فتاوى واراء..

* سمعت من يقول إن الزواج في الأشهر الحرم غير جائز وحرام شرعاً.. فما رأي الدين في ذلك؟!
** يجيب الدكتور حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر بقوله: روي البخاري ان السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: تزوجني رسول الله صلي الله عليه وسلم في شوال وبني بي في شوال. فأي نساء رسول الله صلي الله عليه وسلم أحظي عنده مني؟!.
وتحريم الزواج في شوال كانت عادة جاهلية مبنية علي التشاؤم لما في اسم شوال من معني الاشالة والرفع.. يقال شالت الناقة بذنبها إذا امتنعت عن الفحل ان يطرقها فهم يخافون ان تمتنع الزوجة عن زوجها إذا أرادها ويقال: شالت نعامتهم إذا ماتوا وتفرقوا لأن النعامة يراد بها الجماعة.
ومهما يكن من شيء فلا ينبغي التشاؤم بالعقد في أي يوم ولا في أي شهر.. لا في شوال ولا في المحرم ولا في صفر ولا في غير ذلك حيث لم يرد نص يمنعه ماعد الاحرام بالحج والعمرة فيمنع فيه الزواج.
* يوسوس لي الشيطان بأشياء غريبة مخالفة لشرع الله علماً بأنها تأتي رغما عني بل تؤلمني.. فهل يحاسبني الله علي ذلك؟!
** يجيب د. حمدي طه الاستاذ بجامعة الأزهر بقوله: ورد في الحديث "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم" وحديث النفس مع وسوسة الشيطان أمر يتعرض له كل إنسان.. والمعصوم من عصم الله.. وعلي كل إنسان ان يحصن نفسه بالايمان القوي والعمل الصالح حتي يبتعد عنه الشيطان كما نصت عليه الآيات الكريمة "قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين. إلا عبادك منهم المخلصين. قال هذا صراط عليّ مستقيم. إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين "الحجر الآيات 39 - 42".
ومن وسائل التحصن من وسوسته الاستعاذة كما قال سبحانه وتعالي "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم".
ومن رحمة الله بنا أننا إذا عصيناه بتأثير الشيطان أو غيره فإنه سبحانه وتعالي يفتح أمامنا باب الرجوع والتوبة والعودة إليه وفي الحديث "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" ومن رحمته أيضاً ان من همَّ بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه سيئة فإن عملها كتبت سيئة واحدة كما جاء في البخاري ومسلم عن رب العزة سبحانه.
وأعلم أيها السائل ان حديث النفس أو الشيطان بالسيئة لا عقاب عليه ما لم يصل إلي درجة التنفيذ بالقول أو العمل.. فإن حصل فسارع بالتوبة النصوح وتحصن بذكر الله والمداومة علي عبادته.
* ما هي فضائل شهر شعبان وما الحكمة من اكثار النبي صلي الله عليه وسلم من الصوم فيه؟!
** يجيب الدكتور عبدالوهاب برانية الأستاذ بجامعة الأزهر بقوله: شهر شعبان من الشهور التي جاءت السنة بتعظيمه وتفضيله ومن رحمة الله ان النبي صلي الله عليه وسلم قد بين لنا ما نصنع فيه من العبادات واعمال الخير التي تقربنا إلي الله.. ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وكان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلا.
وفي هذا الشهر الكريم يمتن الله علي عباده بميزتين كبيرتين وهما عرض الأعمال علي الله وبالتالي قبوله ما يشاء منها.. ومغفرة الذنوب للعباد تكرما وتفضلا من الله.. ولكي ينال العبد هذين الفضلين فيجب عليه الالتزام بسنة المصطفي صلي الله عليه وسلم فقد ثبت في النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر ما تصوم من شعبان فقال صلي الله عليه وسلم "ذاك شهر يغفل فيه الناس بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلي رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".
فالحكمة من اكثار النبي صلي الله عليه وسلم للصوم في شعبان يعود إلي انه شهر يغفل الناس عن العبادة فيه ومعلوم ان اجر العبادة يزداد إذا عظمت غفلة الناس عنها بالاضافة إلي ان هناك صنفا من الناس لا يعرفون إلا العبادة في رمضان فقط.. والحكمة ايضا من اكثار النبي الصيام في شعبان تعود إلي ان الاعمال ترفع الي الله فيه وأفضل عمل يجعل اعمال العبد مقبولة عند الله هو الصيام وذلك لما فيه من انكسار لله تعالي وذل بين يديه والافتقار إليه سبحانه وتعالي.
فيشرع للعبد ان يصوم في شعبان الا قليلا أو يكثر من الصيام فيه حتي تقبل أعماله عند الله.
وكم من عمل معلق فلما جاء شعبان صامه أقوام فقبل الله أعمالهم كلها.. وبعض الناس يترك الصيام أول شعبان فإذا اقترب النصف منه أو بعد النصف بدأ يصوم وهذا خطأ لان النبي صلي الله عليه وسلم قد نهي عن الصوم بعد النصف من شعبان كما في الحديث الذي يصححه بعض أهل العلم "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" والحكمة في هذا النهي - والله أعلم - انه قد يكون فات العبد فرصة قبول الأعمال - التي لم تقبل - فلا يبق لصيام العبد بعد النصف إلا من أجل الاستعداد لشهر رمضان وقد جاء النهي من ذلك.
* أنا رجل مدين بدين كبير فهل أنا آثم لتأخير الحج؟
** يجيب د. محمد أحمد عمارة بقوله: لقد فرض الله الحج إلي بيته الحرام علي من استطاع إلي البيت سبيلا قال تعالي: "ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا". ولازم ذلك وجود الزاد ومن كان مديوناً فإنه لا يقدر لأنه محاط بالدين فإذا كان الدين يستغرق ماله فإنه لا يملك الزاد وعلي هذا فلا يجب الحج علي مديون استغرق الدين ماله أو كان عليه دين لا يستطيع وفاءه واستثني بعض العلماء أقساط الدين فقالوا: إذا كان الدين مقسطاً علي أنجم وأدي آخر نجم وهو نجم ذي القعدة فلا حرج عليه أن يحج.
* أفتي البعض بأنه يحرم ركوب البحر إلا لحاج أو معتمر. أو غاز. واستدلوا علي ذلك بقوله صلي الله عليه وسلم "لا تركب البحر إلا حاجا أو معتمرا أو غازيا في سبيل الله عز وجل. فإن تحت البحر نارا. وتحت النار بحرا" فما صحة هذا الحديث؟
** يجيب الدكتور كمال بربري حسين محمد مدير عام مديرية أوقاف السويس: هذا الحديث أخرجه الإمام أبوداود وسعيد بن منصور في سننهما عن عبدالله بن عمرو وأخرجه أيضا الإمام البيهقي. قال أبوداود: رواته مجهولون وقال الإمام الخطابي: ضعفوا إسناده.
وقال الإمام محمد بن إسماعيل البخاري: ليس هذا الحديث بصحيح.. وبعد قد وضح لك من أقوال العلماء ضعف إسناد هذا الحديث من هذا الطريق.
وقال الإمام الشوكاني بعد ذكره لأقوال العلماء السابقة: ورواه البزار من حديث نافع عن ابن عمر مرفوعا وفي إسناده: ليث بن سليم.
قال الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني: الليث بن أبي سليم صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك. وعلي هذا لا يصلح هذا الحديث للاحتجاج الفقهي.. وهو أيضا يعارض ما صح من الحديث في ركوب البحر.
فلم ينكر النبي صلي الله عليه وسلم ركوب البحر للصيادين لما قالوا له "إنا نركب البحر ونحمل معنا الماء القليل" وهذا حديث صحيح رواه أصحاب السنن ولكن ثبت علميا ان تحت البحر نارا فربما ان يكون الثابت من كلام النبي صلي الله عليه وسلم: "إن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا" فاختلط الأمر علي بعض رجال الاسناد من غير الصحابة.. ويؤيد هذا وجود ليث بن أبي سليم الذي اختلط ولم يتميز حديثه فجاء العلم الحديث ليثبت صحة نسبة تلك القطعة من الحديث للنبي صلي الله عليه وسلم لتكون احدي معجزات النبي صلي الله عليه وسلم والله أعلم.

* ما سبب التوجه إلي بيت المقدس في الصلاة ثم التحول إلي المسجد الحرام؟
** يجيب فضيلة الدكتور "زكريا نور" من علماء الأزهر الشريف فيقول: كان بيت المقدس يحتوي علي المقدسات الإسلامية في الوقت الذي لم تكن الكعبة قد خلصت فيه لله بعد. ولأن الكفار جعلوها مقراً لأصنامهم وكانوا يسمونها بيت العرب. وقبل ان يستقر في النفوس أن الكعبة بيت الله.
أخرج البخاري عن البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً. وكان الرسول صلي الله عليه وسلم يحب ان يوجه إلي الكعبة. فأنزل الله عزوجل قوله تعالي: "قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون".
فتوجه نحو الكعبة. وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. فأنزل الله قوله تعالي: "سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم".
فكانت أول صلاة صلاها النبي هي العصر. وصلي معه قومه فخرج رجل لهم كان معه فمر علي أهل المسجد وهم راكعون فقال: "أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلي الله عليه وسلم قبل مكة فداروا كما هم قبل البيت".
لقد جاء الأمر بتحويل القبلة نحو المسجد الحرام. وصلي الرسول صلي الله عليه وسلم ركعتين من فريضة الظهر في مسجد بني سلمة. لذا سمي "مسجد القبلتين" أي أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلي البيت العتيق كان استجابة لرغبة رسول الله صلي الله عليه وسلم لأن اليهود قد أكثروا القول واللغط عندما اتجه الرسول إلي بيت المقدس.
وقد جاء عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه انه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله تعالي ينزل فيها لغروب الشمس إلي السماء الدنيا فيقول: "ألا من مستغفر فأغفر له؟ ألا من مسترزق فأرزقه؟ ألا من مبتلي فأعافيه.. ألا كذا ألا كذا حتي يطلع الفجر".
وقد ورد من الأدعية المأثورة في هذه الليلة: "اللهم ياذا المن ولا يمن عليه. ياذا الجلال والإكرام ياذا الطول والإنعام لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين وجار المستجيرين وأمان الخائفين".
والله أعلم

* ألقي علي زوجي يمين الطلاق وقال بالحرف الواحد "انتي طالق يوم الخميس" فهل يقع هذا اليمين.. أم لا؟
** يجيب الشيخ اسماعيل نصار وكيل وزارة الأوقاف بالجيزة: هذا الطلاق يسمي الطلاق المضاف وصيغته أن يقول لزوجته "أنت طالق غدا. أو في أي يوم يضيفه.. وفي رأي الامام أبو حنيفة ومالك تطلق زوجة هذا الحالف واليمين يقع. وقال الامام الشافعي واحمد لايقع الطلاق حتي تنسلخ السنة وقال ابن حزم من قال إذا جاء أول الشهر فأنت طالق.. أو ذكر وقتا ما فلا تكون طالقا بذلك لا الآن ولا إذا جاء أول الشهر... وحكم الطلاق المضاف إلي أجل أنه لا يقع إلا بعد حلول الأجل الذي حدده المطلق في صيغة الطلاق.. فاذا طرأ عارض يؤثر بالانقاص أو بالإبطال فان الطلاق يقع في هذه الحالة عند حلول الأجل الذي أضيف إليه لأن العبرة بتوافر شروط الطلاق عند صدور صيغته لا عند حلول الأجل. كما أن كل طلاق لا يقع حين إيقاعه فمن المحال أن يقع الطلاق بعد ذلك في حين لم يوقعه فيه... والحقيقة أن رأي ابن حزم هو الأرجح بأن الطلاق لا يقع.. لكن لو أصر بنيته علي الطلاق مبغضا لعشرتها فانه في هذه الحالة يقع.
* ماهي الفراسة؟ وهل لها ارتباط بالإيمان؟
** يجب الشيخ اسماعيل نور الدين من علماء الأزهر: الفراسة خاطر علي القلب وهي علي حسب قوة الإيمان فكل من كان قلبه أقوي إيمانا كان أحد فراسة.
قال أبو سعيد الخراز من نظر بنور الفراسة نظر بنور الحق وتكون مواد علمه من الحق فلا سهو ولا غفلة بل حكم حق جري علي لسان عبد.
وقوله نظر بنور الحق: يعني بنور خصه به الحق سبحانه وتعالي قال تعالي: إن في ذلك لآيات للمتوسمين.."الحجر 75 قيل للمتفرسين.
وروي عن الشافعي ومحمد بن الحسن أنهما كانا بفناء الكعبة ورجل علي باب المسجد فقال أحدهما: أراه نجارا: وقال الآخر أراه حدادا فذهبا إلي الرجل فسألاه فقال كنت نجاراً وأنا اليوم حداد وروي عن عثمان بن عفان أن أنس بن مالك دخل عليه وكان قد مر بالسوق فنظر إلي امرأة فلما نظر إليه عثمان قال يدخل أحدكم علي وفي عينيه أثر الزنا فقال له أنس أوحيا بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لا ولكن برهان وفراسة وصدق.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله".
وباستنارة القلب تصح الفراسة لأنه يصير بمنزلة المرآة التي تظهر فيها المعلومات كما هي.
قال بعضهم من غض بصره عن المحارم وكف نفسه عن الشهوات وعمر باطنه بالمراقبة وتعود أكل الحلال لم تخطيء فراسته.
* حلف علي زوجي آلا يقربني فما حكم هذا اليمين:
** يجيب الشيخ زكريا نور الدين من علماء الأزهر:
إذا حلف ألا يقرب زوجته فإن مسها في الأشهر الأربعة انتهي الايلاء ولزمته كفارة يمين وإذا مضت المدة ولم يجامعها فيري جمهور العلماء أن للزوجة أن تطالبه إما بالوطء وإما بالطلاق فإن امتنع عنها فيري الإمام مالك أن للحاكم أن يطلق عليه منعا للضرر عن الزوجة ويري أحمد والشافعي وأهل الظاهر أن القاضي لا يطلق وإنما يضيق علي الزوج حتي يطلقها بنفسه. وأما الأحناف فيرون أنه إذا مضت المدة ولم يجامعها فإنها تطلق طلقة بائنة بمجرد مضي المدة ولا يكون للزوج حق المراجعة لأنه أساء في استعمال حقه بغير عذر ففوت حق الزوجة وصار بذلك ظالما لها.

*حكم صيام يوم عاشوراء.. وهل هذا تقليد لليهود كما يدعون.. أم لا ؟!.
** يجيب الشيخ زكريا نور من علماء الأزهر:
يا طالبة الخدمة الاجتماعية نبينا محمد صلي الله عليه وسلم صاحب شريعة مستقلة عامة وشاملة ومهيمنة علي الشرائع السابقة سواء كانت يهودية أو غير يهودية بنص القرآن الكريم فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم "قدم المدينة فوجد اليهود صاموا يوم عاشوراء قال لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه فقالوا هذا يوم عظيم نجي فيه موسي وقومه وغرق فرعون وقومه فصامه موسي شكراً فنحن نصومه فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم فنحن أحق وأولي بموسي منكم" "فصامه رسول الله صلي الله عليه وسلم وأمر بصيامه" اخرجه البخاري وقد ثبت ان رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يصوم يوم عشوراء قبل الهجرة وكان الجاهلية من كفار قريش وغيرهم يصومونه ايضاً فكان يوما معظماً عندهم فلما هاجر إلي المدينة امربصيامه ولم يكن النبي صلي الله عليه وسلم يعلم أن اليهود يصومون هذا اليوم ولما علم النبي صلي الله عليه وسلم ان الله تعالي نجي موسي وقومه من فرعون وان موسي صامه شكراً لله تعالي وافق الرسول علي ان يكون صيامه سنة عند المسلمين ومن المعلوم ان النبي صلي الله عليه وسلم والمسلمين اولي بموسي من اليهود فنبي الله موسي بريء من اليهود واعمالهم براءة الذئب من دم يوسف ابن يعقوب ولما رأي الصحابة رضي الله عنهم ان اليهود يصومون اليوم الذي يصومه المسلمون وقد أمرهم النبي صلي الله عليه وسلم بمخالفة اليهود وأهل الكتاب الذين هم منهم فقد سألوا مستفهمين عن هذه الموافقة فعزم النبي صلي الله عليه وسلم مخالفتهم غير انه لم يترك صوم يوم عاشورا لأنه سنة يكفر الله به ذنوب سنة ماضية ولكن سيضم إلي صيامه صوم يوم تاسوعاء وبذلك تتحقق المخالفة وأهل الحق لا يتركون ما امرهم الله ورسوله وإن وافقهم أهل الباطل في بعض ما يعملون فالمسلمون اصحاب منهج رباني لا يجوز لهم تركه ولا خيار لهم في فعل أو ترك والحق اقول لم يقلد النبي صلي الله عليه وسلم اليهود لأنه كان يصوم يوم عاشوراء في الجاهلية وجعله سنة لأمته.
* توصل الكمبيوتر حاليا إلي ان يظهر صورة لشخص ما عن طريق مواصفاته وملامحه وقد وردت احاديث في وصف النبي صلي الله عليه وسلم فهل يجوز تصوير النبي صلي الله عليه وسلم علي جهاز الكمبيوتر؟!
** يجيب الشيخ اسماعيل نور الدين من علماء الازهر: قال العلماء المتخصصون في الفتوي بحرمة تصوير الانبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وذلك حفاظا لمكانتهم وصونا لكرامتهم وسدا لباب لو فتح لكان وسيلة لسوء الاستعمال والذي يصور الانبياء والمرسلين يعتمد علي تخيلات يختلقها من عند نفسه وهذه افتراءات وتزوير للحقائق وهي من المبدعات في الإسلام ولم تعرف في عصر النبي صلي الله عليه وسلم ولا عصر اصحابه ولا عصر الخلفاء الراشدين ولا عصر التابعين ولو كان ذلك مباحاً لكان كل همنا من الانبياء والمرسلين الصور فقط وتركنا جوهر الرسالة كما يفعل بعض اهل العقائد الاخري في بيعهم وصوامعهم وهذا التشبيه لا يقره الإسلام فتحريم هذه الصور قطع لطريق الوثنية وسد للذرائع واغلاق لباب عبادة الاصنام والتماثيل ودرء للفساد فعلي من يفكر في هذا العمل ان يتقي الله ويغلق هذا الأمر فمن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة.
*حلف عليّ زوجي بالطلاق بالثلاثة بلفظ واحد فما الحكم؟
** يجيب الشيخ زكريا نور من علماء الأزهر:
الطلاق الذي كان سائداً في عهد النبي صلي الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر ومدة سنتين من خلافة عمر هو طلاق السنة الذي نص عليه القرآن الكريم وبينته السنة النبوية المطهرة بيانا وافيا.. لما أخذت ظاهرة انتشار إيقاع الطلاق ثلاثا بلفظ واحد بعد سنتين من بدء خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمضي ذلك عمر فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان الطلاق علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وابي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثالث واحدة فقال عمر بن الخطاب ان الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.
وقال فقهاء المذاهب الأربعة ومن قبلهم جمهور التابعين وعدد كبير من الفقهاء بالرأي الثاني وهو ان الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع ثلاثاً. وخالف بعض العلماء حيث قالوا ان الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع طلقة واحدة فقط. ويمكنه مراجعة زوجته.

* عندما تقوم حملات تفتيش علي الباعة المتجولين فجأة يهرب هؤلاء الباعة ويتركون ما معهم من بضائع.. وإذا حفظت بالقسم لا يظهر لها صاحب خوفاً من تحرير قضية له.. فما حكم هذه البضاعة؟!
** يجيب الشيخ زكريا نور من علماء الأزهر: هذه البضائع التي تركها الفارون من الباعة الجائلين تعد أمانة والواجب عليهم أن يحتفظوا بها في القسم لحين ظهور أصحابها والتعرف عليها.. وردها إليهم.. فمن أخذ شيئاً من هذه البضاعة أو أكل منها فإنما هو سحت وكل جسد نبت من سحت فالنار أولي به. وعلي القائمين علي هذا الأمر التحري لرد البضاعة إلي أصحابها.
* طلقت زوجتي ولي منها ثلاثة أولاد وهي كانت الحاضنة لهم لمدة عامين وتراضينا علي ذلك وكنت أراهم وأنفق عليهم. ثم سافرت مطلقتي إلي دولة الكويت للعمل وتركت الأولاد معي أنا وأمي. وتزوجت مطلقتي من آخر وطلقت منه واستمرت في سفرها خمس سنوات والأولاد في حضانتي وأمي معي. ولما عادت واستقرت هنا في القاهرة أرادت أن تعود حضانة الأولاد إليها مرة أخري.. فهل يحق لها الحضانة ثانية؟ علماً بانني كنت أتيح لها رؤية الأولاد كلما أرادت. وأنا الآن متزوج من أخري.
** يجيب الشيخ إسماعيل نور الدين من علماء الأزهر: الحضانة مأخوذة من الحضن وحضن الطائر بيضه إذا ضمه إلي نفسه تحت جناحه وكذلك المرأة إذا ضمت ولدها في رعايتها. وعرفها الفقهاء بأنها عبارة عن القيام بحفظ الصغير أو الصغيرة والتعهد بما يصلحه ووقايته مما يؤذيه وتربية جسمه ونفسه وعقله. والحضانة بالنسبة للصغير أو الصغيرة واجبة لأن الإهمال فيها يعرض الطفل للهلاك والضياع وهي حق للصغير لاحتياجه إلي من يرعاه ويحفظه ويقوم علي شئونه ويتولي تربيته ولأمه الحق في احتضانه لقول الرسول - صلي الله عليه وسلم "أنت أحق به".. وإذا كانت الحضانة حقاً للصغير فإن الأم تجبر عليها إذا تعين بأن يحتاج الطفل إليها ولم يوجد غيرها كي لا يضيع حقه في التربية والتأديب. وبالنسبة لسؤال السائل:
إذا سقطت الحضانة لمانع من الموانع ثم زال المانع فهل تعود الحضانة؟ للفقهاء فيها رأيان:
? الرأي الأول: قال المالكية في المشهور: إذا سقطت الحضانة لعذر كمرض أو خوف أو سفر لأداء فريضة الحج ثم زال العذر وعوده من السفر الاضطراري عادت الحضانة إليها لأن المانع من الحضانة هو العذر الاضطراري وقد زال. فإذا زال المانع عاد الممنوع. أما إذا تزوجت الحاضنة بأجنبي غير محرم ودخل بها أو سافرت باختيارها لا لعذر ثم تأيمت بأن فارقها الزوج بطلاق أو فسخ نكاح أو وفاة أو عادت من السفر الاختياري فلا تعود إليها الحضانة بعد أن زال المانع لأن سقوط الحضانة كان باختيارها.
? الرأي الثاني: وهو رأي الجمهور الحنفية والشافعية والحنابلة فقالوا إذا سقطت الحضانة لمانع ثم زال المانع عادت الحضانة إلي صاحبها سواء كان المانع اضطرارياً كالمرض أم اختيارياً كالزواج والسفر والفسق لزوال المانع. وذكر الشافعية أن المطلقة تستحق الحضانة في الحال قبل انقضاء العدة بشرط رضا الزوج بدخول المحضون بيته إن كان له بيت فإن لم يرض لم تستحق وقرر الحنابلة استحقاق المطلقة الحضانة ولو كان الطلاق رجعياً. وقد نصت المادة رقم 141 من القانون علي أنه يعود حق الحضانة إذا زال السبب في سقوطها. وخلاصة المسألة أن رأي الجمهور هو الأقوي والأخذ به هو الأفضل. ونحن مع الرأي الثاني وهو رأي الجمهور فالأم أولي بالحضانة لأنها أشفق علي أولادها وأحرص عليهم من الغير.

* فيقول دخلت المسجد فوجدت الصلاة قد أقيمت فأيما أفضل صلاة الفريضة أم أصلي السنة وألحق بالإمام ولو في التشهد. وهل ركعتا الفجر سُنة للصبح.. أم لا؟!
** يجيب الشيخ سالم نصر الله بحيري مدير إدارة أوقاف الهرم بالجيزة: يقول النبي صلي الله عليه وسلم "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" وفي رواية "فلا صلاة إلا التي أقيمت" فإذا أقيمت الصلاة فلا يشتغل بتحية المسجد. ولا بسُنة الفجر. وقد اتفق العلماء علي أنه لا يشتغل عنها بتحية المسجد.. لكنهم تنازعوا في سُنة الفجر.. والأصح أنه إذا سمع الإقامة فلا يصلي السُنة لا في بيته ولا في غير بيته. بل يقضيها إن شاء بعد الفرض. والسُنة أن يصلي بعد طلوع الفجر ركعتين سُنة. والفريضة ركعتان وليس بين طلوع الفجر والفريضة سُنة إلا ركعتان. والفريضة تسمي صلاة الفجر وصلاة الغداة. وكذلك السُنة تسمي سُنة الفجر وسُنة الصبح وركعتي الفجر.
* ما معني قول النبي صلي الله عليه وسلم "من بدل دينه فاقتلوه"؟
** يجيب الشيخ إسماعيل نور الدين من علماء الأزهر: هذا الحديث ورد عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "من بدل دينه فاقتلوه" رواه أحمد والبخاري والأربعة ومعني الحديث: أي انتقل من الإسلام لغيره بقول أو فعل مكفر وأصر علي الردة "فاقتلوه" أي بعد طلب الاستتابة وجوباً وهذا عام خص منه من بدل دينه في الباطل ولم يثبت عليه ذلك في الظاهر.
وعموماً هو ما يشمل الرجل والمرأة وهذا ما عليه الإجماع وبه قال الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد: وقال أبو حنيفة لا نقتل المرأة ولأن من شرطية لا تعم المؤنث للنهي عن قتل النساء.. وقال ابن عباس إن الحديث خاص وليس عاماً.
وقد أثر عنه أن المرتد لا يقتل.
وقال بعض العلماء إن مذهب الصحابي لا يخصص وإنما الحديث يؤخذ علي عمومه وهو أن المرتدة والتي بدلت دينها ومن وقع منها قول أو فعل مكفر فحكمها حكم الرجل في القتل.
*مركز طبي يقوم بعملية التلقيح الصناعي بمعني تلقيح بويضة امرأة بمني زوجها فإذا امتزجا شكلت البويضة الملقحة وبعد أن تبدأ البويضة في الانقسام تعاد إلي رحم أمه ليعلق به. وليستمر الحمل إلي الوضع؟ ما حكم هذا العمل؟
** يجيب الدكتور أحمد محمود كريمة. أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: بالاستقراء فيما استنبطه وقعده فقهاء الشريعة الغراء. من أن شغل رحم المرأة بنطفة زوجها وحدوث الحمل قد يحدث بغير الاتصال العضوي بينهما وتترتب عليه الآثار الشرعية من عدة ونسب. ومن المقرر شرعاً أن مقاصد الزواج في الإسلام التوالد حفظاً للنوع الإنساني. وأن الوسيلة الأساسية لإفضاء كل منهما بما استكن في جسده. هي الجماع كي تستقر النطفة في مكمن نشوئها الذي خلقه الخالق ــ سبحانه ــ. قال الله ــ عز وجل ــ "والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجاً وما تحمل من أنثي ولا تضع إلا بعلمه". ولا يعدل عن هذه الوسيلة إلا إذا وجدت ضرورة معتبرة من منع الحمل لخلقة أو مرض ونحوه. عدل عنها شريطة توافر ضمانات أساسية أهمها قيام الزوجية الشرعية. ومراعاة عدم اختلاط بويضة المرأة بمني غير زوجها. ولا مني الرجل ببويضة غير زوجته. ولا يوجد طرف ثالث سواء كان منياً أو بويضة أو رحماً أو جنيناً. فلا بأس.

* ما موقف الشرع من الذين يلقون القاذورات في الشوارع ويلوثون البيئة؟
** يقول د. محمد سيد أحمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر: أنعم الله علينا بالماء العذب الفرات فقال: "هو الذي أرسل الرياح بُشراً بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهوراً لنحيي به بلدة ميتاً ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسي كثيراً".
وأنعم الله علينا بالهواء النقي والشمس الساطعة. وكل ما من شأنه منفعة الإنسان ومصلحة البشر فقال: "وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار".
فالحفاظ علي هذه النعم وتلك البيئة التي نعيش فيها فريضة بعد الفريضة وأي عدوان عليها هو تدمير للطاقة البشرية وتبديد لنعم الله وانتهاك لحرمات الله.. وقد قال الله تعالي: "ولاتفسدوا في الأرض بعد إصلاحها"..
وجعل الرسول صلي الله عليه وسلم تنظيف البيئة وإزالة العوائق من الطرق شعبة من شعب الإيمان فقال: "الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذي عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان".
والعناية بالبيئة وزراعة الأشجار والحفاظ علي الكائنات الحية المفيدة من الصدقات الجارية التي يتواصل ثوابها. قال عليه الصلاة والسلام: "ما من مسلم يغرس غرساً أن يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة"..
وفي مقابل ذلك فإن الذي يلوث البيئة بإلقاء القاذورات أو التبول في الماء الجاري أو في الظل وأماكن تجمع الناس فإنه يعرض نفسه لسخط الله وغضبه وقد قال عليه الصلاة والسلام: "اتقوا اللاعنين قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله قال: الذي يتخلي في طريق الناس أو في ظلهم"..

*ما حكم ظهور العالم أو الداعية في برامج تقدمها مذيعات غير محتشمات وغير ملتزمات بالزي الإسلامي؟ وما أثر ذلك علي الدعوة الإسلامية؟ وهل يعد من قبيل التعنت إذا ما صمم العالم أن يظهر مع مذيعة ملتزمة بالزي الإسلامي؟
** يقول الشيخ ماهر الحداد مدير عام بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: يقول الله تعالي: "قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها. وليضربن بخمرهن علي جيوبهن" سورة النور وروي البخاري ومسلم. ان عبدالله بن مسعود قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله" ولا شك ان المرأة التي تعمل بمهنة مذيعة تقديم برامج وتحرص علي أن تكون متبرجة تظهر زينتها وتظن بذلك انه من وسائل نجاحها في عملها فلا تهتم بما يوجب عليها الالتزام بالعفة والحياء بل تتجمل وتظهر زينتها وتزجج حواجبها وتضع المساحيق علي وجهها وجملة رأي العلماء في ذلك إذا كان هذا بإذن الزوج ورضاه وداخل البيت فقط بحيث لايراها الأجانب فهو جائز لا حرمة أما إذا كان الأجانب أو الرجال الأجانب غير زوجها سيطلعون عليه فهو حرام قطعاً. وحرام أيضا علي من يجلس أمامها لتقديم برنامجها ومحاورة المرأة المتبرجة علي الهواء أو غيره لأن غض البصر عن المحرمات من الواجبات شرعاًواطلاق النظر إلي المرأة المتبرجة ولو كان في تقديم برامج أو محاورة فهو حرام لأن النبي صلي الله عليه وسلم يقول: "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه" وقد قال أيضاً رسول الله صلي الله عليه وسلم للرجل: "اصرف بصرك" وقال تعالي: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم".. النور.
ولأن أثر مثل هذه المذيعات المتبرجات في تقديم برامجها وان كانت برامج دينية أو اجتماعية فإنها لا تحظي باحترام المشاهد العادي محدود الثقافة فكيف بالغيور علي دينه ولن يكون له أثر إيجابي ولا أدني فائدة. بل يساء الظن بالقائمين علي أمر الدعوة في الإعلام ولا تجد هناك ثقة ولا اطمئنان إلي المعلومة التي تقال حتي ولو كانت صحيحة لأن فاقد الشيء لايعطيه لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم وعلي العالم الذي يتعرض لمثل ذلك أن يأبي تمام الإباء ألا تجلس أمامه مذيعة متبرجة وأن يربأ بنفسه وبدينه عن هذه الزلة التي إذا وقع فيها يكون قد ارتكب إثماً يجب أن يتوب منه ولا يعود إليه. وإذا ما رفض العالم المتعفف الحيي أن تجلس أمامه امرأة غير ملتزمة بزيها الإسلامي ولا تستر زينتها ومفاتنها انه بذلك يبين شخصية المسلم الحق الملتزم الغيور علي دينه والمتبع لأمر الله تعالي وأمر رسوله صلي الله عليه وسلم. قال تعالي: "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض". هنا أمر للمرأة ألا تلين في صوتها وكلامها في حضرة الرجال الأجانب وقوله تعالي: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن.." الأحزاب هنا تبين الآية حفظ الأعراض وصونها وحفظ الرجل لحرمة وكرامة المرأة التي كرمها الإسلام وصانها وحافظ عليها وجعل حولها سياجاً من العفة والكرامة والحياة والستر يجب ألا تخدشه المرأة ويجب أن يحافظ عليه الرجل ومن يظن أن في صون المرأة وأمرها أن تستر زينتها في حضرة الرجال انه تعنت فقد خانه الفهم وجانبه الصواب لأنه بدلاً من أن تكون المرأة كلأ مباحاً لكل ناظر إليها لا يتقي الله تعالي فيمعن النظر في زيتها ومفاتنها. والنساء حبائل الشيطان جمع حبالة أي شباك الشيطان يوقع فيها ضعفاء الإيمان فتكون الذنوب والكبائر أعاذنا الله منها فإن الإسلام حافظ علي المرأة وصانها وجعل لها حماية وحرمة وسياجاً لا يجوز لأجنبي أن يتعداه وحرم الخلوة بالنساء والدخول علي المغيبات وأن الحمو الموت. وألا تجلس المرأة بحضرة الرجال إلا لحاجة وفي حدود الشرع التي أمرها بها وأن تخرج للعمل اللائق بها ولحاجتها إليه وفي الحدود الشرعية أيضاً والإسلام دين الرحمة ومن عظائم الرحمة صون المرأة والمحافظة عليها وعلي العالم الذي يطلب منه حضور هذه اللقاءات أن يحرص ألا يظهر إلا مع مذيع أو مذيعة ملتزمة بالزي الإسلامي وهذا من قبيل الشرع. هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال.

* هل النجاح والرسوب مكتوبان عند الله وهل الأخذ بالأسباب مؤثر. أم لا فائدة منه مادام علم الله قد سبق؟
** يقول الشيخ فرحات المنجي من علماء الأزهر: الأخذ بالسبب يوصل إلي المسبب وهذا معناه الاعتماد علي الله الذي علم الأخذ بالسبب وحكم بحصول المسبب عنه. فهو سبحانه وتعالي يعلم أن كذا وكذا سيحصل.. والنجاح في الامتحان والتفوق يحصل بسبب الجد والمذاكرة والحرص علي تتبع الدروس. فسبق العلم والحكم بحصول النجاح عن طريق سبب وهو المذاكرة بعد التوكل علي الله تعالي لا بتأثير آخر.. وحقيقة التوكل الشرعي هو الأخذ بالأسباب والاعتماد بالقلب علي المسبب وهو الله تعالي.. مع الجزم بأنها بيده.
ومثل هذا السؤال عن ترك المذاكرة يعني مثلاً ترك المذاكرة مادام الرسوب معلوماً أزلاً فما الفائدة فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ما منكم أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ومقعده من النار" قالوا: يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل علي الكتاب فقال: "لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له" وقد روي في السنة انه قيل للرسول صلي الله عليه وسلم: أو أي أدوية نتداوي بها ورقي نسترقي بها وهل ترد من قدر الله شيئاً؟ فقال: "هي من قدر الله". إنها الأسباب التي يجب الأخذ بها. فالمريض يعالج والله عنده علم ذلك. ولقد كان عمر في سفر إلي الشام وكان قد انتشر به مرض الطاعون فاستشار أصحابه في دخول الشام أو عدمه فأشاروا عليه بعدم الدخول ووافقهم حتي لا يصاب بالطاعون. فقال له أبو عبيدة. أتفر يا عمر من قدر الله؟
فقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؟: أفر من قدر الله إلي قدر الله يعني ان الفرار أخذ بالسبب الذي علم الله انه سبب النجاة والعمل كذلك من أجل الآخرة والفوز بالثواب المقيم. والقرآن الكريم مليء بالأسباب ومسبباتها والحساب علي ذلك بالعقوبة مرجعه إلي ترك الأسباب السليمة والطرق المستقيمة.
فقد عرّفنا الله طريق الخير وطريق الشر وأودع في نفوسنا الاختيار ثم أرسل إلينا الرسل تبين وتوضح فليس مقدراً عليك أن تميل إلي الهوي أو تروغ إلي الشر.

** تقول دار الافتاء المصرية:
النقاب - بكسر النون- ما تنتقب به المرأة. يقال انتقبت وتنقبت: غطت وجهها بالنقاب. والفرق بين الحجاب والنقاب. أن الحجاب ساتر عام. أما النقاب فساتر لوجه المرأة فقط.
ذهب جمهور الفقهاء إلي أن جسد المرأة كله عورة بالنسبة للرجل الأجنبي عدا الوجه والكفين. لأن المرأة تحتاج إلي المعاملة مع الرجال. وإلي الأخذ والعطاء. وورد عن أبي حنيفة القول بجواز إظهار قدميها. لأنه سبحانه وتعالي نهي عن إبداء الزينة واستثني ما ظهر منها. والقدمان ظاهرتان.
وظاهر مذهب أحمد بن حنبل. أن كل شيء من المرأة عورة بالنسبة للأجنبي عنها حتي ظفرها. وروي عن الإمام أحمد أنه قال: إن من يبين زوجته لا يجوز أن يأكل معها. لأنه مع الأكل يري كفها. وقال القاضي من الحنابلة: يحرم نظر الاجنبي الي الاجنبية ما عدا الوجه والكفين.
وقد اعتمد الجمهور علي أدلة من القرآن والسنة. منها: قوله تعالي: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" أي مواضعها. فالكحل زينة الوجه. والخاتم زينة الكف. وقد ذكر ابن كثير الآية وعقبها بقوله: "قال الأعمش: عن سعيد بن جبير. عن ابن عباس: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" قال: وجهها. وكفيها. والخاتم وروي عن ابن عمر وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء والضحاك وابراهيم النخعي وغيرهم نحو ذلك".
ومن السنة ما روته عائشة رضي الله عنها» أن أسماء بنت أبي بكر دخلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق. فأعرض عنها رسول الله صلي عليه وسلم وقال: "يا أسماء. إن المرأة إذ بلغت المحيض لم تصلح أن يري منها إلا هذا وهذا" وأشار إلي وجهه وكفيه.
وحديث تذكير النبي صلي الله عليه وسلم النساء بالصدقة لتوقي النار. وفيه: "فقالت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين: لم يا رسول الله صلي عليه وسلم" وراوي الحديث هو جابر رضي الله عنه. وفيه إشارة إلي أن هذه المرأة كانت كاشفة عن وجهها. وأن راوي الحديث رأي ذلك منها.
وغير ذلك من الأحاديث. وقد ادعي المخالف أن هذا نسخ بالنقاب. ولا دليل علي ذلك النسخ. كما استشهدوا بآية الأحزاب: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما" وليس فيها تصريح بتغطية الوجه.
قال المرغيناني من الحنفية: وبدن الحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها» لقوله عليه السلام: "المرأة عورة مستورة" واستثناء العضوين للابتداء بإبدائهما. قال رضي الله عنه: وهذا تنصيص علي أن القدم عورة. ويروي أنها ليست بعورة وهو الأصح".
ومن المالكية قال الشيخ ابن خلف الباجي: "وجميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها" وقال في موضع آخر: "وقوله: "وقد تأكل المرأة مع زوجها وغيره ممن تؤاكله. أو مع أخيها علي مثل ذلك".
يقتضي أن نظر الرجل إلي وجه المرأة وكفيها مباح» لأن ذلك يبدو منها عند مؤاكلتها" وقد نقل ابن حجر الهيتمي عن القاضي عياض ان المرأة غير ملتزمة بستر وجهها اجماعاً» حيث قال: "نقل المصنف عن عياض الاجماع علي أنه لا يلزمها في طريقها ستر وجهها. وانما هو سنة وعلي الرجال غض البصر عنهن للآية".
وقضية الثياب مرتبطة ارتباطا وثيقا بعادات القوم. وبالنسبة للواقع المصري فالأنسب له أن يلتزم رأي الجمهور» لأن غطاء المرأة وجهها مستغرب في مجتمعنا المعاصر. ويتسبب في شرذمة للعائلات. أما المجتمعات الأخري التي يتناسب معها مذهب الحنابلة. فلا بأس بأن تلتزم النساء فيه بهذا المذهب لموافقته لعاداته وعدم ارتباطه بتدين المرأة. وإنما جري العرف عندهم والعادة أن تغطي المرأة وجهها.
ولذا فنرجح مذهب الجمهور. وهو جواز كشف الوجه والكفين. وتغطية ما عدا ذلك من جسد المرأة. كما نري أن غطاء الوجه إذا كان علامة علي التفريق بين الأمة. أو شعاراً للتعبد والتدين. فإنه يخرج من حكم الندب أو الإباحة إلي البدعية. فيكون عندئذ بدعة. خاصة إذا تم استخدامه في أشياء ما أنزل الله بها.من سلطان. والله تعالي أعلي وأعلم.

* ظهر عبر شبكات الإنترنت مجموعات من الشباب المسلم الذين عكفوا علي اقتحام المواقع الإسرائيلية والأمريكية لإحداث الخلل فيها رداً علي ما تفعله إسرائيل من مجازر وما تقوم به من إساءات للمسلمين. وهو ما وصفه هؤلاء الشباب بالجهاد الإلكتروني. ضد أعداء الأمة. فما هي الرؤية الشرعية لهذا النوع من الجهاد وهل يثاب فاعله أم لا؟.
** يقول الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي بالأزهر: من مزايا شريعة الإسلام انها حددت مفاهيم الألفاظ تحديداً واضحاً دقيقاً حتي تتضح الأمور حددت معني كلمة الجهاد في الإسلام. وأنه مأخوذ من الجهد بمعني المشقة. والتعب يقال: جاهد فلان يجاهد مجاهدة وجهاداً. إذا استفرغ وسعه. وبذل أقصي طاقته في دفع عدوان المعتدين. وفي تأديب البغاة والظالمين. قال تعالي: "والذين جاهدوا فينا فلنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" العنكبوت 69 والجهاد في الإسلام شرع لإعلاء كلمة الحق ولنصرة المظلومين. وللدفاع عن الدين. وعن العرض. وعن الوطن. وعن الحرية. وعن الكرامة الإنسانية. ولذلك قال سبحانه: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.." البقرة 190 ومنذ أن أوجد الله تعالي هذه الحياة. وهي صراع بين الحق والباطل. ونزاع موصول بين الخير والشر. وعراك متواصل بين الأخيار والأشرار وخلاف لا ينقطع بين الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا. وبين الذين إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا. وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا. وصدق الله إذ يقول: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" أي ولولا أن الله تعالي يدفع أهل الباطل بأهل الحق. لفسدت الأرض. ولعمها الخراب. فالآية الكريمة تأمر الأخيار في كل زمان ومكان. أن يقفوا في وجه الباغين المغرورين. وأن يقاوموهم بكل وسيلة من شأنها أن تحول بينهم وبين الفساد والطغيان. من هنا فما ظهر عبر شبكات الإنترنت مما يسمي بالجهاد الإلكتروني أمر جائز شرعاً لأنه من وسائل مقاومة العدو وذلك لأن العدو يبث عبر شبكات الإنترنت أموراً تسيء إلي الإسلام ورسول الإسلام "صلي الله عليه وسلم" والمسلمين والأخلاق الإسلامية والوقوف في وجه هذه الإساءات والحروب ضد الإسلام لمحاربتها وتدميرها أمر واجب شرعاً إذ هو من قبيل قول الحق سبحانه: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة.." وهو من قبيل الجهاد المشروع يثاب عليه فاعله. ولا مانع من اتخاذ كل السبل التي من شأنها المحافظة علي الإسلام والمسلمين فالحروب في هذه الأيام تختلف عن الحروب قديماً والعدو يستخدم أساليب متعددة في الغزو الفكري والحروب الإلكترونية ومن المفروض أن يواجه المسلمون هذه الحملات الشرسة علي الإسلام والمسلمين ومحاولة إظهار الإسلام والمسلمين ومحاولة إظهار الإسلام بصورة غير لائقة عن طريق الغزو الإلكتروني وكما قلت انه يجب مواجهة هذه الحروب والحملات بما يستطاع به الرد عليهم عن الجهاد الالكتروني والذي يستطيع به شباب المسلمين إفساد ما يضر الإسلام والمسلمين ولأن العدو ماكر خسيس دائماً يدس السم في العسل. فعلي المسلمين أن يتنبهوا لذلك. وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم لصحابي من أصحابه الكرام لما رأي باستطاعته أن يقدم شيئاً في غزوة الخندق: "خزل عنا ما استطعت" والحرب خدعة ومن حق المسلمين أن يستخدموا كل ما من شأنه الدفاع عن دينهم. والله أعلم.
*هل يجوز للشاب أن يخطب فتاة مخطوبة لم تفسخ خطبتها؟ ومتي تحرم خطبة المرأة؟
** يقول الشيخ عادل شحاته أستاذ الفقه بقطاع المعاهد الأزهرية: لا يجوز للإنسان أن يتقدم لخطبة امرأة سبقه غيره إلي خطبتها. إذا عدل ذلك الغير عن الخطبة أو أذن له في خطبتها. ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "لا يخطب الرجل علي خطبة أخيه حتي يترك الخاطب قبله أو يأذن له" والنص هنا للتحريم. لما في ذلك من العدوان علي حق الخاطب الأول. وقد يؤدي هذا التصرف إلي النزاع بين الأفراد. والجماعات وإلي البغض والشقاق. كذلك تحرم خطبة المرأة التي لا يصح العقد عليها في الحال كأن تكون محرمة عليه علي التأبيد كعمته وخالته أو محرمة عليه علي التأقيت كأخت زوجته. أو كأن تكون زوجة الغير. أو أن تكون معتدة من طلاق رجعي أو بائن. وسواء أكانت الخطبة بطريق التصريح. كأن يقول الخاطب للمرأة: إني أريد الزواج بك. أم بطريق التعريض: كأن يقول الخاطب للمرأة: مثلك يرغب فيها الرجال.
واستثني الفقهاء من ذلك المرأة المعتدة لوفاة زوجها فأباحوا خطبتها بطريق التعريض فقط. لأن صلة الزوجية قد انقطعت بالوفاة فلم يبق للزوج حق علي زوجته التي مات عنها.
واستدلوا علي ذلك بقول الله تعالي: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله انكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سراً إلا أن تقولوا قولاً معروفاً. ولا تعزموا عقدة النكاح حتي يبلغ الكتاب أجله.." الآيات سورة البقرة .235
وقوله سبحانه وتعالي: "فيما عرضتم به من خطبة النساء" أي: لوحتم وأشرتم به دون تصريح بما تريدونه.
وقد أجمع الفقهاء علي تحريم زواج المرأة في عدتها. وإذا حدث مثل هذا الزواج ودخل بها من تزوجها في عدتها. فرق القاضي بينهما وفسخ هذا الزواج. والله أعلم.

* كثيراً ما أخرج عن شعوري وقت الانفعال وأسب الدين وأريد أن أتوب إلي الله وأتخلص من هذا؟
** يجيب فضيلة الشيخ فوزي أحمد عباس إمام مسجد البحاروة بقرية الخرانقة بقوص قنا: معروف أن سب الدين كفر وخروج عن الملة الإسلامية وعلي من فعل ذلك المبادرة بالتوبة إلي الله والندم علي ما حصل منه والعزم علي عدم العودة إليه وينطق بالشهادتين فإن لم يتب صار مرتداً يستحق العقوبة الدنيوية وهي معروفة وتطلق منه زوجته ولا يكون بينهما توارث والواجب هو الإسراع بالتوبة حتي لا تترتب هذه الآثار الشديدة. والله أعلم.

*ما حكم الدين فيما يطلق عليه "الرحم المؤجر"؟
** يجيب الشيخ زكريا نور من علماء الأزهر: لا شك أن الزنا محرم في جميع الأديان السماوية وله في الإسلام عقوبة شديدة أو إقامة الحد علي الزاني والزانية وضعت شروط شديدة ودقيقة غير أن هناك صورا يتحقق بها ما يتحقق بالزنا أو تقاربه إلي حد كبير. منها إدخال المرأة ماء رجل غير زوجها في فرجها. فقد يحصل منه حمل تختلط به الأنساب ويثور النزاع. ولذلك حرم العلماء هذه الصورة كما حرموا غيرها وإذا كان إدخال الماء الأجنبي وهو أحد المادتين اللتين يحصل منهما الحمل حراما حتي لو لم يتم به حمل. فكيف بإدخال المادتين معا مع تحقق الحمل منهما؟ إن الحرمة أشد. وتكون الحرمة كما قال العلماء من باب أولي.. وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في الأردن في أكتوبر لسنة 1986م تحريم هذه الصورة التي يطلق عليها اسم "الرحم المؤجر"
* بعد مدة طويلة من الزواج لم أرزق بمولود وتبين من الفحص أن عندي انسدادا في القناة التي توصل بين المبيض والرحم وأشاروا عليّ بتلقيح البويضة في أنبوبة وإعادتها إليّ فهل هذا حرام؟
** يجيب الشيخ بشير المحلاوي إمام وخطيب مسجد الفتح بالخلفاوي: تطور العلم وحقق للزوج والزوجة ما يشبعان به عاطفة الأبوة والأمومة بوسائل متعددة منها ما يعرف بالتلقيح الصناعي والناس حياله ما بين مؤيد ومستنكر. وخلاصة القول فيه من وجهة النظر الإسلامية إن بويضة الزوجة لو لقحت بنطفة زوجها بصرف النظر عن كون هذا التلقيح تم مبدئيا في رحم الزوجة واستمر النمو حتي الوضع. أو حدث أولا في أنبوبة ثم أعيدت البويضة إلي الزوجة ليتم نموها إلي حيث قدر لها. فلا مانع من ذلك شرعا. لأن التلقيح حصل بين الزوجين. وتدخل الطبيب بتهيئة الأسباب للاخصاب ليس فيه تعارض مع قدرة الله الخالق لكل شيء. فالطبيب لم يخلق البويضة ولا النطفة. وإنما أزال العوائق والحواجز التي حالت دون التقائهما. فهو أشبه بالفلاح الذي يأخذ حبوب اللقاح من ذكر النخلة ليضعها في طلع النخلة. وليس في هذه العملية نزاع ولا خلاف بين الزوجين في نسب المولود إليهما أما إذا كان التلقيح بنطفة غير نطفة الزوج فهو محرم دون جدال لأن فيه صورة الزنا الذي تختلط به الأنساب. سواء عرفت هذه النطفة أو جهلت.
ومما ينبغي الاشارة إليه ضرورة التأكد أن هذه البويضة لن يتم تبديلها أو تغييرها بعد أخذها.
* اكتشفت بعد فترة من الزواج أن زوجتي علي عصمة رجل آخر يطلبها في بيت الطاعة فما حكم الإسلام؟
** يجيب الشيخ بشير المحلاوي: العلماء قالوا في مثل هذه الحالة إن المرأة ارتكبت فاحشة الزنا وتعدت علي حدود الله.. قال تعالي: "وأخذن منكم ميثاقا غليظا".
ويجب علي هذا الزوج أن يتركها لزوجها الأول فزواجه منها فاسد تجب فيه المتاركة شرعا وعليها "العدة" إذا كان قد دخل بها الزواج الثاني حفاظا علي حقه في نسب ولده لعذره بعدم معرفته بالنكاح الأول.
أما إذا كان هذا الزواج قد تم بعلم الزوج بأنها علي عصمة رجل آخر كان الزواج باطلا ولا عدة عليها ولو دخل بها لأنها وطأة زنا من الطرفين والزنا لا حرمة له.
* من هو سيدنا "الخضر" وهل هو نبي أم ولي. وهل حي أم مات وإن كان حيا فأين يقيم ولماذا لا يظهر للناس علانية؟
** يجيب الشيخ بشير المحلاوي: "الخضر" هو العبد الصالح الذي ذكره الله تعالي في سورة الكهف حيث رافقه موسي عليه السلام.
"الخضر" ليس موجودا الآن حيث انتقل إلي جوار ربه كما يموت الناس والأدلة كثيرة منها النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لا يبقي علي رأس مئة سنة ممن هو اليوم علي ظهر الأرض أحد" وقد قال تعالي: "وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفئن مت فهم الخالدون" وحينما سئل شيخ الإسلام عن هذا الأمر قال: لو كان "الخضر" حيا لوجب أن يأتي النبي ويجاهد بين يديه فيتعلم منه.
وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يقول يوم بدر: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" ويقصد بالعصابة جمع الصحابة الموجودين معه وهم معروفون بأسمائهم وأسماء آبائهم في القرآن والسنة وكذلك المحققون من علماء الإسلام يؤكدون أن "الخضر" قد مات وكل ما ذكر من الأحاديث أن الخضر لم يمت فإنها أحاديث ضعيفة قال الإمام ابن القيم: الأحاديث التي يذكر فيها "الخضر" وحياته كلها كذب ولا يصح في حياته حديث واحد.
والحكايات التي تروي عن "الخضر" عبارة عن أساطير ما أنزل الله بها من سلطان والقرآن لم يحدثنا عنه إلا في قصة موسي معه.
والأقرب في أقوال أهل العلم أن "الخضر" رجل صالح وولي وليس نبيا وما علمه ل "موسي" بعيد عن علوم النبوة والرسالة.

* ما تفسير الآية رقم 58 من سورة النور:
"يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم علي بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم".
** يقدم لنا التفسير الدكتور صبري عبدالرءوف رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية فيقول:
في الآية الثامنة والخمسين من سورة النور يدعو الحق سبحانه وتعالي الناس لكي يعلموا أبناءهم إذا أرادوا الدخول عليهم في هذه الأوقات بالذات وفي غيرها من الأوقات أن يستأذنوا.
ومعني قوله "ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم" أي الخدم والعبيد. والخادم وإن لم يكن ملك اليد. إلا أنه يأخذ حكم ملك اليد في الخدمة فقط. وليس في أي شيء آخر.
والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم أي قبل البلوغ بالسن وهو خمسة عشر عاماً. وهو أمر يختلف من شخص لآخر بمجرد أن ينبت شعر الذقن أو شعر الشارب أو يصبح الشاب قد دخل في نطاق الشباب.
"والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات" أي أن الله سبحانه وتعالي أمرنا أن نعلم هذين النوعين الأطفال الصغار الذين لم يبلغوا الحلم والخدم إن أرادوا الدخول علينا في هذه الأوقات.
"من قبل صلاة الفجر" أي قبل صلاة الفجر لأن اليوم الإسلامي يبدأ من صلاة الفجر إلي العشاء وإلي ما بعد العشاء قليلاً. فالله سبحانه وتعالي جعل هذه الأوقات عورة إذا أراد أطفالنا أن يدخلوا علينا فليستأذنوا. ويتعلموا الاستئذان فالله سبحانه وتعالي يقول: "من قبل صلاة الفجر" أي قبل صلاة الفجر أي من بعد العشاء إلي الفجر.
"وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة" أي في وقت القيلولة. ففي الماضي كانوا إذا صلوا الظهر يقيلون والرسول صلي الله عليه وسلم كان يقول: "قيلوا فإن الشياطين لا تقيل".
وفي أيامنا هذه يرجع الإنسان من عمله بعد صلاة العصر وينام. فمن الممكن أن يكون الاستئذان بعد العصر. أي في الأوقات التي يتوقع أن يكون الإنسان نائماً فيها أو متجرداً من ثيابه.
"ومن بعد صلاة العشاء" هو وقت النوم فلابد أن يستأذن الإنسان.
قال تعالي: "ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن" إذا دخلوا عليكم مثلاً ما بين المغرب والعشاء دون استئذان وإذا دخلوا عليكم من بعد صلاة الفجر إلي الظهر دون استئذان "طوافون عليكم" أي أن الأطفال لا يمكن أن نقيدهم في مكان واحد لا يدخلون ويخرجون ولكن نعلمهم فقط الاستئذان.
ويقول الله سبحانه وتعالي في الآية التي تليها: "وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم" أي أنه حتي الأطفال بعد أن يبلغوا "فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم" أي أن الأطفال إذا بلغوا سن الحلم يستأذنون كما استأذن الأطفال الذين لم يبلغوا سن الحلم. لأنه إذا كنا نعود الطفل الصغير علي الاستئذان فلابد أن نعلم الكبير من باب أولي.
وعلة الاستئذان أن يتعلم الإنسان الآداب وغض البصر فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
"إنما جُعل الاستئذان من أجل البصر" أي من أجل مخافة أن يقع بصر الطفل أو الطفلة علي أبيهم أو أمهم وهم في وضع غير لائق أو علي أحدهم وهو عاري لأن الإنسان لا يدري ما يصنع وهو نائم.

* ما مدي صحة صلاتي بماء لا تبدو عليه طهارته إذ أنه مغير اللون والرائحة علماً بأن هذا الماء هو الذي تمدنا به الدولة أي الماء الذي خرج من الحنفية فمادة الكلور فيه كثيرة جداً وغيرت اوصافه وهو الوحيد المتاح لنا فماذا نصنع؟
** يجيب فضيلة الدكتور "عبد الفتاح إدريس" استاذ الفقة ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر والخبير بمجمع الفقة الاسلامي فيقول: اختلف الفقاء في الماء الذي تغيرت اوصافه بسبب اضافة مواد كيميائية له. فذهب المالكية والشافعية وأحمد في رواية الي ا نه ظاهر في نفسه. ولكنه غير مطهر لغيره. ولكن في مقابل هؤلاء ذهب الحنفية وأحمد في رواية الي جواز التطهر بالماء المتغير بشئ من الطاهرات. مثل ماء الورد لانه يطلق عليه أنه ماء.
قال ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد: الماء الذي خالطه زعفران أو غيره من الاشياء الطاهرة التي تنفك منه غالباً متي غيرت أحد أوصافه فانه طاهر عند جميع العلماء غير مطهر عند مالك والشافعي ومطهر عند أبي حنيفة مالم يكن التغير عن طبخ.
وسبب اختلافهم هو خفاء تناول اسم الماء المطلق للماء الذي خالطه أمثال هذه الاشياء أعني هل يتناوله أو لا يتناوله فمن رأي أنه لا يتناوله اسم الماء المطلق وانما يضاف الي الشئ الذي خالطه فيقال ماء كذا لا ماء مطلق لم يجز الوضوء به إذ ان الوضوء يكون بالماء المطلق. ومن رأي أنه يتناوله اسم الماء المطلق أجاز به الوضوء.
وقد استثني الفقهاء تغير الماء بشئ يشق الاحتراز عنه كالطحالب وورق الشجر. أو كان بطول مكث الماء في الأرض. أو كان بشئ لا يمازج الماء كالدهن وقطع الكافور. أو كان بالرائحة المجاورة.
وقد رجح شيخ الاسلام ابن تيمية قول الحنفية المجيز. وذكر ابن قدامة بعض أدلة الجواز فقال: نقل عن أحمد جماعة من اصحابه منهم أبو الحارث والميموني واسحاق بن منصور جواز الوضوء به وهذا مذهب ابي حنفية واصحابه لأن الله تعالي قال: "فإن لم تجدوا ماء فتيمموا" وهذا عام في كل ماء لأنه نكرة في سياق النفس. والنكرة في سياق النفس تعم. فلا يجوز التيمم مع وجوده.
وأيضاً قول النبي -صلي الله عليه وسلم- في حديث أبي ذر: "التراب كافيك ما لم تجد الماء" وهذا واجد للماء ولأن النبي -صلي الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا يسافرون وغالب اسقيتهم الأدم. والغالب انها تغير الماء فلم ينقل عنهم تيمم مع وجود شئ من تلك المياه. ولأنه طهور خالطه طاهر لم يسلبه اسم الماء ولارقته ولا جريانه فاشبعه المتغير بالدهن.
واستدل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بمجموعة من الأدلة منها: ان المسلم إذا وكل آخر في شراء ماء فاتشري ماء قد تغير بشئ طاهر فلا شئ عليه. وأيضاً لو حلف المكلف ألا يشرب ماء فشرب من الماء المتغير بطاهر فانه يحنث لأنه فرق بين الماء المتغير وغير المتغير في جهة اللغة وعموم الاسم فعلم ان هذا النوع داخل في عموم الآية وقد ثبت بسنة رسول الله أنه قال في البحر: هو الطهور ماؤه الحل ميتتة. والبحر متغير الطعم تغيراً شديداً لشدة ملوحته. فاذا كان النبي قد اخبر أن ماءه طهور مع هذا التغير كان ما هو أخف ملوحة منه أولي أن يكون طهوراً. وان كان الملح وضع فيه قصداً إذ لا فرق بينهما في الاسم من جهة اللغة وبهذا يظهر ضعف حجة المانعين. الي غير ذلك من الأدلة التي ذكرها شيخ الإسلام في مجموع الفتاوي.
وعلي هذا فالماء المتغير باضافة بعض المواد لاصلاحه او اصلاح إنائه يصح التطهر به. وايضاً يعكس مذهب الحنفية والذي أقره شيخ الاسلام ابن تيمية.
والله أعلم

* هل نزلت الكتب السماوية باللغة العربية علي الأنبياء والرسل ثم قاموا بترجمتها إلي لغتهم أم نزلت بغلتهم أصلاً من قبل الوحي؟
** يجيب فضيلة الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة فيقول:
قال الله تعالي "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم" ومعني بلسان قومه أي بلغتهم وهذا يوضح أن كل رسول أرسل وأوحي إليه بلغة قومه حتي يفهم هو عن الوحي ويفهموا هم عنه.
ولذلك بعث نبينا صلي الله عليه وسلم باللسان العربي لأنه أرسل في العرب وهم قومه. مع أنه بعث إلي العالمين. وأما غير قومه من غير العرب فتكفيهم الترجمة وقال ابن كثير في تفسير الآية: هذا من لطفه تعالي بخلقه أنه يرسل إليهم رسلاً منهم بلغاتهم ليفهموا عنهم ما يريدون وما أرسلوا به إليهم. كما قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن عمر بن ذر قال: قال مجاهد: عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لم يبعث الله عزو وجل نبياً إلا بلغة قومه".
وقال القرطبي في تفسيرها: "وما أرسلنا من رسول" أي قبلك يا محمد "إلا بلسان قومه" أي بلغتهم. ليبينوا لهم أمر دينهم ووحد اللسان وإن أضافه إلي القوم لأن المراد اللغة فهي اسم جنس يقع علي القليل والكثير ولا حجة للعجم وغيرهم في هذه الآية. لأن كل من ترجم له ما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم ترجمة يفهمها لزمته الحجة وقد قال الله تعالي:
"وما أرسلنا إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً".
وقال صلي الله عليه وسلم: "أرسل كل نبي إلي أمته بلسانها وأرسلني الله إلي كل أحمر وأسود من خلقه". وقال أيضاً: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار".
أخرجه مسلم. وقال الشوكاني في "فتح القدير": قيل: في هذه الآية اشكال لأن النبي صلي الله عليه وسلم أرسل إلي الناس جميعاً بل إلي الجن والإنس ولغاتهم متباينة وألسنتهم مختلفة.
وأجيب بأنه وإن كان صلي الله عليه وسلم مرسلاً إلي الثقلين كما مر لكن لما كان قوم العرب وكانوا أخص به وأقرب إليه كان إرساله بلسانهم أولي من إرساله بلسان غيرهم. وهم يبنونه لهم كان علي غير لسانهم ويوضحونه حتي يصير فاهماً له كفهمهم إياه.
ولو نزل القرآن بجميع لغات من أرسل إليهم. وبينه رسول الله لكل قوم بلسانهم لكان ذلك مظنه للاختلاف وفتحاً لباب التنازع. لأن كل أمة قد تدعي من المعاني في لسانها ما لا يعرفه غيرها. وربما كان ذلك أيضاً مفضياً إلي التحريف والتصحيف بسبب الدعاوي الباطلة التي يقع فيها المتعصبون.
والله أعلم