الأمن والأمان في جواربيت الله الحرام الحنين للكعبة والطواف وزيارة المصطفي.. في وجدان كل مسلم

تهفو الأرواح هذه الأيام والحنين يملأ الوجدان شوقاً وحنيناً وحلما يراود
كل مسلم برؤية الكعبة المشرفة والطواف بالبيت العتيق. والتمتع بجوارهذه
الأماكن المقدسة فالجو الروحاني في هذه المناطق مفعم بالمشاعر. ومهما
تكررت رحلة المسلم إلي هذه الديار فإن الحنين يظل اشتعاله بالفؤاد رجاء
رحمة الله وعطفه ورحماته التي يحيط بها حجاج بيته. حيث أمر الناس بالتوجه
إلي الأراضي أداء للفريضة واحتساب كل عمل طيب لوجهه الكريم "ولله علي
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين"
97 ال عمران.

ويزداد الحنين وترتفع درجة الشوق حينما يشاهد المسلم قوافل ضيوف
الرحمن وهي تنطلق عبر المطارات والسفن بالبحار والسيارات بطريق البر. تزين
الجميع ملابس الاحرام البيضاء. الأمنيات ترفرف علي هؤلاء الحجيج والرجاء
والدعوات تنطلق بأن يمن الله علي من ذاق لذة هذه الرحلة ان يمتعه الله بها
مرات ومرات بالنظر إلي الكعبة ومشاهدة الأماكن المباركة.

ولا شك ان كل مسلم يقصد البيت العتيق. يجب ان يكون علي بصيرة ومعرفة
كاملة بكيفية أداء مناسك هذه الفريضة والتدرب عليها. وان يلجأ إلي العلماء
وأئمة المساجد وشيوخ الأزهر للاستفسار عن هذه القواعد. وفي اطار خدمة ضيوف
الرحمن أفردنا مساحة بالمساء الديني تتضمن كل ما يحتاجه الحاج من معلومات
تتعلق بالمناسك وكيفية أداء الأركان بلا خلل أو نقصان بالاضافة إلي ضوابط
المصطفي والتمتع بالصلاة في الروضة الشريفة وما يجب علي الحاج عندما يقف
أمام قبر سيد الخلق وصاحبيه. انها خدمة متكاملة نقدمها للحاج ولكل من أراد
أداء هذه الفريضة.

حقيقة يجب ان يدركها كل من يقصد بيت الله الحرام ان لهذا المكان
قدسية واحتراماً وآداباً يجب الالتزام بها "إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل
الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد
فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب أليم" 25 الحج يعني ان هذا البيت له حصانة
خصه الله بها لا يقتل صيده ولا يقطع شجره الأمن والأمان في رحابه "فيه
آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا" فليحذر الحاج أي خروج علي
الأداب وان أي إنسان يهم مجرد الهم بأمر فظيع من المعاصي عامداً قاصداً
فان الله سوف يذيقه من عذاب أليم. وقيل هذه الآية نزلت في عبد الله بن
أنيس حيث ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد بعثه مع رجلين أحدهما مهاجر
والآخر من الانصار فافتخروا بالأنساب فغضب عبدالله بن أنيس ثم قتل
الانصاري ثم ارتد عن الاسلام وهرب إلي مكة فنزلت "ومن يرد فيه بالحاد
بظلم" وليدرك ضيوف الرحمن ان أصحاب الفيل عندما أقدموا علي هدم وتخريب
البيت الحرام أرسل الله عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم
كعصف مأكول وقد ثبت في الحديث ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: يغزوا
هذا البيت جيش حتي اذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم وعن سعيد
بن عمرو قال: أتي عبد الله بن عمر عبدالله بن الزبير وهو جالس في الحجر
فقال: يا ابن الزبير إياك والالحاد في الحرم. وليكن الحاج مسلحاً بالأخلاق
الكريمة وان يفسح لإخوانه في ساحة الحرم أو بأي مكان وليدرك الحاج ان
الشيطان يحيط به في هذه الأماكن فيجري من ابن آدم مجري الدم من العروق
يحرك مشاعره فيستفز لأي شيء أو تصرف من شخص آخر. الترويع في الحرم حرام
فالأمن الصفة الأساسية فلا تحبط عملك أيها الحاج بعمل أو بلفظ يشعر أخا لك
بالحرج أو الأسف.

فليكن ذكر الله أفضل ترطيب للقلوب والتغاضي عن الهفوات أهم الضوابط
فالذنب في هذا المكان يتضاعف آلاف المرات. والحسنة في الحرم بمائة ألف
فيما سواه. الاشتغال بالعبادة هو الشغل الشاغل "ويذكروا اسم الله في أيام
معلومات علي ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير.
ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق" 28. 29 الحج.

الطواف والصلاة والعمل الطيب ديدن الحاج المخلص فعن سعيد بن جبير عن
ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ما العمل في أيام يقصد أيام
الحج أفضل منها في هذه قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا الجهاد في
سبيل الله إلا رجل يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء" يعني ان العمل
في الايام العشرة الأوائل من ذي الحجة أحب شيء إلي الله تعالي.

الفرصة سانحة أمامك أيها الحاج الكريم فكن ملتزماً طيب العنصر رحيماً
بمن معك. الدعاء اسلوبك ردد قول الله تعالي "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".

العمل الجاد والوقوف بكل خشوع في مني وعرفات والمشعر الحرام. وخير
زاد في هذه الأيام التقوي والالتزام بالضوابط وعدم الخروج عليها حتي لو
تعرض للاستفزاز وغض البصر وخفض الصوت عندما يزور الحاج قبر رسول الله صلي
الله عليه وسلم. والسلام عليه بأدب وابلاغه سلام كل من أرسل معك سلاماً
لحضرته واحذر التدافع في هذا المكان وقبل ان تغادر قبر رسول الله لاتنس
السلام علي الصديق سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما وان يكون
التحرك بهدوء وطمأنينة وعدم لمس الأماكن أو رفع الصوت والأيدي.. انها رحلة
لله فاحرص علي ان تعود منها كيوم ولدتك أمك. والله يهدي من يشاء إلي صراط
مستقيم.