عنه الغالبية
العظمى من المفكرين العرب، على رغم اختلاف إيديولوجياتهم، بمعنى أن
الانتماء العربي لغة وتاريخاً وحضارة هو الأساس الذي ينطلقون منه في
تحليلاتهم للواقع العربي، وفي استشرافهم لمستقبله. ومن ناحية أخرى، فإن
الوحدة: تعريفها وكيفية تحقيقها وسبل مواجهة خصومها هي العمود الأساسي
للخطاب القومي العربي. وإذا أردنا أن نحدد العناصر الأساسية لهذا الخطاب
يمكننا أن نحصرها في أربعة موضوعات:
ضرورة الوحدة العربية، وأنصار
الوحدة وأعداؤها، وطريق الوحدة، ونظرية الوحدة العربية. وفي ما يتعلق
بضرورة الوحدة العربية يعتبر بعض الباحثين أن أقوى تعبير سياسي عنها نجده
لدى جمال عبد الناصر في "الميثاق" حيث يقول: "إن الأمة العربية لم تعد في
حاجة إلى أن تثبت حقيقة الوحدة بين شعوبها، لقد جاوزت الوحدة هذه المرحلة
وأصبحت حقيقة الوجود العربي ذاته، يكفي أن الأمة العربية تملك وحدة اللغة
التي تصنع وحدة الضمير والوجدان، ويكفي أن الأمة العربية تملك وحدة الأمل
التي تصنع وحدة المستقبل والمصير".
وترجع أهمية هذا النص إلى أنه
يجمع في فقرة واحدة بين الأسباب الثلاثة الكبرى التي يرجع إليها المثقفون
القوميون العرب في كتاباتهم وهي اللغة والتاريخ والمصير المشترك.
ولن
نخوض كثيراً في موضوع أنصار الوحدة وأعدائها، إذ يعنينا على وجه الخصوص في
ما يتعلق بطريق الوحدة العربية أن الخطاب القومي التقليدي يأنف من القول
بتحقق الوحدة العربية عن طريق التعاون والتكامل بين الدول العربية، لأنه
يدين القُطرية (أي التجزئة) في تلك الدول، ولعل أبرز ما يعبر عن هذا الرفض
الانتقادات التي يوجهها المثقف العربي القومي للمبدأ الذي يقضي بجواز قيام
الوحدة العربية على أساس المصالح المادية الأولى وهي المصالح الاقتصادية
للبلاد العربية.
ووجهة نظر هذا الاتجاه أن التكامل العربي والوحدة
العربية أمر سياسي في المقام الأول، وهناك أولوية للاعتبارات والالتزام
السياسي في تحقيقه نتيجة للسمة القومية التي تتصف بها العلاقات العربية،
وأي طريق آخر - اقتصادي أو اجتماعي- في غياب الالتزام السياسي قد يوجد بعض
أشكال العمل المشترك.. ولكنه يجري في إطار التجزئة القائمة دون أن يضع
الأساس لخطوة أكثر تقدماً.
والقضية ليست المفاضلة بين الثورية
والتدرجية، ولكن هل يمكن تحقيق الأهداف القومية وحل التناقض بين القومية
والقُطرية نتيجة عملية فنية يقودها المتخصصون والفنيون وحسب، أم أنه
بالضرورة، وفي المقام الأول، ثمرة عمل سياسي والتزام قومي يضطلع به
المثقفون والحكام؟ وقد انعكست أزمة الخطاب القومي العربي التقليدي على
النظام العربي ذاته، بحكم وحدة الفكرة والممارسة، وقد لخص بعض الباحثين
العرب ببراعة المشكلات المختلفة التي يواجهها النظام العربي في بروز عدد
من المشكلات المحورية التي صيغت في شكل تناقضات:
1- المفهوم القومي في مواجهة المفهوم الديني. ويقصد الاتجاه العربي في مواجهة الاتجاه الإسلامي.
2- المفهوم القومي في مواجهة المفهوم الإقليمي. ويقصد التناقض بين النظام العربي والنظام الشرق أوسطي.
3-
المفهوم القومي في مواجهة المفهوم المحلي. ويقصد بالمحلي هنا التجمعات
العربية الوسيطة (كمجلس التعاون الخليجي، ومجلس التعاون العربي، والاتحاد
المغاربي).
4- المفهوم القومي في مواجهة المفهوم السياسي. ويقصد به سياسة المحاور السياسية العنيفة التي تنشأ داخل النظام.
ومن
كل هذه الجدليات الأربع أثبتت الممارسة أن جدلية القومي في مواجهة المحلي،
أصبحت هي الجدلية الأساسية التي تفعل فعلها في الوقت الراهن على حساب كل
الجدليات السابقة، ويكشف عن هذا إنشاء مجلس التعاون الخليجي. وقد يرد ذلك
إلى نهاية الخطاب القومي العربي التقليدي وبزوغ الخطاب القومي العربي
البراغماتي والوظيفي. وقد دار في السنوات الأخيرة صراع عنيف بين الخطاب
القومي التقليدي والخطاب الوظيفي البازغ. وتمحور الصراع حول عدد من
القضايا الجوهرية أهمها على الإطلاق الجدل حول:
- دور الدولة
القُطرية وهل هو سلبي أم إيجابي في نطاق النظام العربي، وحول فشلها أو
نجاحها في أداء الأدوار المنوطة بها. ثم النقطة الجوهرية وهي كيفية تحقيق
الوحدة العربية، وخصوصاً بين أنصار المدخل السياسي وخصومهم أنصار المدخل
الوظيفي. والسؤال المطروح الآن هو: هل سيتاح للخطاب القومي العربي الوظيفي
البازغ أن يكون هو الخطاب السائد في العقود المقبلة؟.
للإجابة عن
هذا السؤال لابد بالإضافة إلى ما رصدناه من فشل الخطاب القومي العربي
التقليدي في التصدي لمسألة الوحدة الاندماجية الشاملة، والتمسك بصيغته
المبدئية إزاء الدولة الإسرائيلية، أن نرصد اتجاهات الرأي العام، الذي
كثيراً ما نهمله في تحليلاتنا مؤثرين عليه تحليل سلوك النخبة سياسية كانت
أم ثقافية.
ويمكن القول بإيجاز إن اتجاهات الرأي العام العربي
أصبحت في ما يتعلق بالوحدة العربية أكثر واقعية. ويقبل بالتالي المدخل
الوظيفي بدلا من الإصرار على المدخل السياسي. ولا يخفى أن هذه النتائج
تتعارض مع مسلَّمات الخطاب القومي العربي التقليدي وتنحاز إلى مقولات
الخطاب العربي الوظيفي التي وإن لم تتبلور بعد بشكل متكامل، إلا أن
أهميتها أنها نفذت بالفعل إلى مجال التطبيق، في شكل التكتلات الإقليمية
مثل مجلس التعاون الخليجي.
وقد أقيمت هذه التكتلات في غالبية
الحالات من خلال قرارات علوية اتخذتها النخب الحاكمة بتأثير دوافع مختلفة،
غير أنه من المؤكد أن الجماهير كانت غائبة عن الصورة. ومن هنا نعود مرة
أخرى إلى سؤال جوهري، لم يجر طرحه في الفكر القومي العربي بهذا الوضوح إلا
في السنوات الأخيرة، وهو: هل يمكن أن تجري الوحدة في إطار غير ديمقراطي
تغيب فيه الجماهير، ولا يبقى في الساحة سوى الممارسات السلطوية للنخب
الحاكمة؟
لا نعتقد - أياً كان رأينا في سيادة الخطاب الوظيفي في
العقود المقبلة- أن الممارسة في غياب الديمقراطية الحقيقية، يمكن أن تحقق
الأهداف المعقودة عليها. وفي تقديرنا أنه يسود الآن إجماع بين المثقفين
العرب، على أن أي تجمع عربي، تكاملا أو تنسيقاً أو اتحاداً أو وحدة شاملة،
لا يمكن له البقاء إن لم يجر على أساس متين من المشاركة الشعبية الفعالة،
في إطار من الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان العربي.
ومن هنا حين الحديث عن آفاق العروبة في عصر العولمة، فلابد أن نضع في
اعتبارنا التغييرات الجوهرية التي أحدثتها العولمة في بنية النظام
العالمي. ولعل أهم هذه التغييرات قاطبة أن العالم أصبح - بفضل ثورة
الاتصالات الكبرى وفي قلبها شبكة الإنترنت- متصلا، بمعنى أن البشر أصبحوا
يتلاقون بصور شتى في الفضاء المعلوماتي، بالإضافة إلى أن معدلات التفاعل
بين الثقافات قد ارتفعت إلى درجة غير مسبوقة.
ومن ناحية أخرى، فإن
ظاهرة الاعتماد المتبادل، خصوصاً في المجال الاقتصادي قد أصبحت إحدى حقائق
العصر. ومن ثمة حين الحديث عن آفاق العروبة في المستقبل، خصوصاً ما يتعلق
بموضوع الوحدة العربية أياً كان شكلها، فلابد أن نضع ضرورة الاعتماد
المتبادل في الاعتبار، بالإضافة إلى ظاهرة بروز تكتلات اقتصادية إقليمية
كالاتحاد الأوروبي والآسيان والنافتا.
والسؤال هنا هل يمكن أن
يتغير الخطاب القومي العربي التقليدي، الذي يركز على المدخل السياسي،
ويتحول إلى خطاب قومي وظيفي مدخله اقتصادي، ويركز على التكامل الاقتصادي؟
لو أردت أن أجمل الفكرة الأساسية التي تقوم عليها مناقشتنا للعروبة في عصر
العولمة، لقلت إننا نمر بلحظة تاريخية فارقة نشهد فيها نهاية الخطاب
القومي التقليدي وبداية صعود الخطاب القومي الوظيفي. ولابد لنا للإلمام
بتطور النظام العربي الذي أشرنا إلى ملامحه البارزة من أن نطل إطلالة
سريعة على ملامح الخطاب القومي التقليدي، ونحدد مؤشرات الأزمة التي مر
بها، قبل أن ننتقل للحديث عن ملامح الخطاب القومي الوظيفي البازغ.
وهناك
إجماع بين الباحثين على أن العروبة تمثل المبدأ الذي يصدر عنه الغالبية
العظمى من المفكرين العرب، على رغم اختلاف إيديولوجياتهم، بمعنى أن
الانتماء العربي لغة وتاريخاً وحضارة هو الأساس الذي ينطلقون منه في
تحليلاتهم للواقع العربي، وفي استشرافهم لمستقبله. ومن ناحية أخرى، فإن
الوحدة: تعريفها وكيفية تحقيقها وسبل مواجهة خصومها هي العمود الأساسي
للخطاب القومي العربي. وإذا أردنا أن نحدد العناصر الأساسية لهذا الخطاب
يمكننا أن نحصرها في أربعة موضوعات:
ضرورة الوحدة العربية، وأنصار
الوحدة وأعداؤها، وطريق الوحدة، ونظرية الوحدة العربية. وفي ما يتعلق
بضرورة الوحدة العربية يعتبر بعض الباحثين أن أقوى تعبير سياسي عنها نجده
لدى جمال عبد الناصر في "الميثاق" حيث يقول: "إن الأمة العربية لم تعد في
حاجة إلى أن تثبت حقيقة الوحدة بين شعوبها، لقد جاوزت الوحدة هذه المرحلة
وأصبحت حقيقة الوجود العربي ذاته، يكفي أن الأمة العربية تملك وحدة اللغة
التي تصنع وحدة الضمير والوجدان، ويكفي أن الأمة العربية تملك وحدة الأمل
التي تصنع وحدة المستقبل والمصير".
وترجع أهمية هذا النص إلى أنه
يجمع في فقرة واحدة بين الأسباب الثلاثة الكبرى التي يرجع إليها المثقفون
القوميون العرب في كتاباتهم وهي اللغة والتاريخ والمصير المشترك.
ولن
نخوض كثيراً في موضوع أنصار الوحدة وأعدائها، إذ يعنينا على وجه الخصوص في
ما يتعلق بطريق الوحدة العربية أن الخطاب القومي التقليدي يأنف من القول
بتحقق الوحدة العربية عن طريق التعاون والتكامل بين الدول العربية، لأنه
يدين القُطرية (أي التجزئة) في تلك الدول، ولعل أبرز ما يعبر عن هذا الرفض
الانتقادات التي يوجهها المثقف العربي القومي للمبدأ الذي يقضي بجواز قيام
الوحدة العربية على أساس المصالح المادية الأولى وهي المصالح الاقتصادية
للبلاد العربية.
ووجهة نظر هذا الاتجاه أن التكامل العربي والوحدة
العربية أمر سياسي في المقام الأول، وهناك أولوية للاعتبارات والالتزام
السياسي في تحقيقه نتيجة للسمة القومية التي تتصف بها العلاقات العربية،
وأي طريق آخر - اقتصادي أو اجتماعي- في غياب الالتزام السياسي قد يوجد بعض
أشكال العمل المشترك.. ولكنه يجري في إطار التجزئة القائمة دون أن يضع
الأساس لخطوة أكثر تقدماً.
والقضية ليست المفاضلة بين الثورية
والتدرجية، ولكن هل يمكن تحقيق الأهداف القومية وحل التناقض بين القومية
والقُطرية نتيجة عملية فنية يقودها المتخصصون والفنيون وحسب، أم أنه
بالضرورة، وفي المقام الأول، ثمرة عمل سياسي والتزام قومي يضطلع به
المثقفون والحكام؟ وقد انعكست أزمة الخطاب القومي العربي التقليدي على
النظام العربي ذاته، بحكم وحدة الفكرة والممارسة، وقد لخص بعض الباحثين
العرب ببراعة المشكلات المختلفة التي يواجهها النظام العربي في بروز عدد
من المشكلات المحورية التي صيغت في شكل تناقضات:
1- المفهوم القومي في مواجهة المفهوم الديني. ويقصد الاتجاه العربي في مواجهة الاتجاه الإسلامي.
2- المفهوم القومي في مواجهة المفهوم الإقليمي. ويقصد التناقض بين النظام العربي والنظام الشرق أوسطي.
3-
المفهوم القومي في مواجهة المفهوم المحلي. ويقصد بالمحلي هنا التجمعات
العربية الوسيطة (كمجلس التعاون الخليجي، ومجلس التعاون العربي، والاتحاد
المغاربي).
4- المفهوم القومي في مواجهة المفهوم السياسي. ويقصد به سياسة المحاور السياسية العنيفة التي تنشأ داخل النظام.
ومن
كل هذه الجدليات الأربع أثبتت الممارسة أن جدلية القومي في مواجهة المحلي،
أصبحت هي الجدلية الأساسية التي تفعل فعلها في الوقت الراهن على حساب كل
الجدليات السابقة، ويكشف عن هذا إنشاء مجلس التعاون الخليجي. وقد يرد ذلك
إلى نهاية الخطاب القومي العربي التقليدي وبزوغ الخطاب القومي العربي
البراغماتي والوظيفي. وقد دار في السنوات الأخيرة صراع عنيف بين الخطاب
القومي التقليدي والخطاب الوظيفي البازغ. وتمحور الصراع حول عدد من
القضايا الجوهرية أهمها على الإطلاق الجدل حول:
- دور الدولة
القُطرية وهل هو سلبي أم إيجابي في نطاق النظام العربي، وحول فشلها أو
نجاحها في أداء الأدوار المنوطة بها. ثم النقطة الجوهرية وهي كيفية تحقيق
الوحدة العربية، وخصوصاً بين أنصار المدخل السياسي وخصومهم أنصار المدخل
الوظيفي. والسؤال المطروح الآن هو: هل سيتاح للخطاب القومي العربي الوظيفي
البازغ أن يكون هو الخطاب السائد في العقود المقبلة؟.
للإجابة عن
هذا السؤال لابد بالإضافة إلى ما رصدناه من فشل الخطاب القومي العربي
التقليدي في التصدي لمسألة الوحدة الاندماجية الشاملة، والتمسك بصيغته
المبدئية إزاء الدولة الإسرائيلية، أن نرصد اتجاهات الرأي العام، الذي
كثيراً ما نهمله في تحليلاتنا مؤثرين عليه تحليل سلوك النخبة سياسية كانت
أم ثقافية.
ويمكن القول بإيجاز إن اتجاهات الرأي العام العربي
أصبحت في ما يتعلق بالوحدة العربية أكثر واقعية. ويقبل بالتالي المدخل
الوظيفي بدلا من الإصرار على المدخل السياسي. ولا يخفى أن هذه النتائج
تتعارض مع مسلَّمات الخطاب القومي العربي التقليدي وتنحاز إلى مقولات
الخطاب العربي الوظيفي التي وإن لم تتبلور بعد بشكل متكامل، إلا أن
أهميتها أنها نفذت بالفعل إلى مجال التطبيق، في شكل التكتلات الإقليمية
مثل مجلس التعاون الخليجي.
وقد أقيمت هذه التكتلات في غالبية
الحالات من خلال قرارات علوية اتخذتها النخب الحاكمة بتأثير دوافع مختلفة،
غير أنه من المؤكد أن الجماهير كانت غائبة عن الصورة. ومن هنا نعود مرة
أخرى إلى سؤال جوهري، لم يجر طرحه في الفكر القومي العربي بهذا الوضوح إلا
في السنوات الأخيرة، وهو: هل يمكن أن تجري الوحدة في إطار غير ديمقراطي
تغيب فيه الجماهير، ولا يبقى في الساحة سوى الممارسات السلطوية للنخب
الحاكمة؟
لا نعتقد - أياً كان رأينا في سيادة الخطاب الوظيفي في
العقود المقبلة- أن الممارسة في غياب الديمقراطية الحقيقية، يمكن أن تحقق
الأهداف المعقودة عليها. وفي تقديرنا أنه يسود الآن إجماع بين المثقفين
العرب، على أن أي تجمع عربي، تكاملا أو تنسيقاً أو اتحاداً أو وحدة شاملة،
لا يمكن له البقاء إن لم يجر على أساس متين من المشاركة الشعبية الفعالة،
في إطار من الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان العربي.
02.05.2009 | السيد يسين | المغربية |
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» تشكُّل الهوية العربية - د. محمد عابد الجابري
» العولمة الثقافية
» العولمة وحوار الثقافات..
» العولمة: 'تصورات ومواقف'
» حكاياتنا الشعبية في زمن العولمة
» العولمة الثقافية
» العولمة وحوار الثقافات..
» العولمة: 'تصورات ومواقف'
» حكاياتنا الشعبية في زمن العولمة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى